كيف تلاحقك إعلانات الإنترنت؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني
د. محمد أنس طويلة*
لا
بد أنك تساءلت يوماً أثناء تصفحك شبكة الإنترنت عن ملاحقة إعلان ما
لخطواتك من موقع لآخر، وظهوره أمامك أينما ذهبت في أرجاء هذه الشبكة
الواسعة.
فإذا
ساورك الفضول مثلاً لمعرفة أسعار غرف الفنادق في مدينة روما خلال موسم
الصيف، ودفعك هذا الفضول إلى تفقد الأسعار في أحد مواقع خدمات السفر،
ستلاحظ فجأة أن معظم إعلانات الإنترنت التي ستعرض لك بعد ذلك تتمحور حول
الغرف الفندقية في روما، حتى بعد خروجك من موقع خدمات السفر الذي استخدمته
وذهابك إلى مواقع أخرى، بل حتى بعد أن تترك حاسوبك أو هاتفك الجوال لعدة
أيام قبل أن تعود لتصفح الشبكة من جديد.
ستلاحظ
أيضاً أن المعلومات المعروضة في الإعلان تناسب معايير بحثك بشكل كبير، فقد
تجد إعلانات للفنادق التي استعرضت أسعارها دون غيرها، وقد تلاحظ أن العروض
المقدمة لك في الإعلان تتطابق مع تواريخ السفر التي أدخلتها أثناء بحثك.
وإذا لم تنصع لمغريات هذه الإعلانات، فستجدها تلاحقك من موقع لآخر لفترة
طويلة من الزمن، ربما حتى يفقد المعلنون الأمل في إقناعك بالحجز في
فنادقهم.
"يستطيع المعلنون تقفي أثرك على شبكة الإنترنت من خلال تقنية تدعى
"الإعلانات الموجهة بناء على تصرفات المستخدم Behavioural Advertising""
يستطيع
المعلنون تقفي أثرك على شبكة الإنترنت من خلال تقنية تدعى "الإعلانات
الموجهة بناء على تصرفات المستخدم" (Behavioural Advertising)، والتي تعتمد
على متابعة وتحليل أنشطة المستخدم عبر شبكة الإنترنت لتقييم احتياجاته
ورغباته لتقوم بدورها بعرض إعلانات تناسب هذه الاحتياجات والرغبات.
ويختص
عدد كبير من الشبكات الإعلانية بإدارة عملية تتبع المستخدم هذه لمراقبة
المواقع التي يقوم المستخدم بزيارتها وتحليل اهتماماته ورغباته لغايات
إعلانية بحتة، ولا تنحصر تغطية هذه الشبكات الإعلانية في موقع واحد أو عدد
محدود من المواقع، بل تتابع تحركات المستخدم في عدد كبير من المواقع التي
يرتادها عبر شبكة الإنترنت.
ولكي
تتمكن هذه الشبكات من تتبع أثر المستخدم عبر المواقع المختلفة فإنها
تستخدم برمجيات صغيرة تدعى "الكعكات" (Cookies)، فعندما يقوم المستخدم
بزيارة موقع مشترك مع إحدى هذه الشبكات فإنها تزرع في جهازه (الحاسوب أو
الهاتف النقال) نصاً برمجياً صغيراً يدعى بـ"الكعكة" (Cookie) يتيح للشبكة
متابعة تحركات المستخدم ضمن هذا الموقع وحتى عند خروجه منه وتوجهه نحو
مواقع أخرى.
قد
تروق فكرة الإعلانات الموجهة لبعض مستخدمي شبكة الإنترنت، ولكن البعض
الآخر يعتبرها انتهاكاً للخصوصية، خاصة أنها ستتابع تحركاته في جميع
المواقع التي يقوم بزيارتها.
نتيجة
للضغوط التي تعرضت لها شبكات الإعلانات بسبب ما اعتبره كثيرون انتهاكاً
لخصوصيتهم، لا سيما أن هذه الشبكات لا تستأذن المستخدم قبل زرع "كعكة" تقفي
الأثر في جهازه، فإن نحو مائة شبكة من هذه الشبكات اجتمعت وأسست عام 2000
"مبادرة الشبكات الإعلانية" (Network Advertising Initiative)"، والتي تسعى
إلى وضع معايير جمع البيانات واستخدامها في أنشطة الشبكات الإعلانية.
"بما أن هذه "الكعكات" (Cookies) مزروعة في ذاكرة الجهاز، فإنها لن
تزول عند إطفائه أو إعادة تشغيله، وستبقى مستمرة في متابعة تحركات المستخدم
أينما حل أو رحل"
من
أبرز الأدوات التي تتيحها مبادرة الشبكات الإعلانية للمستخدمين خدمة حجب
الشبكات الإعلانية من أجهزتهم، والتي يمكن الوصول إليها عبر الرابط التالي:
(http://www.networkadvertising.org/choices) والتي تمكنهم من اكتشاف
"الكعكات" التي قامت الشبكات الإعلانية بزرعها في أجهزتهم، وتتيح لهم خيار
حذف هذه "الكعكات" ومنع الشبكات الإعلانية المختارة من زرع أي "كعكات" أخرى
في المستقبل. لن تتمكن هذه الشبكات من تتبع أنشطة المستخدم بعد حذف
"كعكاتها"، وبالتالي لن تقوم بعرض إعلانات جديدة بناء على تصرفات هذا
المستخدم عبر شبكة الإنترنت.
لكن
أعضاء مبادرة الشبكات الإعلانية لا يشكلون جميع الشبكات الإعلانية على
شبكة الإنترنت، وبالتالي من المحتمل أن تبقى بعض "الكعكات" التي زرعتها
شبكات أخرى لم تنضم إلى هذه المبادرة موجودة في جهاز المستخدم، لتبقى هذه
الشبكات قادرة على متابعة أنشطته وتوجيه الإعلانات المتناسبة معها.
هناك
وسائل أخرى للتعامل مع هذه الشبكات، منها مثلاً استخدام إضافات المتصفح
"Browser Extension" التي تقوم بحجب الإعلانات أو منع زرع "الكعكات" في
المقام الأول، أو استخدام بعض الأدوات البرمجية لكشف "الكعكات" وإزالتها.
لكن الحل الأنسب ربما يكمن في سن قوانين وتشريعات تجبر جميع الشبكات
الإعلانية على طلب إذن المستخدم قبل زرع أي "كعكة" أو برمجية أخرى في جهازه
لتقفي أثره وتتبع أنشطته لكي لا تستمر هذه الشبكات في استغلال جهل
المستخدمين بغاياتها وأساليبها لانتهاك خصوصيتهم وبيع معلوماتهم الشخصية.
ــــــــــــــــــ
باحث أكاديمي وخبير في مجال أمن وأنظمة المعلومات.
المصدر : الجزيرة
د. محمد أنس طويلة*
لا
بد أنك تساءلت يوماً أثناء تصفحك شبكة الإنترنت عن ملاحقة إعلان ما
لخطواتك من موقع لآخر، وظهوره أمامك أينما ذهبت في أرجاء هذه الشبكة
الواسعة.
فإذا
ساورك الفضول مثلاً لمعرفة أسعار غرف الفنادق في مدينة روما خلال موسم
الصيف، ودفعك هذا الفضول إلى تفقد الأسعار في أحد مواقع خدمات السفر،
ستلاحظ فجأة أن معظم إعلانات الإنترنت التي ستعرض لك بعد ذلك تتمحور حول
الغرف الفندقية في روما، حتى بعد خروجك من موقع خدمات السفر الذي استخدمته
وذهابك إلى مواقع أخرى، بل حتى بعد أن تترك حاسوبك أو هاتفك الجوال لعدة
أيام قبل أن تعود لتصفح الشبكة من جديد.
ستلاحظ
أيضاً أن المعلومات المعروضة في الإعلان تناسب معايير بحثك بشكل كبير، فقد
تجد إعلانات للفنادق التي استعرضت أسعارها دون غيرها، وقد تلاحظ أن العروض
المقدمة لك في الإعلان تتطابق مع تواريخ السفر التي أدخلتها أثناء بحثك.
وإذا لم تنصع لمغريات هذه الإعلانات، فستجدها تلاحقك من موقع لآخر لفترة
طويلة من الزمن، ربما حتى يفقد المعلنون الأمل في إقناعك بالحجز في
فنادقهم.
"يستطيع المعلنون تقفي أثرك على شبكة الإنترنت من خلال تقنية تدعى
"الإعلانات الموجهة بناء على تصرفات المستخدم Behavioural Advertising""
يستطيع
المعلنون تقفي أثرك على شبكة الإنترنت من خلال تقنية تدعى "الإعلانات
الموجهة بناء على تصرفات المستخدم" (Behavioural Advertising)، والتي تعتمد
على متابعة وتحليل أنشطة المستخدم عبر شبكة الإنترنت لتقييم احتياجاته
ورغباته لتقوم بدورها بعرض إعلانات تناسب هذه الاحتياجات والرغبات.
ويختص
عدد كبير من الشبكات الإعلانية بإدارة عملية تتبع المستخدم هذه لمراقبة
المواقع التي يقوم المستخدم بزيارتها وتحليل اهتماماته ورغباته لغايات
إعلانية بحتة، ولا تنحصر تغطية هذه الشبكات الإعلانية في موقع واحد أو عدد
محدود من المواقع، بل تتابع تحركات المستخدم في عدد كبير من المواقع التي
يرتادها عبر شبكة الإنترنت.
ولكي
تتمكن هذه الشبكات من تتبع أثر المستخدم عبر المواقع المختلفة فإنها
تستخدم برمجيات صغيرة تدعى "الكعكات" (Cookies)، فعندما يقوم المستخدم
بزيارة موقع مشترك مع إحدى هذه الشبكات فإنها تزرع في جهازه (الحاسوب أو
الهاتف النقال) نصاً برمجياً صغيراً يدعى بـ"الكعكة" (Cookie) يتيح للشبكة
متابعة تحركات المستخدم ضمن هذا الموقع وحتى عند خروجه منه وتوجهه نحو
مواقع أخرى.
قد
تروق فكرة الإعلانات الموجهة لبعض مستخدمي شبكة الإنترنت، ولكن البعض
الآخر يعتبرها انتهاكاً للخصوصية، خاصة أنها ستتابع تحركاته في جميع
المواقع التي يقوم بزيارتها.
نتيجة
للضغوط التي تعرضت لها شبكات الإعلانات بسبب ما اعتبره كثيرون انتهاكاً
لخصوصيتهم، لا سيما أن هذه الشبكات لا تستأذن المستخدم قبل زرع "كعكة" تقفي
الأثر في جهازه، فإن نحو مائة شبكة من هذه الشبكات اجتمعت وأسست عام 2000
"مبادرة الشبكات الإعلانية" (Network Advertising Initiative)"، والتي تسعى
إلى وضع معايير جمع البيانات واستخدامها في أنشطة الشبكات الإعلانية.
"بما أن هذه "الكعكات" (Cookies) مزروعة في ذاكرة الجهاز، فإنها لن
تزول عند إطفائه أو إعادة تشغيله، وستبقى مستمرة في متابعة تحركات المستخدم
أينما حل أو رحل"
من
أبرز الأدوات التي تتيحها مبادرة الشبكات الإعلانية للمستخدمين خدمة حجب
الشبكات الإعلانية من أجهزتهم، والتي يمكن الوصول إليها عبر الرابط التالي:
(http://www.networkadvertising.org/choices) والتي تمكنهم من اكتشاف
"الكعكات" التي قامت الشبكات الإعلانية بزرعها في أجهزتهم، وتتيح لهم خيار
حذف هذه "الكعكات" ومنع الشبكات الإعلانية المختارة من زرع أي "كعكات" أخرى
في المستقبل. لن تتمكن هذه الشبكات من تتبع أنشطة المستخدم بعد حذف
"كعكاتها"، وبالتالي لن تقوم بعرض إعلانات جديدة بناء على تصرفات هذا
المستخدم عبر شبكة الإنترنت.
لكن
أعضاء مبادرة الشبكات الإعلانية لا يشكلون جميع الشبكات الإعلانية على
شبكة الإنترنت، وبالتالي من المحتمل أن تبقى بعض "الكعكات" التي زرعتها
شبكات أخرى لم تنضم إلى هذه المبادرة موجودة في جهاز المستخدم، لتبقى هذه
الشبكات قادرة على متابعة أنشطته وتوجيه الإعلانات المتناسبة معها.
هناك
وسائل أخرى للتعامل مع هذه الشبكات، منها مثلاً استخدام إضافات المتصفح
"Browser Extension" التي تقوم بحجب الإعلانات أو منع زرع "الكعكات" في
المقام الأول، أو استخدام بعض الأدوات البرمجية لكشف "الكعكات" وإزالتها.
لكن الحل الأنسب ربما يكمن في سن قوانين وتشريعات تجبر جميع الشبكات
الإعلانية على طلب إذن المستخدم قبل زرع أي "كعكة" أو برمجية أخرى في جهازه
لتقفي أثره وتتبع أنشطته لكي لا تستمر هذه الشبكات في استغلال جهل
المستخدمين بغاياتها وأساليبها لانتهاك خصوصيتهم وبيع معلوماتهم الشخصية.
ــــــــــــــــــ
باحث أكاديمي وخبير في مجال أمن وأنظمة المعلومات.
المصدر : الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق