أسس الثقافة الصينية.. كتاب لفهم قوة التنين - روان للإنتاج الإعلامي والفني
قرية هونغكان الصينية مبنية وفق خطّ الرمل الذي يرتكز على مفاهيم تنبئية (غيتي إيميجز)
التغيير الممكن/المستحيل
في
الفصل الثاني من الكتاب، هذا الذي حمل عنوان: "إستراتيجيا التغيير"،
يأخذنا سيريل جافاري عبر دروب الفلسفة الصينية محاولا استكناه مبدأيْن
مركزييْن من مبادئها: مبدأ "اليين" (وهو يشمل ضمن دائرته القمر والثلج
وسائر العناصر الطبيعية التي يَعُدّها الصينيون أنثوية) ومبدأ "اليانغ"
(وهو يضم داخل إطاره الشمس، والنار، وسائر العناصر الطبيعية الذكورية).
ولعل
أكثر ما يشدنا إلى هذا الفصل إلحاح الكاتب المتواصل على أن الصلة بين
مبدأَيْ "اليين" و"اليانغ" في الفكر الصيني ليست أبدا قائمة على التضاد
والتقابل والتنافر خلافا لما عليه الأمر في الفكر الغربي، بل إنها تتأسس
على التكامل والتوازن والتواصل. وهذا ما جعل فكرة التغيير في الذهنية
الصينية بعيدة كل البعد عما يُقصد من دلالتها في الفكر الغربي.
فالتغيير
لدى الصينيين ليس انتقالا حادا من حال إلى حال أو انقلابا دراماتيكيا
للأوضاع كما عبرت عنه أفضل تعبير التراجيديا الإغريقية، بل هو مرور طبيعي
سلس تتكامل فيه الأضداد، أو ما يتهيأ لنا أنه من قبيل الأضداد.
وفي
مسعى من الكاتب سيريل جافاري إلى المزيد من إيضاح هذه الفكرة المحورية،
فكرة التكامل والتوازن والتواصل التي طبعت الذهنية الصينية وأكسبتها
خصوصيتها الثقافية، يعقد الفصل الثالث المعنون بـ"التفكير من خلال الصور
الخطية" والفصل الرابع الموسوم بـ"التعايش مع الأرواح" لبيان مدى التداخل
بين مستويات ثلاثة: مستوى اللغة في تشكلها الخطي الغرافيكي من ناحية،
ومستوى الفكر في تمثله المجرد/التجريدي للعالم والأشياء من ناحية ثانية،
ومستوى الواقع في تجليه الخِبْري التجريبي، من جهة ثالثة.
"في الثقافة الصينية دَفْقٌ مستمر يصل الشاهد بالغائب والمرئي
باللامرئي، يمتدّ عبر آلاف السنين ولا مجال فيه للتحولات الدراماتيكية التي
ألفها الغرب وما زال ينتظر وقوعها"
فهذه
المستويات التي وعى بها الفكر الغربي وعي انفصال (قد يبلغ أحيانا درجة
الانفصام) إنما تقوم في الذهنية الصينية على التكامل الخلاق والوحدة
العضوية والاتصال؛ اتصال سمح للثقافة الصينية أن تكون منغرسة في الواقع،
واقع تاريخها وجغرافيتها، في نفس الوقت الذي تستحضر فيه عوالم الغيب
والمفارق.
وذلك
ما ترجمت عنه بكل براعة حركات الخطاطين الصينيين الأكثر شهرة، فهم إذ
يكتبون يستجيبون لحاجيات التواصل الراهنة، ولكنهم من حيث لا يدرون يرسمون،
وإذ يرسمون ينفتحون على المطلق وعلى حركة الأبدية واللامتناهي.
ثمة
دَفْقٌ خفي في الثقافة الصينية يحكمها، دَفْقٌ مستمر يصل الشاهد بالغائب
والمرئي باللامرئي، دَفْقٌ ممتد عبر آلاف السنين لا مجال فيه للتحولات
الدراماتيكية التي ألفها الغرب وما زال ينتظر وقوعها في الرقع الجغرافية
البعيدة عنه، ولكن هيهات! فما ينطبق على أوروبا وعلى أهلها ليس نفس ما
ينطبق على الصين وعلى شعبها.
وتلك
هي الخلاصة التي انتهى إليها سيريل جافاري في الفصل الخامس والأخير من
كتابه، فصل حمل عنوان "السياسة والكياسة". ومدار القول فيه إن الصينيين
الذين ظلت تحكمهم زمن الإمبراطورية أقلية من المتعلمين لا تتجاوز نسبتها
العددية والديموغرافية 1%، لا يضيرهم في شيء أن تحكمهم اليوم أقلية من
المنتمين إلى الحزب الشيوعي الصيني لا تتجاوز نسبتها 5% من مجموع السكان.
ليس
ثمة دَاعٍ -في نظر الصينيين- إلى تغيير أنموذج أثبت عبر العصور نجاحه مع
شعب ألف الاستقرار في نفس المكان. فالسياسة -خلافا لما عليه الأمر بالنسبة
إلى الغربيين- ليست منازعات بين يمين ويسار، بل "السياسة كياسة" من الممكن
فيها -بل من المستحسن- أن تتواصل نفس القيم الإمبراطورية في هذا الفضاء
الجغرافي الممتد الذي يسمى رسميا "جمهورية الصين الشعبية".
في
كتابه "نعومة التنين- أسس الثقافة الصينية"، يؤكد لنا جافاري أن ما يخفيه
الصينيون أعظم بكثير مما نعتقد أننا نعرفه عنهم، وذلك ما ينطبق على سائر
الحضارات العريقة الضاربة بجذورها في الزمان والمكان.
المصدر : الجزيرة
لا
جدال في أن الصين استطاعت بفضل قواها الإنتاجية الخارقة أن تفرض نفسها
رقما صعبا يُقرأُ له ألف حساب في خضم التحولات المتسارعة التي أملتها
العولمة.
ومن
منطلق الحاجة إلى فهم هذا المارد المُكتسِح، أصدرت دار آلبان ميشال
الباريسية (2014) كتابا للباحث سيريل جافاري تحت عنوان "نعومة التنين- أسس
الثقافة الصينية". وهو كتاب يحاول فيه صاحبه رسم الملامح الجوهرية المميزة
لشعب حكمت عليه الجغرافيا أن يبقى قرونا عديدة منكفئا على نفسه في منطقة
الظل، ولكن التحولات المتسارعة للتاريخ الحديث والمعاصر وضعته مباشرة تحت
الأنوار الكاشفة.
خريطة الصين منحوتة على الخشب (الأوروبية)
شتات ووحدة
بعيدا
عن التناول المدرسي المبسط والأحكام المعيارية المسبقة، يأخذنا الكاتب
سيريل جافاري في رحلة عبر تخصصات معرفية متعددة، تبدو للوهلة الأولى مشتتة
متنافرة إلى درجة التناقض.
فهو
ينتقل بنا من مجال التاريخ والجغرافيا، إلى حقل الفلسفة والروحانيات، ومن
عوالم اللغة والخط والأفكار والرموز، إلى تفاصيل الاقتصاد والسياسة والمال
والأعمال، وكثيرا ما يعود بنا إلى الماضي السحيق الذي تفصلنا عنه آلاف
السنوات في سياق تحليله لمجريات الراهن الذي نتابع تفاصيله يوميا عبر شاشات
التلفاز، متوقفا عند الحكايات اليومية البسيطة والشهادات الحية العفوية،
كل ذلك من أجل الكشف عن الأصول العميقة التي حكمت وما زالت تحكم الثقافة
الصينية، هذه التي يجزم -منذ الصفحات الأولى للكتاب- بأنها ظلت قائمة على
"استمرارية لا نظير لها في تاريخ العالم، استمرارية جذّرت نمط تفكير
الصينيين في حالة من الثبوتية الثقافية فريدة من نوعها".
وللبرهنة
على وجاهة هذا الرأي الذي قد يبدو للوهلة الأولى سلبيا، وضع الكاتب فصلا
أول تحت عنوان "شعب مستقر" (ص. 15-50) نبّه القارئ من خلاله إلى حقيقة
تاريخية/جغرافية جوهرية كثيرا ما يقع إغفالها، حقيقة أن الشعب الصيني "ظل
منذ الأزل يقطن نفس الأرض"، ولم يغادرها إلى غيرها بحثا عن مجال حيوي يتوسع
فيه، مما أتاح له أن يحافظ طيلة أكثر من عشرة آلاف سنة على نفس التقاليد
الزراعية التي ورثها عن الأجداد.
وبحسب
الكاتب، فإن عامل الاستقرار الجغرافي قد أثر تأثيرا بالغا في وعي الصينيين
بالزمان والمكان وفي علاقتهم بهما وموقفهم منهما، إلى درجة أنهم اعتمدوا
تقويما مخصوصا اشتهر بفرادة أيامه وشهوره وأعوامه وقرونه.
وفي
صميم هذا التقويم لم يحفل الصينيون إطلاقا (إلى أن طرأت عليهم المؤثرات
الفكرية العقائدية البوذية) بميثولوجيا البدايات وبأساطير التكوين، ولم
يؤسسوا العلاقة بين الإنسان والعالم على مفهوم الصراع والمواجهة (كما عليه
الأمر في الفكر الأوروبي ذي الأصول الإغريقية) بل أسسوه على مفاهيم مغايرة
تماما، مفاهيم المصالحة والاستمرارية والتواصل. وهنا بيت القصيد، ومكمن
السر الذي سعى سيريل جافاري إلى الكشف عنه في بقية فصول الكتاب.
جدال في أن الصين استطاعت بفضل قواها الإنتاجية الخارقة أن تفرض نفسها
رقما صعبا يُقرأُ له ألف حساب في خضم التحولات المتسارعة التي أملتها
العولمة.
ومن
منطلق الحاجة إلى فهم هذا المارد المُكتسِح، أصدرت دار آلبان ميشال
الباريسية (2014) كتابا للباحث سيريل جافاري تحت عنوان "نعومة التنين- أسس
الثقافة الصينية". وهو كتاب يحاول فيه صاحبه رسم الملامح الجوهرية المميزة
لشعب حكمت عليه الجغرافيا أن يبقى قرونا عديدة منكفئا على نفسه في منطقة
الظل، ولكن التحولات المتسارعة للتاريخ الحديث والمعاصر وضعته مباشرة تحت
الأنوار الكاشفة.
خريطة الصين منحوتة على الخشب (الأوروبية)
شتات ووحدة
بعيدا
عن التناول المدرسي المبسط والأحكام المعيارية المسبقة، يأخذنا الكاتب
سيريل جافاري في رحلة عبر تخصصات معرفية متعددة، تبدو للوهلة الأولى مشتتة
متنافرة إلى درجة التناقض.
فهو
ينتقل بنا من مجال التاريخ والجغرافيا، إلى حقل الفلسفة والروحانيات، ومن
عوالم اللغة والخط والأفكار والرموز، إلى تفاصيل الاقتصاد والسياسة والمال
والأعمال، وكثيرا ما يعود بنا إلى الماضي السحيق الذي تفصلنا عنه آلاف
السنوات في سياق تحليله لمجريات الراهن الذي نتابع تفاصيله يوميا عبر شاشات
التلفاز، متوقفا عند الحكايات اليومية البسيطة والشهادات الحية العفوية،
كل ذلك من أجل الكشف عن الأصول العميقة التي حكمت وما زالت تحكم الثقافة
الصينية، هذه التي يجزم -منذ الصفحات الأولى للكتاب- بأنها ظلت قائمة على
"استمرارية لا نظير لها في تاريخ العالم، استمرارية جذّرت نمط تفكير
الصينيين في حالة من الثبوتية الثقافية فريدة من نوعها".
وللبرهنة
على وجاهة هذا الرأي الذي قد يبدو للوهلة الأولى سلبيا، وضع الكاتب فصلا
أول تحت عنوان "شعب مستقر" (ص. 15-50) نبّه القارئ من خلاله إلى حقيقة
تاريخية/جغرافية جوهرية كثيرا ما يقع إغفالها، حقيقة أن الشعب الصيني "ظل
منذ الأزل يقطن نفس الأرض"، ولم يغادرها إلى غيرها بحثا عن مجال حيوي يتوسع
فيه، مما أتاح له أن يحافظ طيلة أكثر من عشرة آلاف سنة على نفس التقاليد
الزراعية التي ورثها عن الأجداد.
وبحسب
الكاتب، فإن عامل الاستقرار الجغرافي قد أثر تأثيرا بالغا في وعي الصينيين
بالزمان والمكان وفي علاقتهم بهما وموقفهم منهما، إلى درجة أنهم اعتمدوا
تقويما مخصوصا اشتهر بفرادة أيامه وشهوره وأعوامه وقرونه.
وفي
صميم هذا التقويم لم يحفل الصينيون إطلاقا (إلى أن طرأت عليهم المؤثرات
الفكرية العقائدية البوذية) بميثولوجيا البدايات وبأساطير التكوين، ولم
يؤسسوا العلاقة بين الإنسان والعالم على مفهوم الصراع والمواجهة (كما عليه
الأمر في الفكر الأوروبي ذي الأصول الإغريقية) بل أسسوه على مفاهيم مغايرة
تماما، مفاهيم المصالحة والاستمرارية والتواصل. وهنا بيت القصيد، ومكمن
السر الذي سعى سيريل جافاري إلى الكشف عنه في بقية فصول الكتاب.
قرية هونغكان الصينية مبنية وفق خطّ الرمل الذي يرتكز على مفاهيم تنبئية (غيتي إيميجز)
التغيير الممكن/المستحيل
في
الفصل الثاني من الكتاب، هذا الذي حمل عنوان: "إستراتيجيا التغيير"،
يأخذنا سيريل جافاري عبر دروب الفلسفة الصينية محاولا استكناه مبدأيْن
مركزييْن من مبادئها: مبدأ "اليين" (وهو يشمل ضمن دائرته القمر والثلج
وسائر العناصر الطبيعية التي يَعُدّها الصينيون أنثوية) ومبدأ "اليانغ"
(وهو يضم داخل إطاره الشمس، والنار، وسائر العناصر الطبيعية الذكورية).
ولعل
أكثر ما يشدنا إلى هذا الفصل إلحاح الكاتب المتواصل على أن الصلة بين
مبدأَيْ "اليين" و"اليانغ" في الفكر الصيني ليست أبدا قائمة على التضاد
والتقابل والتنافر خلافا لما عليه الأمر في الفكر الغربي، بل إنها تتأسس
على التكامل والتوازن والتواصل. وهذا ما جعل فكرة التغيير في الذهنية
الصينية بعيدة كل البعد عما يُقصد من دلالتها في الفكر الغربي.
فالتغيير
لدى الصينيين ليس انتقالا حادا من حال إلى حال أو انقلابا دراماتيكيا
للأوضاع كما عبرت عنه أفضل تعبير التراجيديا الإغريقية، بل هو مرور طبيعي
سلس تتكامل فيه الأضداد، أو ما يتهيأ لنا أنه من قبيل الأضداد.
وفي
مسعى من الكاتب سيريل جافاري إلى المزيد من إيضاح هذه الفكرة المحورية،
فكرة التكامل والتوازن والتواصل التي طبعت الذهنية الصينية وأكسبتها
خصوصيتها الثقافية، يعقد الفصل الثالث المعنون بـ"التفكير من خلال الصور
الخطية" والفصل الرابع الموسوم بـ"التعايش مع الأرواح" لبيان مدى التداخل
بين مستويات ثلاثة: مستوى اللغة في تشكلها الخطي الغرافيكي من ناحية،
ومستوى الفكر في تمثله المجرد/التجريدي للعالم والأشياء من ناحية ثانية،
ومستوى الواقع في تجليه الخِبْري التجريبي، من جهة ثالثة.
"في الثقافة الصينية دَفْقٌ مستمر يصل الشاهد بالغائب والمرئي
باللامرئي، يمتدّ عبر آلاف السنين ولا مجال فيه للتحولات الدراماتيكية التي
ألفها الغرب وما زال ينتظر وقوعها"
فهذه
المستويات التي وعى بها الفكر الغربي وعي انفصال (قد يبلغ أحيانا درجة
الانفصام) إنما تقوم في الذهنية الصينية على التكامل الخلاق والوحدة
العضوية والاتصال؛ اتصال سمح للثقافة الصينية أن تكون منغرسة في الواقع،
واقع تاريخها وجغرافيتها، في نفس الوقت الذي تستحضر فيه عوالم الغيب
والمفارق.
وذلك
ما ترجمت عنه بكل براعة حركات الخطاطين الصينيين الأكثر شهرة، فهم إذ
يكتبون يستجيبون لحاجيات التواصل الراهنة، ولكنهم من حيث لا يدرون يرسمون،
وإذ يرسمون ينفتحون على المطلق وعلى حركة الأبدية واللامتناهي.
ثمة
دَفْقٌ خفي في الثقافة الصينية يحكمها، دَفْقٌ مستمر يصل الشاهد بالغائب
والمرئي باللامرئي، دَفْقٌ ممتد عبر آلاف السنين لا مجال فيه للتحولات
الدراماتيكية التي ألفها الغرب وما زال ينتظر وقوعها في الرقع الجغرافية
البعيدة عنه، ولكن هيهات! فما ينطبق على أوروبا وعلى أهلها ليس نفس ما
ينطبق على الصين وعلى شعبها.
وتلك
هي الخلاصة التي انتهى إليها سيريل جافاري في الفصل الخامس والأخير من
كتابه، فصل حمل عنوان "السياسة والكياسة". ومدار القول فيه إن الصينيين
الذين ظلت تحكمهم زمن الإمبراطورية أقلية من المتعلمين لا تتجاوز نسبتها
العددية والديموغرافية 1%، لا يضيرهم في شيء أن تحكمهم اليوم أقلية من
المنتمين إلى الحزب الشيوعي الصيني لا تتجاوز نسبتها 5% من مجموع السكان.
ليس
ثمة دَاعٍ -في نظر الصينيين- إلى تغيير أنموذج أثبت عبر العصور نجاحه مع
شعب ألف الاستقرار في نفس المكان. فالسياسة -خلافا لما عليه الأمر بالنسبة
إلى الغربيين- ليست منازعات بين يمين ويسار، بل "السياسة كياسة" من الممكن
فيها -بل من المستحسن- أن تتواصل نفس القيم الإمبراطورية في هذا الفضاء
الجغرافي الممتد الذي يسمى رسميا "جمهورية الصين الشعبية".
في
كتابه "نعومة التنين- أسس الثقافة الصينية"، يؤكد لنا جافاري أن ما يخفيه
الصينيون أعظم بكثير مما نعتقد أننا نعرفه عنهم، وذلك ما ينطبق على سائر
الحضارات العريقة الضاربة بجذورها في الزمان والمكان.
المصدر : الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق