علمتني أمي أحكام الطهارة.. (للأطفال 8-12سنة) - روان للإنتاج الإعلامي والفني
المصدر : الالوكة بقلم د. شميسة خلوي
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/43285/#ixzz3gbbtQrzE
ما أجمل جلسة تجمع الأم بابنتها!
جلسة...
تزيد من رباط المحبة بين البنت وأمها، وتوسّع مجالات التفاهم، وتؤطر لكلمة
(مخجل) وتضعها موضعها الصحيح، وتؤسِّس لمعرفة دينية ودنيوية صائبة،
لنتتبَّع كيف ستتعامل أم هبة مع ابنتها حين أدركت هذه البنيّة البلوغ وجدَّ
أمر لم تعرف له تفسيرا، أو لنقُل: سمعتْ عنه من هنا وهناك ولم تدرك الصواب
من الخطأ!
لن
يكون الأمر جديدا على أم هبة، لن تكون إلا لبنة جديدة ستُضيفها إلى جسر
مودَّة وثِقة سعت لبنائه بينها وبين هبة منذ لحظات ولادتها، فلنتتبع...
هبة: نعم يا أمي، ناديتني؟
الأم: أجل، سنُواصل حديثنا الذي بدأناه ولم نكمله حين حضر والدك... سنتعلَّم اليوم أحكاما جديدة تُناسب المستجدَّات...
هبة: (بخجل) أجل يا أماه.
الأم:
بنيَّتي، لم الخجل؟ .... اسمعي لأمنا عائشة رضي الله عنها وهي تقول:
"نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ
الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ"[1]، وأنتِ ستتعلمين أحكاما
تخص دينك، والحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، وتترتَّب عنه بعض الأحكام[2]
وجب عليكِ معرفتها، وأمور صحية عليكِ أن تتعرفي عليها.
أنصتي إلى ما أقول يا بنيّة:
الحيض فترة تمر بها المرأة، هي علامة صِحيَّة تُشير إلى أن الفتاة في صِحَّة جيدة، وهي دليل على بلوغها أيضا...
هذه
الدورة يا بنيتي تمثّل تغيرات فيسيولوجية تحدُث عند المرأة في بطانة
الرَّحم أي داخل المكان الذي ينمو فيه الجنين في بطن الأم، مما يتسبَّب في
نزول دم الحيض، وعادة ما يبدأ الحيض بالظهور لأول مرة عند الفتاة ما بين
العاشرة حتى سن السادسة عشرة، وتستمر الدورة عند المرأة إلى غاية سن
الخامسة والأربعين أو أكثر، وهي الفترة التي تستطيع فيها المرأة أن تنجب
أطفالا.
والأصل أن نفرِّق:
نطلق
عبارة (الدورة الشهرية الهرمونية) على الفترة الممتدة ما بين اليوم الأول
لنزول الدم إلى غاية اليوم الأول لنزول الدم للدورة التالية، بمعنى أن
الدورة الشهرية عند المرأة تستغرق (28) يوما تقريبا، وتختلف مدتها من امرأة
لأخرى، وتكون الدورة غير طبيعية إذا كانت مدتها أقل من (21) يوما أو أكثر
من (36) يوما.
أما
فترة (الحيض) فهي الفترة التي يتدفَّق فيها الدم من رحم الأنثى، وتختلف
مدته من امرأة لأخرى وعادة ما تكون بين ثلاثة أيام إلى ستة أيام مع اختلاف
واضح بين النساء، حسب طبيعة كل امرأة، وأحيانا تُستعمل عبارة (الدورة
الشهرية) في سياق يجعلنا نفهم أنها فترة الحيض.
• لحد الآن واضح؟
هبة: أجل.
الأم:
طيِّب... تختلف كمية الدم التي تنساب من الرَّحم بين النساء، يعني ما
يُقارب (75غ) إلى (150غ) في كل فترة حيض، أي ما يعادل الماء الذي يتَّسع
له ذاك الكوب الأخضر هناك يا هبة.
هبة: أمي... (وعلامات الدهشة بادية عليها) أليس من ينزف دما يموت؟!
الأم: (مبتسمة) ألم نقل أن الدم يتدفَّق من الرَّحم؟
هبة: (تهز رأسها بالإيجاب).
الأم:
يا بنيتي، إن الرَّحم قبل الحيض يتهيأ لاستقبال الجنين بأن يتكوَّن غشاء
وأوعية دموية كثيرة هي المسؤولة بإيصال الغذاء للجنين في بطن أمه، وإذا لم
يأذن الله بجنين للأم فإن ما بداخل الرَّحم يتفكَّك ويتمزق وينقبض الرَّحم
(وتشير الأم بحركة يديها إلى الانكماش) ويطرد تلك البقايا المفكَّكة خارج
الجسم فنراها على شكل دم، وفي الحقيقة هي دم وبقايا الغشاء الذي وضَّحناه
الآن.
الأم: هل فهمتْ البنية ما الذي يحدث في هذه الفترة؟
هبة: أجل.
الأم:
ممتاز...قد تُصاحب فترة الحيض بعض المشاكل الصحية، غالبا ما تكون قُبيل
الحيض، وتنتهي بعد نزول الدم، وتكون هذه الآلام أسفل البطن أو على مستوى
الظهر أو الصدر أو المفاصل أو إحساس بالنعاس أو بالصداع أو الإسهال أو
الإمساك أو شعور بالغثيان، وغير ذلك، وكلها أمور طبيعية، ومنها ما هو نفسي،
إذ يتقلبُّ مزاج المرأة ويقلُّ مستوى احتمالها وقدراتها العملية، وهناك من
تُصاب بحالة من الكآبة والضِّيق!
وعلى الفتاة المسلمة أن تتجمَّل بالصبر وتتحمَّل ما يمرُّ بها في هذه الفترة، وعليها أن ترضى بقضاء الله وقدره.
هبة: نعم يا أمي، لكن الألم صعب، ماذا نفعل هل نذهب للطبيبة؟
الأم:
ليس تماما، إن كان الألم خفيفا فلا داعي للأدوية والمسكِّنات، يلزمنا فقط
وضع كيس ماء ساخن على جهة البطن السفلى لنخفِّف الألم وأن نشرب مشروبات
ساخنة، أو نضع قطرة من الزيت العطري للبابونج الروماني على منديل أو نضيف
بضعة قطرات من الزيوت العطرية للجيرانيوم، ونستنشق الرائحة، أما إذا زادت
الآلام بشكل لا يحتمل فهنا يُنصح باستعمال بعض المسكِّنات.
هبة: فهمت.
الأم:
ولكن مما يدعو لمراجعة الطبيبة والبحث عن الداء، هو أن تصبح الدورة
عشوائية غير منتظمة أو وجود نزيف قوي أي سيلان الدم بطريقة غزيرة غير
معتادة، أو نزيف بين الدورتين.
ثم:
عليكِ العناية بنظافتك الشخصية كالعادة، لكن ينبغي الاحتياط لما سأذكره يا
بنيتي: نتجنب أثناء الاستنجاء أن نوجه تيارا قويا من الماء، والواجب أن
نسكب الماء بلطف ويكون الشطف من الأعلى إلى الأسفل وليس العكس، من غير
استخدام الصابون المعطَّر، ويجب أن لا نبقي على الفوط الصحية وقتا طويلا
ولا نتركها يوما كاملا، ولا يضرنا الاستحمام.
هبة: فهمت.
الأم: نأتي لأمر مهم جدا يتعلَّق بحيض المرأة المسلمة... سنسميها أحكام الطهارة من الحيض للمرأة المسلمة...اتفقنا؟
هبة: اتفقنا.
الأم:
في هذه الأيام خفَّف الله عن النساء واجباتهن الدينية فأعفاهن من الصلاة
والصوم، وبعد انقطاع الحيض تغتسل المرأة المسلمة لتطهر، فأما الصلوات التي
فاتتها ولم تؤدها أيام حيضها لا تعيدها، وأما الصوم فتقضيه.
هبة: لا نصلي ولا نصوم... لماذا لا نصلي ولا نصوم؟
الأم:
الحكمة من تشريع أي أمر قد نُدركها وقد نجهلها يا هبة، وترك المرأة الصلاة
والصوم في حالة الحيض ينطوي على حِكم اجتهد علماؤنا في توضيح بعضها،
فالصوم يَسقط عن الحائض لأن الحيض يُضعف البدن والصوم يُضعفه أيضا، واجتماع
مضعفين يضر ضرراً شديداً بالمرأة، وقالوا أيضا إن الصلاة تتكرَّر كل يوم
بخلاف الصوم - وهنا أقصد شهر رمضان - الذي نستقبله مرة واحدة في السنة،
فيشُقّ عليها قضاء الصلاة بخلاف الصَّوم.
ويمكن
أن نُضيف أيضا تفسيرا طبيا للمسألة، بحيث لو صلَّت المرأة أثناء الحيض
وحرَّكت جسمها ركوعا وسجودا فسيتسبَّب هذا في فقدان كمية أكبر من الدم، حين
يتدفَّق أكثر للرَّحم[3]، مما يضعفها ويؤثر عليها سلبا.
يقول
ربنا عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً
مُبِيناً ﴾ [الأحزاب: 36].
لهذا كله فلنا نحن النساء رخصة أيام الحيض فلا نصلي، وأيام الصوم لا نصوم بشرط: نقضي الأيام التي أفطرناها.
هبة: لكن غريب؟!
الأم: ما وجه الغرابة في ما قلتُ؟
هبة: لماذا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟!
الأم:
سؤال وجيه! سُئلت أمنا عائشة رضي الله عنها عن مثله، فقالت: "كان يُصيبنا
ذلك، فنُؤمر بقضاء الصَّوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة"[4]، بمعنى: أن ما يحدث
لكِ وللفتيات والنساء جميعا حدث في عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وكان نبينا لا يأمر بالقضاء مع علمه بالحيض وترك الصلاة ولو كان
القضاء واجبا لأمر بذلك.
وهذا
ما يفسّر وصف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنا معشر النساء
بناقصات دين، يُروى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لجمع
من النساء مرّ بهن حين كان خارجا إلى المصلى: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ
لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"، قلن: بلى، قال: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ
دِينِهَا"[5].
هبة: فهمتُ الآن، ليس على المرأة المسلمة إذا حاضت أن تصلي ولا أن تصوم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
الأم: وهناك أمور أخرى وجب التنبُّه إليها أيضا.
هبة: إضافة إلى الامتناع عن الصلاة والصوم؟ ما هي؟
الأم: يحرم على الحائض أن تمكث في المسجد، وليس عليها أن تطوف ببيت الله أيضا[6].
ثم،
يجوز للحائض أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب لا من المصحف، فإن بلغت بها الحاجة
إلى القراءة من المصحف معلِّمة أو متعلِّمة فلها ذلك ولكن هذا مشروط
باستخدامها لقفازين لمسِّ المصحف، أو بحائل آخر منفصل عن المصحف[7].
وللمرأة الحائض أن تأتي بالأذكار الشرعية وقراءة كتب التفسير والحديث وغيرها.
هبة: ليتني مثلكِ يا أمي، عندكِ لكل سؤال جواب!
الأم: (مبتسمة) ومن قال ذلك؟! ثم هل نسيتِ؟ وما أوتيتم...
هبة: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، دائما يردِّدها أبي، نعم نعم يا أمي.
الأم: اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا، إنَّك أنتَ العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علْمنا.
طيِّب،
هذا كله أثناء فترة الحيض، بقي الآن كيف تعرف المرأة المسلمة أنها طهرت،
وما هي طريقة الغُسل الصحيحة من الحيض؟ وهذا مربط الفرس.
هبة: أي فرس؟
الأم: أقصد أننا سنأتي الآن إلى أهم أمر في الموضوع يتعلَّق بطهارة المرأة المسلمة[8].
هبة: امممم، هل هناك طريقة نتعلمها؟
الأم:
أجل، انتبهي لما أقول: تعرف المرأة أنها طهرت من حيضها بأحد أمرين:
بانقطاع الدم أي توقفه وجفاف المحل أو بنزول القصة البيضاء، وهي ماء يخرج
من فرج المرأة يأتي في آخر الحيض، فإذا تأكَّدت المرأة من طهرها لا تهتم
لنزول شيء من الإفرازات الصفراء أو البنية ولا تؤثر في طهرها.
بقي أن نعرف طريقة غسل المحيض[9]، ركزي معي:
(تعتدل هبة في الجلوس وتُسرُّ الأم لانتباه ابنتها لما ستقوله).
تنوين
الاغتسال ورفع الحدث الأكبر ثم تسمين: بسم الله، ثم تغسلين يديكِ ثلاثاً،
ثم تستنجين، وبعدها تطهِّرين يديكِ بالماء والصابون، ثم تتوضئين الوضوء
الأصغر أي مثل وضوئك للصلاة في أيام طهركِ تماما، ثم تصبِّين الماء على
رأسكِ ثلاث مرات وتدلكين شعركِ جيدا، ثم تفيضين الماء على بدنكِ بدءا من
الشق الأيمن، ثم الأيسر، من الرأس إلى القدم من غير إهمال للمناطق التي
يتجاوزها الماء مثل تحت الإبطين أو خلف الركبتين، ثم تُعمِّمين الماء على
بدنكِ كله، سواء باستخدام المرشة، أو باغتراف الماء من الحوض أو من إناء،
ثم تأتين بالدعاء الذي يسن بعد الوضوء، فهمتِ؟ سأعيد مرة ثانية... (تعيد
الأم طريقة الغسل لتثبت في ذهن هبة).
هبة: طريقة سهلة، فهمتُها.
الأم: فلتذكرني الحبيبة كيف تتوضأ للصلاة، بما أننا نتحدَّث عن طهارة المرأة.
هبة: أولا أنوي الطهارة ورفع الحدث، والنية محلها القلب كما تعلمتُ منك يا أماه.
الأم: جمّلكِ الله بالإيمان يا بنيَّة، وبعد؟
هبة: أقول: بسم الله ثم أغسل كفي ثلاث مرات ثم أتمضمض ثلاث مرات وأستنشق ثلاث مرات، وأنثر الماء من أنفي بيساري.
الأم: والمضمضة هي إدارة الماء في الفم والاستنشاق هو إيصال الماء إلى داخل الأنف، والاستنثار هو إخراجه من الأنف، ثم ....؟
هبة:
ثم أغسل وجهي ثلاث مرات (وتشير هبة إلى وجهها من منبت شعرها إلى ذقنها،
ومن حدِّ أذنها اليمنى إلى حد أذنها اليسرى) ثم أغسل يدي إلى المرفقين ثلاث
مرات، (وتشير هبة إلى يديها من رؤوس أصابعها إلى أول العضد)، ثم أمسح رأسي
من مقدَّمته إلى هنا (مشيرة إلى منبت شعرها على القفا) ثم أدخل أصبعي
السبابتين في خرقي أذني، وأمسح ظاهرهما بإبهامي، وأخيرا أغسل رجلي ثلاث
مرات إلى الكعبين، (وتشير إلى العظم الناتئ في أسفل ساقها).
الأم: أحسنتِ يا هبة، فماذا نقول بعد فراغنا من الوضوء؟
هبة: نقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهِّرين.
الأم:
تماما يا عزيزتي، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ -
الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ"[10]، وفي زيادة
عند الترمذي: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي
مِنَ المتطَهِّرِينَ"[11].
الأم: طيّب...وإن لم نجد الماء أو تعذَّر علينا استعمالُه للوضوء، فما الذي يقوم مقام الماء؟ أتذكُرين أم ....؟
هبة: (مبتسمة) بل أذكر، لأنه سهل جدا، إن لم أجد الماء أتيمَّم، أضرب التراب بيدي ضربة واحدة ثم أمسح بهما وجهي وكفي.
الأم:
صحيح، يقوم التيمُّم مقام الماء في رفع الحدث، يقول عز وجل: ﴿ وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]، وطريقة التيمُّم
بيَّنها لنا نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عمَّار بن
ياسر رضي الله عنه حين قال له: ""إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا" فضرب
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح
بهما وجهه وكفيه"[12]، ثم ندعو بنفس الدعاء الذي نقوله بعد الوضوء.
هبة: وهل يصحُّ التيمُّم بدلا من الغسل؟
الأم:
ما شاء الله! ذكية يا هبة، لاحظي يا ابنتي، دينُنا دين يسر وليس دين عسر
ولا مشقة، بمعنى: إن تأكدت المرأة المسلمة أنها طهرت ثم لم تجد ماء للغسل،
أو وجدته لكن اغتسالها بالماء يزيد من مرضها إن كانت مريضة، أو يعوق شفائها
ويؤخره، فلها في هذه الحالة أن تتيمَّم.
• والآن هل لكِ سؤال آخر؟ وهل هناك أمر استصعب عليكِ في ما قلته لك؟ِ
هبة: لا، ليس عندي سؤال آخر، فهمت.
الأم: ممتاز...أما الآن... لكِ مني مفاجأة، خمِّني ما تكون؟
هبة: اممممم، أكيد علبة شكولاتة من التي أحب.
الأم: لا، هذه الهدية مختلفة، انتظريني هنا ولا تتحرّكي، مفهوم؟
هبة: سأنتظر (تفكر وتتمتم) إذن هي علبة أقلام مثل التي رأيتها عند عائشة، لا لا تلك وعدني بها أبي، امممم....
عادت الأم حاملة ظرفا مغلقا.
الأم: خذي، افتحي الظرف.
هبة: (وهي تفتح الظرف بلهفة) إنه كتاب.
الأم: أجل هو كتاب يا عزيزتي، وكم أحبُّه!
هبة: أعرف، أنتِ يا أمي تحبين كل الكتب الموجودة بمكتبتنا!
الأم:
(تبتسم وتضم هبة إلى صدرها وتُقبِّل جبينها) لكن هذا الكتاب تحديدا له
مكانة كبيرة في نفسي، هل تعلمين يا بنيتي؟ هذا الكتاب هدية من والدي أهداها
لي حين كنتُ في مثل عُمرك.
هبة: يااااه، لم أنتبه له في مكتبتنا... المرأة المسلمة...العقائد-العبادات-المعاملات-الآداب والأخلاق- أبو بكر جابر الجزائري.
الأم: هو لكِ يا قرة العين.
طُرق الباب بلطف...
الأم: لعله والدكِ! فهذا وقت رجوعه من العمل، يبدو أنه يحمل معه أكياسا منعته من فتح الباب، سأرى...
هبة: أبي أبي أبي...
الأم: ألهذه الدرجة بلغ بكِ الشوق لوالدك اليوم؟
هبة: لا... أقصد نعم، أقصد أن بابا جاء في الوقت المناسب تماما هذه المرة، جاء بعد أن أنهينا كلامنا...
الأم: حسنٌ سأفتح الباب.
هبة: لا لا لا أنا من سأفتح الباب، أريد أن أخبره.
الأم: تخبرينه؟ بم؟!
هبة: سأخبرهُ بأنك أروع أم على وجه الأرض!
زاد الطرق على الباب، ورافقه رنين الجرس...
الأم: (مبتسمة) أسرعي وافتحي إذن يا أروع بنت!
• • • •
بعد
العشاء، تذهب هبة لغرفتها، وتُرسل نظراتها إلى أركان الغرفة باحثة عن دفتر
مذكراتها، لتسجِّل فيه أهم ما ميّز هذا اليوم، أدارت القلم بين إصبعيها
وها هو يستقر على بداية الصفحة... وتكتب هبة والابتسامة مرسومة على
محيَّاها: اليوم علَّمتني أمي أحكام الطَّهارة.
أخيرا، هذه إضاءات تربوية:
•
كرَّرتُ الكلام في أكثر من موضع ، والسبب: أحيانا لا بد من التكرار لأن
التكرار يثبِّت المعلومة في الذهن للكبار فما بالنا بالصغار!
•
شجَّعتُ هبة بعبارات إطراء، والسبب: التشجيع يبعث على تعزيز الثقة بالنفس
خصوصا إن كان من الوالدين للأبناء، فالكلمة الطيّبة آسرة ولها أثر.
•
طلبتُ من هبة أن تذكِّرني بطريقة الوضوء مع أنها تعرفها نظريا وتطبيقيا،
والسبب: إن الذكرى تنفع المؤمنين، ولربط ما تقدَّم من الموضوع باللاحق منه.
•
استعملتُ حركة اليدين في أكثر من موضع ، والسبب: الاستيعاب يكون أقوى
للمعلومة ويسهل استحضارها بمختلف تفاصيلها. إذا ما استخدمنا الحركة والكلام
معا.
•
شرحتُ بعض الألفاظ التي لا تحتاج لأن أشرحها لو كان الكلام موجَّها لشخص
أكبر، واستخدمتُ (أي) التفسيرية، والسبب: إن تحدّثنا مع الآخرين فعلينا أن
نراعي أحوالهم فنخاطبهم على قدر عقولهم وفهمهم ومكتسباتهم القبلية، ونفس
القاعدة نطبقها مع أطفالنا.
• سعيتُ إلى تبسيط المعلومة قدر الإمكان، والسبب: لتكون واضحة.
•
حين تحدثتُ مع هبة عن كمية الدم النازل من رحم المرأة ذكرت الحجم وأرفقت
المعلومة بالإشارة إلى الكوب الذي يحمل تقريبا نفس الحجم، والسبب: إن توفرت
الوسيلة التعليمية فإنها تساعد على التوضيح والفهم وتقريب المعنى بصورة
أدق.
• حاولتُ أن أكرِّر السؤال: (هل فهمت البنية؟) والسبب: التأكد من وصول المعلومة قبل أن أضيف عليها.
• استشهدتُ ببعض الأحاديث النبوية، والسبب: ليكتسب كلامي مصداقية أكثر، ولتتعوّد هبة على سماع الأحاديث والاستشهاد بها.
• أدنيتُ هبة مني أثناء الجلسة، والسبب: للاتصال الجسدي بين الوالدين والأبناء أثر في توطيد العلاقة بينهما.
•
أعطيتُ هبة كتاب (المرأة المسلمة) والسبب: تعزيزا للتعلُّم وحِرصا على
بقاء المعلومة في متناول المتعلِّم، ليرجع إليها في أي وقت شاء، والأجمل أن
تكون للكتاب حكاية...
ونلتقي في جلسة أخرى، والله الموفِّق.
[1] صحيح مسلم 1/261.
[2]
أعتقد أن تعريف الفتاة بالأحكام الشرعية التي تترتَّب عن الحيض لا بد
منها، لأن المعلومة الخاطئة أو المشوهة ستكبر مع الفتاة، وكثيرا ما سمعنا
بفتيات بلغن العشرين وأكثر ولا يعرفن الطريقة الصحيحة للغُسل مثلا أو تشبعن
بمعارف صحيّة خاطئة عن الحيض... يقول ابن نجيم: "معرفة مسائل الحيض من
أعظم المهمات لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام كالطهارة والصلاة
وقراءة القرآن والصوم والاعتكاف والحج والبلوغ والوطء والطلاق والعدة
والاستبراء وغير ذلك من الأحكام وكان من أعظم الواجبات؛ لأن عظم منزلة
العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر به وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل
بغيرها فيجب الاعتناء بمعرفتها"، البحر الرائق، 1/199.
[3]
إشارة طبية: ولأن الدم يتدفّق بشدة حين الركوع والسجود، فإن هذا مفيد
للحامل -بخلاف الحائض- لايصال الدم للجنين، فسبحان الذي منع الصلاة عن
الحائض ولم يمنعها عن الحامل!
[4]
عن مُعاذة، قالت: سألتُ عائشة فقلتُ: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي
الصلاة. فقالت: أحَرُورِيَّةٌ أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت:
"كان يُصيبنا ذلك، فنُؤمر بقضاء الصَّوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة" صحيح
مسلم 1/265، وقول عائشة رضي الله عنها (حرورية) تشير بها لطائفة من الخوارج
الذين أوجبوا على الحائض قضاء الصيام والصلاة.
[5]
عن أبي سعيد الخدري، صحيح البخاري، 1/68، والحديث كاملا: خرج رسول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرَّ على
النساء، فقال: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ
أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تُكْثِرْنَ
اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ
وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"، قلن:
وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المرْأَةِ
مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ"، قلن: بلى، قال: "فَذَلِكِ مِنْ
نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"
قلن: بلى، قال: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا".
[6]
لفتة لغير هبة: وهناك أمر آخر غير هذا لم أرغب في أن تعرفه هبة حاليا، وهو
حُرمة الوطء أثناء الحيض حتى تطهر المرأة، يقول عز وجل: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ
وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة:222]، كما يحرم على الزوج طلاق
زوجته في حال حيضها، والأحكام المتعلقة بالحيض كثيرة جدا، سواء للعزباء أو
المتزوجة لا يمكن الإلمام بها في أوَّل حوار! أو لنقل: ليس على هبة أن
تتعلَّم كل ما يتعلَّق بالحيض الآن، ولتكن الأساسيات فقط، ولكل حادث
حديث...
[7]
اختلف العلماء في الأمر ومن علمائنا من يجوِّز ذلك نظرا لطول مدة الحيض
وخوفا من نيسان المحفوظ من القرآن أو اضطرارا كحضور دروس العلوم الإسلامية
أو الامتحانات، والله تعالى أعلى وأعلم.
[8] الأصل أن الغُسل للمرأة يكون من الحيض والجنابة والنفاس.
[9]
لفتة لغير هبة: لا يختلف غسل المحيض عن غُسل الجنابة - كما أفتى علماؤنا -
إلا أنه من المستحب دلك الشعر في غسل الحيض أشد من دلكه في غسل الجنابة،
ويستحب في غُسل الحيض والنفاس أيضا أن تتطيَّب المرأة في موضع الدم بتتبع
أثره باستخدام فرصة من مسك، تطييبا للمحل ودفعا للرائحة الكريهة، وكذا قتلا
للجراثيم الضارة -كما أثبتت الدراسات الطبية- لكن استخدام فرصة من مسك لم
أخبر بها هبة لأنها حديثة عهد بالحيض وخوفا عليها من ضرر قد يلحقها إن هي
أساءت استخدامها، ولعل ما قلتُه لها كاف في هذه المرحلة.
[10] صحيح مسلم 1/209.
[11] سنن الترمذي، 1/77، وصحَّحه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، 2/1061.
[12] متفق عليه، واللفظ للبخاري، صحيح البخاري، 1/75، صحيح مسلم 1/280.
جلسة...
تزيد من رباط المحبة بين البنت وأمها، وتوسّع مجالات التفاهم، وتؤطر لكلمة
(مخجل) وتضعها موضعها الصحيح، وتؤسِّس لمعرفة دينية ودنيوية صائبة،
لنتتبَّع كيف ستتعامل أم هبة مع ابنتها حين أدركت هذه البنيّة البلوغ وجدَّ
أمر لم تعرف له تفسيرا، أو لنقُل: سمعتْ عنه من هنا وهناك ولم تدرك الصواب
من الخطأ!
لن
يكون الأمر جديدا على أم هبة، لن تكون إلا لبنة جديدة ستُضيفها إلى جسر
مودَّة وثِقة سعت لبنائه بينها وبين هبة منذ لحظات ولادتها، فلنتتبع...
هبة: نعم يا أمي، ناديتني؟
الأم: أجل، سنُواصل حديثنا الذي بدأناه ولم نكمله حين حضر والدك... سنتعلَّم اليوم أحكاما جديدة تُناسب المستجدَّات...
هبة: (بخجل) أجل يا أماه.
الأم:
بنيَّتي، لم الخجل؟ .... اسمعي لأمنا عائشة رضي الله عنها وهي تقول:
"نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ
الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ"[1]، وأنتِ ستتعلمين أحكاما
تخص دينك، والحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، وتترتَّب عنه بعض الأحكام[2]
وجب عليكِ معرفتها، وأمور صحية عليكِ أن تتعرفي عليها.
أنصتي إلى ما أقول يا بنيّة:
الحيض فترة تمر بها المرأة، هي علامة صِحيَّة تُشير إلى أن الفتاة في صِحَّة جيدة، وهي دليل على بلوغها أيضا...
هذه
الدورة يا بنيتي تمثّل تغيرات فيسيولوجية تحدُث عند المرأة في بطانة
الرَّحم أي داخل المكان الذي ينمو فيه الجنين في بطن الأم، مما يتسبَّب في
نزول دم الحيض، وعادة ما يبدأ الحيض بالظهور لأول مرة عند الفتاة ما بين
العاشرة حتى سن السادسة عشرة، وتستمر الدورة عند المرأة إلى غاية سن
الخامسة والأربعين أو أكثر، وهي الفترة التي تستطيع فيها المرأة أن تنجب
أطفالا.
والأصل أن نفرِّق:
نطلق
عبارة (الدورة الشهرية الهرمونية) على الفترة الممتدة ما بين اليوم الأول
لنزول الدم إلى غاية اليوم الأول لنزول الدم للدورة التالية، بمعنى أن
الدورة الشهرية عند المرأة تستغرق (28) يوما تقريبا، وتختلف مدتها من امرأة
لأخرى، وتكون الدورة غير طبيعية إذا كانت مدتها أقل من (21) يوما أو أكثر
من (36) يوما.
أما
فترة (الحيض) فهي الفترة التي يتدفَّق فيها الدم من رحم الأنثى، وتختلف
مدته من امرأة لأخرى وعادة ما تكون بين ثلاثة أيام إلى ستة أيام مع اختلاف
واضح بين النساء، حسب طبيعة كل امرأة، وأحيانا تُستعمل عبارة (الدورة
الشهرية) في سياق يجعلنا نفهم أنها فترة الحيض.
• لحد الآن واضح؟
هبة: أجل.
الأم:
طيِّب... تختلف كمية الدم التي تنساب من الرَّحم بين النساء، يعني ما
يُقارب (75غ) إلى (150غ) في كل فترة حيض، أي ما يعادل الماء الذي يتَّسع
له ذاك الكوب الأخضر هناك يا هبة.
هبة: أمي... (وعلامات الدهشة بادية عليها) أليس من ينزف دما يموت؟!
الأم: (مبتسمة) ألم نقل أن الدم يتدفَّق من الرَّحم؟
هبة: (تهز رأسها بالإيجاب).
الأم:
يا بنيتي، إن الرَّحم قبل الحيض يتهيأ لاستقبال الجنين بأن يتكوَّن غشاء
وأوعية دموية كثيرة هي المسؤولة بإيصال الغذاء للجنين في بطن أمه، وإذا لم
يأذن الله بجنين للأم فإن ما بداخل الرَّحم يتفكَّك ويتمزق وينقبض الرَّحم
(وتشير الأم بحركة يديها إلى الانكماش) ويطرد تلك البقايا المفكَّكة خارج
الجسم فنراها على شكل دم، وفي الحقيقة هي دم وبقايا الغشاء الذي وضَّحناه
الآن.
الأم: هل فهمتْ البنية ما الذي يحدث في هذه الفترة؟
هبة: أجل.
الأم:
ممتاز...قد تُصاحب فترة الحيض بعض المشاكل الصحية، غالبا ما تكون قُبيل
الحيض، وتنتهي بعد نزول الدم، وتكون هذه الآلام أسفل البطن أو على مستوى
الظهر أو الصدر أو المفاصل أو إحساس بالنعاس أو بالصداع أو الإسهال أو
الإمساك أو شعور بالغثيان، وغير ذلك، وكلها أمور طبيعية، ومنها ما هو نفسي،
إذ يتقلبُّ مزاج المرأة ويقلُّ مستوى احتمالها وقدراتها العملية، وهناك من
تُصاب بحالة من الكآبة والضِّيق!
وعلى الفتاة المسلمة أن تتجمَّل بالصبر وتتحمَّل ما يمرُّ بها في هذه الفترة، وعليها أن ترضى بقضاء الله وقدره.
هبة: نعم يا أمي، لكن الألم صعب، ماذا نفعل هل نذهب للطبيبة؟
الأم:
ليس تماما، إن كان الألم خفيفا فلا داعي للأدوية والمسكِّنات، يلزمنا فقط
وضع كيس ماء ساخن على جهة البطن السفلى لنخفِّف الألم وأن نشرب مشروبات
ساخنة، أو نضع قطرة من الزيت العطري للبابونج الروماني على منديل أو نضيف
بضعة قطرات من الزيوت العطرية للجيرانيوم، ونستنشق الرائحة، أما إذا زادت
الآلام بشكل لا يحتمل فهنا يُنصح باستعمال بعض المسكِّنات.
هبة: فهمت.
الأم:
ولكن مما يدعو لمراجعة الطبيبة والبحث عن الداء، هو أن تصبح الدورة
عشوائية غير منتظمة أو وجود نزيف قوي أي سيلان الدم بطريقة غزيرة غير
معتادة، أو نزيف بين الدورتين.
ثم:
عليكِ العناية بنظافتك الشخصية كالعادة، لكن ينبغي الاحتياط لما سأذكره يا
بنيتي: نتجنب أثناء الاستنجاء أن نوجه تيارا قويا من الماء، والواجب أن
نسكب الماء بلطف ويكون الشطف من الأعلى إلى الأسفل وليس العكس، من غير
استخدام الصابون المعطَّر، ويجب أن لا نبقي على الفوط الصحية وقتا طويلا
ولا نتركها يوما كاملا، ولا يضرنا الاستحمام.
هبة: فهمت.
الأم: نأتي لأمر مهم جدا يتعلَّق بحيض المرأة المسلمة... سنسميها أحكام الطهارة من الحيض للمرأة المسلمة...اتفقنا؟
هبة: اتفقنا.
الأم:
في هذه الأيام خفَّف الله عن النساء واجباتهن الدينية فأعفاهن من الصلاة
والصوم، وبعد انقطاع الحيض تغتسل المرأة المسلمة لتطهر، فأما الصلوات التي
فاتتها ولم تؤدها أيام حيضها لا تعيدها، وأما الصوم فتقضيه.
هبة: لا نصلي ولا نصوم... لماذا لا نصلي ولا نصوم؟
الأم:
الحكمة من تشريع أي أمر قد نُدركها وقد نجهلها يا هبة، وترك المرأة الصلاة
والصوم في حالة الحيض ينطوي على حِكم اجتهد علماؤنا في توضيح بعضها،
فالصوم يَسقط عن الحائض لأن الحيض يُضعف البدن والصوم يُضعفه أيضا، واجتماع
مضعفين يضر ضرراً شديداً بالمرأة، وقالوا أيضا إن الصلاة تتكرَّر كل يوم
بخلاف الصوم - وهنا أقصد شهر رمضان - الذي نستقبله مرة واحدة في السنة،
فيشُقّ عليها قضاء الصلاة بخلاف الصَّوم.
ويمكن
أن نُضيف أيضا تفسيرا طبيا للمسألة، بحيث لو صلَّت المرأة أثناء الحيض
وحرَّكت جسمها ركوعا وسجودا فسيتسبَّب هذا في فقدان كمية أكبر من الدم، حين
يتدفَّق أكثر للرَّحم[3]، مما يضعفها ويؤثر عليها سلبا.
يقول
ربنا عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً
مُبِيناً ﴾ [الأحزاب: 36].
لهذا كله فلنا نحن النساء رخصة أيام الحيض فلا نصلي، وأيام الصوم لا نصوم بشرط: نقضي الأيام التي أفطرناها.
هبة: لكن غريب؟!
الأم: ما وجه الغرابة في ما قلتُ؟
هبة: لماذا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟!
الأم:
سؤال وجيه! سُئلت أمنا عائشة رضي الله عنها عن مثله، فقالت: "كان يُصيبنا
ذلك، فنُؤمر بقضاء الصَّوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة"[4]، بمعنى: أن ما يحدث
لكِ وللفتيات والنساء جميعا حدث في عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وكان نبينا لا يأمر بالقضاء مع علمه بالحيض وترك الصلاة ولو كان
القضاء واجبا لأمر بذلك.
وهذا
ما يفسّر وصف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنا معشر النساء
بناقصات دين، يُروى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لجمع
من النساء مرّ بهن حين كان خارجا إلى المصلى: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ
لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"، قلن: بلى، قال: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ
دِينِهَا"[5].
هبة: فهمتُ الآن، ليس على المرأة المسلمة إذا حاضت أن تصلي ولا أن تصوم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
الأم: وهناك أمور أخرى وجب التنبُّه إليها أيضا.
هبة: إضافة إلى الامتناع عن الصلاة والصوم؟ ما هي؟
الأم: يحرم على الحائض أن تمكث في المسجد، وليس عليها أن تطوف ببيت الله أيضا[6].
ثم،
يجوز للحائض أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب لا من المصحف، فإن بلغت بها الحاجة
إلى القراءة من المصحف معلِّمة أو متعلِّمة فلها ذلك ولكن هذا مشروط
باستخدامها لقفازين لمسِّ المصحف، أو بحائل آخر منفصل عن المصحف[7].
وللمرأة الحائض أن تأتي بالأذكار الشرعية وقراءة كتب التفسير والحديث وغيرها.
هبة: ليتني مثلكِ يا أمي، عندكِ لكل سؤال جواب!
الأم: (مبتسمة) ومن قال ذلك؟! ثم هل نسيتِ؟ وما أوتيتم...
هبة: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، دائما يردِّدها أبي، نعم نعم يا أمي.
الأم: اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا، إنَّك أنتَ العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علْمنا.
طيِّب،
هذا كله أثناء فترة الحيض، بقي الآن كيف تعرف المرأة المسلمة أنها طهرت،
وما هي طريقة الغُسل الصحيحة من الحيض؟ وهذا مربط الفرس.
هبة: أي فرس؟
الأم: أقصد أننا سنأتي الآن إلى أهم أمر في الموضوع يتعلَّق بطهارة المرأة المسلمة[8].
هبة: امممم، هل هناك طريقة نتعلمها؟
الأم:
أجل، انتبهي لما أقول: تعرف المرأة أنها طهرت من حيضها بأحد أمرين:
بانقطاع الدم أي توقفه وجفاف المحل أو بنزول القصة البيضاء، وهي ماء يخرج
من فرج المرأة يأتي في آخر الحيض، فإذا تأكَّدت المرأة من طهرها لا تهتم
لنزول شيء من الإفرازات الصفراء أو البنية ولا تؤثر في طهرها.
بقي أن نعرف طريقة غسل المحيض[9]، ركزي معي:
(تعتدل هبة في الجلوس وتُسرُّ الأم لانتباه ابنتها لما ستقوله).
تنوين
الاغتسال ورفع الحدث الأكبر ثم تسمين: بسم الله، ثم تغسلين يديكِ ثلاثاً،
ثم تستنجين، وبعدها تطهِّرين يديكِ بالماء والصابون، ثم تتوضئين الوضوء
الأصغر أي مثل وضوئك للصلاة في أيام طهركِ تماما، ثم تصبِّين الماء على
رأسكِ ثلاث مرات وتدلكين شعركِ جيدا، ثم تفيضين الماء على بدنكِ بدءا من
الشق الأيمن، ثم الأيسر، من الرأس إلى القدم من غير إهمال للمناطق التي
يتجاوزها الماء مثل تحت الإبطين أو خلف الركبتين، ثم تُعمِّمين الماء على
بدنكِ كله، سواء باستخدام المرشة، أو باغتراف الماء من الحوض أو من إناء،
ثم تأتين بالدعاء الذي يسن بعد الوضوء، فهمتِ؟ سأعيد مرة ثانية... (تعيد
الأم طريقة الغسل لتثبت في ذهن هبة).
هبة: طريقة سهلة، فهمتُها.
الأم: فلتذكرني الحبيبة كيف تتوضأ للصلاة، بما أننا نتحدَّث عن طهارة المرأة.
هبة: أولا أنوي الطهارة ورفع الحدث، والنية محلها القلب كما تعلمتُ منك يا أماه.
الأم: جمّلكِ الله بالإيمان يا بنيَّة، وبعد؟
هبة: أقول: بسم الله ثم أغسل كفي ثلاث مرات ثم أتمضمض ثلاث مرات وأستنشق ثلاث مرات، وأنثر الماء من أنفي بيساري.
الأم: والمضمضة هي إدارة الماء في الفم والاستنشاق هو إيصال الماء إلى داخل الأنف، والاستنثار هو إخراجه من الأنف، ثم ....؟
هبة:
ثم أغسل وجهي ثلاث مرات (وتشير هبة إلى وجهها من منبت شعرها إلى ذقنها،
ومن حدِّ أذنها اليمنى إلى حد أذنها اليسرى) ثم أغسل يدي إلى المرفقين ثلاث
مرات، (وتشير هبة إلى يديها من رؤوس أصابعها إلى أول العضد)، ثم أمسح رأسي
من مقدَّمته إلى هنا (مشيرة إلى منبت شعرها على القفا) ثم أدخل أصبعي
السبابتين في خرقي أذني، وأمسح ظاهرهما بإبهامي، وأخيرا أغسل رجلي ثلاث
مرات إلى الكعبين، (وتشير إلى العظم الناتئ في أسفل ساقها).
الأم: أحسنتِ يا هبة، فماذا نقول بعد فراغنا من الوضوء؟
هبة: نقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهِّرين.
الأم:
تماما يا عزيزتي، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ -
الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ"[10]، وفي زيادة
عند الترمذي: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي
مِنَ المتطَهِّرِينَ"[11].
الأم: طيّب...وإن لم نجد الماء أو تعذَّر علينا استعمالُه للوضوء، فما الذي يقوم مقام الماء؟ أتذكُرين أم ....؟
هبة: (مبتسمة) بل أذكر، لأنه سهل جدا، إن لم أجد الماء أتيمَّم، أضرب التراب بيدي ضربة واحدة ثم أمسح بهما وجهي وكفي.
الأم:
صحيح، يقوم التيمُّم مقام الماء في رفع الحدث، يقول عز وجل: ﴿ وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]، وطريقة التيمُّم
بيَّنها لنا نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عمَّار بن
ياسر رضي الله عنه حين قال له: ""إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا" فضرب
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح
بهما وجهه وكفيه"[12]، ثم ندعو بنفس الدعاء الذي نقوله بعد الوضوء.
هبة: وهل يصحُّ التيمُّم بدلا من الغسل؟
الأم:
ما شاء الله! ذكية يا هبة، لاحظي يا ابنتي، دينُنا دين يسر وليس دين عسر
ولا مشقة، بمعنى: إن تأكدت المرأة المسلمة أنها طهرت ثم لم تجد ماء للغسل،
أو وجدته لكن اغتسالها بالماء يزيد من مرضها إن كانت مريضة، أو يعوق شفائها
ويؤخره، فلها في هذه الحالة أن تتيمَّم.
• والآن هل لكِ سؤال آخر؟ وهل هناك أمر استصعب عليكِ في ما قلته لك؟ِ
هبة: لا، ليس عندي سؤال آخر، فهمت.
الأم: ممتاز...أما الآن... لكِ مني مفاجأة، خمِّني ما تكون؟
هبة: اممممم، أكيد علبة شكولاتة من التي أحب.
الأم: لا، هذه الهدية مختلفة، انتظريني هنا ولا تتحرّكي، مفهوم؟
هبة: سأنتظر (تفكر وتتمتم) إذن هي علبة أقلام مثل التي رأيتها عند عائشة، لا لا تلك وعدني بها أبي، امممم....
عادت الأم حاملة ظرفا مغلقا.
الأم: خذي، افتحي الظرف.
هبة: (وهي تفتح الظرف بلهفة) إنه كتاب.
الأم: أجل هو كتاب يا عزيزتي، وكم أحبُّه!
هبة: أعرف، أنتِ يا أمي تحبين كل الكتب الموجودة بمكتبتنا!
الأم:
(تبتسم وتضم هبة إلى صدرها وتُقبِّل جبينها) لكن هذا الكتاب تحديدا له
مكانة كبيرة في نفسي، هل تعلمين يا بنيتي؟ هذا الكتاب هدية من والدي أهداها
لي حين كنتُ في مثل عُمرك.
هبة: يااااه، لم أنتبه له في مكتبتنا... المرأة المسلمة...العقائد-العبادات-المعاملات-الآداب والأخلاق- أبو بكر جابر الجزائري.
الأم: هو لكِ يا قرة العين.
طُرق الباب بلطف...
الأم: لعله والدكِ! فهذا وقت رجوعه من العمل، يبدو أنه يحمل معه أكياسا منعته من فتح الباب، سأرى...
هبة: أبي أبي أبي...
الأم: ألهذه الدرجة بلغ بكِ الشوق لوالدك اليوم؟
هبة: لا... أقصد نعم، أقصد أن بابا جاء في الوقت المناسب تماما هذه المرة، جاء بعد أن أنهينا كلامنا...
الأم: حسنٌ سأفتح الباب.
هبة: لا لا لا أنا من سأفتح الباب، أريد أن أخبره.
الأم: تخبرينه؟ بم؟!
هبة: سأخبرهُ بأنك أروع أم على وجه الأرض!
زاد الطرق على الباب، ورافقه رنين الجرس...
الأم: (مبتسمة) أسرعي وافتحي إذن يا أروع بنت!
• • • •
بعد
العشاء، تذهب هبة لغرفتها، وتُرسل نظراتها إلى أركان الغرفة باحثة عن دفتر
مذكراتها، لتسجِّل فيه أهم ما ميّز هذا اليوم، أدارت القلم بين إصبعيها
وها هو يستقر على بداية الصفحة... وتكتب هبة والابتسامة مرسومة على
محيَّاها: اليوم علَّمتني أمي أحكام الطَّهارة.
أخيرا، هذه إضاءات تربوية:
•
كرَّرتُ الكلام في أكثر من موضع ، والسبب: أحيانا لا بد من التكرار لأن
التكرار يثبِّت المعلومة في الذهن للكبار فما بالنا بالصغار!
•
شجَّعتُ هبة بعبارات إطراء، والسبب: التشجيع يبعث على تعزيز الثقة بالنفس
خصوصا إن كان من الوالدين للأبناء، فالكلمة الطيّبة آسرة ولها أثر.
•
طلبتُ من هبة أن تذكِّرني بطريقة الوضوء مع أنها تعرفها نظريا وتطبيقيا،
والسبب: إن الذكرى تنفع المؤمنين، ولربط ما تقدَّم من الموضوع باللاحق منه.
•
استعملتُ حركة اليدين في أكثر من موضع ، والسبب: الاستيعاب يكون أقوى
للمعلومة ويسهل استحضارها بمختلف تفاصيلها. إذا ما استخدمنا الحركة والكلام
معا.
•
شرحتُ بعض الألفاظ التي لا تحتاج لأن أشرحها لو كان الكلام موجَّها لشخص
أكبر، واستخدمتُ (أي) التفسيرية، والسبب: إن تحدّثنا مع الآخرين فعلينا أن
نراعي أحوالهم فنخاطبهم على قدر عقولهم وفهمهم ومكتسباتهم القبلية، ونفس
القاعدة نطبقها مع أطفالنا.
• سعيتُ إلى تبسيط المعلومة قدر الإمكان، والسبب: لتكون واضحة.
•
حين تحدثتُ مع هبة عن كمية الدم النازل من رحم المرأة ذكرت الحجم وأرفقت
المعلومة بالإشارة إلى الكوب الذي يحمل تقريبا نفس الحجم، والسبب: إن توفرت
الوسيلة التعليمية فإنها تساعد على التوضيح والفهم وتقريب المعنى بصورة
أدق.
• حاولتُ أن أكرِّر السؤال: (هل فهمت البنية؟) والسبب: التأكد من وصول المعلومة قبل أن أضيف عليها.
• استشهدتُ ببعض الأحاديث النبوية، والسبب: ليكتسب كلامي مصداقية أكثر، ولتتعوّد هبة على سماع الأحاديث والاستشهاد بها.
• أدنيتُ هبة مني أثناء الجلسة، والسبب: للاتصال الجسدي بين الوالدين والأبناء أثر في توطيد العلاقة بينهما.
•
أعطيتُ هبة كتاب (المرأة المسلمة) والسبب: تعزيزا للتعلُّم وحِرصا على
بقاء المعلومة في متناول المتعلِّم، ليرجع إليها في أي وقت شاء، والأجمل أن
تكون للكتاب حكاية...
ونلتقي في جلسة أخرى، والله الموفِّق.
[1] صحيح مسلم 1/261.
[2]
أعتقد أن تعريف الفتاة بالأحكام الشرعية التي تترتَّب عن الحيض لا بد
منها، لأن المعلومة الخاطئة أو المشوهة ستكبر مع الفتاة، وكثيرا ما سمعنا
بفتيات بلغن العشرين وأكثر ولا يعرفن الطريقة الصحيحة للغُسل مثلا أو تشبعن
بمعارف صحيّة خاطئة عن الحيض... يقول ابن نجيم: "معرفة مسائل الحيض من
أعظم المهمات لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام كالطهارة والصلاة
وقراءة القرآن والصوم والاعتكاف والحج والبلوغ والوطء والطلاق والعدة
والاستبراء وغير ذلك من الأحكام وكان من أعظم الواجبات؛ لأن عظم منزلة
العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر به وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل
بغيرها فيجب الاعتناء بمعرفتها"، البحر الرائق، 1/199.
[3]
إشارة طبية: ولأن الدم يتدفّق بشدة حين الركوع والسجود، فإن هذا مفيد
للحامل -بخلاف الحائض- لايصال الدم للجنين، فسبحان الذي منع الصلاة عن
الحائض ولم يمنعها عن الحامل!
[4]
عن مُعاذة، قالت: سألتُ عائشة فقلتُ: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي
الصلاة. فقالت: أحَرُورِيَّةٌ أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت:
"كان يُصيبنا ذلك، فنُؤمر بقضاء الصَّوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة" صحيح
مسلم 1/265، وقول عائشة رضي الله عنها (حرورية) تشير بها لطائفة من الخوارج
الذين أوجبوا على الحائض قضاء الصيام والصلاة.
[5]
عن أبي سعيد الخدري، صحيح البخاري، 1/68، والحديث كاملا: خرج رسول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرَّ على
النساء، فقال: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ
أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تُكْثِرْنَ
اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ
وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"، قلن:
وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المرْأَةِ
مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ"، قلن: بلى، قال: "فَذَلِكِ مِنْ
نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"
قلن: بلى، قال: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا".
[6]
لفتة لغير هبة: وهناك أمر آخر غير هذا لم أرغب في أن تعرفه هبة حاليا، وهو
حُرمة الوطء أثناء الحيض حتى تطهر المرأة، يقول عز وجل: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ
وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة:222]، كما يحرم على الزوج طلاق
زوجته في حال حيضها، والأحكام المتعلقة بالحيض كثيرة جدا، سواء للعزباء أو
المتزوجة لا يمكن الإلمام بها في أوَّل حوار! أو لنقل: ليس على هبة أن
تتعلَّم كل ما يتعلَّق بالحيض الآن، ولتكن الأساسيات فقط، ولكل حادث
حديث...
[7]
اختلف العلماء في الأمر ومن علمائنا من يجوِّز ذلك نظرا لطول مدة الحيض
وخوفا من نيسان المحفوظ من القرآن أو اضطرارا كحضور دروس العلوم الإسلامية
أو الامتحانات، والله تعالى أعلى وأعلم.
[8] الأصل أن الغُسل للمرأة يكون من الحيض والجنابة والنفاس.
[9]
لفتة لغير هبة: لا يختلف غسل المحيض عن غُسل الجنابة - كما أفتى علماؤنا -
إلا أنه من المستحب دلك الشعر في غسل الحيض أشد من دلكه في غسل الجنابة،
ويستحب في غُسل الحيض والنفاس أيضا أن تتطيَّب المرأة في موضع الدم بتتبع
أثره باستخدام فرصة من مسك، تطييبا للمحل ودفعا للرائحة الكريهة، وكذا قتلا
للجراثيم الضارة -كما أثبتت الدراسات الطبية- لكن استخدام فرصة من مسك لم
أخبر بها هبة لأنها حديثة عهد بالحيض وخوفا عليها من ضرر قد يلحقها إن هي
أساءت استخدامها، ولعل ما قلتُه لها كاف في هذه المرحلة.
[10] صحيح مسلم 1/209.
[11] سنن الترمذي، 1/77، وصحَّحه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، 2/1061.
[12] متفق عليه، واللفظ للبخاري، صحيح البخاري، 1/75، صحيح مسلم 1/280.
المصدر : الالوكة بقلم د. شميسة خلوي
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/43285/#ixzz3gbbtQrzE
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق