موجبات ومالآت الحوار الوطنى بقلم /دكتور خالد حسين - روان للإنتاج الإعلامي والفني
الدكتور /خالد حسين محمد
2014م
تتناول
هذه الورقة موجبات ومالآت الحوار الوطنى وتهدف الي معرفة موجبات ومطلوبات
الحوار الوطنى والى أين سينتهى ،نتيجة المواقف المتباينة بين القوى
السياسية ، مشكلة هذه الورقة تتمثل في أنها تعتمد فقط على وقائع الاحداث
وصعوبة الحصول على المعلومة الحقيقية التى تصنع تلك الاحداث .
تقوم هذه الورقة علي الفرضيات الأتيه :-
1. أن هنالك فجوة عميقة من عدم الثقة ومرارات تراكمت في االنفوس يصعب تجاوزها .
2. وصلت كافة القوى الى قناعة بأن كل منها لايستطيع اقصاء الآخر وانه لاسبيل لاستقرار السودان وحلحلت اشكالاته غير الحوار.
ولاثبات
او نفى تلك الفرضيات نستخدم المنهج الوصفي والاستقرائي وتحليل الاحداث
للوصول الى اجابات واثبات او نفي المطلوب وذلك من خلال العناوين الاتية :
1. الدعوة للحوار .
2. القوى المعارضة للحوار .
3. موقف القوى الداخلية في الحوار.
4. موقف القوى الخارجية في الحوار.
5. اعتقال الصادق المهدى .
6. ردود الافعال للاعتقال
7. تطور الأحداث بعد إطلاق سراح الصادق المهدى
الدعوة للحوار:
لا
شك أن دعوة الحوار التي أطلقها الرئيس للحوارقد وجدت الكثير من القبول
والإستجابة من معظم القوى السياسية. وعلى الرغم من أن الدعوة جاءت متأخرة،
ليس من عمرالإنقاذ، ولكن من عمر السودان، حيث كان يفترض أن تكون هذه الدعوة
والجلوس للحوار والتفاكر في قضايا السودان التأسيسية، مثل كيف يحكم
السودان؟ وما هو الدستور الأمثل للسودان؟ كان من المفترض أن تكون قبل
الإستقلال. ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.
قيمة هذه الدعوة أنها جاءت بقناعات من صاحب الدعوة، أهم هذه القناعات :
أولاً: أن السودان لن يستقر حكمه إلا وفق رضا كل مكوناته السياسية ومنظماته المدنية.
ثانياً:
وهذا يتضمن إقراراً ضمنياً بفشل كل الحلول التي قدمها المؤتمر الوطني
(الحركة الإسلامية) خلال عقدين من الزمان، وبالتالي القبول بحلول أخرى من
أية جهة كانت.
ثالثاً:
الإحساس بأن المشاكل التي تواجه السودان لا تحل إلا إذا سما الجميع إلى
مصلحة الوطن وقدموها على المصلحة الحزبية، وهذا ما كان واضحاً من خطاب
الرئيس.
رابعاً: الإقرار والإعتراف بأن السودان يواجه مأزقاً حقيقياً يهدد وجوده.
خامساً:
إن المشروع الحضاري كان حلماً من أحلام (المثال) لم يبذل إجتهاداً فكرياً
شجاعاً يماذج بين المثال والواقع والمطلوبات العصرية.
وفي الواقع كان من إستجاب للدعوة قد وصل لبعضاً من هذه القناعات ومنها:
أولاً:
إن إقصاء أي طرف من المعادلة السياسية لن يكون في مصلحة الوطن، وخاصة
المؤتمر الوطني، وذلك بعد أن إستبانت مقدرته وقوته خلال عقدين من الزمان في
الحكم.
ثانياً: وعلى ذلك لابد أن يكون المؤتمر الوطني جزءً من الحل.
ثالثاً: إقرار أحزاب المعارضة ضمنياً بعدم قدرتها على إسقاط النظام، سواءً كان عسكرياً أو مدنياً.
رابعاً:
الإقرار بأن المعارضة وطرحها لم يكن بديلاً مقنعاً للأغلبية الصامتة من
الشعب السوداني، وذلك لعدم مقدرة المعارضة وعدم إستطاعتها محاكاة ما قامت
به شعوب الربيع العربي.
هذا مع قناعات الجميع حكومةً ومعارضة بما يتهدد الوطن في وجوده من إستهداف خارجي.
هذه الدعوة من قبل الحكومة يبدو انها كانت محل دراسة ومن ثم الاتفاق عليها وتم التعبير عنها بافعال واعمال وتصريحات متتابعة منها :
1.
قيام المؤتمر الأخير للحركة الإسلامية وإسناد أمانتها للزبير محمد الحسن
وإبعاد الاستاذ/ علي عثمان محمد طه منها مع اسقاط الدكتور غازى صلاح الدين .
2. دعوة الرئيس للحوار والوفاق الوطني .
3. دعوة الرئيس للإتفاق حول دستور يجد القبول من الجميع .
4. إطلاق سراح معتقلي الثورية .
5. تكريم السيد الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني في إحتفالات البلاد بأعياد الإستقلال .
6. رفع الحظر عن جريدة صوت الشعب .
7.
إعلان النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه في دارفور أن الرئيس عاكف
على وضع خطة لحلحلة كافة مشاكل السودان وإنهاء حالة التمرد في البلاد .
8. التشكيل الوزاري الأخير الذى تم فيه اعفاء الحرس القديم في الحركة الاسلامية يحمل الرسائل الاتية :
أ. ذهاب هذه المجموعة فيه إشارة ورسالة إلى كافة الأحزاب الأخرى بإمكانيه التوافق معها.
ب.
ربما يكون ذهاب هذه المجموعة وفق إتفاق غير معلن (سري) مع بعض القوى
السياسيه التي أبدت عدم الممانعة في المشاركة في السلطة ولكنها تشترط ذهاب
بعض الوجوه.
ج.ربما
يكون ذهاب هذه المجموعة جزء من إعلان سابق للرئيس بأنه يعد خطة لحلحلت
كافة مشاكل السودان، ويكون ذهاب هذه المجموعة ثمناً لقبول الآخرين.
د.ربما يكون فيه إشارة أو رسالة للخارج على المستوى الإقليمي والدولي بالإعلان عن ذهاب ما يعرف (بصقور) الحركة الاسلامية.
هـ. تعين الفريق بكري نائباً اولاً يمكن ان نقرأ منه الاتى :
1.
توحيد القرار في التوجه الإسلامي وفق الرؤية العسكريه والتي يغلب فيها
تغليب الجانب الوطني والإنضباط العسكري مع الإحتفاظ بقومية القوات المسلحة
التي بقيت رمزاً لوحدة السودان، رغماً عن ما ترمي به الأحزاب الحركة
الإسلامية بأنها جيرت القوات المسلحة لمنسوبيها.
2.
ربما يشير تولي الفريق أول بكري حسن صالح لمنصب النائب الأول مع ذهاب علي
عثمان مع بقية ما بتقى من الجيل الثاني للحركة الإسلامية، ذهاب للأصوات
المناكفة من الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني مع سهولة توحيد القرار وفق
الضوابط العسكرية والتي تتيح النقاش في اية مسألة معروضة للنقاش قبل إتخاذ
القرار، ولكن عندما يصدر القائد القرار ما على الجميع إلا الإمتثال وتنفيذ
التعليمات.
3.
ولعل ذلك تكون فيه إشارة إلى أن القوات المسلحة مثلما إنحازت إلى الحركة
الإسلامية في العام 1989م وذلك لأنها كانت المعبِّر عن الرؤية الوطنية في
حالة التدهور الأمني المريع الذي لكانت تعيشه البلاد مع إنتنشار حركة
التمرد وتمددها شمالاً، وبعد أن أتاحت الفرصة كاملة للحركة الإسلامية في
الحكم وصلت قيادة القوات المسلحة متمثلة في الرئيس ونائبه الحالي ووزير
الدفاع أن الأمر لا يستقيم إلا بمشاركة كافة القوى السياسية ولذلك كان هذا
التغيير.
القوى المعارضة للحوار:
هناك قوى كثيرة في الداخل والخارج لا ترغب في نجاح الحوار وستعمل جاهدة على إفشال هذا التوجه.
ففي
داخل المؤتمر الوطنى هنالك من يعتقد بأن هذا الإتفاق سوف يكون خصماً
عليهم، وبالتالي سوف يفقدون كثيراً من مصالحهم، وربما الكراسي التي يجلسون
عليها، ولذلك سوف يعملون جاهدين بكافة الطرق لإفشال هذا الحوار، وبالتأكيد
لن يكون ذلك بصورة مباشرة لأنهم يعلمون أن هذا الأمر أصبح توجه الحزب
وقيادته، ولكنهم سوف يظهرون التأييد ومن خلال ذلك يعملون على إفشال الحوار،
وتكمن الخطورة هنا.
كذلك
في داخل الأحزاب المتحالفة مع المؤتمر الوطني هنالك من جاءت به مصلحته
وبالتأكيد فإن توسيع دائرة المشاركة سوف يكون خصماً عليهم، وبالتالي
سيعملون بطريقة أو بأخرى لإفشال هذا الحوار.
وكذالك
في داخل الأحزاب هنالك من له مرارات مع المؤتمر الوطني ولم يستطع تجاوزها،
وبعضهم من له عداء (وكره) آيدولوجي أو فكري تحول إلى كره شخصي مع المؤتمر
الوطني وبالتأكيد فإن هؤلاء سيعملون على خلق الكوابح والعراقيل في وجه
الإتفاق. وربما هؤلاء يكون تأثيرهم أقوى من أصحاب المصالح في المؤتمر
الوطني، وذلك لأن هؤلاء سوف يلعبون على المكشوف ويحاولوا وضع إشتراطات أو
مطالب تعجيزية لإفشال للحوار.اما في الخارج فان القوى التى عملت على فصل
جنوب السودان فهى تعمل على تفتيت السودان وان فصل الجنوب هو الخطوة الاولى
في هذا الاتجاه . هذه القوى ممثله اللوبي الصهيونى والذى يعمل تحت مجموعة
في الافتات في داخل الولايات المتحده مثل
enough
projectو save darfour بقيادة بندر جاست وجورج كلونى والسناتور ولف قبلها
فصل وفق الأستراتيجية الأسرائلية . فأن هذه القوى بلاشك سوف تعمل على إجهاض
إى تقارب بين السودانين و اي تقارب وتوافق يعنى فشل مشروعهم التدميري
للسودان.
موقف القوى الداخلية والدولية من الدعوة للحوار:
اولاً : القوى الداخلية
كانت
الدعوة المباشرة للحوار من خلال الخطاب الذى وجهه الرئيس للامة في مطلع
يناير الماضى واستجابت معظم القوى السياسية التى دعيت لحضور الخطاب . وعلى
الرغم من الحديث الدار عن عدم وضوح الخطاب ، الا انه اعقب ذلك دعوة كل
القوى السياسية في السادس في أبريل الماضى الي لقاء دائرة مستديرة حضرته
معظم القوى السياسيه ولم يتخلف الا الشيوعى وحزب البعث العربي الاشتراكى
وحزب المؤتمر السودانى بقيادة ابراهيم الشيخ والناصري بقيادة ساطع الحاج .
اجتمعت
في القاعة معظم القوى السياسية السودانية واذا أخذنا آخر انتخابات جرت في
جوى ديمقراطي في العام 1986م كمعيار للقوى نجد أن حزب الأمة كان حائزاً على
أكثر المقاعد يليه الاتحادى الديمقراطى ثم الجبهة القومية الأسلامية .
والذى
اجتمع الآن كل فروع حزب الأمة وكل فروع الاتحادى الديمقراطى وكل فروع
الجبهة القومية الأسلامية وفي تقديرنا اذا تم التوصل لاتفاق فأن كل حزب من
هذه الأحزاب سوف يوحَد مرة أخري وتعود الفروع الى اصلها .
تحدث
في اللقاء مايقارب الخمسة والعشرين من قادة وممثلى الأحزاب،لم يخرج منهم
واحد عن جو الوفاق وكلهم كان مرحباً بالاجتماع شاكر الرئيس علي المبادرة،
وفي التعقيب كان فيه القبول بلآخر واضحاً، فكل مقترح مقدم من عضو يجد
التثتيه والتعقيب من الآخر، وكانت روح الوفاق هى السائده على الاجتماع .
والملاحظة الأخري التى تؤكد ذلك ان كل المتحدثين كان يقرأ من ورقه معده
سلفاً مما يعنى ان الأمر هو محل اجماع وتم التشاورعليه في أجهزة الحزب ومن
ثم تم القاءه في الاجتماع
اما
اذا دلفنا الى داخل الاجتماع والبداية بخطاب الرئيس والذى جاء هذه المرة
مباشراً بعيداً عن التهويمات وشح النفس السياسي في الخطاب السابق الذى كان
يعض علي الكلمات عضاً يريد ان يكبح الأمل والتفاؤل في نفوس السودانين .
لذلك كان الرئيس حاضراً بكلياته هذه المرة ، وجاء الرئيس بماكان يفترض ان
يأتى في خطاب (الوثبه )فأعلن القرارات ومطلوبات تهيئة الاجواء للحوار
وأهمها إطلاق حرية العمل السياسي وقرار إطلاق سراح المعتقلين وتعزيز حرية
الاعلام بلاقيود الا ما يمليه الضميرواخلاق المهنه ،كما تم أعلان التزام
الحكومة لضمان سلامة قادة الحركات المسلحة اذا حضروا للخرطوم، وحتى اذا لم
يتم الاتفاق معهم يضمن لهم الخروج الآمن ومن ذلك يمكن نقرأ الأتى :
1-الخروج من حالة التردد التى يمكن ملاحظتها فى الخطاب السابق ، او فالنقل انتصار الرأى الداعم للحوار في المؤتمر الوطنى .
2-كان
جلوس الناس في دائرة مستديرة إقرار بتساوى الجميع مبدداً بعض مخاوف
المعارضة التى تخشى من هيمنة المؤتمر الوطنى والزام الناس برؤاهـ .
3-كان
التوافق على لجنة تنسيقية بإعداد متساويه من الحكومة والمعارضة وتقوم
المعارضة بتمسية مناديبها تطمينا آخر من المؤتمر الوطنى على الحوار من دون
ايه ميزة على الآخرين .
4-كان
التوافق على ان اللجنة هى لجنة تنسيقية وكلمة الفصل والقرارات لجمعيه عموم
الأحزاب وقوى الحوار الوطنى والذى كان فيه تطمئن كبير للأحزاب
5-ادار الرئيس الحوار باريحيه فائقيه لم يقاطع احد ولم يطلب من احد ان يختصر وحتى قفل باب النقاش كان اقتراحاً مثنى من قادة الأحزاب.
6-
وفوق كل ذلك كانت الدعوة الموجهة للأحزاب حددت ان الغرض من الإجتماع هو
تكوين الآلية التى تقوم بالإعداد والتنسيق بعيداً عن هيمنة المؤتمر الوطنى .
وفي
المقابل كانت كلمات قادة الأحزاب مشبعه بالرضاء والقبول وربما كان أعلان
الرئيس للقرارات التى ذكرناها آنفاً لها تأثير السحر في نفوس قادة الأحزاب
ومنها :-
اولاً
:- يلاحظ تقارب الرؤى في بعض ماطرحه قادة الأحزاب والتى تمثلت في قومية
القضايا والاقتصاد والعلاقات الخارجية والانتخابات وشكل الحكم .
ثانياً
كان خطاب الصادق المهدى كعادته مشخصاً للحالة مقدماً للمقترحات والحلول
ومرقماً كعادة الصادق المهدى،والذى يشير الى اقبال حزب الأمة بصورة جادة
للحوار وتجاوزاً كل المرارات السابقة، وجاء ذلك بصورة مباشر بأثبات الفضل
للرئيس وزملاؤه حيث قال (لقد سبقنا الى هذا النهج من حوار مجتمعى شامل
آخرون جزاهم الله خيراً ، ولكن خبرة الشعب السودانى السياسيه ، ووجود تواصل
مستمر بين كافة الأطراف السياسيه حتى الآن رغم التواترات ، وحقيقة ان
العقد لم ينفرط بعد ، كما حدث لبعض جيراننا ، ورصيد الوفاق في التاريخ
السودانى الحديث ، واقتناع رئيس الجمهورية وزملاؤهـ بأنهم على اعتاب انجاز
تاريخى تسجله لهم الاجيال ، عوامل تدفعنا ان نستمطر الوعد الالهى (وما كان
ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)
ثالثاً:-
كان خطاب الترابي معبراً عن الرضا والتجاوز التام لمرارات عقوق التلاميذ
داعياً كل الأطراف بتغلب لغة الوفاق في الخطاب وعدم التشكيك والطعن في
الآخر وان يكون الجدال باللطف وان تكون روح الاخاء حاضره بدل التجادل
والصراعات . الأمر الذى يعكس ان الترابي قد استعاد لياقته الذهنيه والفكرية
وان هناك متسع لاستيعاب كل ذلك .
رابعاً
:- من الأقتراحات التى تعكس روح الاجتماع ذلك الاقتراح من احزاب المعارضه
الذى يدعو لتشكيل لجنة من المؤتمرين لاقناع من تخلف عن الحوار والاتصال
بحاملى السلاح لاقناعهم بالمشاركة في الحوار .
خامساً:موقف الجبهة الثورية:
وقد
كان ردة فعل الجبهة الثورية ببيان ممهور بإسم (القائد مالك عقار – آير –
رئيس الجبهة الثورية السودانية). وعلى الرغم من أن الجبهة لم ترحب صراحة
بالخطاب وأعلنت إستمرار العمل المسلح، إلا أن ما جاء في البيان وما تراه
الجبهة لحل الأزمة السودانية يوحي بالقبول الضمني للحوار، كما أن كل
مطلوباتها هي محل قبول من كل القوى ومن المؤتمر الوطني، ومن تلك المطلوبات
التي جاءت في بيان الجبهة الثورية :
أ. أن لا تكون دعوة الحوار إلتفاف على مطالب الشعب السوداني.
ب. المدخل الصحيح للأزمة هو الإعتراف بحجم الأزمة وقبول كافة الشركاء الوطنيين.
ج.
إنهاء الحرب ومخاطبة جذور المشكلة وإزالة المظالم التاريخية وأن تكون
المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات في ظل نظام ديمقراطي يعترف بحق الآخرين.
د. إشاعة الحريات وإحترام حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين والأسرى.
ه. الإتفاق على حكومة إنتقالية قومية تقوم بعقد مؤتمر دستوري يحدد فيه كيف يحكم السودان.
و. إقامة إنتخابات حرة ونزيهة.
ولا شك أن كل هذه المطلوبات وجدت الإعتراف من قبل الرئيس في خطابه، يبقى فقط أن تتحول في حوار مع الأحزاب إلى قرارات.
ومما
سبق نلاحظ أن القوى الرئيسية سواءً كانت من المعارضه أو الحكومه قبلت
بمبدأ الحوار لحل المشكلة السودانية، وذلك لإدراكهم خطورة المآلات اذا ما
سار الأمر على ما هو عليه من المدافعة والمناكفة بين الحكومة وقوى
المعارضة، والذي سوف يدفع ثمنه السودان.
ثانياً : الاهتمام الدولى بالحوار السودانى :
صحيح
ان هناك قوى لم تنخرط بعد في الحوار ، بعضها اعلن رأيه صراحه بالرفض مثل
الحركة الثورية وبعضه مازال يراوح مكانه في حاله من التردد الناتجه من
التشكيك في صدق النوايا كالحزب الشيوعى والناصري جناح ساطع ، ولكن في
تقديري لتداخل عوامل داخليه وأخري خارجيه ، خاصه اذا حقق الذين قبلوا
الجلوس الي الحوار بعض النجاحات فان هذه المجموعات الرافضه ستلحق بالحوار .
كان
ذلك ماوضحناه من موقف القوى الداخليه . اما بالنسبة للقوى والعوامل
الخارجية ، فأن الشأن السودانى لم يعد خاصاً ويهم السودانيون وحدهم لسببين
:-
الأول
: انه حدث تحول كبير في العلاقات الدوليه ولم تعد الشئون الداخليه تخص
الدول وحدها ، بل اصبح كلما ماكان محرماً التدخل فيه للدول الأخري أصبح
متاحاً بل هو محل اهتمام لها ، حقوق الانسان بل حتى نظام الحكم وشكل الحكم ،
بل حتى من يحكم أصبح محل اهتمام وللرأى الخارجى دور كبير في تحديده ، واذا
لم تتم الاستجابه فهنالك كثير من الأشياءالتى يمكن عملها لمحاربة البلد
والعمل على عدم استقراره .
الثانى
: هو حالة السودان بصورة خاصة ، فقد أصبح الشأن السودانى محل أهتمام كثير
من القوى الاقليمية والدوليه ومنخرطه فيه بشكل يومى منذ محاولات البحث عن
سلام في اديس ابابا وابوجا ونيفاشا ممايتعلق بمشكلة الجنوب حتى تم فصله
مرور بقضية دارفور والتى مازالت تستوعب اهتمام قوى عظمى على رأسها الولايات
المتحدة وقوى أقليمية أخري ، وهذا الاهتمام الدولى والأقليمى بالشأن
السودانى لابد من أخذه في الاعتباراذا اردنا تحقق قدراً معقولاً من الوفاق
بين المكونات الداخليه السودانية واذا لم ناخذ ذلك في الاعتبار فأن هذه
القوى لديها القدره على افساد الحوار .ويمكن ايراد بعض الملاحظات على هذا
العامل الخارجي :-
اولاً
: ان القوى الداخليه تدرك أهمية هذا العامل الخارجى وان كانت تختلف في مدى
المساحة التى يمكن اتاحتها للعامل الخارجى والسماح له باللعب فيها ويمكن
ان نستدل ببعض الشواهد :
أ. كانت بشريات هذا الحوار من الحكومة قد جاءت عبر الرئيس الامريكى الاسبق جيمى كارتر .
ب. أبدى معظم القادة المعارضة في خطاباتهم في إجتماع 6أبريل 2014م بقاعة الصداقة مع الرئيس أهتمام بهذا العامل .
ج. بعض القوى في الداخل تعول كثير علي العامل الخارجى والاستقواء به
ثانياً : يمثل العامل الخارجى محفزاً وضامناً وربما ميسراً ومسهلاً خاصه عندما تضيق زوايا الخلاف .
ثالثاً : تخاف بعض القوى من تحيز العامل الخارجى لبعض القوى مما يعمل علي إفساد الحوار .
رابعاً : يتعلق بالقوى الخارجيه وخاصه الجانب الرسمى في الأدارة الأمريكية والتى ترغب في تحقيق الوفاق الداخلي لسببين رئيسيين :
1-يحقق
لها بعض من التغيير في وجه النظام الذى ترغب فيه كثير من القوى في داخل
الولايات المتحده مما يكون سبباً مقنعاً لاعادة التعامل مع السودان.
2-الرغبه في تحقيق سودان مستقر وذلك للمساعدة في استقرار الدوله الوليده التى كانت الولايات المتحده(القابله ) التى اخرجتها للوجود .
وكما قامت فكرة نيفاشا على الدراسة التى قدمها مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في 2001م
وتبنتها
ادارة بوش حتى تم اقرار الاتفاقية في 2005م. ففى أغسطس في العام الماضى
(2013م) طرح معهد السلام الامريكى بواشطن مقترحاً بعنوان ((الطريق الى
الحوار الوطنى في السودان ))اعده المبعوث الامريكى الرئاسي السابق برستون
ليماوجون تيمن يقر بان الحلول الجزئية لمشكلة السودان قد فلشت ولابد من
التعاطى مع امهات القضايا وبصورة كامله غير مجزأة . وترى خريطه الطريق ان
البشير وكبار مساعديه لن ينخرطوا في حوار جدى مالم تكن هناك ضمانات لتسوية
أوضاعهم مع قرارات توقيف المحكمة الجنائية الدولية في حال مغادرتهم
لمناصبهم .
وتقترح
خريطة الطريق ان يتم الحوار بين كافة القوى السياسية في السودان من دون
عزل لاحد يشمل الحكومه والمعارضه والجماعات المسلحة . كما اقترحت خريطة
الطريق في حال أن اثبت الحوار جديته ان يتم تأجيل الأنتخابات لعامين . ودعت
خريطة الطريق الاتحاد الأفريقي بواسطة لجنة الحكماء بقيادة ثامبو أمبيكى
ان يلعب دوراً مهماً في توجيه الحوار يؤدى لتشكيل حكومة قاعدة عريضة بقيادة
المصالحة بصورة جدية .
وهذا
التزامن بين خارطة الطريق الامريكية ومبادرة الرئيس البشير يوحى الي ان
هناك قنوات تواصل غير مرئيه ، وربما تكون زيارة كارتر الأخيرة جاءت في هذا
الاتجاه خاصه وانها المرة الاولى التى يلتقى فيها مسئول أمريكى رفيع بعد
صدور قرارات التوقيف الأخيرة في حق الرئيس .
وفى
ذلك اشارة لجدية الحكومة في الوصول بهذا الاتفاق الى نهايته، فهى تعلم ان
دخول الحكومة الامريكية يحمى الاتفاق من تأثير كثير من القوى داخل الولايات
المتحده وخارجها لاترغب في انفراج الوضع في السودان .
وفي
هذا السياق نظم مركز السفير الأمريكى اندرويونق باتلانتا بالولايات
المتحده تحت عنوان (السودان الفرص والتحديات) تحدث فيها الرئيس الامريكى
السابق كارتر وقال فيها ان مبادرة الحوار الوطنى في السودان جادة
والممشككون فيها آرائهم زائفة وغير وأقعيه ،كما دعا الولايات المتحده لرفع
اسم السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب ورفع الحظر الأقتصادى عن
السودان .
كما
أعلن مندوب الأمم المتحدة في السودان السيد هايلى منكريوس ترحيب الأمم
المتحده ومجلس الامن الدول لمبادرة للحوار الوطنى الشامل ، وقال ان
المبادرة فرصه عظيمة لتحاور حول امن السودان وبمشاركة ديمقراطية لكل من شعر
اويشعر بالتهميش .
أهتم
الاتحاد الأوربي بالدعوة للحوار وقد عقد وفد من سفرائه بالخرطوم لقاءات مع
معظم القادة السياسيين وعلي ذلك تبنى الاتحاد الأوربي الدعوة لكل الأطراف
لكوديسه هايدلبرج 2بدون إقصاء لاي طرف ، حكومة الخرطوم والجبهة الثورية
والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى الشبابية والنسوية .
ويطالب
الاتحاد الأوربي الحكومة لاثبات جديتها في الحوار ان يتم وقف العمل
العسكري المتفلت الذى يؤدى الى انتهاك حقوق الانسان ونزوح الاف المواطينين.
كما تعهدت صناديق دوليه أمريكية وأوربية وعربية بدفع (15) مليار دولار
للسودان واعفاء ديونه الخارجية ورفع الخظر الأقتصادى عنه وحذف اسمه من
قائمة الدول الراعية للارهاب ،حال افضاء الحوار الوطنى الى تحول ديمقراطى
حقيقى تشارك بموجبه كل القوى السياسية والحركات المسلحه في الحكومة .
وكان
السفير البريطانى في الخرطوم قد أبدى استعداد المملكة المتحدة لدفعها
للحوار بكافة الطرق والسبل وان تلعب دوراً حاسماً في الوساطه بين الاطراف
السودانية لتقريب وجهات النظر .
وعلى
المستوى الاقليمى اعلنت الجامعة العربية ترحيبها بالمبادرة التى اطلقها
الرئيس البشيرحول الحوار الوطنى واعتبرتها علامه فارقه في التاريخ السياسي
السودانى . وتمنت ان يكون الحوار الوطنى سودانياً خالصاً ومن دون تدخل
خارجى . وفي هذا السياق كان الصادق المهدى قد أتصل بالسعودية و الكويت
والأمارات وقطر طالباً منهم دعم الحوار السودانى ومباركته .
وكان
الاتحاد الافريقي من أول المرحبين بدعوة الحوار السودالنى وأبدت لجنة
أمبيكى استعدادها ان تعمل دوراً محورياً في الحوار السودانى حتى الوصول
لحلحلة كافة الاشكالات التى يعانى منها السودان .
وهكذا
نجد ان الانفعال الدولى الاقليمى لم يقل شأنا عن الانفعال الداخلي ، وكما
في الداخل هناك معارضين كذلك في الخارج . ، ولكن نجد أن الغالبية الدولية
والداخليه مع الحوار، وبالتاكيد سوف يكون لذلك تأثير كبير وربما قلل
التأثيرات السالبة من المعارضين .
يعطى هذا الأهتمام الدولى دفعه قويه للحوار ، كما يكسبه قدراً كبيراً من الجدية ،كما يمنحه ضماناً من الانتكاسة .
وتبقى
التأثيرات السالبة للتدخل الخارجى ماثله ، خاصه علي الحكومة ، ولكن الرؤيه
الواضحه للحكومه لنتائج الحوار واستعدادها للعمل علي إنفاذها، سوف تحد
كثيراً وتقلل من هذه التأثيرات السالبه .
يبقى
مهم جداً علي الحكومة والمعارضة ادراك خطورة التدخل الدولى اذا تم تحويل
هذا الحوار الى صراع بين القوى الخارجيه والتى سوف لن تتردد في نقل النموذج
السورى او الليبي الى السودان .
اعتقال الصادق المهدى :
جاء
اعتقال السيد الصادق المهدى مخالفاً لكل التوقعات بل أنه قد جاء في
الاتجاه المعاكس لجريان الاحداث . وهذا الاعتقال يكشف الازمة الحقيقية التى
يدار بها الشأن السياسي السودانى ، الذى لايميز بين الاستراتيجى والتكتكى .
وعلى ذلك يمكن ملاحظة الاتى :
اولاً
: لا نفهم ان هناك وزيراً او مسئولاً في جهاز تنفيذى انه يقوم باى عمل من
الاعمال فيما اوكل اليه ويعتقد ان يكون هذا العمل هو عمل ادارياً بحتا وليس
له علاقة بالسياسيه .فكل اعمال المسئولين من وزراء وقادة أجهزة يفترض ان
يحسبوا البعد السياسي لاي عمل يقومون به وانهم يقدرون الابعاد السياسية لما
يقومون به وانه يخدم الخط السياسيى للحزب او الحكومة ، هذا بصورة عامة .
ثانيا
ولا نعتقد ان عمل مثل اعتقال السيد الصادق المهدى في هذه الظروف يكون هو
تصرف مسئول في جهاز معين . ففى تقديري ان ذلك يكون تم بالتشاور مع قيادات
الدوله والحزب السياسية وانه قرار تمت الموافقه عليه بعد أخذ ومشاوراة كل
من يعنيه الأمر .
ثالثاً
: ان القرار لم يكن موفقاً مهما كانت الصورة التى تم بها الاعتقال سواءاً
كان بفتح بلاغ عادى لدى النيابه او تم الاعتقال بالصلاحيات التى يتمتع بها
جهاز الامن . فالنتيجه في الحالتين واحدة وهى ايداع الصادق المهدى سجن كوبر
مما يعنى ضربه عنيفة وموجعه اذا لم نقل قاتله لعملية الحوار وذلك لعدة
اسباب : منها :-
اولاً
: لايعنى القبول بالحوار ان يتوقف الصادق المهدى عن ابداء اراءه في
الاحداث اوالاذعان و القبول باراء وافعال الحكومة ولا يعنى في نفس الوقت ان
تقبل الحكومة باراء الصادق المهدى او اراء المعارضه .
ثانياً:
الحكومة هى التى دعت للحوار والمطلوب منها ابداء حسن النيه والمطلوب من
الحكومة قبل غيرها تهيئة الاجواء للحوار . وابداء حسن النية وتهيئة الاجواء
للحوار يعنى التجاوز عن الاخطاء التى قد تحدث من المعارضة وتقع تصريحات
الصادق المهدى في هذا الاتجاه اذا اعتبرتها الحكومة كذلك .
ثالثاً
: الصادق المهدى ظل الاقرب للحكومة في كل تصريحاته السياسيه والاعلامية
وحتي اللقاءات التى تضمة مع المعارضه والذين يعتبرونه عقبه كئود لتجمع
المعارضة مع ادراكم لثقله وثقل حزبه .
رابعاً:
تمسك الصادق المهدى طيلة فترة معارضته بالخيار السلمى لاسقاط النظام وهذا
حقه وهذا يحمد له ولحزبه بل لعل تمسكه بهذا الخيارعصم كثير من ابناء
الانصار من تبنى الخيار المسلح لاسقاط النظام .
خامساً
:الصادق المهدى يدرك تماماً ان اى بديل لهذا النظام ياتى عن غير طريق
الحوار سوف يكون أسوأ من هذا الوضع بل وربما يمثل ذلك تهديداً لوجود
السودان .
سادساً
: وتاكيداً لماسقناه في النقاط الثلاث اعلاه وحتى هو الان داخل كوبر وكان
يمكن ان يستقل هذا الوضع، والذى ربما كان يمكن ان يسبب حرجاً ومواجهة غير
حميدة ولاترقب فيها الحكومة . ومع ذلك كان خطاب السيد الصادق المهدى الذى
تُلى نيابة عنه في مؤتمر الحزب الصحفي ، يسير في اتجاه الحوار وعدم التصعيد
. حيث جاء في خطابه (الحقيقة اننى في كل الادبيات اقول ان الوضع السياسي
في السودان مازوم أمنياً وأقتصادياً ودولياً ، وان هذا الالتزم يفتح باب
اعمال مضادة بالعنف او بالانقلاب او بالانتفاضة ، وان هذه البدائل محفوفة
بمخاطر فادحة لمصير الوطن . وان الانتفاضة باساليب مدنيه مع استعداد النظام
لمواجهتها ربما ادت للسناريو السورى ، لذلك فان آمن وسيله لتحقيق مطالب
الشعب هى المائدة المستديرة او المؤتمر القومى الدستوري على سنة الكوديسا
في جنوب افريقيا كوسيله استباقية لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول
الديمقراطى الكامل بصورة قومية لاتعزل احد ولايهمن عليها احد) .
وأضاف
فلا تراجع من مطالب الشعب ولاتخل عن سلمية التعبير المدنى عن مطالب الشعب ،
الى ان قال (وحرصنا الكبير على الحوار مع النظام لكى ندرأ المخاطر عن
الوطن) ومهما كان منطق المبررات ومهما كانت المعلومات التى تملكها الحكومة
وغير متاحه لنا ، ومهما كانت المبررات التى جعلت الحكومة تقوم بهذا الفعل ،
وفأننا نعتقد انه قراراً غير موفقاً ، خاصة اذا اخذناه مع المعطيات الكليه
ومايتهدد الوطن.
هذا
الفعل دعم الخط المتشدد للرافضين للحوار في حزب الامة الذى ساقهم الامام
سوقاً الى القبول بالحوار ، وقد ذهب بعضهم مغاضباً . ولكن نامل في حنكة
وحكمة الامام – وكما بدأ في خطابه من داخل السجن – ان ينجح بعد الخروج ان
يقود الحزب للحوار من أجل السودان .
ومهما
يكن فأن فيما حدث ربما يولد عوامل جديده تدفع بانجاح الحوار وربما يستطيع
السيد الامام باضافة أولئك المعارضين للحوارالذين كانوا يشككون في نوايا
الامام يتهمونه بمولاة النظام .
وتنشأ
هنا مجموعة من الاسئلة لماذا أقدمت الحكومة على مثل هذه الخطوة (اعتقال
الصادق )في هذا التوقيت وهى تعلم سلفاً ان ذلك ربما يذهب صدقيتها و جديتها
ويذهب الثقة فيها والتى هى اصلاً مشكوك فيها وان ذلك ربما ينسف الحوار؟
ولماذااصدر السيدالصادق هذه التصريحات وهو السياسي المحنك والمخضرم
والمفكر؟ ولماذا اصر على تكرارها ، وهو يعلم علم اليقين ان ذلك ربما يؤدى
الى نسف الحوار ؟ وهل للقوى الداخلية والخارجية التى لاترغب في الحوار دور
فيما جري ؟ وهل يؤدى هذا الفعل الى عرقلة الحوار ؟ وغيرها من الاسئلة في
هذا الاتجاه .
وللأجابة
على هذه الاسئلة او بعضاً منها نحاول قراءة وتحليل الذى حدث ونحاول معرفة
الاحتمالات التى دفعت الحكومة للقيام بهذا الاجراء :
أولاً:
لابد ان نقر ونؤمن بأن الذى حدث هو أمرٌمتوقع ، وذلك لان القبول بالحوار
لاليس الاتفاق . فمازالت المعارضة علي ارائها في أسقاط النظام ومازال
النظام حريصاً علي ان يتم التحول بطريقة يكون هو جزء من صانعيها . ولايعنى
شبه الاجماع الذى تم بين القوى السياسية الكبيرة في السادس من أبريل 2014م
وقبولها بالحوار ، ان ذلك ازال مجموعة من المرارات التى تراكمت بين القوى
السياسية فيما يقارب ربع قرن من الزمان ، تمت فيه الكثير من الافعال
المشروعة وغير المشروعه كلاً ضد الآخر .
ولكن
يفترض انه طالما تم اعتماد الحوار مبدأ بين القوى السياسية وان ذلك تم
(بحسن نية )يفترض ان تراعى كافة الاطراف تهيئة الجو للحوار وذلك بالامتناع
عن القيام باى عمل يمكن ان يفسد هذا الجو . صحيح ان الحكومة مطلوب منها
أكثر من قوى المعارضة العمل علي تهيئة الاجواء ،سواءاً كان بلاستجابه
لمطلوبات المعارضة في هذا الشأن وان تتجاوز عن(هفوات ) وأخطاء المعارضة ،
اذا تم ذلك (بحسن نيه) .
ثانياً:
لاشك عندى ان الحكومة وهى تقدم علي تلك الخطوة (اعتقال الصادق )وهى تعلم
جيداً تأثير ذلك علي مجري الحوار ، الا ان يكون قد تكشف لها بما لايدع
مجالاً للشك ان هناك (سوء نيه )من جانب المعارضة ، وانها حسبت(اى المعارضة)
ان دعوة الحكومة للحوار أتت من موقع الضعف، فاستقلت المساحة من الحريات
التى اتاحتها الحكومة ، للتعبئة العامة لاسقاط النظام .
ولعلل
ذلك يفسر لنا ردة الفعل العنيفة والقوية من الحكومة ويظهر لنا ذلك من خلال
التصريحات التى كانت عناوين بارزة في الصحف الصادرة في الايام القليلة
الماضية (ايقاف صحيفة الصيحة ) (الخرطوم لايمكن استلامها الا عبر صناديق
الانتخابات) (وزير الاعلام يتوعد بإيقاف المزيد من الصحف حال تجاوزها
الخطوط الحمراء ) (الفريق بكرى حريصون على حريه الاعلام المسئول ) ( نشر
جزء من قوات الدعم السريع حول العاصمة)(سته الآف فرد من قوات الدعم السريع
لتأمين مناطق البترول) .
ولعله
بذلك تريد الحكومة ان ترسل رسالة قوية للمعارضة فحواها اننا جادون للحوار
طالما توفر حسن النية ، ولكن لن نسمح باستغلال ذلك لاسقاط النظام .
ثالثاً:
ربما تم ذلك بالطريقة المسرحية الدرامية التى تدار بها السياسية السودانية
علي شاكلة (اذهب الى القصر رئيساً وسوف اذهب الى السجن حبيساً ) . وذلك
أثر الضغوط العنيفة التى تعرض لها الصادق المهدى سواءاً من حزبه او من
احزاب المعارضة لانخراطه في الحوار مع الحكومة. فاتفق الصادق المهدى
والحكومة علي القيام بهذا الدور المسرحى لتخفيف الضغوط علي الصادق المهدى ،
ولاثبات ان الصادق المهدى لم (يبع)المعارضة وانه يتحاور مع الحكومة من أجل
الوطن .
وبرجح
هذا الاحتمال ان الحكومة تعلم ان الحوار مع المعارضة بدون حزب الأمة
القومى بقيادة السيد الصادق المهدى لا يمثل إضافة كبيرة للحكومة، وذلك
للوزن السياسي الكبير لحزب الامة ولرمزية رئيسة في الداخل والخارج . هذا
واذا استثنينا حزب الأمة القومى من المعارضة فإن بقية الاحزاب لاتعدوا ان
تكون احزاب(لافتات وصوالين ).
أضافة
الى ان الصادق المهدى بعد العودة من عملية (تهتدون ) أعتمد طريقة الكفاح
السلمى كوسيلة للمعارضة ، الأمر الذى جعله قريباً من الحكومة ، هذا أضافة
الى اللقاءات والاتصالات والتواصل الذى تم بين الصادق المهدى وقيادات
المؤتمر الوطنى والرئيس ، مما يستبعد المواجهة بينهم قريباً .
كما
ان وجود أبن الصادق المهدى مستشاراً في رئاسة الجمهورية من أكبر الضمانات
لامتداد حبال الوصل بين الحكومة وحزب الامة القومى الامر الذى لايسمح ان
يكون (الطلاق) بين الحكومة وحزب الأمة القومى بهذه السهوله وبهذه السرعة
.هذا اضافة الى ان خطاب السيدالصادق الذى تلى بالنيابة عنه في المؤتمر
الصحفي الذى عقده الحزب ، كان متوازانا ولم يعمل على اشعال النار ، بل ان
خطابه كان فيه توجيه واضح بين السطور الى منسوبيه بالتهدئة وعدم الدخول في
مواجهة مع النظام .
رابعاً
: ربما كان للقوى الرافضة للحوار في الداخل والخارج دور في ذلك ولكن يكون
ذلك قد تم بذكاء شديد ، وحتى الذى قاموا بالافعال من الحكومة والمعرضة
يجزمون ان هذا الامر تم علي ايديهم وليس هناك تأثير لايه قوى داخليه
وخارجيه . خاصة ونحن نشاهد علي خشبة المسرح السياسي او فالنقل في (ميدان
اللعب ) ان اللا عبين يسجلون الاهداف في مرماهم (بالنيران الصديقه)
ولكن
الراجح ان ذلك تم بعمل استخباري شديد الذكاء فربما تم (تسريب) معلفومات
للصادق المهدى مفادها ان هذا النظام في أضعف حالاته ، وان انضمامك اليه
سيطيل من عمر هذا النظام . فتم نصحه بعدم الركوب في سفينته وهى على وشك
الغرق. وبنفس المستوى او في نفس الوقت تم تسريبات للحكومة بان هناك مخطط
كبير لاسقاط النظام ، واستغلال مساحة الحريات التى اتاحتها الحكومة لانجاح
الحوار ، في اسقاطه . ولذلك تم تهيئة الملعب تماماً بايغار صدور الطرفين ،
فقام السيد الصادق المهدى بانتقاد قوات الدعم السريع وقامت الحكومة باعتقال
السيد الصادق .
واياً
كانت هذه الاحتمالات ، فيحمد للطرفين انهما لم يعملا علي تصعيد الموقف
والمشجع اكثر ان رودود الافعال غير المنطقية من بعض منسوبي حزب الامة كانت
محدودة جداً، وقد تحمل بعضاً من الاذى بعض الصحافين الذين تم الاعتداء
عليهم في المؤتمر الصحفي للحزب .
ردود الافعال الداخلية والاقليمية والدولية لاعتقال الصادق المهدى :
لاشك
ان السيد الصادق المهدى شخصية معروفة على المستوى الاقليمي والدولى سواءاً
كان ذلك ناتج باعتباره رئيس وزراء سابق في السودان ورئيساً لحزب الامة في
منتصف الستينات اومن مشاركاته الفكرية باعتباره مفكراً أسلامياً او
مشاركاته في الندوات والمؤتمرات الدولية بمايتعلق بحقوق الانسان او الحكم
الرشيد باعتباره رمزاً من الرموز المدافعه عن الديمقراطية . هذا اضافة
لوضعه الداخلي باعتباره أكبر رئيس لحزب في البلاد بمعيار آخر انتخابات جرت
في السودان قبل مجى الانقاذ اوباعتباره احد زعماء المعارضة في الداخل .
لذلك
كان اعتقاله خاصه بعد الدعوة للحوار التى دعا لها المؤتمر الوطنى ووجدت
تأييداً داخلياً وخارجياً ودولياً واسعاً وتأييداً قوياً في حزب الامة ،
وجد اعتقاله ردود فعل واسعة علي المستوى الداخلي .
كانت
ردة الفعل القوية من قوى المعارضة والتى اتخذتها دليلاً قوياً علي عدم
جدية الحكومة للحوار ،بل اعطى الحدث المعارضة موضوعاً حياً لاستخدامه ضد
الحكومة .
معظم
القوى غير المنتمية والمستقلة والحادبة على مصلحة الوطن وعدد مقدر من
قيادات المؤتمر الوطنى ، اشفق من نتائج الاعتقال وتأثيره على الحوار ،
وكانت ردود افعالهم بين المشفق والساعى لاحتواء الموقف ,استغلت قوى
المعارضة اليسارية والمناهضة للنظام الحدث ضد النظام اذا كان عبر الصحف او
المواقع الاسفيرية مما اضطرالحكومة لمنع النشر في القضية وكانت ضربة موجعه
في الاتجاه المعاكس .
على
المستوى الدولى استهجنت معظم القوى المرتبطة بالشأن السودانى (ومااكثرهم)
الخطوة باعتبارها مؤشر لتراجع الحكومة عن الحوار الذى اعتبرته تلك القوى
واستبشرت به لحل الازمة السودانية .
من
تلك القوى نادى مدريد الذي يعتبر ملتقى لرؤساء حكومات سابقين والذى تمثل
عضويته 96رئيساً سابقاً من اكثر من 60دولة فقد الان النادى الخطوة وطالب
ببداية جاده لعملية حوار وطنى مفتوح وسلمي ومطلوب بشدة بين حزب الأمة
والمؤتمر الوطنى .
كما عبرت السفارة الامريكية في الخرطوم عن قلقها من اعتقال الصادق المهدى وطالبت السلطات السودانية باحترام حريه التعبير .
كما طالبت المنظمة العربية لحقوق الانسان بضرورة إطلاق سراح الصادق المهدى امام الانصار وزعيم حزب الامة .
وحذر الاتحاد الافريقي من التأثير السلبي لاعتقال رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدى على الحوار الوطنى في السودان .
كما
تناقلت الحدث معظم الوكالات والقنوات لفضائية مثل البي بي سي وأسكابي نيوز
وجريدة القدس العربي،كما حملت منظمة (صحفيون بلا حدود ) الحكومة السودانية
مسئولية تزايد حملة كبح وسائل الاعلام .
والملاحظة
المهمه على الرغم من الاستنكار وعدم القبول الواسع للخطوة الا ان ردود
الفعل السالبة كانت محدودة جداً . فلم تستطع القوى المعارضة ان توظف الحدث
لاخراج مظاهرات مؤثرة او حتى السعى لاسقاط النظام
وحتى حزب الأمة كانت حركته محدودة مع استعداد ملحوظ من قوات الشرطه ونجاحها في اظهار القوة ان تجعل المظاهرات محدودة .
ولكن
يرجع السبب الرئيسى في محدودية المظاهرات للخطاب الواضح من السيد الصادق
بان الحوار بالنسبة له عمل استراتيجى ، ونستطيع ان نجزم ان الصادق المهدى
قد امر انصاره بعدم مواجهة النظام .
هذا
اضافة للاحداث الاقليمية في كل من مصر وليبيا والجنوب وافريقيا الوسطى
والتى برهنت الاوضاع فيها ان نتائج المظاهرات كانت مدمرة بانتشار الفوضي
وعدم الاستقرار وان الغلبة في الاخر تكون للقوات المسلحة والتى هنا في
السودان تمثلها الحكومة .
وعلى
الرغم من قرارات الرئيس فيمايتعلق في حرية الرأى وحرية العمل الحزبي كانت
واضحة إلا أن الاجراءات التى أعقبت اعتقال الصادق المهدى قد نسفت كل تلك
القرارات ، فقد طالت الاجراءات إيقاف عدد من الصحف
كما
تم اعتقال بعض الناشطين وبعض رؤساء الاحزاب الامر الذى يشير على الدعوة
للحوار قد أُصيبت بمقتل وقد يحتاج الأمر الي زمن طويل لإعادة الثقة في
الحكومة والتى كانت أصلاً الثقه فيها مشروخه .
وكان
لكل ذلك انعكاسات سالبه علي التعامل الخارجى مع السودان الذى بدأ عليه بعض
الإنفراج بعد الدعوة للحوار التى أطلقها الرئيس ، لكن بدأت خيبة الأمل تحل
محل التفاؤل الذى بدأ على معظم الجهات الخارجية والتى لها صلة وعلاقة مع
السودان .
ليس
هنالك ادنى شك في التداعيات السالبة جراء توقيف السيد الصادق المهدى رئيس
حزب الامة –داخليا من ناحية الدعاية السياسية السالبة التى قد تكون مادة
دسمة للمعارضين المتطرفين والذين يخططون للذهاب الى اخر المدى في معاداتهم
للنظام والسعي الى تفكيكه واسقاطه وخارجيا فأن مثل ذلك الحدث يعزز الصورة
المعتمة للتوجه الديمقراطى واحوال الوفاق السياسي في السودان ويحرك الكثير
من الدوائر الاقليمية والدولية في خط مناهضة للنظام وحصاره .
ويمكن تفصيل ذلك في الاتى :-
1. ان الخطوة تمثل ضربة قوية للحوار وستعمل على تأجيله كثيراً اذا لم توقفه .
2. اضعفت الثقة في النظام داخلياً وخارجياً وانه لايحترم تعهدات .
3. حدث شك كبير في نية النظام في الدعوة للحوار، وانها عمل تكتيكى لكسب الوقت وليس عملاً استراتيجياً.
4.
اظهر الحدث ان هناك انقسام في داخل المؤتمر الوطنى حول الحوار و ان قوى
مؤثرة في داخل المؤتمر الوطنى لاترغب في الحوار وانها هى التى قامت باعتقال
الصادق المهدى .
5.
القوى الاقليمية والدولية على قناعة بان الذى تم من هذه القوى في داخل
المؤتمر الوطنى والتى لاترغب في الحوار ان التعديلات الوزارية الاخيرة التى
قام بها الرئيس لم تستاصلهم تماماً.
تطور الاحداث بعد إطلاق سراح الصادق المهدى
بعد
ان تم إطلاق سراح الصادق المهدى سافر خارج السودان ، واجتمع مع الجبهة
الثورية في مارس وتم التوقيع على أتفاق بينهما . أكدا فيه ان نظام الأنقاذ
يتحمل مسئولية العنف في الحياة السياسية واستهداف المدنيين وتوسيع دائرة
الحروب وارتكاب جرائم الحرب وفصل الجنوب واتفقا على أنهاء الحرب في السودان
واحداث التغيير الشامل وتحقيق الحرية والديمقراطية وبناء دولة المواطنة
بلا تمييز . واعلنت الجبهة الثورية احتفاءاً بالإتفاق وقف النار من جانبها
لمدة شهرين . كما اتفقا على منهاج عمل جديد بين كل القوى السياسية والعمل
سويا على شرح الأتفاق على المجتمع الاقليمى والدولى
سئل الصادق المهدى بعد توقيع الأتفاق عن مصيرالحوار الذى بدأه مع الحكومة فأجاب ان الحوار قدتم قبره في مقابر أحمد شرفي .
وقال
رئيس الجبهة الثورية للحوار مالك عقار (صحيح أن الأتفاق فيه عموميات ولكنه
تناول كل القضايا على أساس أن يجري توحيد بقية القوى السياسيه ومنظمات
المجتمع المدنى) واضاف (لقد ركزنا على وحدة قوى التغيير حيث يوجد تباين بين
القوى السياسيه فيمايختص بعملية التغيير في العمل المسلح الى الإنتفاضة أو
الحوار الوطنى وقضايا الهويه) .
وقال
ياسر عرمان مسئول العمل الخارجى في الجبهة الثورية والأمين العام للحركة
الشعبية قطاع الشمال (أن الأتفاق بين المهدى والجبهة الثورية لاصلة له ولا
علاقة له من قريب أوبعيد بالعمل المسلح ) وقال (بل تم الأـفاق قضايا
التغيير والديمقراطية (وقال)لقد انتهى الوقت الذى يمكن فيه إعادة إنتاج
النظام) .
وفي
يوم الجمعه 5/9/2014م تم في أديس أبابا التوقيع على إتفاقين بمحتوي واحد
مع ثامبيو أمبيكي .الأتفاقيةالأولى كانت مع ممثلي مجموعة (7+7)الكتور غازى
صلاح الدين والأستاذ أحمد سعد عمر . والأتفاقية الثانية كانت مع ممثلي
أعلان باريس السيد الصادق المهدي ومالك عقار . وفي كلا الأتفاقين أتفق
الأطراف على الأتى :!
اولاً: الحل السياسي الشامل .
ثانياً : وقف الحرب وأعلان وفق إطلاق النار ومعالجة الأوضاع الأنسانيه .
ثالثاً : ضمأن الحريات وحقوق الأنسان وإطلاق سراح المعتقلين
رابعاً وضع الأسس والقواعد والأجراءات التى سوف يتم بموجبها الحوار.
خامساً: لجميع المشاركين في الحوار حرية التعبير عن مواقفهم وآرائهم .
سادساً: تحديد جدول زمنى للحوار.
سابعاً : ضمأن تنفيذ مخرجات الحوار .
ثامناً : ضرورة مشاركة كافة الأطراف .
وقد
قال ياسر عرمان بعد توقيع الأتفاق ان هناك حقائق جديدة تتشكل على الأرض
وتفاعلات سياسيه تخلق واقعاً سياسياً جديداً واضاف (هذا عنوانه الدفع
بالحلول الشامله وحدة القوى الراغبه في التغيير)واضاف ان علي المؤتمر
الوطني ان يختارطريق التغيير اوسيتم تغييره. وقال : ان هذا التوقيع يمثل
اعتراف من الأمم المتحدة والإيقاد واليوناميد والآلية الرفيعه الأفريقية ،
بالجبهة الثورية
وتابع
أن هذا يشكل منعطفاً جديداً ويوم جديد يضاف إلى أعلان باريس الذى كان
حاضراً في أديس . وسنواصل العمل علي أسقاط النظام طالما ظل يرفض الحلول
السلمية .
وقال
(نحن على إستعداد للجلوس لمخاطبة مخاو المؤتمر الوطنى والحفاظ على وحدة
السودان بإقامة مشروع وطنى جديد ) واضاف (أن التغيير سوف يتم اما بأحراز
النقاط أو الضربة القاضية) .
وقد تباينت ردود الأفعال على أعلان باريس وأتفاق أديس .
فقد
رحب المؤتمر الوطنى بإتفاق المبادئ الذى تم توقيعه في أديس أبابا ،وأعتبر
ياسر يوسف المتحدث بإسم المؤتمر الوطنى أن التوقيع الذى تم في العاصمة
الأثيوبية خطوة مهمة للأمام .
وذكر
الدكتور مصطفي عثمان أسماعيل أمين الأمانة السياسية للمؤتمر الوطنى في
برنامج مؤتمر إذاعى الذى بث يوم الجمعة 12/9/2014م في إجابته على سؤال مقدم
البرنامج الذى قال : نريد ان نتعرف على مثل هذه الأمور الدقيقة ،المؤتمر
الوطنى كان رأيه انه سيدرس ماتم الأتفاق عليه. هل درستم ماتم الاتفاق عليه ؟
أجاب
الدكتور مصطفي عثمان أسماعيل (نعم درسنا ماتم الأتفاق عليه في أطر المؤتمر
الوطنى المختلفة ثم درسنا ماتم الأتفاق عليه في أطر مجموعة سبعة الحكومية
ثم بعد ذلك المجموعتين في سبعه زائد سبعه الممثله للمعارضة وللحكومة وخرجنا
بإجماع للموافقه على هذه الوثيقة )
ورحب السيد محمد عثمان الميرغنى زعيم طائفة الختمية ورئيس الحزب الإتحادى الديمقراطى الأصل بإتفاق اديس
وكان
الرئيس قد التقى بالرئيس ثامبو أمبيكى بعد أن شهد بإتفاق على أديس مع
الثورية ورحب الرئيس بذلك وأكد جدية الرئيس بالقبول بإطلاق سراح إبراهيم
الشيخ .
وشدد
تحالف قوى الإجماع على ضرورة القاء كل القوانين المقيدة للحريات وإطلاق
سراح كل المعقلين السياسين والمحكومين . واضاف محمد ضياء الدين المتحدث
باسم التحالف ، أن التحالف له أشترطات وأضحة حول تهيئة المناخ للحوار
وضرورة قبول النظام مسبقا بأن يفضى الحوار إلى وضع إنتقالى كامل ويؤسس
لتفكيك ماأسماه بالبنيه الاستبدادية للنظام . وغير ذلك يبقي الهدف الرئيسى
الذى عبر عنه اجتماع رؤساء أحزاب التحالف هو إسقاط النظام وأقامة بديل وطنى
ديمقراطى .
وأضاف
صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي أن الحكومة لاتلتزم بتوقيع الأتفاقات
التى توقعها فهى خرقت كل الأتفاقات التى وقعتها مع كافة أطراف المعارضة .
وفى مقال له ، بعنوان(الحوار السودانى يبحث عن مخرج في أديس أبابا ) ذكر
محجوب محمد صالح ان تصرفات الحكومة لاتعكس جديه توفير الجو الحر المحايد
المطلوب لادارة حوار حقيقى وترسل أشارات في اللجو لقوانين لا تضمن محاضرة
المعارضين فحسب ،بل حبسهم في السجون وليس محاصرة الرأى العام الآخر بل
مصادرته واغلاق منابره .
وقال
ان اى حوار ناجح للحل الأزمة السودانيه لايمكن انجازه الا اذا كانت
الحكومة مستعده للتغيير الشامل ،وليس اصلاحات تجميلية للوضع الراهن . وليس
في الاجواء مايشير الى ان الحكومة قد وصلت الى مثل هذه القناعة . وربما كان
بعض النافذين في الحكومة على قناعة بالفكرة ، ولكن ميزان القوى الداخليه
لايسمح لهم بالتعبير علانيه بهذا الرأى ، وهذا هو مايفسر حالة الاضطراب
الحكومى تجاه الموقف الراهن في تصريحات متفائله بشأن انطلاق الحوار واخري
تريده حواراً بمن حضر . وربما كان الخيار الاخير المتمثل في حوار جزئى هو
الخيار الوحيد المتاح للحكومة .
أثناء
مخاطبة إجتماع لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم في الخرطوم يوم السبت
27/9/1014م قطع الرئيس البشير بأنه (لاتفاوض مع حركات ددارفور المسلحة
باستثناء منبر الدوحه) وأعلن رفضه لاى تقارب مع الجبهة الثورية خارج قنوات
المؤتمر الوطنى ورهن عودة رئيس حزب الأمة الصادق المهدى الى البلاد بتبرؤه
وإغتساله من إتفاق باريس
وقال
ان الحكومة ليس لديها ماتقدمه بشأن المنطقتين سوي التسريح وإعادة الدمج
وان حكومته لن تسمح بأن تخلق الجبهة الثورية تحالفات سياسيه في الخرطوم الا
عن طريق الحوار واضاف: من يأتى للعمل السياسي ويضع السلاح مرحباً به ،
ولكن من يريد حمل السلاح والحرب في الميدان ثم يأتى للخرطوم لينشط سياسياً
فلن نسمح بذلك .
وصفت
ساره نقد الله الأمين العام لحزب الأمة تصريحات الرئيس أعلاه بأنها اتسمت
ب(اللامسئوليه الفاضحه ) وان الرئيس أطلق تصريحات مناقضه للواقع وحتى
إستراتيجيات الحكومة نفسها (بل متناقضه في حد ذاتها ،فهو يرتجل الحديث
بلاترو أو تدبر ) واضافت (هذا مايدل على هيمنه الذهنية التى تحكمنا بالحديد
والنار وهى التى أوصلتنا للدرك السحيق الحالى من تمزق افقدنا ثلث البلاد
الجنوبي وجيوش اجنبيه تجول سنابكها في دارفور وأبيي وصدور 61قرار في مجلس
الأمن ضد السودان) .
وفي
تعليقه علي خطاب البشير قال مندوب آلية الحوار (7+7) غاري صلاح الدين
الموفد الى أديس أبابا والموقع انابه عن آلية الحوار على إتفاق أديس ، قال
ان تصريحات الرئيس تعد تطوراً سالباً يتحمل مسئوليته المؤتمر الوطنى وأكد
ان الساحة السياسيه ستتجه إتجاهات جديده وسوف تلتقي الأحزاب للتشاور حول
خيارات بمنأى عن مرواغات الحزب الحاكم . وقال ان حديث الرئيس يثبت أسوأ
مخاوف الشعب السودانى وهى ان الحوار لم يخرج عن كونه تمرين علاقات عامه
لتمرير أجندة المؤتمر الوطنى وقيام الأنتخابات على شروطه ومصلحته) .
ووصف
فاروق أبو عيسي حديث البشير بأنه أنقلاب كامل علي مسار مايسمى بالحوار
الوطنى وانقلاباً على جهود الوساطه الأفريقية والمجتمع الدولي وربما قوى
الاجماع المشاركه في الحوار بالعودة للتحالف من أجل اسقاط المؤتمر الوطنى
وتصفيته وقال أن (الوثبة) كانت كاذبة .
وقال
أسامة توفيق عضو المكتب السياسي لحركة الأصلاح الآن ، ان خطاب البشير نسف
عملية الحوار الوطنى وإتفاق أديس أبابا وهو(وثبة ) الى الوراء وصدمه للقوى
السياسية ، وانه جاء بمثابة انتكاسة كبيرة لعملية الحوار وسلب القوى
السياسية حقوقها
وقال
كمال عمر الأمين العام السياسي للمؤتمر الشعبي ومن المؤيدين للحوار ان
(خطاب البشير )كان محبطا وغير ملائم واصفاً الخطاب بأنه متخلف جداً في
مخاطبة الواقع . مؤكداً انهم لن يدخلوا في أى انتخابات مطالباً البشير
بإطلاق سراح كافة المحكومين واحترام الحوار الوطنى . وشدد بأنهم لن يقبلوا
ببرنامج الحكومة المطروح مشيراً الى أن هناك مطلوبات أخري وضمانات من
الضرورى تنفيذها
وأعتبر
ميرغنى مساعد عضو الهيئة القيادية بالاتحادى الأصل أن خطاب الرئيس البشير
غير مشجع لعملية الحوار وطالب كل القوى السياسيه بضرورة التوافق على حل كل
القضايا والجلوس على مائدة واحدة .
هذا
يمثل أبرز المساجلات والمدافعات وتطور الأحداث بعد إطلاق سراح الصادق
المهدى ، ومن ثم سفره خارج البلاد . ويمثل معظمها ردود افعال متبادله .
وهناك احداث أخري قامت بها المعارضه او الحكومة ، ليست ردود افعال مباشرة
ولكنها تسير في نفس اتجاه المدافعه . ولاتكتمل معطيات موضوعنا الا بالوقوف
عليها ومن ثم يمكن الوصول بالتحليل والقراءة الى نتائج تكون أقرب بمايمكن
من هذه الأحداث :-
أصدر
رئيس الجمهورية قرار بتعيين الدكتور مختار الأصم رئيسياًبمفوضية
الأنتخابات . كما صادق البرلمان علي تعديلات في قانون الأنتخابات. وقامت
المفوضية بإجراءات متلاحقه وصلت حتى مرحلة طباعة السجل الأنتخابي . وتحدى
رئيس مفوضية الانتخابات مختار الأصم يوم 24/9/2014م ان يكون بإستطاعة
الرئيس تأجيل الأنتخابات وقالت أنه لايستطيع ذلك وفقا للدستور .
وأكد
نائب رئيس المؤتمر الوطنى البروفيسيورإبراهيم غندور أهمية أنعقاد
الانتخابات القادمة في موعدها المحدد ،وقال :أن صناديق الأقتراع هى الفيصل
في المرحله القادمه .
وتعليقاً
على ذلك قالت مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة القومى أن حزبها غيرمستعد
للمشاركه في أنتخابات تقود الى روة غير معلومة العواقب وأكدت مقاطعة الحزب
للأنتخابات . وقالت ان حزبها غير معنى بنتائجها .
ووصف
الطيب مصطفي رئيس حزب منبر السلام العادل ، حديث الحزب الحاكم عن اجراء
انتخابات في موعدها ب(التناقض الخطير )في وقت يدعو فيه للحوار ،وهدد
بالانسحاب من الحوار حال اصرار الحزب الحاكم على إجراء الأنتخابات في
مواعيدها . وأضاف (لايمكن ان نرضى ان يفرض االحزب الحاكم إنتخابات رغم أنف
القوى السياسيه وأن قيامها سيجهض الحوار الوطنى .
وكان
الرئيس السودانى في يوم 11/8/2014م قد قدم دعوته وانطلاقة مبادرة الحوار
المجتمعى الداعمه الى مبادرة الحوار الوطنى . وأكد على أهمية مشاركة الجميع
في الحوار . ودعا كافة الحركات المسلحة المتمردة بالمشاركة في الحوار .
وأعلن أن مخرجات الحوار المجتمعى سيتم اعتمادها كتوصيات داعمه للحوار
الوطنى متعهداً بتوفير كافة السبل التى ستؤدى الى إنجاح الحوار المجتمعى
الذى يعتبره أساس لحراك السودان الداخلي .
وفي
جانب آخر خاطب حزب الأمة المعارض برئاسة الصادق المهدى رئيس مجلس حقوق
الأنسان بجنيف (يولدير ندونغ إيلا) مطالباً بإعادة السودان الى البند
الرابع الخاص بالمراقبة اللصيقه وتعيين مقررخاص بدلاً من خبير يقدم
الاستشارات الفنيه وفقاً للبند العاشر
وهنا
لابد ان نضيف أن الحركة الأسلامية التى ضاقت صدور رجالها لاحتمال بعضهم
البعض فخرجت منها سبعه أحزاب (المؤتمر الوطنى – المشير عمر حسن البشير
)،(المؤتمر الشعبي – د. حسن الترابي)،(التغيير الآن الطيب زين العابدين
)،(منبر السلام العادل – م. الطيب مصطفي )،(الأصلاح والتغيير – د. غازى
صلاح الدين )،( العدالة –أمين بنانى )،(الأخوان المسلمين – ) فهل يمكن بعد
هذا أن يجتمعوا أو يتفقوا مع غيرهم ؟؟
وعلي
المستوى الأقليمى قدم رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكى
تقريراً الى مجلس الأمن يوم السبت 18/9/2014م عن الأوضاع في السودان
والعلاقات بين دولتى السودان . وقد شمل التقرير ماتم من إتفاق في إديس
أبابا ومقابلة الرئيس البشير بعد ذلك . وأكد مجلس الأمن دعمه لعمليه الحوار
السياسي والتطورات اللاحقه المتمثله في إتفاق المبادئ في أديس أبابا
الموقع بين الوساطه ومجموعة أعلان باريس ووفد آلية الحوار الوطنى
هذا
يمثل أهم مواقف وادوار و حركة الفاعلين في الداخل والخارج فيما يتعلق
بعملية الحوار أوبتعبير أكثر دقه فيما يتعلق بعملية الدعوة للحوار ومن ذلك
نستطيع ان نقرأ ونستخلص الآتى :-
بصورة
عامة نستطيع أن نقرر ان كافة الأطراف سواءاً كانت المعارضة أو في الحكومة
تمر بأسوأ حالات الضعف أن الجميع فقد القدرة والارادة على الفعل وأن
أفعالهم تحولت الى أقوال ،ودائما عندما تتفتقد القدرة على الفعل ويتحول
الفعل إلى القول فقط تُختار أسوأ العبارات كتعويض عن الأحساس بالنقص
الداخلى الذى يحسه الفاعل . وفي هذه الحالة (حالة الحوار) يكون تأثير
الأقوال السيئه مدمراً.
تستطيع
كذلك أن تتبين بصورة وأضحة الهوة السحيقة من عدم الثقة من الطرفين تجاه
الآخر . وهذا يفسر لنا بوضوح حالة التردد وتقديم رجل وتأخير الأخرى تجاه
الحوار .
ويبدو
بصورة وأضحه أن كافة الأطراف سواءاً كان داخل الحكومة أو داخل مكونات
المعارضة لايوجد إتفاق كامل على الحوار ولذلك يبدوا التضارب في الأقوال
داخل مكونات الجسم الواحد . ففى داخل الحكومة يلاحظ عدم إتفاق وأن هناك عدم
إجماع على خيار الحوار وكذلك الأمر بالنسبة لمكونات المعارضه . وإن كان في
الحكومة تغُلب أقوال رئيسها علي منسوبيه ، الا أنه في المعارضه يبدو أنها
لازالت تعبر عن مواقفها من الحوار من مؤسساتها السابقه ، وأنها عبرت من تلك
المؤسسات عن موقفها من الحوار ولكنها لم تكون الى الآن جسماً واحداً لكى
تتفق على رأى واحد يعبر عنها .
يظهر
بصورة وأضحة أن كافة الأطراف تتفاعل مع الدعوة للحوار بطريقة تسجيل النقاط
مما يعكس أن كافة الأطراف تتعامل مع الدعوة للحوار كعمل تكتيكى الأمر الذى
لن يؤدى ألى نهايات جادة .
هذا
مايمكن أن نقرأ بصورة مشتركه عن أطراف الحوار السياسي السودانى .وسوف
نحاول أن نتناول بعض الأطراف الؤثرة ومحاولة قراءة موقفها من الحوار وإلى
أين سيؤول ونبدأ بالحكومة .
اذا
اردنا ان نقرأ موقف الحكومة أو المؤتمر الوطنى فأن الأمر يبدو يسيراً جداً
. وذلك لأننا نستطيع ان نقرأة ونستنتج أن الأمر كله أصبح بيد الرئيس فقط ،
سوف تعيننا الكثير من الشواهد وحتى أذا خرجنا من دائرة بحثنا سوف نجد
مايدعم هذا الأستنتاج . ولذلك سوف يكون الأمر سهلاً في قرأة موقف الرئيس
وإلى أين سيقود ؟ وذلك لان تصريحات الرئيس وانفعالاته لاتحتاج الى كثير بحث
أوجهد للحصول عليها وذلك لأنها تأتى هكذا عفو الخاطر كلما سنحت للرئيس
فرصه خطاب جماهيري .
لايوجد
هنا أدنى شك في أن الرئيس عندما أعلن دعوته للحوار كانت على قناعة وأنها
كانت تذهب إلى أبعد مدى يمكن ان تتصوره أو تتوقعه أو حتى تحلم به المعارضه .
وهذا كان واضحاً ، اذا كان من تصريح النائب الأول السابق (فى أن الرئيس
يعكف على وضع خطة لحلحله كافة مشاكل السودان وأنهاء حالة التمرد ) أو من
الدعوة لوضع الدستور ، ام من بعض القرارات كإطلاق معتقلي الثورية والسماح
لجريدة صوت الشعب بالصدور . مرور بالجراحه الجادة والمؤلمه في الجهاز
التنفيذى التى شملت رموزاً ، لايعنى ذهابها الا الكثير والكثير جداً (أعفاء
نافع- عوض الجاز- على عثمان – احمد ابراهيم الطاهر )مروراً باعفاء صلاح
قوش وتعيين الفريق بكري نائب أول والاحتفاظ بالفريق أول عبدالرحيم محمد
حسين وزيراً للدفاع . وأستمرت هذه القناعة لدى الرئيس الى قبل الإعداد
للخطاب الذى سمى (بالوثبة ).
ونستطيع
ان نستنتج أن الرئيس إلى ذلك الوقت لم يطلع الكثيرين على مايريد فعله وأن
دائرة أستشارته كانت محدودة ومع هذا نستطيع ان نقرر أن عملية التشاور لم
تكن للتشاور وانما كانت للاعلام فقط . وأن هذه الدائرة لم تتعدى النائب
الأول السابق (على عثمان ) والفريق بكري والفريق أول عبدالرحيم . ونستطيع
أن نقول انه في تلك الفترة أن العلاقة بين النائب الأول السابق والرئيس
تخطت مرحلة التشاور وتحولت الى علاقة بين رئيس ومرؤسمملوءةبكثير من الشك
والحذر وان لقاءتهما تحولت الى مطلوبات تجميل الصورة أمام الاتباع.
امالفريق
بكري والفريق أول عبدالرحيم فعلى الرغم من الود والوفاء الذى يعمر علاقتهم
بالرئيس الا أنها في الجانب الرسمى لم تخرج فى يوم من الأيام عن دائرة
….العسكرية.
لذلك
عندما بدأ الاعداد لخطاب الوثبه اتسعت دائرة التشاور وهناك ظهرت مجموعة في
داخل الحكومة غير موافقة علي طرح الرئيس لان في ذلك تهديداً لمصالحها .
غير أنها لاتستطيع ان تقول لا للرئيس ولاتملك جرأة المناصحة ولذلك بدأ
فمنذلك الوقت العمل على إجهاض الحوار بواسطة هذه المجموعة .
هذه
المجموعة كانت وراء كثير من الأحداث المهمة الأخيرة وهى لاتستطيع مناصحة
الرئيس لكنها تستقل بساطة الرئيس في معاملة من حوله ، وتعلم الاوقات التى
ترسل فيها رسائلها . والرئيس بطبعه السودانى ،وصفات (ود البلد )تملأ نفسه ،
هذا اضافة إلى أنه لماح وذكى جداً ،فمن خلال رسائلهم يعرف مايريدون
ولايتردد في الأستجابة لمطلوباتهم .
هذه المجموعة كذلك تعرف نقاط ضعف الرئيس ومنها (عفويته ) وسرعة استجابته وردة فعله ، فلايستبعد ان تخطط وتدبر لإثارة الرئيس .
ولايستبعد
ان يكون ماتم في في مؤتمر ولاية الخرطوم كان من تدبير هذه المجموعة فكانت
تصريحات الرئيس التى نسفت الحوار تماماً . ولايستبعد كذلك أنها كانت وراء
تصريحات الصادق المهدى وماتم ومن تسريب معلومات له وكذلك مباركة الرئيس
عندما تمت استشارته لإعتقال السيد الصادق المهدى .
ان
إعتقال الصادق المهدى لايمكن أن يكون قد تم دون استشارة الرئيس .وتصريحات
الرئيس في مؤتمر ولاية الخرطوم والذى رفض فيه أعلان باريس وإتفاق أديس
أبابا مهدداً الصادق المهدى بالإعتقال اذا لم يتبرأ ويغتسل من إتفاق باريس ،
والتراجع عن مسألة الحريات التى أعطيت للأحزاب والصحف ،والأصرار علي قيام
الانتخابات في موعدها ،يوضح أن الرئيس الذى أصبح الأمر بيده هو فقط مع غياب
الناصح والمشاور في أجهزته تماماً ، بعد ذهاب مجموعة (الصقور) أن الحوار
قد تحول من هدف أستراتيجى إلى هدف تكتيكى .
وهذا
الأمر جعل معظم ان لم نقل كل القوى التى كانت تعتقد أن هناك فرصه لاجراء
حوار حقيقى يؤدى إلى أخراج السودان من أزماته قد أصيب بخيبه .
ولقرأة مواقف المعارضه في الحوار نبدأ بمواقف حزب الأمه القومى وموقف رئيسيه الصادق المهدى .
وكما
ان الحكومة والمؤتمر الوطنى قد تم اختزالهما في شخص الرئيس فكذلك المال في
حزب الأمة اذ تم اختزل مواقفه في الصادق المهدى . ويبدو ان ذلك سمة كل
الأحزب في دول العالم الثالث والسودان بصورة خاصة ، حيث مازالت عقلية رئيس
القبيلة هى التى تسطير على الحياة السياسية والإجتماعية .
الصادق
المهدى كان من أكثر الشخصيات دعوة للتغيير السلمى وهو يري لحل مشكلة
السودان لابد أن يكون المؤتمر الوطنى جزاءاً من الحل . ويري أن الحركات
المسلحة ستكون اسوأ من المؤتمر الوطنى اذا نجحت في هزيمة المؤتمر الوطنى
عسكرياً . مع ايمانه بأنها لن تقدر على ذلك .
كانت
أستجابة المهدى للدعوة للحوار التى أطلقها الرئيس صادقة . ولا يأخذنا أدنى
شك فأن حضوره إلى إجتماع قاعة الصداقة يوم 6أبريل 2014م قد سبقته لقاءات
عدة قربت وجهات النظر بينه وبين الحكومة . ولكن صدمة الصادق المهدى كانت
كبيرة في حضور (نسيبه اللدود ) الدكتور حسن الترابي ذلك الإجتماع .
الذى
كان يوم 6أبريل 2014م الا انه انقلب مائة وثمانون درجة يوم الجمعة 11أبريل
2014م وترجم ذلك في خطاب القاءه في خطبة الجمعة بمسجد السيد عبدالرحمن
واضعاً بمجموعة من الاشتراطات الجديده بخلاف ماقاله في قاعة الصداقة 6أبريل
2014م وأصبح يماحك في تحديد من يمثله في مجموعة (7+7) و أصبحت المجموعة
التى لاترغب في الحوار في داخل المؤتمر الوطنى والصادق المهدى جاهزين
لافساد الحوار فكانت مهاجمة الصادق المهدى لقوات الدعم السريع ثم كان
اعتقال الصادق المهدى . ثم كان خروج الصادق المهدى يعد إطلاق سراحه وهكذا
تطورات الأحداث الى ماذكرنا .
لايمكن
ان يكون الحوار ناجحاً مالم يستوعب الجميع، استبعاد ايه طرف من الحوار
مهما كان حجمه ،ناهيك في أن يكون بحجم الصادق المهدى وحزبه . لن يؤدى
الأتفاق حتى ولو تم الى استقرار السودان ، وهو المطلوب من الحوار . للأسف
أن كل المسائل السياسيه تدار في السودان وفق المقاييس والمعايير الشخصية ،
وتحول مفردات مثل (الحب )و(الكره) إلى حد كبير للحيلولة دون الإتفاق بين
كثير من القادة السياسين.
أما
بقية الأحزاب المعارضة ومايسمي بقوى الإجماع الوطنى فأن مابين مكوناته
عدواة وبغضاً أكثر مما بينها وبين المؤتمر الوطنى . ولكن مايجمعها هو
عدؤاها للمؤتمر الوطنى .
وعلى
خلفية مهاجمة أبو عيسي رئيس قوى الإجماع الوطنى لمجموعة أعلان باريس تنادى
حوالى عشرين حزباً معارضاً على رأسهم حزب الأمة واعلنوا اعتزالهم تدشين
تحالف جديد وسينطلق ذلك من دار حزب الأمة . ويكفى أن هذه الأحزاب ليس لديها
برامج محددة . وأن كل برنامجها هوردة فعل بمايقوله أو يفعله المؤتمر
الوطنى . وحتى هذه فانهم لم يجتمعوا حتى الآن لتشكيل رأى موحد من عملية
الحوار مقابل لمطالب ودعوة المؤتمر الوطنى .
أما
الأحزاب التى قبلت الدعوة للحوار غير حزب الأمة ، خاصه الأحزاب التى خرجت
في عباءة المؤتمر الوطنى (السلام العادل )و(التغيير الآن )وغيرهما فد أنقلب
تفاؤلها يأساً بعد تصريحات الرئيس الشير الأخيرة في مؤتمر ولاية الخرطوم
ويظهر ذلك في تصريحات الدكتور غازى صلاح الدين والمهندس الطيب مصطفي وأسامة
توفيق وكمال عمر في المؤتمر الشعبي .
تبقى
أحزاب اليسار في شيوعين وناصرين وبعثيين فهى أصلاً لم تثق لحظه في صدق
المؤتمر الوطنى . بالأضافة للحواجز النفسيه العميقة التى تم بناءها وحفرها
عبر حقب الصراع السياسي في السودان بينها وبين الاسلامين منذ أنقلاب عبود
وحتى أنقلاب الأنقاذ في 1989م ، والذين مازالوا لايرون ان هناك بديلاً لحل
أزمة السودان غير إسقاط النظام الحالى . وقد أكد لهم خطاب الرئيس الأخير
ضرورة العمل على ذلك ، هذا أضافة لشماتتهم من الأحزاب التى أستجابت لدعوة
الرئيس للحوار . لايختلف حال الحركات المسلحة عن حال الأحزاب المعارضة
سواءاً كان في الاختلافات العميقه بينهم وبين أحزاب المعارضة ، أو في حالة
الضعف السياسي والعسكري التى يمرون بها . ولايجمع بينهم رابط غير العداء
والكره وضرورة إسقاط المؤتمر الوطنى بقوة السلاح . وفى أعلان باريس لم يتم
استبعاد الحل العسكري لإسقاط النظام كما تم الترويج لذلك .
وأخيراً
يبقى العمل الخارجى والذى أصبح مرتبطا ارتباط وثيقاً بمشاكل السودان .
ويبقى هو الأمل في ممارسة الضغط على كافة الأطراف سواءاً كانت الحكومة او
مكونات المعارضة . ويمكن ان يحقق نجاحاً في ذلك ولكن ليست لمصلحة السودان
وأنما لمصلحته وتحقيق أهدافه ، واذا علمنا التقاطعات بين قوى الخارج
المرتبطه بالسودان لادركنا مدى خطورة المستقبل الذي ينتظر السودان. والذي
يقوده إليه أبناؤه.
يبقى
هناك أملاً بعيداً خافتاً يتمثل في شخصية الترابي، إذا كان التغيير في
مواقفه تجاه الديمقراطية والقبول بالآخر نابعاً من موقف فكري أصيل، غير
مرتبط بموقعه المعارض والمصارع للبشير على السلطة، وأن يتجاوز الضعف البشري
فيما يتعلق بـ(كرهه) للصادق المهدي. معتمداً على ما تبقى من بعض احترام
وبعضاً من أسى وحسرة للبشير على ما فرط في جنبه!!
ناتج
الحوار لابد أن يؤدي إلى اتفاق يؤدي إلى أمن واستقرار السودان، وهذا لن
يتحقق في الوضع الحالي إلا أن يتم استيعاب الجميع دون استثناءاً لأحد. وهذا
لن يتم الا باستخدام كافة المعايير التي تفضي للمشاركة الشاملة. ولا يتم
ذلك الا باستخدام الانتخاب المباشر و استخدام التمثيل النسبي ولا باستخدمها
معاً ولاباستخدام التمييز الايجابي. ولا يتحقق الاستقرار إلا باستخدام
كافة الطرق التي ذكرناها زائداً شراء بعض الذين تضيق المواعين السابقة عن
استيعابهم، ليس شراءاً نقدياً إنما بالإستجابه إلى ما يطلوبنه إذا كان
منصباً أو استحقاقات يطلبونها لمناطقهم.
الرئيس
الآن أمامه فرصة تاريخية ليحتل مكانه بين عظماء الأمة. المعارضة الآن في
أضعف حالاتها ولا تستطيع أن تفعل شيئاً (فهي رازة ونطّاحة) هذا وفق معطيات
اليوم ولا أحد يدري كيف سوف يكون غداً. كل أسباب القوة اليوم في يد الرئيس
ولا ندري كيف سوف يكون غداً، فلابد أن يقفل الرئيس أذنه عن الذين لا
يستطيعون النصح والذين لا تهمهم إلا مصالحهم الضيقة.
وأن
تكون بداية الوثبة الثانية من المحطة التي قابل فيها الرئيس ثامبو أمبيكي
وتم الاتفاق الكامل بينهما وزين الرئيس ذلك الاجتماع واكراماً وتشجيعاً
للسيد أمبيكي بإطلاق صراح إبراهيم الشيخ فإن ذلك يجب ما تم من بعده.
وليكن شعار المرحلة رائعة أبو قطاطي في حضرة المشير نميري :
شن بتقولوا في السال دمعوا يروي قتيلو
في الفرح البعذب سيدو
في الريد البضيع زولو
في الشال هموم الناس
وهمو العندو غالبو يشيلو
في الراضي بالحرمان ولا راضي الحنان يمشيلو.
2014م
تتناول
هذه الورقة موجبات ومالآت الحوار الوطنى وتهدف الي معرفة موجبات ومطلوبات
الحوار الوطنى والى أين سينتهى ،نتيجة المواقف المتباينة بين القوى
السياسية ، مشكلة هذه الورقة تتمثل في أنها تعتمد فقط على وقائع الاحداث
وصعوبة الحصول على المعلومة الحقيقية التى تصنع تلك الاحداث .
تقوم هذه الورقة علي الفرضيات الأتيه :-
1. أن هنالك فجوة عميقة من عدم الثقة ومرارات تراكمت في االنفوس يصعب تجاوزها .
2. وصلت كافة القوى الى قناعة بأن كل منها لايستطيع اقصاء الآخر وانه لاسبيل لاستقرار السودان وحلحلت اشكالاته غير الحوار.
ولاثبات
او نفى تلك الفرضيات نستخدم المنهج الوصفي والاستقرائي وتحليل الاحداث
للوصول الى اجابات واثبات او نفي المطلوب وذلك من خلال العناوين الاتية :
1. الدعوة للحوار .
2. القوى المعارضة للحوار .
3. موقف القوى الداخلية في الحوار.
4. موقف القوى الخارجية في الحوار.
5. اعتقال الصادق المهدى .
6. ردود الافعال للاعتقال
7. تطور الأحداث بعد إطلاق سراح الصادق المهدى
الدعوة للحوار:
لا
شك أن دعوة الحوار التي أطلقها الرئيس للحوارقد وجدت الكثير من القبول
والإستجابة من معظم القوى السياسية. وعلى الرغم من أن الدعوة جاءت متأخرة،
ليس من عمرالإنقاذ، ولكن من عمر السودان، حيث كان يفترض أن تكون هذه الدعوة
والجلوس للحوار والتفاكر في قضايا السودان التأسيسية، مثل كيف يحكم
السودان؟ وما هو الدستور الأمثل للسودان؟ كان من المفترض أن تكون قبل
الإستقلال. ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.
قيمة هذه الدعوة أنها جاءت بقناعات من صاحب الدعوة، أهم هذه القناعات :
أولاً: أن السودان لن يستقر حكمه إلا وفق رضا كل مكوناته السياسية ومنظماته المدنية.
ثانياً:
وهذا يتضمن إقراراً ضمنياً بفشل كل الحلول التي قدمها المؤتمر الوطني
(الحركة الإسلامية) خلال عقدين من الزمان، وبالتالي القبول بحلول أخرى من
أية جهة كانت.
ثالثاً:
الإحساس بأن المشاكل التي تواجه السودان لا تحل إلا إذا سما الجميع إلى
مصلحة الوطن وقدموها على المصلحة الحزبية، وهذا ما كان واضحاً من خطاب
الرئيس.
رابعاً: الإقرار والإعتراف بأن السودان يواجه مأزقاً حقيقياً يهدد وجوده.
خامساً:
إن المشروع الحضاري كان حلماً من أحلام (المثال) لم يبذل إجتهاداً فكرياً
شجاعاً يماذج بين المثال والواقع والمطلوبات العصرية.
وفي الواقع كان من إستجاب للدعوة قد وصل لبعضاً من هذه القناعات ومنها:
أولاً:
إن إقصاء أي طرف من المعادلة السياسية لن يكون في مصلحة الوطن، وخاصة
المؤتمر الوطني، وذلك بعد أن إستبانت مقدرته وقوته خلال عقدين من الزمان في
الحكم.
ثانياً: وعلى ذلك لابد أن يكون المؤتمر الوطني جزءً من الحل.
ثالثاً: إقرار أحزاب المعارضة ضمنياً بعدم قدرتها على إسقاط النظام، سواءً كان عسكرياً أو مدنياً.
رابعاً:
الإقرار بأن المعارضة وطرحها لم يكن بديلاً مقنعاً للأغلبية الصامتة من
الشعب السوداني، وذلك لعدم مقدرة المعارضة وعدم إستطاعتها محاكاة ما قامت
به شعوب الربيع العربي.
هذا مع قناعات الجميع حكومةً ومعارضة بما يتهدد الوطن في وجوده من إستهداف خارجي.
هذه الدعوة من قبل الحكومة يبدو انها كانت محل دراسة ومن ثم الاتفاق عليها وتم التعبير عنها بافعال واعمال وتصريحات متتابعة منها :
1.
قيام المؤتمر الأخير للحركة الإسلامية وإسناد أمانتها للزبير محمد الحسن
وإبعاد الاستاذ/ علي عثمان محمد طه منها مع اسقاط الدكتور غازى صلاح الدين .
2. دعوة الرئيس للحوار والوفاق الوطني .
3. دعوة الرئيس للإتفاق حول دستور يجد القبول من الجميع .
4. إطلاق سراح معتقلي الثورية .
5. تكريم السيد الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني في إحتفالات البلاد بأعياد الإستقلال .
6. رفع الحظر عن جريدة صوت الشعب .
7.
إعلان النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه في دارفور أن الرئيس عاكف
على وضع خطة لحلحلة كافة مشاكل السودان وإنهاء حالة التمرد في البلاد .
8. التشكيل الوزاري الأخير الذى تم فيه اعفاء الحرس القديم في الحركة الاسلامية يحمل الرسائل الاتية :
أ. ذهاب هذه المجموعة فيه إشارة ورسالة إلى كافة الأحزاب الأخرى بإمكانيه التوافق معها.
ب.
ربما يكون ذهاب هذه المجموعة وفق إتفاق غير معلن (سري) مع بعض القوى
السياسيه التي أبدت عدم الممانعة في المشاركة في السلطة ولكنها تشترط ذهاب
بعض الوجوه.
ج.ربما
يكون ذهاب هذه المجموعة جزء من إعلان سابق للرئيس بأنه يعد خطة لحلحلت
كافة مشاكل السودان، ويكون ذهاب هذه المجموعة ثمناً لقبول الآخرين.
د.ربما يكون فيه إشارة أو رسالة للخارج على المستوى الإقليمي والدولي بالإعلان عن ذهاب ما يعرف (بصقور) الحركة الاسلامية.
هـ. تعين الفريق بكري نائباً اولاً يمكن ان نقرأ منه الاتى :
1.
توحيد القرار في التوجه الإسلامي وفق الرؤية العسكريه والتي يغلب فيها
تغليب الجانب الوطني والإنضباط العسكري مع الإحتفاظ بقومية القوات المسلحة
التي بقيت رمزاً لوحدة السودان، رغماً عن ما ترمي به الأحزاب الحركة
الإسلامية بأنها جيرت القوات المسلحة لمنسوبيها.
2.
ربما يشير تولي الفريق أول بكري حسن صالح لمنصب النائب الأول مع ذهاب علي
عثمان مع بقية ما بتقى من الجيل الثاني للحركة الإسلامية، ذهاب للأصوات
المناكفة من الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني مع سهولة توحيد القرار وفق
الضوابط العسكرية والتي تتيح النقاش في اية مسألة معروضة للنقاش قبل إتخاذ
القرار، ولكن عندما يصدر القائد القرار ما على الجميع إلا الإمتثال وتنفيذ
التعليمات.
3.
ولعل ذلك تكون فيه إشارة إلى أن القوات المسلحة مثلما إنحازت إلى الحركة
الإسلامية في العام 1989م وذلك لأنها كانت المعبِّر عن الرؤية الوطنية في
حالة التدهور الأمني المريع الذي لكانت تعيشه البلاد مع إنتنشار حركة
التمرد وتمددها شمالاً، وبعد أن أتاحت الفرصة كاملة للحركة الإسلامية في
الحكم وصلت قيادة القوات المسلحة متمثلة في الرئيس ونائبه الحالي ووزير
الدفاع أن الأمر لا يستقيم إلا بمشاركة كافة القوى السياسية ولذلك كان هذا
التغيير.
القوى المعارضة للحوار:
هناك قوى كثيرة في الداخل والخارج لا ترغب في نجاح الحوار وستعمل جاهدة على إفشال هذا التوجه.
ففي
داخل المؤتمر الوطنى هنالك من يعتقد بأن هذا الإتفاق سوف يكون خصماً
عليهم، وبالتالي سوف يفقدون كثيراً من مصالحهم، وربما الكراسي التي يجلسون
عليها، ولذلك سوف يعملون جاهدين بكافة الطرق لإفشال هذا الحوار، وبالتأكيد
لن يكون ذلك بصورة مباشرة لأنهم يعلمون أن هذا الأمر أصبح توجه الحزب
وقيادته، ولكنهم سوف يظهرون التأييد ومن خلال ذلك يعملون على إفشال الحوار،
وتكمن الخطورة هنا.
كذلك
في داخل الأحزاب المتحالفة مع المؤتمر الوطني هنالك من جاءت به مصلحته
وبالتأكيد فإن توسيع دائرة المشاركة سوف يكون خصماً عليهم، وبالتالي
سيعملون بطريقة أو بأخرى لإفشال هذا الحوار.
وكذالك
في داخل الأحزاب هنالك من له مرارات مع المؤتمر الوطني ولم يستطع تجاوزها،
وبعضهم من له عداء (وكره) آيدولوجي أو فكري تحول إلى كره شخصي مع المؤتمر
الوطني وبالتأكيد فإن هؤلاء سيعملون على خلق الكوابح والعراقيل في وجه
الإتفاق. وربما هؤلاء يكون تأثيرهم أقوى من أصحاب المصالح في المؤتمر
الوطني، وذلك لأن هؤلاء سوف يلعبون على المكشوف ويحاولوا وضع إشتراطات أو
مطالب تعجيزية لإفشال للحوار.اما في الخارج فان القوى التى عملت على فصل
جنوب السودان فهى تعمل على تفتيت السودان وان فصل الجنوب هو الخطوة الاولى
في هذا الاتجاه . هذه القوى ممثله اللوبي الصهيونى والذى يعمل تحت مجموعة
في الافتات في داخل الولايات المتحده مثل
enough
projectو save darfour بقيادة بندر جاست وجورج كلونى والسناتور ولف قبلها
فصل وفق الأستراتيجية الأسرائلية . فأن هذه القوى بلاشك سوف تعمل على إجهاض
إى تقارب بين السودانين و اي تقارب وتوافق يعنى فشل مشروعهم التدميري
للسودان.
موقف القوى الداخلية والدولية من الدعوة للحوار:
اولاً : القوى الداخلية
كانت
الدعوة المباشرة للحوار من خلال الخطاب الذى وجهه الرئيس للامة في مطلع
يناير الماضى واستجابت معظم القوى السياسية التى دعيت لحضور الخطاب . وعلى
الرغم من الحديث الدار عن عدم وضوح الخطاب ، الا انه اعقب ذلك دعوة كل
القوى السياسية في السادس في أبريل الماضى الي لقاء دائرة مستديرة حضرته
معظم القوى السياسيه ولم يتخلف الا الشيوعى وحزب البعث العربي الاشتراكى
وحزب المؤتمر السودانى بقيادة ابراهيم الشيخ والناصري بقيادة ساطع الحاج .
اجتمعت
في القاعة معظم القوى السياسية السودانية واذا أخذنا آخر انتخابات جرت في
جوى ديمقراطي في العام 1986م كمعيار للقوى نجد أن حزب الأمة كان حائزاً على
أكثر المقاعد يليه الاتحادى الديمقراطى ثم الجبهة القومية الأسلامية .
والذى
اجتمع الآن كل فروع حزب الأمة وكل فروع الاتحادى الديمقراطى وكل فروع
الجبهة القومية الأسلامية وفي تقديرنا اذا تم التوصل لاتفاق فأن كل حزب من
هذه الأحزاب سوف يوحَد مرة أخري وتعود الفروع الى اصلها .
تحدث
في اللقاء مايقارب الخمسة والعشرين من قادة وممثلى الأحزاب،لم يخرج منهم
واحد عن جو الوفاق وكلهم كان مرحباً بالاجتماع شاكر الرئيس علي المبادرة،
وفي التعقيب كان فيه القبول بلآخر واضحاً، فكل مقترح مقدم من عضو يجد
التثتيه والتعقيب من الآخر، وكانت روح الوفاق هى السائده على الاجتماع .
والملاحظة الأخري التى تؤكد ذلك ان كل المتحدثين كان يقرأ من ورقه معده
سلفاً مما يعنى ان الأمر هو محل اجماع وتم التشاورعليه في أجهزة الحزب ومن
ثم تم القاءه في الاجتماع
اما
اذا دلفنا الى داخل الاجتماع والبداية بخطاب الرئيس والذى جاء هذه المرة
مباشراً بعيداً عن التهويمات وشح النفس السياسي في الخطاب السابق الذى كان
يعض علي الكلمات عضاً يريد ان يكبح الأمل والتفاؤل في نفوس السودانين .
لذلك كان الرئيس حاضراً بكلياته هذه المرة ، وجاء الرئيس بماكان يفترض ان
يأتى في خطاب (الوثبه )فأعلن القرارات ومطلوبات تهيئة الاجواء للحوار
وأهمها إطلاق حرية العمل السياسي وقرار إطلاق سراح المعتقلين وتعزيز حرية
الاعلام بلاقيود الا ما يمليه الضميرواخلاق المهنه ،كما تم أعلان التزام
الحكومة لضمان سلامة قادة الحركات المسلحة اذا حضروا للخرطوم، وحتى اذا لم
يتم الاتفاق معهم يضمن لهم الخروج الآمن ومن ذلك يمكن نقرأ الأتى :
1-الخروج من حالة التردد التى يمكن ملاحظتها فى الخطاب السابق ، او فالنقل انتصار الرأى الداعم للحوار في المؤتمر الوطنى .
2-كان
جلوس الناس في دائرة مستديرة إقرار بتساوى الجميع مبدداً بعض مخاوف
المعارضة التى تخشى من هيمنة المؤتمر الوطنى والزام الناس برؤاهـ .
3-كان
التوافق على لجنة تنسيقية بإعداد متساويه من الحكومة والمعارضة وتقوم
المعارضة بتمسية مناديبها تطمينا آخر من المؤتمر الوطنى على الحوار من دون
ايه ميزة على الآخرين .
4-كان
التوافق على ان اللجنة هى لجنة تنسيقية وكلمة الفصل والقرارات لجمعيه عموم
الأحزاب وقوى الحوار الوطنى والذى كان فيه تطمئن كبير للأحزاب
5-ادار الرئيس الحوار باريحيه فائقيه لم يقاطع احد ولم يطلب من احد ان يختصر وحتى قفل باب النقاش كان اقتراحاً مثنى من قادة الأحزاب.
6-
وفوق كل ذلك كانت الدعوة الموجهة للأحزاب حددت ان الغرض من الإجتماع هو
تكوين الآلية التى تقوم بالإعداد والتنسيق بعيداً عن هيمنة المؤتمر الوطنى .
وفي
المقابل كانت كلمات قادة الأحزاب مشبعه بالرضاء والقبول وربما كان أعلان
الرئيس للقرارات التى ذكرناها آنفاً لها تأثير السحر في نفوس قادة الأحزاب
ومنها :-
اولاً
:- يلاحظ تقارب الرؤى في بعض ماطرحه قادة الأحزاب والتى تمثلت في قومية
القضايا والاقتصاد والعلاقات الخارجية والانتخابات وشكل الحكم .
ثانياً
كان خطاب الصادق المهدى كعادته مشخصاً للحالة مقدماً للمقترحات والحلول
ومرقماً كعادة الصادق المهدى،والذى يشير الى اقبال حزب الأمة بصورة جادة
للحوار وتجاوزاً كل المرارات السابقة، وجاء ذلك بصورة مباشر بأثبات الفضل
للرئيس وزملاؤه حيث قال (لقد سبقنا الى هذا النهج من حوار مجتمعى شامل
آخرون جزاهم الله خيراً ، ولكن خبرة الشعب السودانى السياسيه ، ووجود تواصل
مستمر بين كافة الأطراف السياسيه حتى الآن رغم التواترات ، وحقيقة ان
العقد لم ينفرط بعد ، كما حدث لبعض جيراننا ، ورصيد الوفاق في التاريخ
السودانى الحديث ، واقتناع رئيس الجمهورية وزملاؤهـ بأنهم على اعتاب انجاز
تاريخى تسجله لهم الاجيال ، عوامل تدفعنا ان نستمطر الوعد الالهى (وما كان
ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)
ثالثاً:-
كان خطاب الترابي معبراً عن الرضا والتجاوز التام لمرارات عقوق التلاميذ
داعياً كل الأطراف بتغلب لغة الوفاق في الخطاب وعدم التشكيك والطعن في
الآخر وان يكون الجدال باللطف وان تكون روح الاخاء حاضره بدل التجادل
والصراعات . الأمر الذى يعكس ان الترابي قد استعاد لياقته الذهنيه والفكرية
وان هناك متسع لاستيعاب كل ذلك .
رابعاً
:- من الأقتراحات التى تعكس روح الاجتماع ذلك الاقتراح من احزاب المعارضه
الذى يدعو لتشكيل لجنة من المؤتمرين لاقناع من تخلف عن الحوار والاتصال
بحاملى السلاح لاقناعهم بالمشاركة في الحوار .
خامساً:موقف الجبهة الثورية:
وقد
كان ردة فعل الجبهة الثورية ببيان ممهور بإسم (القائد مالك عقار – آير –
رئيس الجبهة الثورية السودانية). وعلى الرغم من أن الجبهة لم ترحب صراحة
بالخطاب وأعلنت إستمرار العمل المسلح، إلا أن ما جاء في البيان وما تراه
الجبهة لحل الأزمة السودانية يوحي بالقبول الضمني للحوار، كما أن كل
مطلوباتها هي محل قبول من كل القوى ومن المؤتمر الوطني، ومن تلك المطلوبات
التي جاءت في بيان الجبهة الثورية :
أ. أن لا تكون دعوة الحوار إلتفاف على مطالب الشعب السوداني.
ب. المدخل الصحيح للأزمة هو الإعتراف بحجم الأزمة وقبول كافة الشركاء الوطنيين.
ج.
إنهاء الحرب ومخاطبة جذور المشكلة وإزالة المظالم التاريخية وأن تكون
المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات في ظل نظام ديمقراطي يعترف بحق الآخرين.
د. إشاعة الحريات وإحترام حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين والأسرى.
ه. الإتفاق على حكومة إنتقالية قومية تقوم بعقد مؤتمر دستوري يحدد فيه كيف يحكم السودان.
و. إقامة إنتخابات حرة ونزيهة.
ولا شك أن كل هذه المطلوبات وجدت الإعتراف من قبل الرئيس في خطابه، يبقى فقط أن تتحول في حوار مع الأحزاب إلى قرارات.
ومما
سبق نلاحظ أن القوى الرئيسية سواءً كانت من المعارضه أو الحكومه قبلت
بمبدأ الحوار لحل المشكلة السودانية، وذلك لإدراكهم خطورة المآلات اذا ما
سار الأمر على ما هو عليه من المدافعة والمناكفة بين الحكومة وقوى
المعارضة، والذي سوف يدفع ثمنه السودان.
ثانياً : الاهتمام الدولى بالحوار السودانى :
صحيح
ان هناك قوى لم تنخرط بعد في الحوار ، بعضها اعلن رأيه صراحه بالرفض مثل
الحركة الثورية وبعضه مازال يراوح مكانه في حاله من التردد الناتجه من
التشكيك في صدق النوايا كالحزب الشيوعى والناصري جناح ساطع ، ولكن في
تقديري لتداخل عوامل داخليه وأخري خارجيه ، خاصه اذا حقق الذين قبلوا
الجلوس الي الحوار بعض النجاحات فان هذه المجموعات الرافضه ستلحق بالحوار .
كان
ذلك ماوضحناه من موقف القوى الداخليه . اما بالنسبة للقوى والعوامل
الخارجية ، فأن الشأن السودانى لم يعد خاصاً ويهم السودانيون وحدهم لسببين
:-
الأول
: انه حدث تحول كبير في العلاقات الدوليه ولم تعد الشئون الداخليه تخص
الدول وحدها ، بل اصبح كلما ماكان محرماً التدخل فيه للدول الأخري أصبح
متاحاً بل هو محل اهتمام لها ، حقوق الانسان بل حتى نظام الحكم وشكل الحكم ،
بل حتى من يحكم أصبح محل اهتمام وللرأى الخارجى دور كبير في تحديده ، واذا
لم تتم الاستجابه فهنالك كثير من الأشياءالتى يمكن عملها لمحاربة البلد
والعمل على عدم استقراره .
الثانى
: هو حالة السودان بصورة خاصة ، فقد أصبح الشأن السودانى محل أهتمام كثير
من القوى الاقليمية والدوليه ومنخرطه فيه بشكل يومى منذ محاولات البحث عن
سلام في اديس ابابا وابوجا ونيفاشا ممايتعلق بمشكلة الجنوب حتى تم فصله
مرور بقضية دارفور والتى مازالت تستوعب اهتمام قوى عظمى على رأسها الولايات
المتحدة وقوى أقليمية أخري ، وهذا الاهتمام الدولى والأقليمى بالشأن
السودانى لابد من أخذه في الاعتباراذا اردنا تحقق قدراً معقولاً من الوفاق
بين المكونات الداخليه السودانية واذا لم ناخذ ذلك في الاعتبار فأن هذه
القوى لديها القدره على افساد الحوار .ويمكن ايراد بعض الملاحظات على هذا
العامل الخارجي :-
اولاً
: ان القوى الداخليه تدرك أهمية هذا العامل الخارجى وان كانت تختلف في مدى
المساحة التى يمكن اتاحتها للعامل الخارجى والسماح له باللعب فيها ويمكن
ان نستدل ببعض الشواهد :
أ. كانت بشريات هذا الحوار من الحكومة قد جاءت عبر الرئيس الامريكى الاسبق جيمى كارتر .
ب. أبدى معظم القادة المعارضة في خطاباتهم في إجتماع 6أبريل 2014م بقاعة الصداقة مع الرئيس أهتمام بهذا العامل .
ج. بعض القوى في الداخل تعول كثير علي العامل الخارجى والاستقواء به
ثانياً : يمثل العامل الخارجى محفزاً وضامناً وربما ميسراً ومسهلاً خاصه عندما تضيق زوايا الخلاف .
ثالثاً : تخاف بعض القوى من تحيز العامل الخارجى لبعض القوى مما يعمل علي إفساد الحوار .
رابعاً : يتعلق بالقوى الخارجيه وخاصه الجانب الرسمى في الأدارة الأمريكية والتى ترغب في تحقيق الوفاق الداخلي لسببين رئيسيين :
1-يحقق
لها بعض من التغيير في وجه النظام الذى ترغب فيه كثير من القوى في داخل
الولايات المتحده مما يكون سبباً مقنعاً لاعادة التعامل مع السودان.
2-الرغبه في تحقيق سودان مستقر وذلك للمساعدة في استقرار الدوله الوليده التى كانت الولايات المتحده(القابله ) التى اخرجتها للوجود .
وكما قامت فكرة نيفاشا على الدراسة التى قدمها مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في 2001م
وتبنتها
ادارة بوش حتى تم اقرار الاتفاقية في 2005م. ففى أغسطس في العام الماضى
(2013م) طرح معهد السلام الامريكى بواشطن مقترحاً بعنوان ((الطريق الى
الحوار الوطنى في السودان ))اعده المبعوث الامريكى الرئاسي السابق برستون
ليماوجون تيمن يقر بان الحلول الجزئية لمشكلة السودان قد فلشت ولابد من
التعاطى مع امهات القضايا وبصورة كامله غير مجزأة . وترى خريطه الطريق ان
البشير وكبار مساعديه لن ينخرطوا في حوار جدى مالم تكن هناك ضمانات لتسوية
أوضاعهم مع قرارات توقيف المحكمة الجنائية الدولية في حال مغادرتهم
لمناصبهم .
وتقترح
خريطة الطريق ان يتم الحوار بين كافة القوى السياسية في السودان من دون
عزل لاحد يشمل الحكومه والمعارضه والجماعات المسلحة . كما اقترحت خريطة
الطريق في حال أن اثبت الحوار جديته ان يتم تأجيل الأنتخابات لعامين . ودعت
خريطة الطريق الاتحاد الأفريقي بواسطة لجنة الحكماء بقيادة ثامبو أمبيكى
ان يلعب دوراً مهماً في توجيه الحوار يؤدى لتشكيل حكومة قاعدة عريضة بقيادة
المصالحة بصورة جدية .
وهذا
التزامن بين خارطة الطريق الامريكية ومبادرة الرئيس البشير يوحى الي ان
هناك قنوات تواصل غير مرئيه ، وربما تكون زيارة كارتر الأخيرة جاءت في هذا
الاتجاه خاصه وانها المرة الاولى التى يلتقى فيها مسئول أمريكى رفيع بعد
صدور قرارات التوقيف الأخيرة في حق الرئيس .
وفى
ذلك اشارة لجدية الحكومة في الوصول بهذا الاتفاق الى نهايته، فهى تعلم ان
دخول الحكومة الامريكية يحمى الاتفاق من تأثير كثير من القوى داخل الولايات
المتحده وخارجها لاترغب في انفراج الوضع في السودان .
وفي
هذا السياق نظم مركز السفير الأمريكى اندرويونق باتلانتا بالولايات
المتحده تحت عنوان (السودان الفرص والتحديات) تحدث فيها الرئيس الامريكى
السابق كارتر وقال فيها ان مبادرة الحوار الوطنى في السودان جادة
والممشككون فيها آرائهم زائفة وغير وأقعيه ،كما دعا الولايات المتحده لرفع
اسم السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب ورفع الحظر الأقتصادى عن
السودان .
كما
أعلن مندوب الأمم المتحدة في السودان السيد هايلى منكريوس ترحيب الأمم
المتحده ومجلس الامن الدول لمبادرة للحوار الوطنى الشامل ، وقال ان
المبادرة فرصه عظيمة لتحاور حول امن السودان وبمشاركة ديمقراطية لكل من شعر
اويشعر بالتهميش .
أهتم
الاتحاد الأوربي بالدعوة للحوار وقد عقد وفد من سفرائه بالخرطوم لقاءات مع
معظم القادة السياسيين وعلي ذلك تبنى الاتحاد الأوربي الدعوة لكل الأطراف
لكوديسه هايدلبرج 2بدون إقصاء لاي طرف ، حكومة الخرطوم والجبهة الثورية
والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى الشبابية والنسوية .
ويطالب
الاتحاد الأوربي الحكومة لاثبات جديتها في الحوار ان يتم وقف العمل
العسكري المتفلت الذى يؤدى الى انتهاك حقوق الانسان ونزوح الاف المواطينين.
كما تعهدت صناديق دوليه أمريكية وأوربية وعربية بدفع (15) مليار دولار
للسودان واعفاء ديونه الخارجية ورفع الخظر الأقتصادى عنه وحذف اسمه من
قائمة الدول الراعية للارهاب ،حال افضاء الحوار الوطنى الى تحول ديمقراطى
حقيقى تشارك بموجبه كل القوى السياسية والحركات المسلحه في الحكومة .
وكان
السفير البريطانى في الخرطوم قد أبدى استعداد المملكة المتحدة لدفعها
للحوار بكافة الطرق والسبل وان تلعب دوراً حاسماً في الوساطه بين الاطراف
السودانية لتقريب وجهات النظر .
وعلى
المستوى الاقليمى اعلنت الجامعة العربية ترحيبها بالمبادرة التى اطلقها
الرئيس البشيرحول الحوار الوطنى واعتبرتها علامه فارقه في التاريخ السياسي
السودانى . وتمنت ان يكون الحوار الوطنى سودانياً خالصاً ومن دون تدخل
خارجى . وفي هذا السياق كان الصادق المهدى قد أتصل بالسعودية و الكويت
والأمارات وقطر طالباً منهم دعم الحوار السودانى ومباركته .
وكان
الاتحاد الافريقي من أول المرحبين بدعوة الحوار السودالنى وأبدت لجنة
أمبيكى استعدادها ان تعمل دوراً محورياً في الحوار السودانى حتى الوصول
لحلحلة كافة الاشكالات التى يعانى منها السودان .
وهكذا
نجد ان الانفعال الدولى الاقليمى لم يقل شأنا عن الانفعال الداخلي ، وكما
في الداخل هناك معارضين كذلك في الخارج . ، ولكن نجد أن الغالبية الدولية
والداخليه مع الحوار، وبالتاكيد سوف يكون لذلك تأثير كبير وربما قلل
التأثيرات السالبة من المعارضين .
يعطى هذا الأهتمام الدولى دفعه قويه للحوار ، كما يكسبه قدراً كبيراً من الجدية ،كما يمنحه ضماناً من الانتكاسة .
وتبقى
التأثيرات السالبة للتدخل الخارجى ماثله ، خاصه علي الحكومة ، ولكن الرؤيه
الواضحه للحكومه لنتائج الحوار واستعدادها للعمل علي إنفاذها، سوف تحد
كثيراً وتقلل من هذه التأثيرات السالبه .
يبقى
مهم جداً علي الحكومة والمعارضة ادراك خطورة التدخل الدولى اذا تم تحويل
هذا الحوار الى صراع بين القوى الخارجيه والتى سوف لن تتردد في نقل النموذج
السورى او الليبي الى السودان .
اعتقال الصادق المهدى :
جاء
اعتقال السيد الصادق المهدى مخالفاً لكل التوقعات بل أنه قد جاء في
الاتجاه المعاكس لجريان الاحداث . وهذا الاعتقال يكشف الازمة الحقيقية التى
يدار بها الشأن السياسي السودانى ، الذى لايميز بين الاستراتيجى والتكتكى .
وعلى ذلك يمكن ملاحظة الاتى :
اولاً
: لا نفهم ان هناك وزيراً او مسئولاً في جهاز تنفيذى انه يقوم باى عمل من
الاعمال فيما اوكل اليه ويعتقد ان يكون هذا العمل هو عمل ادارياً بحتا وليس
له علاقة بالسياسيه .فكل اعمال المسئولين من وزراء وقادة أجهزة يفترض ان
يحسبوا البعد السياسي لاي عمل يقومون به وانهم يقدرون الابعاد السياسية لما
يقومون به وانه يخدم الخط السياسيى للحزب او الحكومة ، هذا بصورة عامة .
ثانيا
ولا نعتقد ان عمل مثل اعتقال السيد الصادق المهدى في هذه الظروف يكون هو
تصرف مسئول في جهاز معين . ففى تقديري ان ذلك يكون تم بالتشاور مع قيادات
الدوله والحزب السياسية وانه قرار تمت الموافقه عليه بعد أخذ ومشاوراة كل
من يعنيه الأمر .
ثالثاً
: ان القرار لم يكن موفقاً مهما كانت الصورة التى تم بها الاعتقال سواءاً
كان بفتح بلاغ عادى لدى النيابه او تم الاعتقال بالصلاحيات التى يتمتع بها
جهاز الامن . فالنتيجه في الحالتين واحدة وهى ايداع الصادق المهدى سجن كوبر
مما يعنى ضربه عنيفة وموجعه اذا لم نقل قاتله لعملية الحوار وذلك لعدة
اسباب : منها :-
اولاً
: لايعنى القبول بالحوار ان يتوقف الصادق المهدى عن ابداء اراءه في
الاحداث اوالاذعان و القبول باراء وافعال الحكومة ولا يعنى في نفس الوقت ان
تقبل الحكومة باراء الصادق المهدى او اراء المعارضه .
ثانياً:
الحكومة هى التى دعت للحوار والمطلوب منها ابداء حسن النيه والمطلوب من
الحكومة قبل غيرها تهيئة الاجواء للحوار . وابداء حسن النية وتهيئة الاجواء
للحوار يعنى التجاوز عن الاخطاء التى قد تحدث من المعارضة وتقع تصريحات
الصادق المهدى في هذا الاتجاه اذا اعتبرتها الحكومة كذلك .
ثالثاً
: الصادق المهدى ظل الاقرب للحكومة في كل تصريحاته السياسيه والاعلامية
وحتي اللقاءات التى تضمة مع المعارضه والذين يعتبرونه عقبه كئود لتجمع
المعارضة مع ادراكم لثقله وثقل حزبه .
رابعاً:
تمسك الصادق المهدى طيلة فترة معارضته بالخيار السلمى لاسقاط النظام وهذا
حقه وهذا يحمد له ولحزبه بل لعل تمسكه بهذا الخيارعصم كثير من ابناء
الانصار من تبنى الخيار المسلح لاسقاط النظام .
خامساً
:الصادق المهدى يدرك تماماً ان اى بديل لهذا النظام ياتى عن غير طريق
الحوار سوف يكون أسوأ من هذا الوضع بل وربما يمثل ذلك تهديداً لوجود
السودان .
سادساً
: وتاكيداً لماسقناه في النقاط الثلاث اعلاه وحتى هو الان داخل كوبر وكان
يمكن ان يستقل هذا الوضع، والذى ربما كان يمكن ان يسبب حرجاً ومواجهة غير
حميدة ولاترقب فيها الحكومة . ومع ذلك كان خطاب السيد الصادق المهدى الذى
تُلى نيابة عنه في مؤتمر الحزب الصحفي ، يسير في اتجاه الحوار وعدم التصعيد
. حيث جاء في خطابه (الحقيقة اننى في كل الادبيات اقول ان الوضع السياسي
في السودان مازوم أمنياً وأقتصادياً ودولياً ، وان هذا الالتزم يفتح باب
اعمال مضادة بالعنف او بالانقلاب او بالانتفاضة ، وان هذه البدائل محفوفة
بمخاطر فادحة لمصير الوطن . وان الانتفاضة باساليب مدنيه مع استعداد النظام
لمواجهتها ربما ادت للسناريو السورى ، لذلك فان آمن وسيله لتحقيق مطالب
الشعب هى المائدة المستديرة او المؤتمر القومى الدستوري على سنة الكوديسا
في جنوب افريقيا كوسيله استباقية لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول
الديمقراطى الكامل بصورة قومية لاتعزل احد ولايهمن عليها احد) .
وأضاف
فلا تراجع من مطالب الشعب ولاتخل عن سلمية التعبير المدنى عن مطالب الشعب ،
الى ان قال (وحرصنا الكبير على الحوار مع النظام لكى ندرأ المخاطر عن
الوطن) ومهما كان منطق المبررات ومهما كانت المعلومات التى تملكها الحكومة
وغير متاحه لنا ، ومهما كانت المبررات التى جعلت الحكومة تقوم بهذا الفعل ،
وفأننا نعتقد انه قراراً غير موفقاً ، خاصة اذا اخذناه مع المعطيات الكليه
ومايتهدد الوطن.
هذا
الفعل دعم الخط المتشدد للرافضين للحوار في حزب الامة الذى ساقهم الامام
سوقاً الى القبول بالحوار ، وقد ذهب بعضهم مغاضباً . ولكن نامل في حنكة
وحكمة الامام – وكما بدأ في خطابه من داخل السجن – ان ينجح بعد الخروج ان
يقود الحزب للحوار من أجل السودان .
ومهما
يكن فأن فيما حدث ربما يولد عوامل جديده تدفع بانجاح الحوار وربما يستطيع
السيد الامام باضافة أولئك المعارضين للحوارالذين كانوا يشككون في نوايا
الامام يتهمونه بمولاة النظام .
وتنشأ
هنا مجموعة من الاسئلة لماذا أقدمت الحكومة على مثل هذه الخطوة (اعتقال
الصادق )في هذا التوقيت وهى تعلم سلفاً ان ذلك ربما يذهب صدقيتها و جديتها
ويذهب الثقة فيها والتى هى اصلاً مشكوك فيها وان ذلك ربما ينسف الحوار؟
ولماذااصدر السيدالصادق هذه التصريحات وهو السياسي المحنك والمخضرم
والمفكر؟ ولماذا اصر على تكرارها ، وهو يعلم علم اليقين ان ذلك ربما يؤدى
الى نسف الحوار ؟ وهل للقوى الداخلية والخارجية التى لاترغب في الحوار دور
فيما جري ؟ وهل يؤدى هذا الفعل الى عرقلة الحوار ؟ وغيرها من الاسئلة في
هذا الاتجاه .
وللأجابة
على هذه الاسئلة او بعضاً منها نحاول قراءة وتحليل الذى حدث ونحاول معرفة
الاحتمالات التى دفعت الحكومة للقيام بهذا الاجراء :
أولاً:
لابد ان نقر ونؤمن بأن الذى حدث هو أمرٌمتوقع ، وذلك لان القبول بالحوار
لاليس الاتفاق . فمازالت المعارضة علي ارائها في أسقاط النظام ومازال
النظام حريصاً علي ان يتم التحول بطريقة يكون هو جزء من صانعيها . ولايعنى
شبه الاجماع الذى تم بين القوى السياسية الكبيرة في السادس من أبريل 2014م
وقبولها بالحوار ، ان ذلك ازال مجموعة من المرارات التى تراكمت بين القوى
السياسية فيما يقارب ربع قرن من الزمان ، تمت فيه الكثير من الافعال
المشروعة وغير المشروعه كلاً ضد الآخر .
ولكن
يفترض انه طالما تم اعتماد الحوار مبدأ بين القوى السياسية وان ذلك تم
(بحسن نية )يفترض ان تراعى كافة الاطراف تهيئة الجو للحوار وذلك بالامتناع
عن القيام باى عمل يمكن ان يفسد هذا الجو . صحيح ان الحكومة مطلوب منها
أكثر من قوى المعارضة العمل علي تهيئة الاجواء ،سواءاً كان بلاستجابه
لمطلوبات المعارضة في هذا الشأن وان تتجاوز عن(هفوات ) وأخطاء المعارضة ،
اذا تم ذلك (بحسن نيه) .
ثانياً:
لاشك عندى ان الحكومة وهى تقدم علي تلك الخطوة (اعتقال الصادق )وهى تعلم
جيداً تأثير ذلك علي مجري الحوار ، الا ان يكون قد تكشف لها بما لايدع
مجالاً للشك ان هناك (سوء نيه )من جانب المعارضة ، وانها حسبت(اى المعارضة)
ان دعوة الحكومة للحوار أتت من موقع الضعف، فاستقلت المساحة من الحريات
التى اتاحتها الحكومة ، للتعبئة العامة لاسقاط النظام .
ولعلل
ذلك يفسر لنا ردة الفعل العنيفة والقوية من الحكومة ويظهر لنا ذلك من خلال
التصريحات التى كانت عناوين بارزة في الصحف الصادرة في الايام القليلة
الماضية (ايقاف صحيفة الصيحة ) (الخرطوم لايمكن استلامها الا عبر صناديق
الانتخابات) (وزير الاعلام يتوعد بإيقاف المزيد من الصحف حال تجاوزها
الخطوط الحمراء ) (الفريق بكرى حريصون على حريه الاعلام المسئول ) ( نشر
جزء من قوات الدعم السريع حول العاصمة)(سته الآف فرد من قوات الدعم السريع
لتأمين مناطق البترول) .
ولعله
بذلك تريد الحكومة ان ترسل رسالة قوية للمعارضة فحواها اننا جادون للحوار
طالما توفر حسن النية ، ولكن لن نسمح باستغلال ذلك لاسقاط النظام .
ثالثاً:
ربما تم ذلك بالطريقة المسرحية الدرامية التى تدار بها السياسية السودانية
علي شاكلة (اذهب الى القصر رئيساً وسوف اذهب الى السجن حبيساً ) . وذلك
أثر الضغوط العنيفة التى تعرض لها الصادق المهدى سواءاً من حزبه او من
احزاب المعارضة لانخراطه في الحوار مع الحكومة. فاتفق الصادق المهدى
والحكومة علي القيام بهذا الدور المسرحى لتخفيف الضغوط علي الصادق المهدى ،
ولاثبات ان الصادق المهدى لم (يبع)المعارضة وانه يتحاور مع الحكومة من أجل
الوطن .
وبرجح
هذا الاحتمال ان الحكومة تعلم ان الحوار مع المعارضة بدون حزب الأمة
القومى بقيادة السيد الصادق المهدى لا يمثل إضافة كبيرة للحكومة، وذلك
للوزن السياسي الكبير لحزب الامة ولرمزية رئيسة في الداخل والخارج . هذا
واذا استثنينا حزب الأمة القومى من المعارضة فإن بقية الاحزاب لاتعدوا ان
تكون احزاب(لافتات وصوالين ).
أضافة
الى ان الصادق المهدى بعد العودة من عملية (تهتدون ) أعتمد طريقة الكفاح
السلمى كوسيلة للمعارضة ، الأمر الذى جعله قريباً من الحكومة ، هذا أضافة
الى اللقاءات والاتصالات والتواصل الذى تم بين الصادق المهدى وقيادات
المؤتمر الوطنى والرئيس ، مما يستبعد المواجهة بينهم قريباً .
كما
ان وجود أبن الصادق المهدى مستشاراً في رئاسة الجمهورية من أكبر الضمانات
لامتداد حبال الوصل بين الحكومة وحزب الامة القومى الامر الذى لايسمح ان
يكون (الطلاق) بين الحكومة وحزب الأمة القومى بهذه السهوله وبهذه السرعة
.هذا اضافة الى ان خطاب السيدالصادق الذى تلى بالنيابة عنه في المؤتمر
الصحفي الذى عقده الحزب ، كان متوازانا ولم يعمل على اشعال النار ، بل ان
خطابه كان فيه توجيه واضح بين السطور الى منسوبيه بالتهدئة وعدم الدخول في
مواجهة مع النظام .
رابعاً
: ربما كان للقوى الرافضة للحوار في الداخل والخارج دور في ذلك ولكن يكون
ذلك قد تم بذكاء شديد ، وحتى الذى قاموا بالافعال من الحكومة والمعرضة
يجزمون ان هذا الامر تم علي ايديهم وليس هناك تأثير لايه قوى داخليه
وخارجيه . خاصة ونحن نشاهد علي خشبة المسرح السياسي او فالنقل في (ميدان
اللعب ) ان اللا عبين يسجلون الاهداف في مرماهم (بالنيران الصديقه)
ولكن
الراجح ان ذلك تم بعمل استخباري شديد الذكاء فربما تم (تسريب) معلفومات
للصادق المهدى مفادها ان هذا النظام في أضعف حالاته ، وان انضمامك اليه
سيطيل من عمر هذا النظام . فتم نصحه بعدم الركوب في سفينته وهى على وشك
الغرق. وبنفس المستوى او في نفس الوقت تم تسريبات للحكومة بان هناك مخطط
كبير لاسقاط النظام ، واستغلال مساحة الحريات التى اتاحتها الحكومة لانجاح
الحوار ، في اسقاطه . ولذلك تم تهيئة الملعب تماماً بايغار صدور الطرفين ،
فقام السيد الصادق المهدى بانتقاد قوات الدعم السريع وقامت الحكومة باعتقال
السيد الصادق .
واياً
كانت هذه الاحتمالات ، فيحمد للطرفين انهما لم يعملا علي تصعيد الموقف
والمشجع اكثر ان رودود الافعال غير المنطقية من بعض منسوبي حزب الامة كانت
محدودة جداً، وقد تحمل بعضاً من الاذى بعض الصحافين الذين تم الاعتداء
عليهم في المؤتمر الصحفي للحزب .
ردود الافعال الداخلية والاقليمية والدولية لاعتقال الصادق المهدى :
لاشك
ان السيد الصادق المهدى شخصية معروفة على المستوى الاقليمي والدولى سواءاً
كان ذلك ناتج باعتباره رئيس وزراء سابق في السودان ورئيساً لحزب الامة في
منتصف الستينات اومن مشاركاته الفكرية باعتباره مفكراً أسلامياً او
مشاركاته في الندوات والمؤتمرات الدولية بمايتعلق بحقوق الانسان او الحكم
الرشيد باعتباره رمزاً من الرموز المدافعه عن الديمقراطية . هذا اضافة
لوضعه الداخلي باعتباره أكبر رئيس لحزب في البلاد بمعيار آخر انتخابات جرت
في السودان قبل مجى الانقاذ اوباعتباره احد زعماء المعارضة في الداخل .
لذلك
كان اعتقاله خاصه بعد الدعوة للحوار التى دعا لها المؤتمر الوطنى ووجدت
تأييداً داخلياً وخارجياً ودولياً واسعاً وتأييداً قوياً في حزب الامة ،
وجد اعتقاله ردود فعل واسعة علي المستوى الداخلي .
كانت
ردة الفعل القوية من قوى المعارضة والتى اتخذتها دليلاً قوياً علي عدم
جدية الحكومة للحوار ،بل اعطى الحدث المعارضة موضوعاً حياً لاستخدامه ضد
الحكومة .
معظم
القوى غير المنتمية والمستقلة والحادبة على مصلحة الوطن وعدد مقدر من
قيادات المؤتمر الوطنى ، اشفق من نتائج الاعتقال وتأثيره على الحوار ،
وكانت ردود افعالهم بين المشفق والساعى لاحتواء الموقف ,استغلت قوى
المعارضة اليسارية والمناهضة للنظام الحدث ضد النظام اذا كان عبر الصحف او
المواقع الاسفيرية مما اضطرالحكومة لمنع النشر في القضية وكانت ضربة موجعه
في الاتجاه المعاكس .
على
المستوى الدولى استهجنت معظم القوى المرتبطة بالشأن السودانى (ومااكثرهم)
الخطوة باعتبارها مؤشر لتراجع الحكومة عن الحوار الذى اعتبرته تلك القوى
واستبشرت به لحل الازمة السودانية .
من
تلك القوى نادى مدريد الذي يعتبر ملتقى لرؤساء حكومات سابقين والذى تمثل
عضويته 96رئيساً سابقاً من اكثر من 60دولة فقد الان النادى الخطوة وطالب
ببداية جاده لعملية حوار وطنى مفتوح وسلمي ومطلوب بشدة بين حزب الأمة
والمؤتمر الوطنى .
كما عبرت السفارة الامريكية في الخرطوم عن قلقها من اعتقال الصادق المهدى وطالبت السلطات السودانية باحترام حريه التعبير .
كما طالبت المنظمة العربية لحقوق الانسان بضرورة إطلاق سراح الصادق المهدى امام الانصار وزعيم حزب الامة .
وحذر الاتحاد الافريقي من التأثير السلبي لاعتقال رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدى على الحوار الوطنى في السودان .
كما
تناقلت الحدث معظم الوكالات والقنوات لفضائية مثل البي بي سي وأسكابي نيوز
وجريدة القدس العربي،كما حملت منظمة (صحفيون بلا حدود ) الحكومة السودانية
مسئولية تزايد حملة كبح وسائل الاعلام .
والملاحظة
المهمه على الرغم من الاستنكار وعدم القبول الواسع للخطوة الا ان ردود
الفعل السالبة كانت محدودة جداً . فلم تستطع القوى المعارضة ان توظف الحدث
لاخراج مظاهرات مؤثرة او حتى السعى لاسقاط النظام
وحتى حزب الأمة كانت حركته محدودة مع استعداد ملحوظ من قوات الشرطه ونجاحها في اظهار القوة ان تجعل المظاهرات محدودة .
ولكن
يرجع السبب الرئيسى في محدودية المظاهرات للخطاب الواضح من السيد الصادق
بان الحوار بالنسبة له عمل استراتيجى ، ونستطيع ان نجزم ان الصادق المهدى
قد امر انصاره بعدم مواجهة النظام .
هذا
اضافة للاحداث الاقليمية في كل من مصر وليبيا والجنوب وافريقيا الوسطى
والتى برهنت الاوضاع فيها ان نتائج المظاهرات كانت مدمرة بانتشار الفوضي
وعدم الاستقرار وان الغلبة في الاخر تكون للقوات المسلحة والتى هنا في
السودان تمثلها الحكومة .
وعلى
الرغم من قرارات الرئيس فيمايتعلق في حرية الرأى وحرية العمل الحزبي كانت
واضحة إلا أن الاجراءات التى أعقبت اعتقال الصادق المهدى قد نسفت كل تلك
القرارات ، فقد طالت الاجراءات إيقاف عدد من الصحف
كما
تم اعتقال بعض الناشطين وبعض رؤساء الاحزاب الامر الذى يشير على الدعوة
للحوار قد أُصيبت بمقتل وقد يحتاج الأمر الي زمن طويل لإعادة الثقة في
الحكومة والتى كانت أصلاً الثقه فيها مشروخه .
وكان
لكل ذلك انعكاسات سالبه علي التعامل الخارجى مع السودان الذى بدأ عليه بعض
الإنفراج بعد الدعوة للحوار التى أطلقها الرئيس ، لكن بدأت خيبة الأمل تحل
محل التفاؤل الذى بدأ على معظم الجهات الخارجية والتى لها صلة وعلاقة مع
السودان .
ليس
هنالك ادنى شك في التداعيات السالبة جراء توقيف السيد الصادق المهدى رئيس
حزب الامة –داخليا من ناحية الدعاية السياسية السالبة التى قد تكون مادة
دسمة للمعارضين المتطرفين والذين يخططون للذهاب الى اخر المدى في معاداتهم
للنظام والسعي الى تفكيكه واسقاطه وخارجيا فأن مثل ذلك الحدث يعزز الصورة
المعتمة للتوجه الديمقراطى واحوال الوفاق السياسي في السودان ويحرك الكثير
من الدوائر الاقليمية والدولية في خط مناهضة للنظام وحصاره .
ويمكن تفصيل ذلك في الاتى :-
1. ان الخطوة تمثل ضربة قوية للحوار وستعمل على تأجيله كثيراً اذا لم توقفه .
2. اضعفت الثقة في النظام داخلياً وخارجياً وانه لايحترم تعهدات .
3. حدث شك كبير في نية النظام في الدعوة للحوار، وانها عمل تكتيكى لكسب الوقت وليس عملاً استراتيجياً.
4.
اظهر الحدث ان هناك انقسام في داخل المؤتمر الوطنى حول الحوار و ان قوى
مؤثرة في داخل المؤتمر الوطنى لاترغب في الحوار وانها هى التى قامت باعتقال
الصادق المهدى .
5.
القوى الاقليمية والدولية على قناعة بان الذى تم من هذه القوى في داخل
المؤتمر الوطنى والتى لاترغب في الحوار ان التعديلات الوزارية الاخيرة التى
قام بها الرئيس لم تستاصلهم تماماً.
تطور الاحداث بعد إطلاق سراح الصادق المهدى
بعد
ان تم إطلاق سراح الصادق المهدى سافر خارج السودان ، واجتمع مع الجبهة
الثورية في مارس وتم التوقيع على أتفاق بينهما . أكدا فيه ان نظام الأنقاذ
يتحمل مسئولية العنف في الحياة السياسية واستهداف المدنيين وتوسيع دائرة
الحروب وارتكاب جرائم الحرب وفصل الجنوب واتفقا على أنهاء الحرب في السودان
واحداث التغيير الشامل وتحقيق الحرية والديمقراطية وبناء دولة المواطنة
بلا تمييز . واعلنت الجبهة الثورية احتفاءاً بالإتفاق وقف النار من جانبها
لمدة شهرين . كما اتفقا على منهاج عمل جديد بين كل القوى السياسية والعمل
سويا على شرح الأتفاق على المجتمع الاقليمى والدولى
سئل الصادق المهدى بعد توقيع الأتفاق عن مصيرالحوار الذى بدأه مع الحكومة فأجاب ان الحوار قدتم قبره في مقابر أحمد شرفي .
وقال
رئيس الجبهة الثورية للحوار مالك عقار (صحيح أن الأتفاق فيه عموميات ولكنه
تناول كل القضايا على أساس أن يجري توحيد بقية القوى السياسيه ومنظمات
المجتمع المدنى) واضاف (لقد ركزنا على وحدة قوى التغيير حيث يوجد تباين بين
القوى السياسيه فيمايختص بعملية التغيير في العمل المسلح الى الإنتفاضة أو
الحوار الوطنى وقضايا الهويه) .
وقال
ياسر عرمان مسئول العمل الخارجى في الجبهة الثورية والأمين العام للحركة
الشعبية قطاع الشمال (أن الأتفاق بين المهدى والجبهة الثورية لاصلة له ولا
علاقة له من قريب أوبعيد بالعمل المسلح ) وقال (بل تم الأـفاق قضايا
التغيير والديمقراطية (وقال)لقد انتهى الوقت الذى يمكن فيه إعادة إنتاج
النظام) .
وفي
يوم الجمعه 5/9/2014م تم في أديس أبابا التوقيع على إتفاقين بمحتوي واحد
مع ثامبيو أمبيكي .الأتفاقيةالأولى كانت مع ممثلي مجموعة (7+7)الكتور غازى
صلاح الدين والأستاذ أحمد سعد عمر . والأتفاقية الثانية كانت مع ممثلي
أعلان باريس السيد الصادق المهدي ومالك عقار . وفي كلا الأتفاقين أتفق
الأطراف على الأتى :!
اولاً: الحل السياسي الشامل .
ثانياً : وقف الحرب وأعلان وفق إطلاق النار ومعالجة الأوضاع الأنسانيه .
ثالثاً : ضمأن الحريات وحقوق الأنسان وإطلاق سراح المعتقلين
رابعاً وضع الأسس والقواعد والأجراءات التى سوف يتم بموجبها الحوار.
خامساً: لجميع المشاركين في الحوار حرية التعبير عن مواقفهم وآرائهم .
سادساً: تحديد جدول زمنى للحوار.
سابعاً : ضمأن تنفيذ مخرجات الحوار .
ثامناً : ضرورة مشاركة كافة الأطراف .
وقد
قال ياسر عرمان بعد توقيع الأتفاق ان هناك حقائق جديدة تتشكل على الأرض
وتفاعلات سياسيه تخلق واقعاً سياسياً جديداً واضاف (هذا عنوانه الدفع
بالحلول الشامله وحدة القوى الراغبه في التغيير)واضاف ان علي المؤتمر
الوطني ان يختارطريق التغيير اوسيتم تغييره. وقال : ان هذا التوقيع يمثل
اعتراف من الأمم المتحدة والإيقاد واليوناميد والآلية الرفيعه الأفريقية ،
بالجبهة الثورية
وتابع
أن هذا يشكل منعطفاً جديداً ويوم جديد يضاف إلى أعلان باريس الذى كان
حاضراً في أديس . وسنواصل العمل علي أسقاط النظام طالما ظل يرفض الحلول
السلمية .
وقال
(نحن على إستعداد للجلوس لمخاطبة مخاو المؤتمر الوطنى والحفاظ على وحدة
السودان بإقامة مشروع وطنى جديد ) واضاف (أن التغيير سوف يتم اما بأحراز
النقاط أو الضربة القاضية) .
وقد تباينت ردود الأفعال على أعلان باريس وأتفاق أديس .
فقد
رحب المؤتمر الوطنى بإتفاق المبادئ الذى تم توقيعه في أديس أبابا ،وأعتبر
ياسر يوسف المتحدث بإسم المؤتمر الوطنى أن التوقيع الذى تم في العاصمة
الأثيوبية خطوة مهمة للأمام .
وذكر
الدكتور مصطفي عثمان أسماعيل أمين الأمانة السياسية للمؤتمر الوطنى في
برنامج مؤتمر إذاعى الذى بث يوم الجمعة 12/9/2014م في إجابته على سؤال مقدم
البرنامج الذى قال : نريد ان نتعرف على مثل هذه الأمور الدقيقة ،المؤتمر
الوطنى كان رأيه انه سيدرس ماتم الأتفاق عليه. هل درستم ماتم الاتفاق عليه ؟
أجاب
الدكتور مصطفي عثمان أسماعيل (نعم درسنا ماتم الأتفاق عليه في أطر المؤتمر
الوطنى المختلفة ثم درسنا ماتم الأتفاق عليه في أطر مجموعة سبعة الحكومية
ثم بعد ذلك المجموعتين في سبعه زائد سبعه الممثله للمعارضة وللحكومة وخرجنا
بإجماع للموافقه على هذه الوثيقة )
ورحب السيد محمد عثمان الميرغنى زعيم طائفة الختمية ورئيس الحزب الإتحادى الديمقراطى الأصل بإتفاق اديس
وكان
الرئيس قد التقى بالرئيس ثامبو أمبيكى بعد أن شهد بإتفاق على أديس مع
الثورية ورحب الرئيس بذلك وأكد جدية الرئيس بالقبول بإطلاق سراح إبراهيم
الشيخ .
وشدد
تحالف قوى الإجماع على ضرورة القاء كل القوانين المقيدة للحريات وإطلاق
سراح كل المعقلين السياسين والمحكومين . واضاف محمد ضياء الدين المتحدث
باسم التحالف ، أن التحالف له أشترطات وأضحة حول تهيئة المناخ للحوار
وضرورة قبول النظام مسبقا بأن يفضى الحوار إلى وضع إنتقالى كامل ويؤسس
لتفكيك ماأسماه بالبنيه الاستبدادية للنظام . وغير ذلك يبقي الهدف الرئيسى
الذى عبر عنه اجتماع رؤساء أحزاب التحالف هو إسقاط النظام وأقامة بديل وطنى
ديمقراطى .
وأضاف
صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي أن الحكومة لاتلتزم بتوقيع الأتفاقات
التى توقعها فهى خرقت كل الأتفاقات التى وقعتها مع كافة أطراف المعارضة .
وفى مقال له ، بعنوان(الحوار السودانى يبحث عن مخرج في أديس أبابا ) ذكر
محجوب محمد صالح ان تصرفات الحكومة لاتعكس جديه توفير الجو الحر المحايد
المطلوب لادارة حوار حقيقى وترسل أشارات في اللجو لقوانين لا تضمن محاضرة
المعارضين فحسب ،بل حبسهم في السجون وليس محاصرة الرأى العام الآخر بل
مصادرته واغلاق منابره .
وقال
ان اى حوار ناجح للحل الأزمة السودانيه لايمكن انجازه الا اذا كانت
الحكومة مستعده للتغيير الشامل ،وليس اصلاحات تجميلية للوضع الراهن . وليس
في الاجواء مايشير الى ان الحكومة قد وصلت الى مثل هذه القناعة . وربما كان
بعض النافذين في الحكومة على قناعة بالفكرة ، ولكن ميزان القوى الداخليه
لايسمح لهم بالتعبير علانيه بهذا الرأى ، وهذا هو مايفسر حالة الاضطراب
الحكومى تجاه الموقف الراهن في تصريحات متفائله بشأن انطلاق الحوار واخري
تريده حواراً بمن حضر . وربما كان الخيار الاخير المتمثل في حوار جزئى هو
الخيار الوحيد المتاح للحكومة .
أثناء
مخاطبة إجتماع لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم في الخرطوم يوم السبت
27/9/1014م قطع الرئيس البشير بأنه (لاتفاوض مع حركات ددارفور المسلحة
باستثناء منبر الدوحه) وأعلن رفضه لاى تقارب مع الجبهة الثورية خارج قنوات
المؤتمر الوطنى ورهن عودة رئيس حزب الأمة الصادق المهدى الى البلاد بتبرؤه
وإغتساله من إتفاق باريس
وقال
ان الحكومة ليس لديها ماتقدمه بشأن المنطقتين سوي التسريح وإعادة الدمج
وان حكومته لن تسمح بأن تخلق الجبهة الثورية تحالفات سياسيه في الخرطوم الا
عن طريق الحوار واضاف: من يأتى للعمل السياسي ويضع السلاح مرحباً به ،
ولكن من يريد حمل السلاح والحرب في الميدان ثم يأتى للخرطوم لينشط سياسياً
فلن نسمح بذلك .
وصفت
ساره نقد الله الأمين العام لحزب الأمة تصريحات الرئيس أعلاه بأنها اتسمت
ب(اللامسئوليه الفاضحه ) وان الرئيس أطلق تصريحات مناقضه للواقع وحتى
إستراتيجيات الحكومة نفسها (بل متناقضه في حد ذاتها ،فهو يرتجل الحديث
بلاترو أو تدبر ) واضافت (هذا مايدل على هيمنه الذهنية التى تحكمنا بالحديد
والنار وهى التى أوصلتنا للدرك السحيق الحالى من تمزق افقدنا ثلث البلاد
الجنوبي وجيوش اجنبيه تجول سنابكها في دارفور وأبيي وصدور 61قرار في مجلس
الأمن ضد السودان) .
وفي
تعليقه علي خطاب البشير قال مندوب آلية الحوار (7+7) غاري صلاح الدين
الموفد الى أديس أبابا والموقع انابه عن آلية الحوار على إتفاق أديس ، قال
ان تصريحات الرئيس تعد تطوراً سالباً يتحمل مسئوليته المؤتمر الوطنى وأكد
ان الساحة السياسيه ستتجه إتجاهات جديده وسوف تلتقي الأحزاب للتشاور حول
خيارات بمنأى عن مرواغات الحزب الحاكم . وقال ان حديث الرئيس يثبت أسوأ
مخاوف الشعب السودانى وهى ان الحوار لم يخرج عن كونه تمرين علاقات عامه
لتمرير أجندة المؤتمر الوطنى وقيام الأنتخابات على شروطه ومصلحته) .
ووصف
فاروق أبو عيسي حديث البشير بأنه أنقلاب كامل علي مسار مايسمى بالحوار
الوطنى وانقلاباً على جهود الوساطه الأفريقية والمجتمع الدولي وربما قوى
الاجماع المشاركه في الحوار بالعودة للتحالف من أجل اسقاط المؤتمر الوطنى
وتصفيته وقال أن (الوثبة) كانت كاذبة .
وقال
أسامة توفيق عضو المكتب السياسي لحركة الأصلاح الآن ، ان خطاب البشير نسف
عملية الحوار الوطنى وإتفاق أديس أبابا وهو(وثبة ) الى الوراء وصدمه للقوى
السياسية ، وانه جاء بمثابة انتكاسة كبيرة لعملية الحوار وسلب القوى
السياسية حقوقها
وقال
كمال عمر الأمين العام السياسي للمؤتمر الشعبي ومن المؤيدين للحوار ان
(خطاب البشير )كان محبطا وغير ملائم واصفاً الخطاب بأنه متخلف جداً في
مخاطبة الواقع . مؤكداً انهم لن يدخلوا في أى انتخابات مطالباً البشير
بإطلاق سراح كافة المحكومين واحترام الحوار الوطنى . وشدد بأنهم لن يقبلوا
ببرنامج الحكومة المطروح مشيراً الى أن هناك مطلوبات أخري وضمانات من
الضرورى تنفيذها
وأعتبر
ميرغنى مساعد عضو الهيئة القيادية بالاتحادى الأصل أن خطاب الرئيس البشير
غير مشجع لعملية الحوار وطالب كل القوى السياسيه بضرورة التوافق على حل كل
القضايا والجلوس على مائدة واحدة .
هذا
يمثل أبرز المساجلات والمدافعات وتطور الأحداث بعد إطلاق سراح الصادق
المهدى ، ومن ثم سفره خارج البلاد . ويمثل معظمها ردود افعال متبادله .
وهناك احداث أخري قامت بها المعارضه او الحكومة ، ليست ردود افعال مباشرة
ولكنها تسير في نفس اتجاه المدافعه . ولاتكتمل معطيات موضوعنا الا بالوقوف
عليها ومن ثم يمكن الوصول بالتحليل والقراءة الى نتائج تكون أقرب بمايمكن
من هذه الأحداث :-
أصدر
رئيس الجمهورية قرار بتعيين الدكتور مختار الأصم رئيسياًبمفوضية
الأنتخابات . كما صادق البرلمان علي تعديلات في قانون الأنتخابات. وقامت
المفوضية بإجراءات متلاحقه وصلت حتى مرحلة طباعة السجل الأنتخابي . وتحدى
رئيس مفوضية الانتخابات مختار الأصم يوم 24/9/2014م ان يكون بإستطاعة
الرئيس تأجيل الأنتخابات وقالت أنه لايستطيع ذلك وفقا للدستور .
وأكد
نائب رئيس المؤتمر الوطنى البروفيسيورإبراهيم غندور أهمية أنعقاد
الانتخابات القادمة في موعدها المحدد ،وقال :أن صناديق الأقتراع هى الفيصل
في المرحله القادمه .
وتعليقاً
على ذلك قالت مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة القومى أن حزبها غيرمستعد
للمشاركه في أنتخابات تقود الى روة غير معلومة العواقب وأكدت مقاطعة الحزب
للأنتخابات . وقالت ان حزبها غير معنى بنتائجها .
ووصف
الطيب مصطفي رئيس حزب منبر السلام العادل ، حديث الحزب الحاكم عن اجراء
انتخابات في موعدها ب(التناقض الخطير )في وقت يدعو فيه للحوار ،وهدد
بالانسحاب من الحوار حال اصرار الحزب الحاكم على إجراء الأنتخابات في
مواعيدها . وأضاف (لايمكن ان نرضى ان يفرض االحزب الحاكم إنتخابات رغم أنف
القوى السياسيه وأن قيامها سيجهض الحوار الوطنى .
وكان
الرئيس السودانى في يوم 11/8/2014م قد قدم دعوته وانطلاقة مبادرة الحوار
المجتمعى الداعمه الى مبادرة الحوار الوطنى . وأكد على أهمية مشاركة الجميع
في الحوار . ودعا كافة الحركات المسلحة المتمردة بالمشاركة في الحوار .
وأعلن أن مخرجات الحوار المجتمعى سيتم اعتمادها كتوصيات داعمه للحوار
الوطنى متعهداً بتوفير كافة السبل التى ستؤدى الى إنجاح الحوار المجتمعى
الذى يعتبره أساس لحراك السودان الداخلي .
وفي
جانب آخر خاطب حزب الأمة المعارض برئاسة الصادق المهدى رئيس مجلس حقوق
الأنسان بجنيف (يولدير ندونغ إيلا) مطالباً بإعادة السودان الى البند
الرابع الخاص بالمراقبة اللصيقه وتعيين مقررخاص بدلاً من خبير يقدم
الاستشارات الفنيه وفقاً للبند العاشر
وهنا
لابد ان نضيف أن الحركة الأسلامية التى ضاقت صدور رجالها لاحتمال بعضهم
البعض فخرجت منها سبعه أحزاب (المؤتمر الوطنى – المشير عمر حسن البشير
)،(المؤتمر الشعبي – د. حسن الترابي)،(التغيير الآن الطيب زين العابدين
)،(منبر السلام العادل – م. الطيب مصطفي )،(الأصلاح والتغيير – د. غازى
صلاح الدين )،( العدالة –أمين بنانى )،(الأخوان المسلمين – ) فهل يمكن بعد
هذا أن يجتمعوا أو يتفقوا مع غيرهم ؟؟
وعلي
المستوى الأقليمى قدم رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكى
تقريراً الى مجلس الأمن يوم السبت 18/9/2014م عن الأوضاع في السودان
والعلاقات بين دولتى السودان . وقد شمل التقرير ماتم من إتفاق في إديس
أبابا ومقابلة الرئيس البشير بعد ذلك . وأكد مجلس الأمن دعمه لعمليه الحوار
السياسي والتطورات اللاحقه المتمثله في إتفاق المبادئ في أديس أبابا
الموقع بين الوساطه ومجموعة أعلان باريس ووفد آلية الحوار الوطنى
هذا
يمثل أهم مواقف وادوار و حركة الفاعلين في الداخل والخارج فيما يتعلق
بعملية الحوار أوبتعبير أكثر دقه فيما يتعلق بعملية الدعوة للحوار ومن ذلك
نستطيع ان نقرأ ونستخلص الآتى :-
بصورة
عامة نستطيع أن نقرر ان كافة الأطراف سواءاً كانت المعارضة أو في الحكومة
تمر بأسوأ حالات الضعف أن الجميع فقد القدرة والارادة على الفعل وأن
أفعالهم تحولت الى أقوال ،ودائما عندما تتفتقد القدرة على الفعل ويتحول
الفعل إلى القول فقط تُختار أسوأ العبارات كتعويض عن الأحساس بالنقص
الداخلى الذى يحسه الفاعل . وفي هذه الحالة (حالة الحوار) يكون تأثير
الأقوال السيئه مدمراً.
تستطيع
كذلك أن تتبين بصورة وأضحة الهوة السحيقة من عدم الثقة من الطرفين تجاه
الآخر . وهذا يفسر لنا بوضوح حالة التردد وتقديم رجل وتأخير الأخرى تجاه
الحوار .
ويبدو
بصورة وأضحه أن كافة الأطراف سواءاً كان داخل الحكومة أو داخل مكونات
المعارضة لايوجد إتفاق كامل على الحوار ولذلك يبدوا التضارب في الأقوال
داخل مكونات الجسم الواحد . ففى داخل الحكومة يلاحظ عدم إتفاق وأن هناك عدم
إجماع على خيار الحوار وكذلك الأمر بالنسبة لمكونات المعارضه . وإن كان في
الحكومة تغُلب أقوال رئيسها علي منسوبيه ، الا أنه في المعارضه يبدو أنها
لازالت تعبر عن مواقفها من الحوار من مؤسساتها السابقه ، وأنها عبرت من تلك
المؤسسات عن موقفها من الحوار ولكنها لم تكون الى الآن جسماً واحداً لكى
تتفق على رأى واحد يعبر عنها .
يظهر
بصورة وأضحة أن كافة الأطراف تتفاعل مع الدعوة للحوار بطريقة تسجيل النقاط
مما يعكس أن كافة الأطراف تتعامل مع الدعوة للحوار كعمل تكتيكى الأمر الذى
لن يؤدى ألى نهايات جادة .
هذا
مايمكن أن نقرأ بصورة مشتركه عن أطراف الحوار السياسي السودانى .وسوف
نحاول أن نتناول بعض الأطراف الؤثرة ومحاولة قراءة موقفها من الحوار وإلى
أين سيؤول ونبدأ بالحكومة .
اذا
اردنا ان نقرأ موقف الحكومة أو المؤتمر الوطنى فأن الأمر يبدو يسيراً جداً
. وذلك لأننا نستطيع ان نقرأة ونستنتج أن الأمر كله أصبح بيد الرئيس فقط ،
سوف تعيننا الكثير من الشواهد وحتى أذا خرجنا من دائرة بحثنا سوف نجد
مايدعم هذا الأستنتاج . ولذلك سوف يكون الأمر سهلاً في قرأة موقف الرئيس
وإلى أين سيقود ؟ وذلك لان تصريحات الرئيس وانفعالاته لاتحتاج الى كثير بحث
أوجهد للحصول عليها وذلك لأنها تأتى هكذا عفو الخاطر كلما سنحت للرئيس
فرصه خطاب جماهيري .
لايوجد
هنا أدنى شك في أن الرئيس عندما أعلن دعوته للحوار كانت على قناعة وأنها
كانت تذهب إلى أبعد مدى يمكن ان تتصوره أو تتوقعه أو حتى تحلم به المعارضه .
وهذا كان واضحاً ، اذا كان من تصريح النائب الأول السابق (فى أن الرئيس
يعكف على وضع خطة لحلحله كافة مشاكل السودان وأنهاء حالة التمرد ) أو من
الدعوة لوضع الدستور ، ام من بعض القرارات كإطلاق معتقلي الثورية والسماح
لجريدة صوت الشعب بالصدور . مرور بالجراحه الجادة والمؤلمه في الجهاز
التنفيذى التى شملت رموزاً ، لايعنى ذهابها الا الكثير والكثير جداً (أعفاء
نافع- عوض الجاز- على عثمان – احمد ابراهيم الطاهر )مروراً باعفاء صلاح
قوش وتعيين الفريق بكري نائب أول والاحتفاظ بالفريق أول عبدالرحيم محمد
حسين وزيراً للدفاع . وأستمرت هذه القناعة لدى الرئيس الى قبل الإعداد
للخطاب الذى سمى (بالوثبة ).
ونستطيع
ان نستنتج أن الرئيس إلى ذلك الوقت لم يطلع الكثيرين على مايريد فعله وأن
دائرة أستشارته كانت محدودة ومع هذا نستطيع ان نقرر أن عملية التشاور لم
تكن للتشاور وانما كانت للاعلام فقط . وأن هذه الدائرة لم تتعدى النائب
الأول السابق (على عثمان ) والفريق بكري والفريق أول عبدالرحيم . ونستطيع
أن نقول انه في تلك الفترة أن العلاقة بين النائب الأول السابق والرئيس
تخطت مرحلة التشاور وتحولت الى علاقة بين رئيس ومرؤسمملوءةبكثير من الشك
والحذر وان لقاءتهما تحولت الى مطلوبات تجميل الصورة أمام الاتباع.
امالفريق
بكري والفريق أول عبدالرحيم فعلى الرغم من الود والوفاء الذى يعمر علاقتهم
بالرئيس الا أنها في الجانب الرسمى لم تخرج فى يوم من الأيام عن دائرة
….العسكرية.
لذلك
عندما بدأ الاعداد لخطاب الوثبه اتسعت دائرة التشاور وهناك ظهرت مجموعة في
داخل الحكومة غير موافقة علي طرح الرئيس لان في ذلك تهديداً لمصالحها .
غير أنها لاتستطيع ان تقول لا للرئيس ولاتملك جرأة المناصحة ولذلك بدأ
فمنذلك الوقت العمل على إجهاض الحوار بواسطة هذه المجموعة .
هذه
المجموعة كانت وراء كثير من الأحداث المهمة الأخيرة وهى لاتستطيع مناصحة
الرئيس لكنها تستقل بساطة الرئيس في معاملة من حوله ، وتعلم الاوقات التى
ترسل فيها رسائلها . والرئيس بطبعه السودانى ،وصفات (ود البلد )تملأ نفسه ،
هذا اضافة إلى أنه لماح وذكى جداً ،فمن خلال رسائلهم يعرف مايريدون
ولايتردد في الأستجابة لمطلوباتهم .
هذه المجموعة كذلك تعرف نقاط ضعف الرئيس ومنها (عفويته ) وسرعة استجابته وردة فعله ، فلايستبعد ان تخطط وتدبر لإثارة الرئيس .
ولايستبعد
ان يكون ماتم في في مؤتمر ولاية الخرطوم كان من تدبير هذه المجموعة فكانت
تصريحات الرئيس التى نسفت الحوار تماماً . ولايستبعد كذلك أنها كانت وراء
تصريحات الصادق المهدى وماتم ومن تسريب معلومات له وكذلك مباركة الرئيس
عندما تمت استشارته لإعتقال السيد الصادق المهدى .
ان
إعتقال الصادق المهدى لايمكن أن يكون قد تم دون استشارة الرئيس .وتصريحات
الرئيس في مؤتمر ولاية الخرطوم والذى رفض فيه أعلان باريس وإتفاق أديس
أبابا مهدداً الصادق المهدى بالإعتقال اذا لم يتبرأ ويغتسل من إتفاق باريس ،
والتراجع عن مسألة الحريات التى أعطيت للأحزاب والصحف ،والأصرار علي قيام
الانتخابات في موعدها ،يوضح أن الرئيس الذى أصبح الأمر بيده هو فقط مع غياب
الناصح والمشاور في أجهزته تماماً ، بعد ذهاب مجموعة (الصقور) أن الحوار
قد تحول من هدف أستراتيجى إلى هدف تكتيكى .
وهذا
الأمر جعل معظم ان لم نقل كل القوى التى كانت تعتقد أن هناك فرصه لاجراء
حوار حقيقى يؤدى إلى أخراج السودان من أزماته قد أصيب بخيبه .
ولقرأة مواقف المعارضه في الحوار نبدأ بمواقف حزب الأمه القومى وموقف رئيسيه الصادق المهدى .
وكما
ان الحكومة والمؤتمر الوطنى قد تم اختزالهما في شخص الرئيس فكذلك المال في
حزب الأمة اذ تم اختزل مواقفه في الصادق المهدى . ويبدو ان ذلك سمة كل
الأحزب في دول العالم الثالث والسودان بصورة خاصة ، حيث مازالت عقلية رئيس
القبيلة هى التى تسطير على الحياة السياسية والإجتماعية .
الصادق
المهدى كان من أكثر الشخصيات دعوة للتغيير السلمى وهو يري لحل مشكلة
السودان لابد أن يكون المؤتمر الوطنى جزاءاً من الحل . ويري أن الحركات
المسلحة ستكون اسوأ من المؤتمر الوطنى اذا نجحت في هزيمة المؤتمر الوطنى
عسكرياً . مع ايمانه بأنها لن تقدر على ذلك .
كانت
أستجابة المهدى للدعوة للحوار التى أطلقها الرئيس صادقة . ولا يأخذنا أدنى
شك فأن حضوره إلى إجتماع قاعة الصداقة يوم 6أبريل 2014م قد سبقته لقاءات
عدة قربت وجهات النظر بينه وبين الحكومة . ولكن صدمة الصادق المهدى كانت
كبيرة في حضور (نسيبه اللدود ) الدكتور حسن الترابي ذلك الإجتماع .
الذى
كان يوم 6أبريل 2014م الا انه انقلب مائة وثمانون درجة يوم الجمعة 11أبريل
2014م وترجم ذلك في خطاب القاءه في خطبة الجمعة بمسجد السيد عبدالرحمن
واضعاً بمجموعة من الاشتراطات الجديده بخلاف ماقاله في قاعة الصداقة 6أبريل
2014م وأصبح يماحك في تحديد من يمثله في مجموعة (7+7) و أصبحت المجموعة
التى لاترغب في الحوار في داخل المؤتمر الوطنى والصادق المهدى جاهزين
لافساد الحوار فكانت مهاجمة الصادق المهدى لقوات الدعم السريع ثم كان
اعتقال الصادق المهدى . ثم كان خروج الصادق المهدى يعد إطلاق سراحه وهكذا
تطورات الأحداث الى ماذكرنا .
لايمكن
ان يكون الحوار ناجحاً مالم يستوعب الجميع، استبعاد ايه طرف من الحوار
مهما كان حجمه ،ناهيك في أن يكون بحجم الصادق المهدى وحزبه . لن يؤدى
الأتفاق حتى ولو تم الى استقرار السودان ، وهو المطلوب من الحوار . للأسف
أن كل المسائل السياسيه تدار في السودان وفق المقاييس والمعايير الشخصية ،
وتحول مفردات مثل (الحب )و(الكره) إلى حد كبير للحيلولة دون الإتفاق بين
كثير من القادة السياسين.
أما
بقية الأحزاب المعارضة ومايسمي بقوى الإجماع الوطنى فأن مابين مكوناته
عدواة وبغضاً أكثر مما بينها وبين المؤتمر الوطنى . ولكن مايجمعها هو
عدؤاها للمؤتمر الوطنى .
وعلى
خلفية مهاجمة أبو عيسي رئيس قوى الإجماع الوطنى لمجموعة أعلان باريس تنادى
حوالى عشرين حزباً معارضاً على رأسهم حزب الأمة واعلنوا اعتزالهم تدشين
تحالف جديد وسينطلق ذلك من دار حزب الأمة . ويكفى أن هذه الأحزاب ليس لديها
برامج محددة . وأن كل برنامجها هوردة فعل بمايقوله أو يفعله المؤتمر
الوطنى . وحتى هذه فانهم لم يجتمعوا حتى الآن لتشكيل رأى موحد من عملية
الحوار مقابل لمطالب ودعوة المؤتمر الوطنى .
أما
الأحزاب التى قبلت الدعوة للحوار غير حزب الأمة ، خاصه الأحزاب التى خرجت
في عباءة المؤتمر الوطنى (السلام العادل )و(التغيير الآن )وغيرهما فد أنقلب
تفاؤلها يأساً بعد تصريحات الرئيس الشير الأخيرة في مؤتمر ولاية الخرطوم
ويظهر ذلك في تصريحات الدكتور غازى صلاح الدين والمهندس الطيب مصطفي وأسامة
توفيق وكمال عمر في المؤتمر الشعبي .
تبقى
أحزاب اليسار في شيوعين وناصرين وبعثيين فهى أصلاً لم تثق لحظه في صدق
المؤتمر الوطنى . بالأضافة للحواجز النفسيه العميقة التى تم بناءها وحفرها
عبر حقب الصراع السياسي في السودان بينها وبين الاسلامين منذ أنقلاب عبود
وحتى أنقلاب الأنقاذ في 1989م ، والذين مازالوا لايرون ان هناك بديلاً لحل
أزمة السودان غير إسقاط النظام الحالى . وقد أكد لهم خطاب الرئيس الأخير
ضرورة العمل على ذلك ، هذا أضافة لشماتتهم من الأحزاب التى أستجابت لدعوة
الرئيس للحوار . لايختلف حال الحركات المسلحة عن حال الأحزاب المعارضة
سواءاً كان في الاختلافات العميقه بينهم وبين أحزاب المعارضة ، أو في حالة
الضعف السياسي والعسكري التى يمرون بها . ولايجمع بينهم رابط غير العداء
والكره وضرورة إسقاط المؤتمر الوطنى بقوة السلاح . وفى أعلان باريس لم يتم
استبعاد الحل العسكري لإسقاط النظام كما تم الترويج لذلك .
وأخيراً
يبقى العمل الخارجى والذى أصبح مرتبطا ارتباط وثيقاً بمشاكل السودان .
ويبقى هو الأمل في ممارسة الضغط على كافة الأطراف سواءاً كانت الحكومة او
مكونات المعارضة . ويمكن ان يحقق نجاحاً في ذلك ولكن ليست لمصلحة السودان
وأنما لمصلحته وتحقيق أهدافه ، واذا علمنا التقاطعات بين قوى الخارج
المرتبطه بالسودان لادركنا مدى خطورة المستقبل الذي ينتظر السودان. والذي
يقوده إليه أبناؤه.
يبقى
هناك أملاً بعيداً خافتاً يتمثل في شخصية الترابي، إذا كان التغيير في
مواقفه تجاه الديمقراطية والقبول بالآخر نابعاً من موقف فكري أصيل، غير
مرتبط بموقعه المعارض والمصارع للبشير على السلطة، وأن يتجاوز الضعف البشري
فيما يتعلق بـ(كرهه) للصادق المهدي. معتمداً على ما تبقى من بعض احترام
وبعضاً من أسى وحسرة للبشير على ما فرط في جنبه!!
ناتج
الحوار لابد أن يؤدي إلى اتفاق يؤدي إلى أمن واستقرار السودان، وهذا لن
يتحقق في الوضع الحالي إلا أن يتم استيعاب الجميع دون استثناءاً لأحد. وهذا
لن يتم الا باستخدام كافة المعايير التي تفضي للمشاركة الشاملة. ولا يتم
ذلك الا باستخدام الانتخاب المباشر و استخدام التمثيل النسبي ولا باستخدمها
معاً ولاباستخدام التمييز الايجابي. ولا يتحقق الاستقرار إلا باستخدام
كافة الطرق التي ذكرناها زائداً شراء بعض الذين تضيق المواعين السابقة عن
استيعابهم، ليس شراءاً نقدياً إنما بالإستجابه إلى ما يطلوبنه إذا كان
منصباً أو استحقاقات يطلبونها لمناطقهم.
الرئيس
الآن أمامه فرصة تاريخية ليحتل مكانه بين عظماء الأمة. المعارضة الآن في
أضعف حالاتها ولا تستطيع أن تفعل شيئاً (فهي رازة ونطّاحة) هذا وفق معطيات
اليوم ولا أحد يدري كيف سوف يكون غداً. كل أسباب القوة اليوم في يد الرئيس
ولا ندري كيف سوف يكون غداً، فلابد أن يقفل الرئيس أذنه عن الذين لا
يستطيعون النصح والذين لا تهمهم إلا مصالحهم الضيقة.
وأن
تكون بداية الوثبة الثانية من المحطة التي قابل فيها الرئيس ثامبو أمبيكي
وتم الاتفاق الكامل بينهما وزين الرئيس ذلك الاجتماع واكراماً وتشجيعاً
للسيد أمبيكي بإطلاق صراح إبراهيم الشيخ فإن ذلك يجب ما تم من بعده.
وليكن شعار المرحلة رائعة أبو قطاطي في حضرة المشير نميري :
شن بتقولوا في السال دمعوا يروي قتيلو
في الفرح البعذب سيدو
في الريد البضيع زولو
في الشال هموم الناس
وهمو العندو غالبو يشيلو
في الراضي بالحرمان ولا راضي الحنان يمشيلو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق