الأحد، 13 سبتمبر 2015

«الدجالون» في الأندية الرياضية..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني

«الدجالون» في الأندية الرياضية..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني



كثرت
«اللافتات» التي تشير إلى وجود من يدّعي معرفة الغيب ويخبر بما في
المستقبل !! وصار للكهان والعرّافين أماكن يوجدون فيها في بعض الأسواق
والشوارع والمحلات العامة!! وفي الأيام الماضية راجت سوق «الدّجل» و
«الشعوذة» بكثرة في الأندية الرياضية !!

إذ هذا مجال لأن يظهر «المشعوذ» ومدعي العرافة ضلاله وافتراءه على الله
بصورة أسرع وأكبر وأوضح !! وإن الحكم الشرعي في من يدّعي معرفة الغيب معلوم
غير مجهول، وقد كثر للأسف من يدّعون الكهانة والعرافة وتزداد أعداد
«الودّاعين» و«الودّاعيّات» ومن ساروا على طريقتهم من «ضاربي الرمل والحصى»
وغيرهم، ووصلنا لمرحلة الإتيان بتشكيلة الفريق لمدعي الكهانة والعرافة!!

مؤسف
جداً أن تجد «الكهانة والعرافة والدجل والشعوذة والسحر».. سوقاً رائجة في
مجتمعنا ومجتمعات أخرى كثيرة، بل أصبحت الكهانة تمارس في بعض القنوات
الفضائية في بعض البلدان وكثير من مواقع «الانترنت»، يدفع فيها كثيرون
وكثيرات أموالاً يعطونها لمن يدعون معرفة المغيبات، ويتكهنون لهم بأخبار
مستقبلية، أو يعدونهم بأفعال معينة، وللأسف فإن الدجالين والمشعوذين
والكهان والسحرة لهم وجود في المجتمع وبكثرة، يمارسون دجلهم وكذبهم على
مرأى ومسمع من المجتمع بمختلف أطيافه، لكن أن يصبح سوق الدجل بهذه الصورة
فتقوم الصحف بنشر ما يدعي المتكهّن فعله، فينسب أنه ساهم في نصرة الفريق أو
هزيمة الفريق الخصم فهذا من جديد المآسي ومن المجاهرة المقيتة وفي الحديث
الصحيح «كل أمتي معافى إلا المجاهرين».

إن
صور هذه الجريمة التي تمارس في مجتمعنا كثيرة جداً، منها ضرب الرمل و «خت
أو رمي الودع» و «التنجيم» وهو الاستدلال بالحوادث الكونية على الأحوال
الأرضية، فيقول من يوم كذا إلى يوم كذا أو ساعة كذا لا تفعلوا الأمر
الفلاني أو افعلوه، و «قراءة الفنجان» و«قراءة الكف» و«الأبراج» التي
تتناقلها بعض الصحف.. ومما يفعله السحرة والدّجّالون أن يأتي الشخص رجلاً
كان أم امرأة ــ إليهم ويطلب منهم أن يفعلوا له أمراً محدداً، كالإتيان
بزوج، أو رد الضالة، أو الانتصار في المباراة، وهزيمة الخصم، أو الصرف أو
العطف، أو التعيين في منصب أو طلب التثبيت فيه، والسحر دركٌ أشد سفلاً من
درك الكهانة والعرافة، فالكاهن يدعي المغيبات ويخبر بها، والساحر يصنع
السحر، ينفث في العقد ويستعين بالجن فيمرض ويقتل ويفرق بين الأخ وأخيه
والمرأة وزوجها بإذن الله وإرادته الكونية القدرية، ولذلك كان حكم الساحر
القتل مقابل إفساده وتدميره في المجتمع.

إن
من المؤسف جداً أن يوجد في مجتمعنا الكهان والدجالون، يضحكون على عقول
الناس ويأخذون أموال البسطاء والسذج، يسطون على أموالهم بمكر وخداع،
فيطلبون الطلبات ممن يأتونهم، بدءاً بالدجاجة والخروف إلى الذهب والمجوهرات
ونفائس الأموال والعقارات كقطع الأراضي والفلل والعمارات!! يستغلون حاجتهم
وجهلهم ويطلبون منهم أن يعطونهم أموالهم وهو ما يسمى بــ «البياض»،
والبياض «خشم بيوت» كما يقال !!، فعلى حسب الزبائن وإمكاناتهم تكون
«المَكْنَة» منهم، فقد يكون البياض مائة جنيه وقد يكون خمسمائة !! وقد يكون
قطعة أرض، أو شقة، أو سيارة، وقد يكون عمارة !! والمؤسف حقاً أن يأتي إلى
هؤلاء الدجالين أشخاصٌ لهم نصيب من العلم الدنيوي أو الشهادات الأكاديمية
!! والوظائف الكبيرة !! وقد تأتيهم مؤسسات وشركات ومجالس إدارات!! وإدارات
أندية !! وغيرهم .. يطلبون منهم معرفة المغيبات وإخبارهم بما سيكون !! وقد
تكون حجة بعضهم : أن هذا الشيخ أخباره صحيحة، وقد أخبر قبل هذا بالشيء
الفلاني فوقع كما قال، فهذا هو مبلغهم من العلم!! فتجدهم يصفونه بعبارات
مثل «شيخ كارب أو فكي مكرّب» «فكي كلامو ما بجلي».. وغير ذلك.

ولهؤلاء
المساكين المغشوشين المخدوعين أسوق هذا الحديث :عَنْ أم المؤمنين
عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ
الْكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّىْءِ فَنَجِدُهُ حَقًّا قَالَ:
«تِلْكَ الْكَلِمَةُ الْحَقُّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ فَيَقْذِفُهَا فِى
أُذُنِ وَلِيِّهِ وَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ» رواه مسلم، فهذا خبر
الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام، وفيه أن الجني يجتهد لأن يسترق السمع
قبل أن يتبعه الشهاب الثاقب، فيخطف الكلمة ثم يلقيها على قرينه الدجال
العرّاف فيكذب معها مائة كذبة، وكثير الكذب هو الذي يوصف بالدجّال.

ولم
يستفد كثيرون ممن يدفعون أموالهم لهؤلاء الدجالين في نظرهم وتأملهم في
أحوال الدجالين أنفسهم، فكثيرون من المشعوذين والدجالين بهم من الفاقة
والفقر ما هو مشاهد غير خفي، وقد تكون الأمراض والأسقام المزمنة تصحبهم
الأزمنة الطويلة، فهم أشد حاجة من تغيير أحوال أنفسهم قبل أحوال من يأتونهم
!! و «فاقد الشيء لا يعطيه» !!، ولكن قلة البصيرة يعمى بسببه الكثيرون
«ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور»، ويزداد المصاب عندما يوجد في
المجتمع من ينشر أن أشخاصاً من خلق الله تعالى يعلمون المغيبات، فينشر
المنثور والمنظوم.

ولدى
الجهات المختصة من الشكاوى والبلاغات في هذه الأمور ما يجعلها تدرك
خطورتها والضرر الديني والدنيوي المترتب على هذا النوع من الإجرام، فالضرر
الديني واضح ومَن مِن الناس لم يسمع بالحديث الصحيح أن «من أتى كاهناً
فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد ..» والرواية الأخرى والتي معناها
أنه إن أتاه إلا أنه لم يصدقه فإن عقوبته أن لا تقبل له صلاة أربعين
يوماً.. والضرر الديني أيضاً يتضح في رد ما دل عليه كتاب الله تعالى في
منطوقه الصريح، وفي هذا خطر عظيم فقد قال الله تعالى: «قُلْ لَا يَعْلَمُ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا
يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ».

لتتكاتف
الجهود لتوعية مستمرة وتوجيه ونصح أمين حتى يختفي الدّجالون من أرضنا،
وحتى يسلم للناس دينهم ودنياهم ومالهم وصحتهم وعافيتهم.. وإنها لمسؤولية
عظيمة. ولننكر هذا المنكر الذي انتشر في الأيام الماضية حفظاً للدين
وإبعاداً لشر الزائغين، ولتتوقف الصحف التي تنشر هذه الأخبار الآثمة
المجرمة، وإن الله سائلهم فليشفقوا على أنفسهم وليكفوا من نشر هذا التطاول
على ثوابت الدين وهذا العبث المشين.
الانتباهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق