قوى الإجماع.. ما أهونك على الناس!..! بقلم الصادق الرزيقي - روان للإنتاج الإعلامي والفني
>
من حق القوى السياسية المعارضة، وخاصة قوى الإجماع الوطني، تدشين حملتها
لمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها، ومن حقها اتخاذ ما تراه مناسباً
وهي تحدد مواقفها من التطورات السياسية والدستورية الجارية في البلاد، لكن
عليها قبل كل خطوة تنتويها، أن تفكر مليَّاً في عوامل النجاح لهذه الخطوة
ونقاط القوة والضعف في تصوُّرها لمجابهة الانتخابات المُقبلة في أبريل
المقبل، وهي تدشن ما تُسميه حملة (إرحل)..
>
وحتى نناقش أحزاب المعارضة وقوى الإجماع الوطني بهدوء ورويَّة وسعة أُفق،
علينا تذكيرها بمواقف سياسية سابقة لها، عندما اعتزمت من قبل إسقاط
النظام، وأطلقت حملة كضجيج البراميل الفارغة عن (مائة يوم) لإسقاط النظام
القائم، ومضت مئات الأيام وسنوات، ولم تستطع أن تزحزح النظام قيد أنملة،
دعك عن إسقاطه بالقوة، ولا يزال الشعب السوداني يتندَّر على قوى الإجماع
الوطني عندما اندلعت ثورات الربيع العربي، قررت هذه القوى تحريك التظاهرات
الشعبية واختارت ميدان أب جنزير وسط الحكومة ليكون أيقونة ثورتها العارمة،
وانتفشت المعارضة وانتفخت أوداجها وتجشَّأت شعاراتها، وكان المشهد البائس
الخالد للراحل محمد إبراهيم نُقد سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني
(وحيداً ضائعاً منفرداً)، كما قال الشاعر عبدالرحمن أبو ذكرى يقطع ميدان
أب جنزير جيئةً وذهاباً وهو يحمل لوحة كرتونية كتب عليها (حضرنا ولم
نجدكم)!..
>
نخشى على تحالف المعارضة أن يشرب هو قبل غيره من نفس الكأس، وتنفضح
حملاته التعبوية، وينكشف إزاره الوهمي، ولا يستطيع تنظيم حملته المرتقبة أو
عقد ندواته في مدن البلاد العشرين التي تم تحديدها، أو حشد جماهيره
العريضة التي يدغدغ مشاعرها وعواطفها الآن..!
>
إذا كان تحالف قوى الإجماع الوطني قوياً إلى هذه الدرجة التي يُهدد فيها
الحكومة بالزوال، ويدَّعي أن جماهير الشعب السوداني ستكون معه وستجمع
ملايين التوقيعات وتؤيد دعوته لمقاطعة الإنتخابات والمطالبة السلمية برحيل
النظام الحاكم دون اللجوء للعنف، فلماذا لا يحشد هذا التحالف المعارض
جماهيرية وجموع الشعب السوداني التي تؤيده، ويخوض الانتخابات التي ستكون
مراقبة دولياً ولا سبيل للتلاعب في نتائجها، ويزيح النظام من سدة الحكم..؟!
>
الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات وإطلاق الشعارات ورفع العقيرة بالصراخ
والعويل من أجل رحيل النظام، لا تفيد مع وجود وسيلة للتبادل السلمي للسلطة،
ولم تعُد هناك إمكانية للعبث بأية انتخابات في العالم، نظراً للتطوُّر
الكبير في أدوات ووسائل مراقبتها، كما لا يمكن للمجتمع الدولي مساندة أية
دعوة تناهض المسار الديمقراطي وآلياته، والدليل على هذا القول إن اجتماعات
قوى الإجماع الوطني مع البعثات السياسية الغربية وخاصة بعثة الاتحاد
الأوروبي خلال الفترة القريبة الماضية، شهدت مواقف وأحاديث ليست في صالح
المعارضة، فكل البعثات السياسية الغربية تقول لهم «نحن لسنا معكم في مقاطعة
الانتخابات. فإذا كانت منظماتنا ومراكزنا هي التي تراقب الانتخابات وتعد
تقارير بشأنها، فليس من الحكمة الوقوف ضد الانتخابات أو تشجيع من يقاطعها».
>
قصر النظر السياسي لأحزاب الإجماع الوطني، هو ما يحجب عنها رؤية الحقيقة.
فهي كقوى سياسية لم تُفلح في اختبار وزنها وقوتها من فترة طويلة، ولم تخض
انتخابات طيلة الخمس وعشرين سنة الماضية، وتحتاج إلى بناء ذاتها وهياكلها
بشكل حديث يواكب التطوُّرات السياسية الجارية. فالتواصل مع جماهيرها في
مناطق السودان المختلفة، يجعلها قادرة ومؤهلة لإقامة التحالفات الحزبية
القادرة على منازلة ومنافسة الحزب الحاكم، وحتى هزيمته. لكن هذه الأحزاب لا
ترى الأوضاع على حقيقتها، وتعيش حالة من الوهم الغريب عندما تعتقد أن مجرد
عقد مؤتمرات صحافية يتحدث فيها أشخاص لا يعرفهم عامة الناس، وأسماءً لم
نسمع بها من قبل، هي الوسيلة الناجعة للتخلُّص من النظام الحاكم، ومحو
شروره كما تقول.
>
كنا سنحترم هذه الأحزاب المعارضة إذا كانت شجاعة وصادقة مع نفسها قبل أن
تكون كذلك مع الشعب السوداني، وقررت منذ فتح باب الترشح في كل المستويات
للانتخابات المُقبلة وطرحت برامجها الانتخابية التي تدعو الشعب لإسقاط
النظام عبر صناديق الانتخابات، ليتمكن كل (حشَّاش من ملء شبكته).. لكن أن
تجلس داخل القاعات والدور الحزبية، لتلوك كلاماً لا يُسمن ولا يُغني من
جوع.. فإنها ستجد نفسها حتماً ضائعة وسط أحلامها وأوهامها، والنظام الحاكم
يتمكن ويقوى و(يُشرعن) وجوده وسلطته بالديمقراطية والوسائل الحديثة في نيْل
السلطة..
من حق القوى السياسية المعارضة، وخاصة قوى الإجماع الوطني، تدشين حملتها
لمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها، ومن حقها اتخاذ ما تراه مناسباً
وهي تحدد مواقفها من التطورات السياسية والدستورية الجارية في البلاد، لكن
عليها قبل كل خطوة تنتويها، أن تفكر مليَّاً في عوامل النجاح لهذه الخطوة
ونقاط القوة والضعف في تصوُّرها لمجابهة الانتخابات المُقبلة في أبريل
المقبل، وهي تدشن ما تُسميه حملة (إرحل)..
>
وحتى نناقش أحزاب المعارضة وقوى الإجماع الوطني بهدوء ورويَّة وسعة أُفق،
علينا تذكيرها بمواقف سياسية سابقة لها، عندما اعتزمت من قبل إسقاط
النظام، وأطلقت حملة كضجيج البراميل الفارغة عن (مائة يوم) لإسقاط النظام
القائم، ومضت مئات الأيام وسنوات، ولم تستطع أن تزحزح النظام قيد أنملة،
دعك عن إسقاطه بالقوة، ولا يزال الشعب السوداني يتندَّر على قوى الإجماع
الوطني عندما اندلعت ثورات الربيع العربي، قررت هذه القوى تحريك التظاهرات
الشعبية واختارت ميدان أب جنزير وسط الحكومة ليكون أيقونة ثورتها العارمة،
وانتفشت المعارضة وانتفخت أوداجها وتجشَّأت شعاراتها، وكان المشهد البائس
الخالد للراحل محمد إبراهيم نُقد سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني
(وحيداً ضائعاً منفرداً)، كما قال الشاعر عبدالرحمن أبو ذكرى يقطع ميدان
أب جنزير جيئةً وذهاباً وهو يحمل لوحة كرتونية كتب عليها (حضرنا ولم
نجدكم)!..
>
نخشى على تحالف المعارضة أن يشرب هو قبل غيره من نفس الكأس، وتنفضح
حملاته التعبوية، وينكشف إزاره الوهمي، ولا يستطيع تنظيم حملته المرتقبة أو
عقد ندواته في مدن البلاد العشرين التي تم تحديدها، أو حشد جماهيره
العريضة التي يدغدغ مشاعرها وعواطفها الآن..!
>
إذا كان تحالف قوى الإجماع الوطني قوياً إلى هذه الدرجة التي يُهدد فيها
الحكومة بالزوال، ويدَّعي أن جماهير الشعب السوداني ستكون معه وستجمع
ملايين التوقيعات وتؤيد دعوته لمقاطعة الإنتخابات والمطالبة السلمية برحيل
النظام الحاكم دون اللجوء للعنف، فلماذا لا يحشد هذا التحالف المعارض
جماهيرية وجموع الشعب السوداني التي تؤيده، ويخوض الانتخابات التي ستكون
مراقبة دولياً ولا سبيل للتلاعب في نتائجها، ويزيح النظام من سدة الحكم..؟!
>
الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات وإطلاق الشعارات ورفع العقيرة بالصراخ
والعويل من أجل رحيل النظام، لا تفيد مع وجود وسيلة للتبادل السلمي للسلطة،
ولم تعُد هناك إمكانية للعبث بأية انتخابات في العالم، نظراً للتطوُّر
الكبير في أدوات ووسائل مراقبتها، كما لا يمكن للمجتمع الدولي مساندة أية
دعوة تناهض المسار الديمقراطي وآلياته، والدليل على هذا القول إن اجتماعات
قوى الإجماع الوطني مع البعثات السياسية الغربية وخاصة بعثة الاتحاد
الأوروبي خلال الفترة القريبة الماضية، شهدت مواقف وأحاديث ليست في صالح
المعارضة، فكل البعثات السياسية الغربية تقول لهم «نحن لسنا معكم في مقاطعة
الانتخابات. فإذا كانت منظماتنا ومراكزنا هي التي تراقب الانتخابات وتعد
تقارير بشأنها، فليس من الحكمة الوقوف ضد الانتخابات أو تشجيع من يقاطعها».
>
قصر النظر السياسي لأحزاب الإجماع الوطني، هو ما يحجب عنها رؤية الحقيقة.
فهي كقوى سياسية لم تُفلح في اختبار وزنها وقوتها من فترة طويلة، ولم تخض
انتخابات طيلة الخمس وعشرين سنة الماضية، وتحتاج إلى بناء ذاتها وهياكلها
بشكل حديث يواكب التطوُّرات السياسية الجارية. فالتواصل مع جماهيرها في
مناطق السودان المختلفة، يجعلها قادرة ومؤهلة لإقامة التحالفات الحزبية
القادرة على منازلة ومنافسة الحزب الحاكم، وحتى هزيمته. لكن هذه الأحزاب لا
ترى الأوضاع على حقيقتها، وتعيش حالة من الوهم الغريب عندما تعتقد أن مجرد
عقد مؤتمرات صحافية يتحدث فيها أشخاص لا يعرفهم عامة الناس، وأسماءً لم
نسمع بها من قبل، هي الوسيلة الناجعة للتخلُّص من النظام الحاكم، ومحو
شروره كما تقول.
>
كنا سنحترم هذه الأحزاب المعارضة إذا كانت شجاعة وصادقة مع نفسها قبل أن
تكون كذلك مع الشعب السوداني، وقررت منذ فتح باب الترشح في كل المستويات
للانتخابات المُقبلة وطرحت برامجها الانتخابية التي تدعو الشعب لإسقاط
النظام عبر صناديق الانتخابات، ليتمكن كل (حشَّاش من ملء شبكته).. لكن أن
تجلس داخل القاعات والدور الحزبية، لتلوك كلاماً لا يُسمن ولا يُغني من
جوع.. فإنها ستجد نفسها حتماً ضائعة وسط أحلامها وأوهامها، والنظام الحاكم
يتمكن ويقوى و(يُشرعن) وجوده وسلطته بالديمقراطية والوسائل الحديثة في نيْل
السلطة..
الانتباهة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق