الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

صناعة الفخار فى السودان لا تزال تحتفظ بخصوصيتها رغم رياح التغيير

::::روان الاخبــار:::

صناعة الفخار فى السودان لا تزال تحتفظ بخصوصيتها رغم رياح التغيير
المصدر:تقرير سمية عبد النبى/ سونا

الاحد:Dec 18, 2011

لا تزال صناعة الفخار فى السودان ، واحدة من أقدم الصناعات التى احتفظت بخصوصيتها رغم رياح التغيير ، وحافظت على روادها ومستخدميها.

ومنذ زمن بعيد ، احتفظت منطقة " القماير" بمدينة أم درمان ، بشهرتها الطاغية فى مجال صناعة الفخار ، اذ تضم المنطقة العديد من المصانع المتخصصة فى هذا المجال.

ويمارس العشرات من الحرفيين مهنة تصنيع العديد من الأوانى المصنوعة من الطين عن طريق اليد أو عن طريق العجلة وهي "آلة تدار بالقدم عن طريق السير".

وتمر صناعة الأجسام الفخارية والأوانى بعدة مراحل تبدأ تشكليها من الطين ، ومن ثم تترك في الهواء حتى تجف ، وبعدها تدخل الفرن لتبدأ عملية الحرق ، أما الزخرفة فتكون اما عن طريق النقش أو بالصب في القوالب.

ويرجع الدكتور تاور آدم المحاضر بجامعة السودان ، كلية الفنون ، قسم الخزف ، تاريخ صناعة الفخار فى السودان الى بدايات العام 1820 .

وقال فى تصريح لسونا " اول الاشكال الفخارية وجدت فى مقابر الفراعنة وفى الممالك الحضارية القديمة ، حيث كان يتم الاعتماد على الاونى الفخارية فى اغراض التخزين وحفظ المأكولات".

ويضيف " ثم تطورت صناعة الفخار واصبحت تعبر عن الثقافات المحلية لكل منطقة ، واليوم نلاحظ ان الاوانى الخزفية تتميز بالنقوش والرسومات التى تؤشر الى البيئة المحلية وثقافة كل منطقة من مناطق السودان".

ومن جانبه قال محمد اسماعيل جاد الله وهو أحد العاملين فى مجال صناعة الفخار فى تصريحات لسونا " هذه مهنة قديمة توارثناها عن اجدادنا ، ووقد دخلت صناعة الفخار من مصر الى السودان فى العام 1825".

ويضيف " تعتمد مهنة صناعة الفخار على المهارة والسرعة التى يجب أن يتمتع بهما كل من يعمل فى هذا المجال ، انها صناعة تقليدية لكنها تمثل جزءا مهما من حضارة وتراث السودان ، وحتى الآن ما تزال هذه المهنة رائجة ولديها زبائن كثر".

وتعتمد صناعة الفخار بالدرجة الاولى على نوع التربة المستخدمة كمادة خام يتم تشكيلها قبل حرقها ، ويشرح محمد اسماعيل ذلك بالقول " هناك أنواع معينة من التربة تستخدم في هذه الصناعة ، ونعتمد في صنع الفخار على مادة أساسية وهي التربة الصلصالية ، اضافة الى الماء الذي يلعب دورا أساسيا في التكوين والتذويب ، والفرز، واضافة الألوان المطلوبة".

ويشرح محمد اسماعيل مراحل تجهيز الخلطة الطينية المستخدمة لصناعة الفخار ، ويقول " نقوم أولا بخلط التربة بنسب محددة حسب اللون المطلوب ، وبعدها نخلط مزيج التربة بالماء ويسكب في بركة ، حيث يقوم العمال يدويا بتحريك المزيج لتنزل الشوائب والحصى إلى قاع البركة ، بعدها ينقل الماء المتبقي مع الرمل الناعم يدويا إلى بركة ثانية ، ويجب أن يبقى المزيج في هذه البركة لمدة يومين قبل أن ينقل إلى بركة ثالثة وأخيرة".

ويمضى قائلا " بعد تجهيز الطين يوضع على أحواض كبيرة ، ويقسمه العمال إلى قطع بحسب الحجم المطلوب صنعه ، ومن ثم تنقل إلى الدولاب اليدوي حيث يجلس الحرفي "المعلم" ليقوم بعملية صنع الفخار ورسم الزخرفات عليه بطريقة الحفر أو استعمال التلوين الزيتي المناسب".

ويتابع اسماعيل " عند الانتهاء منها توضع القطعة في مكان مظلل لمدة يومين حتى لا تتشقق ، ومن ثم توضع في فرن حراري درجته 900 حيث تشوى فيه لمدة سبع ساعات قبل أن يطفأ الفرن ، ويبقى الفخار فيه لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى يبرد".

ويعتمد أصحاب مصانع الفخار على أفران تعتمد فى عملها على الطريقة القديمة التقليدية باستخدام الحطب ، وتبنى الأفران أيضا من الطين على شكل كوخ مغلق وبه فتحتان ، احداهما أرضية لادخال الحطب واشعال النار فيه ، والأخرى فى أعلى الفرن لاخراج الدخان.

وتمثل "جرات الماء" المعروفة محليا باسم " الزير" أهم الصناعات الفخارية وتستخدم لتبريد الماء ويعرفها السودانيون بأنها " ثلاجة الفقراء" .

ويقول قال محمد اسماعيل جاد الله " نحن نصنع مجموعات كبيرة من الفخار بأشكال متنوعة وبألوان مختلفة حسب المطلوب ، وهناك المزهريات المخصصة لنباتات الزينة المنزلية ، وأوانى أخرى تستخدمها النساء ، ولكن الزير يظل اشهر الاوانى الفخارية".

ومع أن سوق الصناعات الفخارية لا يزال يستقطب عددا لا بأس به من المهتمين بالتراث والموروثات القديمة ، الا أن أصحاب المهنة فى السودان يشكون من عدة صعوبات تتمثل فى قلة العمال المهرة لمهنة تعتمد أساسا على الخبرة والمهارة العالية.كما أن العائد المادى لصناعة الفخار لم يعد كافيا لمواصلة هذه المهنة ، اذ يباع معظم المنتجات الفخارية بما يعادل نحو خمسة جنيهات سودانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق