الاثنين، 16 فبراير 2015

هل حقَّقت الزيارة أغراضها؟.. - روان للإنتاج الإعلامي والفني

هل حقَّقت الزيارة أغراضها؟.. - روان للإنتاج الإعلامي والفني



>
انتهت زيارة البررفيسور إبراهيم غندور مساعد الرئيس والمسؤول الأول في
الحزب الحاكم، إلى الولايات المتحدة بعد إجرائه حوارات مع مسؤولي الإدارة
الأمريكية وأعضاء في الكونغرس حول حالة العلاقة بين البلدين، وكيفية تجاوز
نقاط خلافهما، ثم أردف ذلك بنشاط آخر له في الأمم المتحدة، وبغض النظر عن
تمخُّضات الزيارة ونتائجها، إلا إنها تُعدُّ خطوةً مهمةً تلمَّست السبيل
المُفضي في نهاياته لنتائج قد لا يكون قطاف ثمارها في القريب العاجل، وقد
تنتظر طويلاً ما هو آجل..

>
ويقفز سؤال مِلحاح.. حول مقصد الزيارة وحصادها، وما إذا كانت قد حققت ما
ظل السودان يرجوه منها أم لا؟.. بالطبع لن تكون الإجابة عند من قام
بالزيارة وهو البروف غندور حاضرة الآن، ولا من قدم الدعوة وهي واشنطون،
فشؤون السياسة وعلاقات الدول المأزومة مع بعضها البعض، يُضرب عليها سياج من
تكتُّم، خاصة إذا كانت هناك تقاطعات وحساسيات عالية تتجلى في المجال
الإقليمي والدولي، بالنسبة للسودان في ظل الظروف المتغيرة، وهذه تجعل من
الإفصاح شيء غير مستحب في هذه اللحظة، ولا نظنُّ أن ما يُعلِن عنه غندور
بلسانه هو كل ما يدخره في جنانه من تفاصيل هذه الزيارة.

>
وقد يكون من الملائم النظر إلى إطار الصورة العامة للحوار الذي دار في
واشنطون، والتقاط بعض ملامح ألوانه وخطوطه وإيضاحاته البائنة، ثم استلال
التقييم والتقدير لهذه الزيارة التي أثارت لغطاً هنا وهناك، وحاولت جهات
عديدة ابتسارها أو استصغارها، بحجة أن ما وقر في القلوب بين العاصمتين، لا
يمكن أن يزول بسهولة، ولا يستطيع نطاسي أسنان بكل سهولة خلع الأضراس
المعطوبة وتركيب طقم جديد يمكن به هرس الخلافات وابتلاعها وهضمها ...!

>
ومن الواضح، أن ما دار في واشنطون له ظلاله وانعكاساته المباشرة على ضفة
النهر الشرقي في نيويورك، حيث مقر الأمم المتحدة. فالبروف غندور ارتحل
بملفات وقضايا عديدة، ناقشها في واشنطون إلى مقر المنظمة الدولية، وهو
يعلم أن الإشارات الأمريكية السالبة أو الموجبة قد وصلت قبله إلى هناك، وأن
أكثر من رسالة قد قُرئت على ضوء حواراته مع المسؤولين الأمريكيين، ومن هنا
يسهل التكهُّن بأن بعض الملفات العالقة بين الخرطوم وواشنطون، ليس العبور
من خلالها تمر طرقه ودروبه عبر البيت الأبيض وحده، فهناك كثير من الخطوط
المتشابكة والإرادات الدولية المتداخلة، تحتاج إلى تدبير وتمرير من داخل
مجلس الأمن الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة.

>
وحسب المتوفر من معلومات، فإن واشنطون أصغت بعمق لغندور، واستمع هو
لأحاديثها، وتبين موقفها ..المتشدد منه والمتغافل والمستاهل، وتصارح
الطرفان وتبادلا ما عندهما من آراء وأفكار، لكن الأقدام لم تخطو إلى
الأمام، إلا بالقدر الذي يدعو لمزيد من الحوار وتعميقه. فالقضايا المتعلقة
بالوضع الداخلي في السودان، تعلم واشنطون قبل غيرها ما هي الأسباب التي
تحول دونها طيها وإغلاق ملفاتها. خاصة النزاع في المنطقتين (النيل الأزرق
وجنوب كردفان)، ثم قضية دارفور.. وليس هناك أفضل من غندور يستطيع إزالة
الغبار ومسحه من الصورة الحقيقية، وكذلك مسح عدسة النظارة التي ترى بها
العاصمة الأمريكية الوضع السوداني كله.

>
وغنيٌ عن القول إن هناك قضايا أصبحت ذات اهتمام ثانوي، ولم تعد أولوية لدى
الإدارة الأمريكية، خاصة قضية الإرهاب ووجود السودان في قائمة الدول
الداعمة له، وتوجد قناعة لدى كثير من الدوائر الرسمية الأمريكية أن
السودان لا صلة له بما يُسمى بالإرهاب، وتعزَّزت هذه القناعة مع العجز
الدولي في احتواء ظواهر المجموعات المتشدَّدة، خاصة في سوريا والعراق
وليبيا وبوكو حرام وغيرها، وصار الإرهاب لا وطن ولا دين له.. وتسعى وشنطون
بعد فقدانها أكثر من حليف إقليمي فاعل، إقامة نظام أمني إقليمي يترافق مع
التحركات الدولية لمحاصرة الإرهاب وإنهاء وجوده.

>
ويمكن في ملخص القول، إن زيارة غندور بكل ما أثارته من تحفُّظات بعضها في
الداخل هنا أو تمنيات، لن يستطيع أحد القول والجزم أنها فشلت أو حققت غرضاً
بعينه، لكنها فتحت الباب أمام حوار جدي ولأول مرة وبمستوى رفيع لأول مرة
في درب الألف ميل. فالعقوبات الأمريكية، والديون، والإرهاب، الحرب،
والسلام، في السودان وغيرها، ملفات تحتاج إلى حوارات طويلة، وحتى الإدارة
الأمريكية لا يمكنها كشط أو شطب ما ترتب عليها من تشريعات وأوامر رئاسية
وقوانين صادرة من الكونغرس بالسهولة واليُسر الذي نظنه ونتوقعه..
الانتباهة
بقلم الصادق الرزيقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق