الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

رحلتي إلى تركيا (1)

::::روان الاخبــار:::

رحلتي إلى تركيا (1)
المصدر:بقلم الشاذلى حامد المادح .. الاهرام اليوم

الثلاثاء:Dec 13, 2011


صباح الخامس والعشرين من نوفمبر الماضي حطت بنا طائرة الخطوط التركية في ميناء أتاتورك بإستانبول ودرجة الحرارة في تلك الساعة تهبط إلى ما دون الصفر بدرجة أو درجتين وقبل أن يستقر بنا المقام في الفندق المعد لإقامتنا يتجه تفكير مستقبلينا إلى تناول وجبة الفطور بأحد المطاعم المطلة على خليج البسفور.. يا له من مكان جميل ورائع، هو ذات المكان الذي نشاهده في المسلسلات التركية، والطقس بالرغم من تلك الدرجات المنخفضة إلا أنه متصالح معنا ويحملنا إلى نشوة طالما افتقدناها.
{ يتقدم رهطنا العالم البروفيسور شمس الدين زين العابدين المدير العام لأكاديمية الأمن العليا ومجموعة من الرفاق جمعتنى بهم قاعات الدرس والدبلوم العالي وقد قدمنا من فجاج مختلفة وقد درجت هذه الأكاديمية على فتح أبوابها لكافة أبناء السودان وللأشقاء من الخارج لنيل الدرجات العلمية وهي تربط كل ذلك بالإستراتيجيات والصراع الإستراتيجي (الحتمي) ليتسلح الدارس في مجال دراسته بفكر إستراتيجي وطرائق تفكير لا تلتفت إليها مؤسساتنا الأكاديمية وهي تركن إلى المسلمات التي تجاوزها العصر الذي نعيشه الآن ولم يتبق أمام أكاديمية الأمن العليا بعد توطين علم الصراع الإستراتيجي المحظور على الدول النامية والإسلامية منذ مؤتمر (بازل) الذي انعقد في خواتيم القرن التاسع عشر، لم يتبق أمامها إلا توطين علم آخر هو علم الباراسيكولجي (الخوارق) وبهذين العلمين يمكن لأمتنا السودانية أن تضرب موعداً مع المجد.
{ من اللحظة الأولى آليت على نفسي أن أشاهد وأستمع وأدرك لصالح قارىء هذه الزاوية حتى أتمكن من اصطحابه معي في هذه الزيارة عبر السطور والصور التي أرجو أن أوفق في نقلها كما هي وفي تركيا الجديدة هو أن هذه المسلسلات التي نشاهدها في الوطن العربي بعد الترجمة باللهجة الشامية لا تعبر عن واقع الحياة في تركيا بل تنسفها بالرومانسية الكثيفة والأخيلة وفي ظني أن هذه المسلسلات لم يكن في حسابات منتجيها أنها ستعرض لاحقاً في الوطن العربي وقد كان ذلك بمبادرات شامية واتفاقات مع الشركات الخاصة التي أنتجت تلك المسلسلات التي أقبل عليها المنتج التركي لتصنع واقعاً متخيلاً مليئاً بالرومانسية المفتقدة وسط المجتمعات التركية نفسها وهذا هو أحد أهم وأبرز الأدوار التي تلعبها الدراما وهي قدرتها على تصور حياة مستحيلة نعيشها على شاشات التلفاز على الأقل وهذا ما نجحت فيه الدراما التركية وكسبت به بعض الوهم في الوطن العربي وهذا ما تقوله شخصيات مرموقة داخل تركيا في معرض ردودها على أسئلتنا وهذا ما يتأكد لكل زائر لتركيا حين يكتشف إبداعاً آخر وحياة أخرى وأفكاراً أخرى وقيماً وأملاً تتجه بها تركيا نحو البشرية جمعاء وهي تقترب من صياغة مشروع عالمي فيه حلول لمشاكل العالم تقوم على (الحقانية) أو ما يعرف تفصيلاً بالقوة والعدالة.
{ برفقتي وتحت سقف البروف الذي يترأس وفدنا العلمي زملاء درس ورفاق دبلوم عالي تكاد لمساتهم الفريدة تصنع عالماً جميلاً من المزاح البريء والشفيف كانت تنقلنا إلى السودان مرة بعد مرة فنقطع ساعات الغربة والبعد عن الوطن ونبدأ العدّ من جديد وكأننا نغادر الوطن عشرات المرات ونعود إليه في ذات اليوم عشرات المرات وقد كان (أجملنا) عبارة أكثرنا قدرة على السهل الممتنع في الحكي والحصار ومطاردة ضحاياه من رفاقه في هذه الرحلة فيسعد نهارنا وساعات ليلنا قبل وبعد الدرس وبالذات في باحة الفندق والمطعم وفي الغرف فتمر الساعات دون أن نشعر بها فقد كانت صحبتهم مطية لمزاج لم يفارقنا لحظة.
{ دخلنا في ورش علمية حصدنا منها معارف لم أكن أتوقع مقدارها ونوعها وحكمتها وعميق دلالاتها، استمعنا إليهم وهم يحدثوننا عن تجربتهم واستمعوا لنا ودار نقاش عميق حول كافة القضايا التي تشغلهم وتشغلنا وتشغل البشرية جمعاء وقد أذهلتنا أفكارهم وتأصيلهم وتصالحهم مع تاريخهم بعد أن كانوا يديرون ظهرهم عنه ودقة التنسيق بين كافة مؤسساتهم العامة والخاصة مما جعلهم يتحدثون بأرقام واحدة وبحديث واحد وأهداف وآمال يشترك فيها الجميع بمختلف تياراتهم ومؤسساتهم وتنظيماتهم، وفي المقابل كان البرنامج المصاحب قريباً من كل ما تشتهر به تركيا ومن تاريخها المرتبط بالحضارة الإسلامية والأديان السماوية وقد شاهدنا عصا موسى عليه السلام وسيف الرسول صلى الله عليه وسلم وعمامة سيدنا يوسف عليه السلام، وغير ذلك الكثير والمثير، استمتعنا بجمالها وسحرها وجانبيها على الصعيد الأوروبي من مدينة إستانبول والجانب الآخر منها من قارة آسيا.
{ في حلقات سأطوّف بك عزيزي القارىء ومن الغد سنبدأ الإبحار..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق