الاثنين، 2 مايو 2011

وثائقي يناقش حياة زعيم نقابي ... "اغتيال حشاد" لأول مرة في تونس

::::روان الاخبــار:::

عرض في تونس للمرة الأولى يوم السبت الفيلم الوثائقي "اغتيال فرحات حشاد"، وذلك بحضور مخرج الفيلم وعائلة الزعيم النقابي الراحل وعدد من المهتمين بقضية الاغتيال. وتناول الفيلم في 55 دقيقة حياة الزعيم النقابي الذي يعتبر أحد أهم رجالات الحركة الاستقلالية في تونس مع كل من الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف.

وعادت عدسة الكاميرا لتوثق بالصور والشهادات مراحل مختلفة من حياة الزعيم الراحل فرحات حشاد ( 1914- 1952) الذي اغتيل على يد عصابة "اليد الحمراء" بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول سنة 1952.

واليد الحمراء وتسمى بالفرنسية (La Main Rouge
) عصابة إرهابية قامت بتكوينها أجهزة الاستخبارات الفرنسية ونشطت ببلاد المغرب العربي وبأوروبا إبان العصر الاستعماري، ولا يعرف بدقة عدد عناصرها كما لم يقدموا للمحاكمة وفق ما تذكر موسوعة ويكيبيديا.

ونقلت أحداث الفيلم المشاهد إلى جزيرة قرقنة التي شهدت مولده في الثاني من فبراير/ شباط 1914، وفي تلك الجزيرة أتم حشاد الذي ينتمي إلى عائلة بسيطة كانت تقتات من صيد السمك دراسته الابتدائية لينتقل بعدها إلى سوسة وتبدأ رحلة النضال.

دار نقاش بعد الفيلم وشارك فيه (من اليمين) العريض، نور الدين حشاد، الدلالي (الجزيرة نت)
لحظة تاريخية
وتعرف المشاهدون من خلال الفيلم الوثائقي -الذي صور دون ترخيص وفي ظروف صعبة- على حقائق تخص الزعيم السياسي والنقابي التونسي الذي أسس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 واكتسب شعبية عارمة بين الطبقة العاملة وكل مكوّنات الشعب التونسي.

وقال مخرج الفيلم جلال الدلالي في تصريح للجزيرة نت إن عرض الفيلم بعد سنتين من إنتاجه للمرة الأولى في تونس "يعتبر لحظة تاريخية، تمكنت فيها من عرض عمل أنجزته بدرجة أولى للمشاهد التونسي، بعد أن تم تصويره في ظروف صعبة وخاصة جدا في تونس".

وبيّن الدلالي أن الفيلم منع من التصوير والعرض وتم تتبع من ساهم في إنجاز العمل، ولذلك لم يتم عرضه إلا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

من جهته أوضح نجل حشاد الدبلوماسي السابق نور الدين حشاد أن الفيلم كشف النقاب عن حقائق خفية من خلال تصويره لشهادة أنطوان ميلور أحد أفراد العناصر المؤسسة لعصابة "اليد الحمراء" التي اغتالت حشاد، والذي قال "إن ما قمنا به عمل شرعي ولو كان ينبغي علي إعادته سأعيده".

وأضاف أن الفيلم مكّن العائلة من رفع قضية لدى المحاكم المختصة في فرنسا للمطالبة بملاحقة المجرمين الذين ساهموا في اغتيال والده، مشيرا إلى أنه تم تكليف محام للمرور إلى التعقيب.

كما بيّن ابن الزعيم الراحل الذي كان حاضرا صحبة والدته وأخته وعدد من أفراد العائلة أن الفيلم جعل لأول مرة قضية حشاد قضية الشعب التونسي.

الدلالي: عرض الفيلم بعد سنتين
من إنتاجه يعتبر لحظة تاريخية (الجزيرة نت)
رحلة نضال
من جهتها قالت أرملة الزعيم حشاد أم الخير حشاد التي كانت متأثرة كثيرا بعد العرض إن "فرحات حشاد لم يمت، وهو حي في قلوب أبناء الشعب التونسي، الذي أثبت أنه لم ينسه".

وفي سياق متصل أكد عامر العريض منتج الفيلم خلال النقاش الذي عقب العرض أن "حشاد هو الذي اختارنا لننتج فيلما حوله، لأنه شخصية تركت بصمتها في تاريخ تونس قبل وبعد استشهادها"، موضحا أن حشاد كان أكثر زعيم تونسي له القدرة على القيادة وتنظيم المواطنين ودعم المقاومة بالتنظيم والسلاح، وأن فرنسا اغتالته لأنها اختارت من يخلفها وكانت تريد صديقا لها ليس حشاد".

وبيّن مدير فريق البحث محمد الحمروني أن الزعيم النقابي الراحل قد ظلم وهضم حقه وحق عائلته، موضحا أن الشريط الذي صور في ظروف صعبة حاول أن يعيد الاعتبار لهذه الشخصية الرمز التي أحدثت الكثير من التغير في تاريخ تونس.

من جهة أخرى اعتبر عدد من الإعلاميين التونسيين والحاضرين أن الفيلم لم يرق إلى المستوى المطلوب ولم يكن في مستوى الانتظار، حيث رأى بعضهم أن المخرج لم يهتم بالجانب الجمالي للشريط الوثائقي وأنه خلال الفيلم كان النسق رتيبا ولم يتغير.

مخلوف: الجدال بعد عرض الفيلم سببه الإشارة إلى تمسك حشاد بهويته (الجزيرة نت)
جدل ونقاش
وخلال النقاش أثار بعض الحاضرين ضجة، وخرجوا من القاعة قائلين إن الفيلم كان مخيبا لآمالهم فهو قدم حشاد في صورة لا تليق به، وردد أحدهم "أعتبر أن هذا العرض تكرار لاغتيال حشاد".

وردا على ذلك، قال الدلالي إن هذا العمل ربما لا يخلو من النقائص وإنه مع كل مشاهدة له يفكر في إضافة أشياء أو تعديل أخرى، لكنه بالمقابل أعرب عن فخره بهذا العمل الذي أعاد طرح قضية حشاد إلى النقاش في الأوساط التونسية والفرنسية، ومكّن من إثارة قضية حشاد ومناقشتها وطرحها في المحاكم الفرنسية أو مع الجهات الرسمية الفرنسية لإماطة اللثام على قضية الاغتيال.

وفي السياق ذاته أرجع عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي زهير مخلوف سبب الجدال إلى إشارة الفيلم إلى تمسك حشاد بهويته، معتبرا أن الإشارة إلى ذلك في الفيلم استفزت الكثيرين الذين اعتبروا ذلك تحديا للمشروع التغريبي السينمائي المسرحي الكامل في تونس، حسب رأيه.
المصدر: الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق