الثلاثاء، 21 أبريل 2015

آثار الاختلاط المشؤومة..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني

آثار الاختلاط المشؤومة..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني



وآثار
الاختلاط المشؤومة كثيرة لا تخفى على ذي بصيرة، ومع ذلك فإنه «الواقع
المؤلم» يشير إلى الزيادة وليس النقصان!! فإن الذي آل إليه المظهر العام في
بلادنا إلا من رحم الله: «الاختلاط بين الرجال والنساء» ، في الوظائف
والأعمال، وفي الجامعات، وما أدراك ما الجامعات!! خاصة نحن في زمان أصبح
يدخل فيه كثيرون الجامعات في سن مبكرة إذ هم من: »المراهقين والمراهقات«!!
فإن في هذا الزمان يدخل كثير من الطلاب والطالبات وهم في سن السادسة عشرة
أو السابعة عشرة، وهي المرحلة التي تلي البلوغ مباشرة وهي الذروة فيما
يصطلح عليه التربويون بالمراهقة!! وحدّث عما يترتب على ذلك.

فإن
من يدخل كثيراً من جامعاتنا ومعاهدنا يرى مناظر يندى لها الجبين: شاب
وشابة في مقعد منفرد، آخران تحت شجرة،آخران هناك، وآخران هناك، واختلط
الحابل بالنابل في قاعات العلم والدراسة!! وكان من نتائج ذلك أن أصبحت
أماكن العلم ملتقيات لعرض الأزياء أو أعظم من ذلك!! فانشغلت كثير من
الفتيات بلبسهن ومجاراة الموضة ونزعت كثيرٌ منهن اللباس الذي كانت تلبسه
ولبست لباساً آخر!! وانشغل كثير من الشباب والفتيان بما ينتج من ذلك
الاختلاط المشؤوم وما يستدعيه، وكان من النتائج أن يتخرج طلاب وطالبات معهم
شهادات، ولكن ليس معهم إلا القليل من العلم والمعلومات!! وهو الحد الأدنى
للنجاح!! هذا إن لم يكن بدفعٍ وإعانات!! ولا أظن أني بحاجة إلى تعداد مفاسد
هذا الاختلاط المشؤوم، فذلك معلوم للجاهل قبل العالم!! وللصغير قبل
الكبير!! ولا ينكر ذلك إلا من يكابر ويعاند وينكر ضوء الشمس وهي في وسط
النهار.

وإن
من المؤسف أن بعض بلاد الغرب وعلى رأسها أمريكا توصلت إلى مفاسد التعليم
المختلط!! وأضراره العديدة!! ولكن من يقنع الذيل والتابع؟! فإنه لا يزال في
قناعاته قابعاً!!

وهذا
يذكرنا بسقوط النظرية الشيوعية في بلادها روسيا، ورغم ذلك فلا يزال البعض
يؤمن بتلك النظرية الاشتراكية الإلحادية الفاشلة بجدارة وقد عانت منها
الشعوب الروسية ويلات العذاب!! وهم الآن من أكثر شعوب العالم فقراً وهواناً
وضياعاً للأمن!! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخبر باتباع بعض
هذه الأمة لليهود والنصارى، وبين أنهم سيتبعونهم تبعية »عمياء« فلو دخل
اليهود والنصارى جحر ضب خرب لدخله هؤلاء الصنف من الناس، والعجيب أن تلك
الأمم تخرج من بعض جحورها بعد دخولها فيه »لقناعات دنيوية فقط« ويبقى من
يتبعهم في داخل الجحر، بل ويدافع عن زبالات أفكار أولئك المغضوب عليهم
والضالين!!

والواقع
المؤلم لاختلاط الجنسين لا يقتصر على بعض الجامعات ودور العلم، وإنما هو
في المؤسسات والشركات وكثير من أماكن العمل، وأسوأه وكله سيءــ ما يكون في
صالات الأفراح وأماكن الغناء والفوضى، إلا أنه في الجامعات أخذ شكلاً آخر
وامتد للشوارع والمحطات ، بل وامتدت مجالس المختلطين في الجامعة إلى خارجها
فامتد إلى المطاعم والمقاهي!! بل وأماكن الشيشة!! بل وحتى على »بنابر«
ستات الشاي!! فاللهم رحماك، ولطفك بنا، ولا تؤاخذنا يا رحيم بما فعل ويفعل
السفهاء. فأين هذا وهؤلاء من توجيهات الإسلام؟!

عن
أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ
الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ: اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ
تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ» رواه أبو داود
وغيره وصححه الألباني، يقول الراوي: «فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ
بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ
لُصُوقِهَا بِهِ».

فليت
دعاة الاختلاط ومن يعون فيه يدركون ذلك.. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى
النِّسَاءِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ. قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ« رواه البخاري ومسلم.

فإن
النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ويوجه أمره وتحذيره لأفضل وأطهر وأزكى
مجتمع، ولأناس هم أفضل البشر بعد الأنبياء، إنه مجتمع صحابته الكرام، الذين
أثنى الله تعالى عليهم وزكاهم، وهم الذين جاءتهم البشرى بالجنة، رضي الله
عنهم وأرضاهم. فما بالك بمجتمع كثر فيه أبناء الزنا حتى خصصت لهم دوراً
ترعاهم ؟!! وقال أبو داود في سننه: «باب: اعتزال النساء في المساجد عن
الرجال» ثم ساق بسنده حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: »لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ«.

فإن
الذي حدد باباً للنساء وأمر بعزل النساء عن الرجال، ونهى عن اقتراب النساء
واختلاطهن بالرجال هو النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: »لَوْ تَرَكْنَا
هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ« قَالَ نَافِعٌ مولى عبد الله بن عمر: «فَلَمْ
يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ».

وهم
أهل العبادة والصلاح والقرآن والخوف من الرحمن، جاءهم هذا الأمر وهو توجيه
لهم ولكل الأمة من بعدهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وتزداد الحاجة
لهذا التشريع في واقعنا المؤلم الذي عجّت فيه كثير من الأماكن والشوارع
بهذا الاختلاط المشين. وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: »خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا
آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا«.
رواه مسلم.

قال
النووي في شرحه لهذا الحديث: »وإنما فُضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع
الرجال؛ لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم
وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذُم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم«.

إن
من أهداف الإسلام بعد النساء عن الرجال، وإن المبدأ الإسلامي هو عزل
الرجال عن النساء خلاف المبدأ الغربي الكافر الذي يريد أن يختلط النساء
بالرجال، والذي انخدع به كثير من المسلمين اليوم، وصاروا لا يبالون باختلاط
المرأة مع الرجال، بل يرون أن هذه هي الديمقراطية والتقدم ، وفي الحقيقة
أنها التأخر؛ لأن اختلاط المرأة بالرجال هو إشباع لرغبة الرجل على حساب
المرأة، فأين الديمقراطية كما يزعمون؟! إن هذا هو الجور، أما العدل فأن
تبقى المرأة مصونة محروسة لا يعبث بها الرجال، لا بالنظر ولا بالكلام ولا
باللمس ولا بأي شيء يوجب الفتنة. لكن لضعف الإيمان والبعد عن تعاليم
الإسلام صار هؤلاء المخدوعون منخدعين بما عليه الأمم الكافرة، ونحن نعلم
بما تواتر عندنا أن الأمم الكافرة الآن تئن أنين المريض المدنف تحت وطأة
هذه الأوضاع، وتود أن تتخلص من هذا الاختلاط، ولكنه لا يمكنها الآن فقد
اتسع الخرق على الراقع.. لكن الذي يؤسف له أيضاً من يريد من المسلمين أن
يلحقوا بركب هؤلاء الذين ينادون بما يسمونه الحرية،وهي في الحقيقة حرية
هوى، لا حرية هدى، كما قال ابن القيم ـ رحمه الله:

هربوا من الرق الذي خلقوا له فبلوا برق النفس والشيطان
فالرق
الذي خلقوا له هو: الرق لله عز وجل، بأن تكون عبداً لله، هؤلاء هربوا منه،
وبلوا برق النفس والشيطان، فصاروا الآن ينعقون ويخططون من أجل أن تكون
المرأة والرجل على حد سواء في قاعة الدراسة وفي المكتب، وفي المتجر، وفي كل
شيء؛ وإن الواجب أن يتلقى المسلم تعاليمه من كتاب الله وسنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، ونحن إذا رأينا تعاليم الشارع الحكيم
محمد صلى الله عليه وسلم وجدنا أنه يسعى بكل ما يستطيع إلى إبعاد المرأة عن
الرجل، فيبقى الرسول صلى الله عليه وسلم في مصلاه إذا سلم حتى تنصرف
النساء من أجل عدم الاختلاط، هذا مع أن الناس في ذلك الوقت أطهر من الناس
في أوقاتنا هذه، وأقوى إيماناً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح: «خير الناس قرني ثم الذين الذين يلونهم ثم الذين يلونهم«.

فلتتعاون «كل» فئات هذا المجتمع لتحقيق المعافاة من هذا الاختلاط ومن شروره، أسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال.
الانتباهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق