بنك الفقراء.. القروض المتناهية الصغر والمعركة ضد الفقر في العالم - روان للإنتاج الإعلامي والفني
محمد يونس
الكتاب:
بنك الفقراء.. القروض المتناهية الصغر والمعركة ضد الفقر في العالم
المؤلف:
محمد يونس.. الحائز على جائزة نوبل
ترجمة وتقديم:
د.عالية عبد الحميد عارف
الناشر:
الطبعة الثانية– مكتبة الشروق الدولية- القاهرة-1429هـ /2008م
عرض:
محمد بركة
عالم
بلا فقر حُلم جميل تسعى الشعوب إلى تحقيقه على مسرح الحياة.. ولكن كيف
يمكن إيجاد عالم كهذا في ظلّ تجاهلِ كثير من علماء الاقتصاد لحقوق الفقراء؟
فهؤلاء
العلماء يعتقدون أنّ مناقشة قضايا الفقر والجوع أمرٌ لا يستحقّ الاهتمام،
ويزعمون أن تلك القضايا ستجد حلولًا عندما يزيد الرخاء الاقتصادي العام،
ومِن ثَمّ فإنهم يُكَرِّسون طاقاتهم في بحث تفاصيل عمليات التنمية والرخاء
دونما أي تفكير في مصدر وتطور مُشْكِلَتَيِ الفقر والجوع اللَّتَيْنِ
تكفلان استمرار الفقر.
ويطرح
الدكتور محمد يونس رئيس قسم الاقتصاد بجامعة تشيتا جونج في بنجلاديش في
كتابه «بنك الفقراء» تجربةً عملية لحلّ أزمة الفقر، ويضع برنامجًا
إيجابيًّا للوصول إلى عالم بلا فقر، غير معتمد في ذلك على النظريات
الاقتصادية الأكاديمية التي تدشنّها حجرات الدراسة في الجامعة ولا يمكن
تطبيقها على الواقع، بل يتخذ الدكتور محمد يونس من اقتصاد الحياة الحقيقية
التي يعيشها الفقراء وسيلةً لدراسة أحوال الفقراء، ومعرفة مشكلاتهم التي
يواجهونها من منظورهم الخاص، تمهيدًا لتذليل هذه المعوقات؛ للوصول إلى
تحسين مستوى معيشتهم.
ويؤكد
المؤلف أنه تعَلَّمَ من الفقراء أنفسِهِم علم اقتصاد جديدٍ، قادَه إلى
التفكير العميق لمساعدتهم، ليس على العيش فقط، وإنّما لإشعال شرارة
الإبداع، والمبادرة الشخصية لديهم بما يُخْرِجُهم من دائرة الفقر، ومن
ثَمَّ فقد شرع في إنشاء وتأسيس أول بنك للفقراء، تُكَرَّس خدماته إلى
مَنْحِ أفقر الناس قروضًا بالغةَ الصغر؛ لتحويلهم إلى منتجين وليس إلى
متسولين، وبالفعل نجحت هذه الفكرة في دَفْعِ هؤلاء الفقراء إلى العمل في
المهن الحرّة، والمشروعات الصغيرة؛ لتكون هذه القروض نقطة انطلاق للصناعات
الريفية الصغيرة التي فجَّرَتْ طاقات ومواهب ومهارات المقترضين.
يقول
الدكتور محمد يونس: في عام 1972م، وهو العام التالي لحصول بنجلاديش على
استقلالها، بدأتُ بتدريس الاقتصاد في إحدى الجامعات. وبعد عامين أُصيبت
البلاد بمجاعة قاسية، وكنتُ أقوم في الجامعة بتدريس نظرياتِ التنمية
المعقدة، بينما كان الناس في الخارج يموتون بالمئات، فانتقلت إلى قرى
بنجلاديش أُكَلِّم الناس الذين كانت حياتهم صراعًا من أجل البقاء، فقابلتُ
امرأةً تعمل في صنع مقاعد من البامبو، وكانت تحصل في نهاية كل يوم على ما
يكاد فقط يكفي للحصول على وجبتين، واكتشفت أنه كان عليها أن تقترض من تاجر
كان يأخذ أغلب ما معها من نقود. وقد تكلمتُ مع اثنين وأربعين شخصًا آخرين
في القرية ممن كانوا واقعين في فخّ الفقر؛ لأنهم يعتمدون على قروض التجار
المرابين، وكان كل ما يحتاجونه من ائتمان هو ثلاثين دولارًا فقط. فأقرضتهم
هذا المبلغ من مالي الخاص، وفكّرت في أنه إذا قامت المؤسسات المصرفية
العادية بنفس الشيء؛ فإن هؤلاء الناس يمكن أن يتخلصوا من الفقر. إلا أن تلك
المؤسسات لا تُقْرِضُ الفقراء، وبخاصة النساء الريفيات".
إذن
هذا هو الواقع.. فبينما كان الناس يموتون جوعًا في الطرقات، كان يونس
يعلِّم تلاميذه النظريات الباهرة في الاقتصاد، وأحسّ بكراهيته لنفسه لشعوره
بمدى عجرفة أمثاله من أساتذة الاقتصاد، لادِّعائهم امتلاك الإجابة على
الأسئلة الصعبة: "لقد كنا- نعم- نحن أساتذة الاقتصاد نَتَمَيَّزُ بشدة
الذكاء، لكننا لم نكن نعرف شيئًا عن الفقر الذي كان يحيط بنا من كل جانب"!
وبمساعدة
طلابه استطلع "يونس" أحوال الفقراء في 42 قرية أخرى محيطة، واكتشف أن
الوضع القائم لا يتيح للفقراء تَوْفِيرَ قرشٍ واحد، ومن ثَمّ لا يستطيعون
تحسين أحوالهم مهما بلغ جدهم واجتهادهم في العمل، ومن ثم اكتشف أنهم لا
يحتاجون إلا إلى رأس مالٍ يتيح لهم الاستفادة من عوائد أموالهم.
بدأ
محمد يونس تجربته، وأقرض 42 امرأةً من الفقراء مبلغًا بسيطًا من المال من
جيبه الخاص بدون فائدة، ودونما تحديد لموعد الردّ. ولأنه رأى عدم إمكانية
الاستمرار في ذلك، فقد مضى يحاول إقناع البنك المركزي أو البنوك التجارية
لوضع نظامٍ لإقراض الفقراء بدون ضمانات، وهو ما دعا رجالَ البنوك للسخرية
منه ومن أفكاره، زاعمين أنّ الفقراء ليسوا أهلًا للإقراض، وعبثًا حاول
إقناعهم أن يُجَرِّبُوا، ومن ثم فقد اقترضَ قرضًا خاصًّا ليبدأ به مشروعًا
في قرية جوبرا. وبمساعدة طُلَّابِهِ أمضى في متابعته ودراسته من عام 1976
حتى عام 1979 في محاولةٍ لإثبات وجهة نظره بأنّ الفقراء جديرون بالاقتراض،
وقد نجح مشروعه نجاحًا باهرًا، وغيّر حياة 500 أسرة من الفقراء، وفي عام
1979 اقتنع البنك المركزي بنجاح الفكرة، وتبنى مشروع "جرامين" أي "مشروع
القرية".
وفي
عام 1981 زاد من حجم المشروع لِيَشْمَلَ 5 مقاطعات، وقد أكدت كل مرحلة من
تلك المراحل فاعليةَ نظام القروض المتناهية في الصغر، حتى وصل عملاء البنك
"المشروع" عام 1983 إلى 59 ألفَ عميل، يخدمهم 86 فرعًا، وفي تلك المرحلة
قرر يونس إنهاء حياته الأكاديمية، وأن يمضي في طريقه؛ حيث تم اعتماد بنك
جرامين في ذلك العام كمؤسسة مستقلة لترتبط حياته بهذه المؤسسة التي كانت
حُلُمًا فصارت واقعًا واعدًا منذ تلك اللحظة وإلى الأبد. وساهمت الحكومة في
هذا البنك بنسبة 60 % من رأس المال المدفوع، بينما كانت الـ40 % الباقية
مملوكةً للفقراء من المقترضين. وفي عام 1986م صارت النسبة 25 % للحكومة و75
% للمقترضين.
وفي
نهاية كتابه يتساءل محمد يونس: هل بمقدورنا فعلًا إيجاد عالم خالٍ من
الفقر..عالمٍ خالٍ من أفراد ينتمون إلى الطبقة الثالثة أو الرابعة..عالمٍ
خالٍ من الجوع والأُمِّيَّة.. خالٍ من الحُفَاة من الطبقة دون المستوى؟
ويجيب:
نعم نستطيع أن نحقق ذلك! إنها بالطريقة نفسها التي نستطيع بها أن نوجد
دولة ذات سيادة، أو نظمًا سياسية ديمقراطية أو اقتصادات الأسواق الحرة. إن
العالم الخالي من الفقر قد لا يُمَثِّل الوضع الأمثل، ولكنه يُعَدّ نموذجًا
أقربَ ما يكون للوضع المثالي. لقد نجحنا أنْ نُوجِدَ عالمًا خاليًا من
الاستعباد..خاليًا من مرض الجدري..خاليًا من الفصل العنصري. ولكن يمكن
الادِّعاء بأن إيجاد عالمٍ خالٍ من الفقر سيُمَثِّل إنجازًا يفوق كل
الإنجازات السابقة، ولن أبالغ إذا قلتُ: إن القضاء على الفقر من شأنه أن
يُؤَدِّي إلى تعميق تلك الإنجازات في الوقت نفسه وبشكل تلقائي "عالم خال من
الفقر.. إنه عالمٌ نفخر جميعًا بالانتماء إليه..".
وقد
حاز محمد يونس مُنَاصَفَةً مع مصرف "جرامين" الذي يرأسه بجائزة نوبل
للسلام، التي منحتها له الأكاديمية السويدية. وإذا كان بنك الفقراء الذي
ساهم يونس في تأسيسه ببنجلاديش قدم أكثر من 2.5 مليار دولار من هذه القروض
بالغةِ الصغر لأكثر من مليوني أسرة في ريف بنجلاديش، فإنّ دولًا أخرى شرعتْ
في إنشاء مؤسساتٍ مماثلةٍ له من أجل تحقيق الحلم المنشود بالوصول إلى
عالمٍ بلا فقر.
وقد
كتب تجربتَه هذه في كتابٍ تُرجِم إلى معظم اللغات، ومنها العربية، بل
تُرْجِم أكثر من ترجمة عربية، ومنها هذه الترجمة التي كَتَبْنَا عنها ذلك
العرض الموجز لهذه التجربة الفذّة والرائدة.
الكتاب:
بنك الفقراء.. القروض المتناهية الصغر والمعركة ضد الفقر في العالم
المؤلف:
محمد يونس.. الحائز على جائزة نوبل
ترجمة وتقديم:
د.عالية عبد الحميد عارف
الناشر:
الطبعة الثانية– مكتبة الشروق الدولية- القاهرة-1429هـ /2008م
عرض:
محمد بركة
عالم
بلا فقر حُلم جميل تسعى الشعوب إلى تحقيقه على مسرح الحياة.. ولكن كيف
يمكن إيجاد عالم كهذا في ظلّ تجاهلِ كثير من علماء الاقتصاد لحقوق الفقراء؟
فهؤلاء
العلماء يعتقدون أنّ مناقشة قضايا الفقر والجوع أمرٌ لا يستحقّ الاهتمام،
ويزعمون أن تلك القضايا ستجد حلولًا عندما يزيد الرخاء الاقتصادي العام،
ومِن ثَمّ فإنهم يُكَرِّسون طاقاتهم في بحث تفاصيل عمليات التنمية والرخاء
دونما أي تفكير في مصدر وتطور مُشْكِلَتَيِ الفقر والجوع اللَّتَيْنِ
تكفلان استمرار الفقر.
ويطرح
الدكتور محمد يونس رئيس قسم الاقتصاد بجامعة تشيتا جونج في بنجلاديش في
كتابه «بنك الفقراء» تجربةً عملية لحلّ أزمة الفقر، ويضع برنامجًا
إيجابيًّا للوصول إلى عالم بلا فقر، غير معتمد في ذلك على النظريات
الاقتصادية الأكاديمية التي تدشنّها حجرات الدراسة في الجامعة ولا يمكن
تطبيقها على الواقع، بل يتخذ الدكتور محمد يونس من اقتصاد الحياة الحقيقية
التي يعيشها الفقراء وسيلةً لدراسة أحوال الفقراء، ومعرفة مشكلاتهم التي
يواجهونها من منظورهم الخاص، تمهيدًا لتذليل هذه المعوقات؛ للوصول إلى
تحسين مستوى معيشتهم.
ويؤكد
المؤلف أنه تعَلَّمَ من الفقراء أنفسِهِم علم اقتصاد جديدٍ، قادَه إلى
التفكير العميق لمساعدتهم، ليس على العيش فقط، وإنّما لإشعال شرارة
الإبداع، والمبادرة الشخصية لديهم بما يُخْرِجُهم من دائرة الفقر، ومن
ثَمَّ فقد شرع في إنشاء وتأسيس أول بنك للفقراء، تُكَرَّس خدماته إلى
مَنْحِ أفقر الناس قروضًا بالغةَ الصغر؛ لتحويلهم إلى منتجين وليس إلى
متسولين، وبالفعل نجحت هذه الفكرة في دَفْعِ هؤلاء الفقراء إلى العمل في
المهن الحرّة، والمشروعات الصغيرة؛ لتكون هذه القروض نقطة انطلاق للصناعات
الريفية الصغيرة التي فجَّرَتْ طاقات ومواهب ومهارات المقترضين.
يقول
الدكتور محمد يونس: في عام 1972م، وهو العام التالي لحصول بنجلاديش على
استقلالها، بدأتُ بتدريس الاقتصاد في إحدى الجامعات. وبعد عامين أُصيبت
البلاد بمجاعة قاسية، وكنتُ أقوم في الجامعة بتدريس نظرياتِ التنمية
المعقدة، بينما كان الناس في الخارج يموتون بالمئات، فانتقلت إلى قرى
بنجلاديش أُكَلِّم الناس الذين كانت حياتهم صراعًا من أجل البقاء، فقابلتُ
امرأةً تعمل في صنع مقاعد من البامبو، وكانت تحصل في نهاية كل يوم على ما
يكاد فقط يكفي للحصول على وجبتين، واكتشفت أنه كان عليها أن تقترض من تاجر
كان يأخذ أغلب ما معها من نقود. وقد تكلمتُ مع اثنين وأربعين شخصًا آخرين
في القرية ممن كانوا واقعين في فخّ الفقر؛ لأنهم يعتمدون على قروض التجار
المرابين، وكان كل ما يحتاجونه من ائتمان هو ثلاثين دولارًا فقط. فأقرضتهم
هذا المبلغ من مالي الخاص، وفكّرت في أنه إذا قامت المؤسسات المصرفية
العادية بنفس الشيء؛ فإن هؤلاء الناس يمكن أن يتخلصوا من الفقر. إلا أن تلك
المؤسسات لا تُقْرِضُ الفقراء، وبخاصة النساء الريفيات".
إذن
هذا هو الواقع.. فبينما كان الناس يموتون جوعًا في الطرقات، كان يونس
يعلِّم تلاميذه النظريات الباهرة في الاقتصاد، وأحسّ بكراهيته لنفسه لشعوره
بمدى عجرفة أمثاله من أساتذة الاقتصاد، لادِّعائهم امتلاك الإجابة على
الأسئلة الصعبة: "لقد كنا- نعم- نحن أساتذة الاقتصاد نَتَمَيَّزُ بشدة
الذكاء، لكننا لم نكن نعرف شيئًا عن الفقر الذي كان يحيط بنا من كل جانب"!
وبمساعدة
طلابه استطلع "يونس" أحوال الفقراء في 42 قرية أخرى محيطة، واكتشف أن
الوضع القائم لا يتيح للفقراء تَوْفِيرَ قرشٍ واحد، ومن ثَمّ لا يستطيعون
تحسين أحوالهم مهما بلغ جدهم واجتهادهم في العمل، ومن ثم اكتشف أنهم لا
يحتاجون إلا إلى رأس مالٍ يتيح لهم الاستفادة من عوائد أموالهم.
بدأ
محمد يونس تجربته، وأقرض 42 امرأةً من الفقراء مبلغًا بسيطًا من المال من
جيبه الخاص بدون فائدة، ودونما تحديد لموعد الردّ. ولأنه رأى عدم إمكانية
الاستمرار في ذلك، فقد مضى يحاول إقناع البنك المركزي أو البنوك التجارية
لوضع نظامٍ لإقراض الفقراء بدون ضمانات، وهو ما دعا رجالَ البنوك للسخرية
منه ومن أفكاره، زاعمين أنّ الفقراء ليسوا أهلًا للإقراض، وعبثًا حاول
إقناعهم أن يُجَرِّبُوا، ومن ثم فقد اقترضَ قرضًا خاصًّا ليبدأ به مشروعًا
في قرية جوبرا. وبمساعدة طُلَّابِهِ أمضى في متابعته ودراسته من عام 1976
حتى عام 1979 في محاولةٍ لإثبات وجهة نظره بأنّ الفقراء جديرون بالاقتراض،
وقد نجح مشروعه نجاحًا باهرًا، وغيّر حياة 500 أسرة من الفقراء، وفي عام
1979 اقتنع البنك المركزي بنجاح الفكرة، وتبنى مشروع "جرامين" أي "مشروع
القرية".
وفي
عام 1981 زاد من حجم المشروع لِيَشْمَلَ 5 مقاطعات، وقد أكدت كل مرحلة من
تلك المراحل فاعليةَ نظام القروض المتناهية في الصغر، حتى وصل عملاء البنك
"المشروع" عام 1983 إلى 59 ألفَ عميل، يخدمهم 86 فرعًا، وفي تلك المرحلة
قرر يونس إنهاء حياته الأكاديمية، وأن يمضي في طريقه؛ حيث تم اعتماد بنك
جرامين في ذلك العام كمؤسسة مستقلة لترتبط حياته بهذه المؤسسة التي كانت
حُلُمًا فصارت واقعًا واعدًا منذ تلك اللحظة وإلى الأبد. وساهمت الحكومة في
هذا البنك بنسبة 60 % من رأس المال المدفوع، بينما كانت الـ40 % الباقية
مملوكةً للفقراء من المقترضين. وفي عام 1986م صارت النسبة 25 % للحكومة و75
% للمقترضين.
وفي
نهاية كتابه يتساءل محمد يونس: هل بمقدورنا فعلًا إيجاد عالم خالٍ من
الفقر..عالمٍ خالٍ من أفراد ينتمون إلى الطبقة الثالثة أو الرابعة..عالمٍ
خالٍ من الجوع والأُمِّيَّة.. خالٍ من الحُفَاة من الطبقة دون المستوى؟
ويجيب:
نعم نستطيع أن نحقق ذلك! إنها بالطريقة نفسها التي نستطيع بها أن نوجد
دولة ذات سيادة، أو نظمًا سياسية ديمقراطية أو اقتصادات الأسواق الحرة. إن
العالم الخالي من الفقر قد لا يُمَثِّل الوضع الأمثل، ولكنه يُعَدّ نموذجًا
أقربَ ما يكون للوضع المثالي. لقد نجحنا أنْ نُوجِدَ عالمًا خاليًا من
الاستعباد..خاليًا من مرض الجدري..خاليًا من الفصل العنصري. ولكن يمكن
الادِّعاء بأن إيجاد عالمٍ خالٍ من الفقر سيُمَثِّل إنجازًا يفوق كل
الإنجازات السابقة، ولن أبالغ إذا قلتُ: إن القضاء على الفقر من شأنه أن
يُؤَدِّي إلى تعميق تلك الإنجازات في الوقت نفسه وبشكل تلقائي "عالم خال من
الفقر.. إنه عالمٌ نفخر جميعًا بالانتماء إليه..".
وقد
حاز محمد يونس مُنَاصَفَةً مع مصرف "جرامين" الذي يرأسه بجائزة نوبل
للسلام، التي منحتها له الأكاديمية السويدية. وإذا كان بنك الفقراء الذي
ساهم يونس في تأسيسه ببنجلاديش قدم أكثر من 2.5 مليار دولار من هذه القروض
بالغةِ الصغر لأكثر من مليوني أسرة في ريف بنجلاديش، فإنّ دولًا أخرى شرعتْ
في إنشاء مؤسساتٍ مماثلةٍ له من أجل تحقيق الحلم المنشود بالوصول إلى
عالمٍ بلا فقر.
وقد
كتب تجربتَه هذه في كتابٍ تُرجِم إلى معظم اللغات، ومنها العربية، بل
تُرْجِم أكثر من ترجمة عربية، ومنها هذه الترجمة التي كَتَبْنَا عنها ذلك
العرض الموجز لهذه التجربة الفذّة والرائدة.
الاسلام اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق