الاثنين، 26 يناير 2015

أروشا وجذور المشكلة الجنوبية - روان للإنتاج الإعلامي والفني

أروشا وجذور المشكلة الجنوبية - روان للإنتاج الإعلامي والفني



هل
بالفعل أتى حزب (شاما شا ما بيندوزي) الحاكم في تنزانيا، بما لم تستطعه
الإيقاد وبقية دول المنطقة في لجْم الحرب في دولة جنوب السودان، وتحقيق
السلام وتوقيع اتفاقية سلام بين الطرفين المتحاربين، وإعادة توحيد الحركة
الشعبية الحاكمة التي قسَّمتها الحرب بعد أقل من ثلاثة أعوام من الانفصال،
الى ثلاث مجموعات بينها ما صنع الحداد..؟! أم أن هناك عوامل أخرى وأرحاماً
متنوعة، خُصِّبت فيها بويضة المبادرة التنزانية التي جاء جنينها بالملامح
التي وُلد بها..؟ وهل نجح بالفعل حزب في دولة ليست لها سابق علاقة
وتدخُّلات مباشرة في قضية جنوب السودان لا من قريب ولا من بعيد، في حل قضية
عجزت عنها هيئة وآلية الإيقاد بدولها السبع، أم أن الاتفاق الذي أُبرم في
أروشا شمال تنزانيا الأربعاء الماضي، سيكون مصيره هو مصير الاتفاق السابق
في أديس أبابا بين حكومة جنوب السودان ومجموعة د.رياك مشار التي تقود
المعارضة المسلحة؟..

>
في واقع الأمر، ليس هناك من جديد في الاتفاق الجديد، إلا وجود طرف ثالث هم
مجموعة المعتقلين السياسيين السابقة الأحد عشر قيادياً، وهم المستفيد
الأول من هذا الاتفاق، ثم الترتيبات التي تجري لإعادة إحياء الحركة الشعبية
ونفخ الروح في خلاياها، ومحاولة رسم طريق جديد لبناء دولة أقعدتها الحرب
والمواجهات والانقسامات..

>
فماذا كانت المبادرة التنزانية ومن يقف وراءها..؟ فالإجابة سهلة للغاية.
فقد شعرت القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة، أن منبر الإيقاد التفاوضي
والخلاف حول وجود القوات اليوغندية وحسابات دول الإيقاد، كلٌ على طريقها قد
يعقِّد الحلول ولا يجلبها بالسرعة المطلوبة، خاصة أن هناك مُعطيات ذات
حساسية شديدة داخل الإيقاد، لا تنسجم مع التصوُّرات الغربية (الأمريكية
بالتحديد)، لكيفية صناعة التسوية السياسية في دولة جنوب السودان وإعادة بعض
قيادات السلة الأمريكية من القادة الجنوبيين إلى مؤسسات الحكم مرة أخرى
بعد أن خرجوا منها قبيل وبعد تمرد مشار، ومن بينهم السجناء الأحد عشر.

>
ورأت الحكومات الغربية التي ترعى الدولة الوليدة منذ ولادتها وهي لم تُفطم
بعد، أن طريق الإيقاد هو الأطول في مساعي حل الصراع الجنوبي، فحرَّكت
مبادرة جديدة بالتنسيق مع حزب شاما شا ما بيندوزي التنزاني، بعد إجراء
اتصالات إقليمية ودولية مكثَّفة مع عدة عواصم إقليمية ودولية لإنجاحها،
ووضع الجميع في مربع جديد..

>
لكن المهم في هذه الخطوة، ما هي ضمانات نجاح الاتفاق وصموده؟. فالشكوك
تتعاظم بعد يومين من توقيع الاتفاقية بين حكومة سلفا كير ورياك مشار
ومجموعته، والطرف الثالث حول مدى قدرة الأطراف في الإيفاء بالتزاماتها
كاملة وبسرعة. فالاتفاقية لم تخاطب جذور المشكلة الجنوبية وحالة الشرخ
الاجتماعي والسياسي التي ضربت بأطنابها في أرض الدولة الجديدة، فهي حلت
مشكلة الحركة الشعبية الحاكمة في دولة الجنوب في محاولة إنتاجها من جديد،
لكنها لم تخاطب الجذر الحقيقي الذي قاد للصراع، ومشتملات الاتفاقية
الموقَّعة تحتاج الى تفاصيل ومُكمِّلات كثيرة حتى تصل الى المسار المطلوب
للحل، وهناك قضايا كثيرة وكبيرة لا تزال قادرة على توفير خميرة الحرب من
جديد، لم تتطرَّق لها اتفاقية أروشا وسكتت عنها وتركتها لما بعد ترميم
الحركة الشعبية في نسختها المحدثة.

>
ويقول مراقبون في شرق أفريقيا بناء على معلومات وردت في تقارير أعدتها
سفارات غربية في المنطقة، إن الأساس الذي يقوم على الاتفاق، هو أساس هش
يقوم على أرض سبخة، ما لم تقف كل دول المنطقة وخاصة الإيقاد، وتتفق على
تدعيم بنيانه وألا تكتفي بالتأييد السياسي وإعلان مواقف رسمية وإصدار
تصريحات وبيانات مؤيِّدة، فما يجري على الأرض في دولة الجنوب وكيفية تنفيذ
الاتفاق في الشق المتعلق بالجانب العسكري وكيفية لم شمل الجيش الشعبي،
تُعدُّ من أهم عناصر ضعف وفناء اتفاق أروشا..



المصدر: الانتباهة
بقلم الصادق الرزيقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق