أسرار الحج - روان للإنتاج الإعلامي والفني
لله
الحكمة البالغة في أحكامه وتشريعاته، ومن أمعن النظر وتدبر في مجمل
التكاليف الشرعية التي كلف الله بها العباد -لتبين له السر الكامن الذي
قصده الشارع الحكيم من ذلك التشريع، وفي مقدمة ذلك تحقيق العبودية لله -عز
وجل-، في امتثال أوامره واجتناب نواهيه.
فالحج
ركن من أركان الإسلام، وهو فرض على المستطيع، والمسلم وهو يؤدي هذه
الشعيرة يستشعر عظمة الله -عز وجل- الذي يُعبَدُ في كل مكان وبكل لسان، فما
من حركة ولا سكون يصدر من الحاج إلا وفيه سر عظيم يدركه من أخلص النية لله
–تعالى-، فالله -جل وعلا- ما شرع شيئاً إلا لحكمة، علمها من علمها، وجهلها
من جهلها، ولو تتبع المسلم شعائر الحج منذ أن يعقد الحاج العزم على الحج
ويركب راحلته متوجهاً إلى بيت الله الحرام -لوجد نفسه في عبادة بل عبادات
متتابعة، فمناسك الحج القولية والفعلية كلها حكم ومقاصد لم تشرع سدى، وإنما
فيها تعبد وتعظيم لله -عز وجل-، منذ أن يلبي الحاج النداء بقوله:"لبيك
اللهم لبيك" فهذا بداية الاستجابة لله -عز وجل-، وهذا غاية الامتثال
والطاعة، وهو وفاء بالعهد الذي أخذه المسلم على نفسه، ودخول في العبادة
التي يستشعر الحاج حلاوتها، وتطمئن نفسه إليها، وكل حاج تعمر قلبه السعادة
وهو يلبي نداء ربه -عز وجل- مقبلاً على الله بقلبه وقالبه مخلصاً العبادة
له وحده، وتظهر علامة هذه الإقبال والإخلاص على وجهه، ويشهد عليها قوله
وفعله، كيف لا. وقد تكبد مشقة السفر في سبيل الله، وترك الأهل والوطن
والمال والولد ابتغاء مرضاة الله.
فالحج
أعظم مؤتمر إسلامي، يجتمع فيه المسلمون من شتى بقاع الأرض في صعيد واحد
مهللين مكبرين ملبين نداء رب العالمين يحدوهم الأمل، ويحفهم الخوف والرجاء،
رافعين أكف الضراعة إلى الله -عز وجل- راغبين في مغفرته ورضوانه.
ولو
لم يكن في الحج إلا سر واحد لكفى ألا وهو كونه مكفراً للذنوب والمعاصي كما
قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-:"من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه
كيوم ولدته أمه".
لكن الحج له أسرار كثيرة نذكر منها إضافة لما ذكر:
(1) الحج سبب لدخول الجنة، كما قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-:" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
(2)
في الحج منافع للناس تجل عن الحصر كما قال –تعالى-:"وأذن في الناس بالحج
يأتوك رجالاً وعلى كل ظامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم" فهي
منافع مادية ومعنوية في الدنيا والآخرة.
(3)
الحج رابطة أخوية من أقوى الروابط في الإسلام؛ لكونه يحقق التآلف والمحبة
بين المسلمين رغم اختلاف جنسياتهم وتباعد أقطارهم، وتظهر فيما بينهم كثير
من القيم الإسلامية التي يرغِّب فيها الإسلام، كالتعاون والعطف والشفقة،
والمحبة والبر والصلة، في جو إيماني بعيد عن التعسف والجدل كما قال
–تعالى-:"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال
في الحج".
(4)
الحج يحقق سمة من سمات الإسلام وخصائصه ألا وهي العدل والمساواة، فلا فرق
فيه بين غني ولا فقير ولا سيد ولا مسود، ولا جنس دون جنس، فالناس كلهم سواء
في لباس واحد وهدفهم واحد، فتتجسد أسمى آيات الوحدة الإيمانية والأخوة
الإسلامية في هذا الموسم العظيم.
(5)
في الحج تعظيم لشعائر الله التي هي علامة على تقوى القلوب كما قال
–تعالى-:"ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" فكلما عمل الحاج عملاً
من المناسك تذكر عظمة الله –تعالى-، خاصة وهو واقف بعرفات يناجي ربه،
ويسكب العبرات في تلك الرحبات فما أروع هذا المشهد! وما أعظمه!
(6)
في الحج تعظيم لذكر الله كما قال –تعالى-:"فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا
الله عند المشعر الحرام" وذكر الله في كل مكان وزمان، لكنه يتأكد في تلك
المشاعر وفي أيام التشريق الثلاثة التي هي أيام أكل وشرب وذكر لله -عز
وجل-.
(7) في الحج اقتداء بالمصطفى –صلى الله عليه وسلم- القائل:"خذوا عني مناسككم" والعمل بسنته عمل بشرع الله "إن هو إلا وحي يوحى".
(8) في الحج التقرب إلى الله بأنواع العبادات التي منها ذبح الهدي طاعة لله -عز وجل- "ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله".
فهنيئاً
لك أيها الحاج هذا النسك وتلك العبادة التي هي تلبية نداء وطاعة، وشوق
ومحبة في كل لحظة وساعة سائلاً الله أن يجعل حجك مبروراً وسعيك مشكوراً
وذنبك مغفوراً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كاتب المقال: د. إبراهيم بن ناصر الحمود
المصدر: الإسلام اليوم
الحكمة البالغة في أحكامه وتشريعاته، ومن أمعن النظر وتدبر في مجمل
التكاليف الشرعية التي كلف الله بها العباد -لتبين له السر الكامن الذي
قصده الشارع الحكيم من ذلك التشريع، وفي مقدمة ذلك تحقيق العبودية لله -عز
وجل-، في امتثال أوامره واجتناب نواهيه.
فالحج
ركن من أركان الإسلام، وهو فرض على المستطيع، والمسلم وهو يؤدي هذه
الشعيرة يستشعر عظمة الله -عز وجل- الذي يُعبَدُ في كل مكان وبكل لسان، فما
من حركة ولا سكون يصدر من الحاج إلا وفيه سر عظيم يدركه من أخلص النية لله
–تعالى-، فالله -جل وعلا- ما شرع شيئاً إلا لحكمة، علمها من علمها، وجهلها
من جهلها، ولو تتبع المسلم شعائر الحج منذ أن يعقد الحاج العزم على الحج
ويركب راحلته متوجهاً إلى بيت الله الحرام -لوجد نفسه في عبادة بل عبادات
متتابعة، فمناسك الحج القولية والفعلية كلها حكم ومقاصد لم تشرع سدى، وإنما
فيها تعبد وتعظيم لله -عز وجل-، منذ أن يلبي الحاج النداء بقوله:"لبيك
اللهم لبيك" فهذا بداية الاستجابة لله -عز وجل-، وهذا غاية الامتثال
والطاعة، وهو وفاء بالعهد الذي أخذه المسلم على نفسه، ودخول في العبادة
التي يستشعر الحاج حلاوتها، وتطمئن نفسه إليها، وكل حاج تعمر قلبه السعادة
وهو يلبي نداء ربه -عز وجل- مقبلاً على الله بقلبه وقالبه مخلصاً العبادة
له وحده، وتظهر علامة هذه الإقبال والإخلاص على وجهه، ويشهد عليها قوله
وفعله، كيف لا. وقد تكبد مشقة السفر في سبيل الله، وترك الأهل والوطن
والمال والولد ابتغاء مرضاة الله.
فالحج
أعظم مؤتمر إسلامي، يجتمع فيه المسلمون من شتى بقاع الأرض في صعيد واحد
مهللين مكبرين ملبين نداء رب العالمين يحدوهم الأمل، ويحفهم الخوف والرجاء،
رافعين أكف الضراعة إلى الله -عز وجل- راغبين في مغفرته ورضوانه.
ولو
لم يكن في الحج إلا سر واحد لكفى ألا وهو كونه مكفراً للذنوب والمعاصي كما
قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-:"من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه
كيوم ولدته أمه".
لكن الحج له أسرار كثيرة نذكر منها إضافة لما ذكر:
(1) الحج سبب لدخول الجنة، كما قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-:" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
(2)
في الحج منافع للناس تجل عن الحصر كما قال –تعالى-:"وأذن في الناس بالحج
يأتوك رجالاً وعلى كل ظامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم" فهي
منافع مادية ومعنوية في الدنيا والآخرة.
(3)
الحج رابطة أخوية من أقوى الروابط في الإسلام؛ لكونه يحقق التآلف والمحبة
بين المسلمين رغم اختلاف جنسياتهم وتباعد أقطارهم، وتظهر فيما بينهم كثير
من القيم الإسلامية التي يرغِّب فيها الإسلام، كالتعاون والعطف والشفقة،
والمحبة والبر والصلة، في جو إيماني بعيد عن التعسف والجدل كما قال
–تعالى-:"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال
في الحج".
(4)
الحج يحقق سمة من سمات الإسلام وخصائصه ألا وهي العدل والمساواة، فلا فرق
فيه بين غني ولا فقير ولا سيد ولا مسود، ولا جنس دون جنس، فالناس كلهم سواء
في لباس واحد وهدفهم واحد، فتتجسد أسمى آيات الوحدة الإيمانية والأخوة
الإسلامية في هذا الموسم العظيم.
(5)
في الحج تعظيم لشعائر الله التي هي علامة على تقوى القلوب كما قال
–تعالى-:"ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" فكلما عمل الحاج عملاً
من المناسك تذكر عظمة الله –تعالى-، خاصة وهو واقف بعرفات يناجي ربه،
ويسكب العبرات في تلك الرحبات فما أروع هذا المشهد! وما أعظمه!
(6)
في الحج تعظيم لذكر الله كما قال –تعالى-:"فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا
الله عند المشعر الحرام" وذكر الله في كل مكان وزمان، لكنه يتأكد في تلك
المشاعر وفي أيام التشريق الثلاثة التي هي أيام أكل وشرب وذكر لله -عز
وجل-.
(7) في الحج اقتداء بالمصطفى –صلى الله عليه وسلم- القائل:"خذوا عني مناسككم" والعمل بسنته عمل بشرع الله "إن هو إلا وحي يوحى".
(8) في الحج التقرب إلى الله بأنواع العبادات التي منها ذبح الهدي طاعة لله -عز وجل- "ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله".
فهنيئاً
لك أيها الحاج هذا النسك وتلك العبادة التي هي تلبية نداء وطاعة، وشوق
ومحبة في كل لحظة وساعة سائلاً الله أن يجعل حجك مبروراً وسعيك مشكوراً
وذنبك مغفوراً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كاتب المقال: د. إبراهيم بن ناصر الحمود
المصدر: الإسلام اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق