الأربعاء، 28 يناير 2015

الرحيق المُختَّم في صفات وسجايا النبي الأكرم..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني

الرحيق المُختَّم في صفات وسجايا النبي الأكرم..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني



لقد
جمع الله تعالى في نبينا المصطفى محمد الصفات الكريمة والأخلاق الفاضلة،
فهو أفضل من وحد الله وعبده وأخبت إليه وأناب، وهو أرحم الخلق وأحلمهم
وأشجعهم وأنفعهم للناس وأكثرهم عليهم حرصاً، واختاره ليكون رسول آخر الأمم،
فكان داعياً ومبشراً ونذيراً، وحري بأمته أن تنشر صفاته وسجاياه وتجتهد
لتوصلها إلى تلك الأمم الكافرة السادرة في غيّها التي عادت هذا النبي
الأكرم وهذا الدين الأعظم، ومما أضعه وأتشرف بالإسهام به في هذه الأيام
التي يجتهد فيها كثيرٌ من الموفقين لنشر أقوال وأعمال وصفات النبي الكريم
محمد صلى الله عليه وسلم، وأنتقي من ذلك ما له علاقة وصلة بالدعوة إلى الله
فأقول:


لقد استجاب عليه الصلاة والسلام لأمر له الله عندما أمره بالدعوة إليه
«فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ» وقال تعالى:
«وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» فالنبي صلى الله عليه وسلم استجاب
لأمر الله عز وجل. وفي هذا أن الداعية ومن يدعو إلى الله ينبغي ألا يشغله
الناس عن أهله وأقاربه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ»، فأولى الناس
بالدعوة هم الأقربون ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما صعد في جبل
الصفا ونادى بعض قرابته يا حمزة ـ يا صفية ـ يا فاطمة بنت رسول الله سليني
من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً.


أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت دعوته موجهة للرجال والنساء و الصبيان
والمشركين والمؤمنين والطائعين والعصاة فلم ينشغل بأفراد من الناس ويترك
الآخرين، كانت دعوته لكل الناس، لم يكتف بالرجال بل جعل يوماً للنساء يعظهن
فيه ولما خطب الرجال في العيد انصرف إلى النساء وخطبهن وأمر النساء أن
يخرجن إلى المصلى في العيد ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. وكذلك كانت دعوته
للمشركين والصبيان نراه يزور غلاماً يهودياً يدعوه إلى الإسلام ويقول الحمد
الله الذي أنقذه بي من النار فالدعوة تشمل الكل وهذا شأنه عليه الصلاة
والسلام.


أن النبي صلى الله عليه وسلم صبر في دعوته إلى الله فقد ذاق أنواعاً من
الأذى ـ وهذا شأن الأنبياء ـ ولم يقابلها إلا بالصبر لأن الله أمره بقوله
«فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ» واجه الأذى
الحسي والمعنوي. الأذى الحسي: في يوم أحُد كسرت رباعيته وترُقوته وغارت
حلقتا المِغفر في خده. ضربه أهل الطائف وآذوه لما ذهب إلى ثقيف وغيرها.

الأذى
المعنوي: كادوا له، قالوا إنه ساحر وكاهن وشاعر ومجنون وغير ذلك مما ذكر
في القرآن الكريم. «أم يقولون ساحر نتربص به ريب المنون» «ولقد استهزئ برسل
من قبلك». وكانوا يقولون أبتر «إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» وغيرها.
فقد واجه كل أنواع الأذى بالصبر وقد ذكر الإمام محمد بن عبدالوهاب المسائل
الأربع بقوله : يجب علينا أن نتعلم أربع مسائل: «العلم والعمل به والدعوة
إليه والصبر على الأذى فيه» «وكل من يدعو إلى الله عز وجل عليه أن يتزود
بالصبر ولا بد أن يتخلَّق به.


أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رفيقاً في دعوته رفيقاً بأتباعه وكان
حريصاً على هداية الناس ولذلك قال الله في سورة التوبة عنه: «لَقَدْ
جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ» لذلك لم يخيّر بين
أمرين إلا اختار أيسرها ما لم يكن إثماً ولم يكن يكلف أحداً بما لا يستطيعه
بل قعد قاعدة عامة عندما قال «إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم
بأمر فأتوا منه ما استطعتم» * وقال فيما معناه : «إن الله يحب الرفق ويعطي
على الرفق ما لا يعطي على غيره». ولما شكي إليه أن معاذاً أطال عليهم
الصلاة قال أفتَّان أنت يا معاذ؟ وعندما بال الإعرابي في المسجد وجهه بأحسن
توجيه.


كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ صادقاً في كل أحواله ومع كل الناس بل حتى مع
حلفائه كاليهود الذين حالفهم في المدينة وغيرهم. وحرم الغدر والكذب والظلم
ويجمع هذا وغيره قول الله تعالى: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»،
فالصدق لا بد أن يكون من حلية الداعية والكذب خطير والمؤمن لا يكذب» الكذب
يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار» والرجل الذي يصدق ويتحرى الصدق
يكتب عند الله صديقاً كما جاء ذلك في الحديث.


اهتم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالدعوة إلى أساس هذا الدين: التوحيد
والإيمان بالله لأن الله أمره بهذا فدعا إلى التمسك بالعقيدة والاستقامة
عليها والحذر من الشرك وهذا ما اتفق عليه كل الأنبياء وما من نبي إلا وقد
دعا إلى عبادة الله وحذر من للشرك. فحذر هذه الأمة من الوقوع في الإشراك
بالله تعالى ومما قال في ذلك: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما
أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله». أيضاً للذي قال «ما شاء الله وشئت» قال
له: «أجعلتني لله نداً قل ما شاء الله وحده».

اهتم
النبي صلى الله عليه وسلم بالعقيدة والتوحيد وتصحيح المعتقد لأن الإنسان
لا يفلح إلا إذا كان إيمانه صحيحاً ومعتقده سليماً ولذلك كان عليه الصلاة
والسلام يهتم بهذا الجانب، وكان إذا أرسل من يدعون إلى الله فإنه يوصيهم
بأن يكون أول ما يدعون إليه الشهادة وهي أساس الإسلام وأصله والأدلة على
ذلك كثيرة منها:ـ


اهتم ـ عليه الصلاة والسلام ـ في دعوته بالأولويات فجعل الجانب الأهم قبل
الجانب المهم فيقدم ما حقه التقديم، وما يمكن أن يؤخره أخره. لذلك يقول
لمعاذ «ليكن أو ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول
الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في
اليوم والليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله كتب عليهم صدقة تؤخذ
من أغنائهم وترد على فقرائهم» الشاهد: أنه رتَّب الأولويات فأول ما قال
الشهادة وقيدها بشرط وهو أن يعملوا بذلك ويطيعونه فيها. ولم يكن في «العهد
المكي» الأحكام كالصوم والزكاة والحج والصدقة وغيرها، وإنما كان التركيز
على تقرير التوحيد وإبطال الشرك. رتب الأولويات فإن المصلي لا تنفعه صلاته
قبل الدخول في الإسلام ولو صلى شخص ألف عام بدون شهادة لا يقبل منه شيء
وكذلك الزكاة مرتبطة بالصلاة التي قبلها ولذلك ينبغي على من يدعو إلى الله
أن يراعي الأولويات فإذا وجد شخصاً مقصراً في جانب عظيم فإنه يبدأ بالأشد
خطراً مثل: شخص يقع في الشرك ولا يزكي فنبدأ بالدعوة معه إلى التوحيد ثم
الزكاة.


8 ـ استغل ـ عليه الصلاة والسلام ـ جلَّ أوقاته وكل مناسباته في الدعوة
إلى الله فإذا كان في غزوة دعا إلى الله، وفي حجة دعا إلى الله وإذا كان في
السوق دعا إلى الله وإذا كان مع زوجاته دعا إلى الله وإذا كان في المسجد
دعا إلى الله بل دعا إلى الله وهو على فراش الموت فكان يغتم عليه الصلاة
والسلام وكان يتصبب عرقاً وكان توضع خميصة في وجهه فإذاكشفها قال: «لعنة
الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وكان ذلك في بيت
عائشة رضي الله عنها.

ومن
آخر ما قال وهو يدعو صحابته وأهله والأمة كان يقول: «الصلاة الصلاة وما
ملكت أيمانكم» دعا إلى الله وهو في لحظة السكرات فغيرها من باب أولى، وكان
يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
الانتباهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق