الثلاثاء، 3 مايو 2011

كتاب "الرائحة" وأسرار حاسة الشم

::::روان الاخبــار:::


تأتي فرادة كتاب"الرائحة.. أبجدية الإغواء الغامضة" من أمرين مهمين، أولهما موضوعه المثير الذي يعالج تاريخ الرائحة/حاسة الشم، ودورها وتأثيرها على المشاعر والأحاسيس والذاكرة الإنسانية واللغة، وتداعياتها الدراماتيكية على السلوك النفسي والجنسي والانفعالي، إلى جانب الشروحات التشريحية والطبية المتخصصة.

أما الأمر الثاني فمن خلال تأليفه الجماعي من قبل ثلاثة أساتذة متخصصين في مجال الروائح والشم، منهم أنطوان فان أمرونغين المتخصص في الدراسات البيولوجية، والعالم بيت فيرون المتخصص علم النفس، وهانز دي فرايز أحد صفوة الباحثين في مجال علم النفس اللغوي وآليات قراءة النصوص.

ويضاف إلى ذلك ندرة معالجة موضوع الرائحة سواء في المكتبة العربية والعالمية بهذا الشكل الموسوعي التخصصي، هذا الشكل الذي حرص المؤلفون وخاصة بيت فيرون -محرر الكتاب- على أن تأتي معالجته الأسلوبية ومناقشاته الدقيقة مصحوبة بأمثلة ممتعة ومشوقة، الأمر الذي يتيح للقارئ المتخصص وغير المتخصص أن يستفيد من قراءة الكتاب.

ويؤكد الكتاب في تأريخه الثقافي للرائحة أنه ندر بين الفلاسفة من تعرض لظاهرة الشم من أي ناحية، وإن أقدم بعضهم على ذلك مثل كانط، فإنهم يحطون من شأن تلك الحاسة ويتعاملون معها بازدراء، وقد ترتب على ذلك جزئيا عدم إجراء أبحاث على عملية الشم والإحساس بالرائحة حتى مع عصر التنوير والثورة الصناعية.

وعلى الرغم من الإشارة إلى أن الألوان غالبا ما تتخلل الروايات والقصص في حين يندر وجود الروائح، يستعرض الكتاب عددا من أشهر الأعمال التي تناولت الرائحة، وفي مقدمتها رواية "العطر قصة قاتل" لباتريك زوسكيند، وغوستاف فلوبير في مذكراته، وقصة الأدغال المحترقة لمارتين هارت، وقصص جورج صاند، وأعمال مارسيل بروست "البحث عن الزمن المفقود" وغيرها.

علاقة بالذاكرة
"
للروائح علاقة أصيلة بالذاكرة على اختلاف أنشطتها الحسية، والربط بينهما ليس مجرد رابطة بين الحاضر والماضي، إذ يمكن للفرد منا استعمالها في تعلم أمور عديدة
"
ويشير الكتاب إلى علاقة الروائح بالجنس حيث إن عضو الشم الفعال شرط لا غنى عنه في تبلور السلوك الجنسي "فالقسم الشمي من المخ إما يرتبط بصورة مباشرة أو قريب من ذلك بأنظمة مخية وأجزاء من النظام الغددي (الغدد الصماء) المرتبطة بالشبق الجنسي وبالممارسة الجنسية".

وللروائح علاقة أصيلة بالذاكرة على اختلاف أنشطتها الحسية، والربط بينهما "ليس مجرد رابطة بين الحاضر والماضي، إذ يمكن للفرد منا استعمالها في تعلم أمور عديدة".

فلو أن الفرد منا قام بحفظ واستظهار قائمة من الكلمات فإن من الممكن استعادتها بصورة أفضل في مكان يفوح برائحة الياسمين إن كان حفظها أول مرة في حجرة تعبق بتلك الرائحة نفسها، إذ تنشط الرائحة الذاكرة اللفظية للكلمات المقصودة، "وينطبق ذلك على التعرف إلى الناس من صورهم الشخصية المثبتة في جوازات السفر".

وصدرالكتاب عن مشروع كلمة أحد مشروعات هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، وجاء في توطئة وتسعة فصول، وبلغ عدد صفحاته 283، وترجمه أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة الإمارات العربية المتحدة د. صديق محمد جوهر.
المصدر: الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق