الأربعاء، 1 يوليو 2015

لماذا خسرت أميركا حربي العراق وأفغانستان؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني

لماذا خسرت أميركا حربي العراق وأفغانستان؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني



عرض/مرح البقاعي
مؤلف
هذا الكتاب -الشاهد الحي على حربي العراق وأفغانستان- هو الجنرال دانييل
بولغر، الذي تدرج من جندي في قوات المشاة الأميركية حتى أصبح يحمل ثلاث
نجوم على كتفه خلال 35 عاما من عمله في الجيش الأميركي.


بولغر
كان قائدا ميدانيا في حربي العراق وأفغانستان حيث ساهم مع أرفع القيادات
العسكرية في وضع الإستراتيجيات والخطط القتالية وكذا تنفيذها، وكان بذلك
شاهدا رئيسيا على مجريات هاتين الحربين منذ أحداث سبتمبر/أيلول 2011 حتى
انسحاب القوات الأميركية من العراق.


وقد
سجل بولغر للموقف الأميركي من خلال استقصائه الميداني للعمليات القتالية،
بأمانة وشفافية، وخلص من خلال كتابه إلى حقيقة أن الأميركيين قد "خسروا
الحربين وكان بإمكانهم أن يتفادوا هذه الخسارة".


-العنوان: لماذا خسرنا.. نظرة من داخل الحرب في العراق وأفغانستان
- اسم المؤلف: دانييل بولغر.
- اسم الناشر: أيمون دولان/ هوتون ميفلين هاركورت.
- الطبعة: الأولى، نوفمبر 2014
-عدد الصفحات: 544

واعتمد
بولغر في هذه الخلاصة التي وصل إليها على حقائق دامغة، في مقدمتها أن
المعلومات الاستخبارية التي توفرت للجيش الأميركي كانت مشوشة وغير دقيقة في
معظم الأحيان، بينما كانت قرارات القيادة تتخبط بين النظريات العسكرية
والجداول المضللة. ويتابع بولغر وينتهي إلى أن "الخسارة الحقيقية هي أننا
لم نفهم طبيعة الطرف الآخر الذي نقاتله".


التحالف والصحوات
يتحدث
الكتاب بالوقائع والقراءة المتأنية التي هي بنت الحدث عن الحملات الحربية
الأميركية التي شنتها الولايات المتحدة بين العامين 2001 و2014، أي على
امتداد 13 عاما من تواجد قواتها في العراق وأفغانستان.


ورغم
أن الكتاب لا يحمل النهاية التي شهدها العالم في سايغون الفيتنامية، وهو
قد صدر قبل أن يتشكل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتأخذ تلك الدولة
قوامها وموقعها الحالي، فإنه يوضح من خلال سرده لواقع الحال العسكري في تلك
المرحلة وتأثير انسحاب أميركا من كلا الحربين على المنطقة بأسرها، وهو
يحمل اللوم في هذا الأمر للقيادات السياسية التي كانت ترسم القرار السياسي،
وكذا للجنرالات (بمن فيهم هو) عما آلت إليه الأمور.


يقول
الجنرال بولغر "إن قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف قد قاتلت بشكل
جيد، وأن تقدمها وانسحابها من المواقع كان لأسباب منطقية في حينها". ويجزم
من خلال معايشته للحدث أن النهايات التي وصلت إليها المعركة لم يكن سببها
قتال الجنود الذين استبسلوا في تنفيذ المهام المرسومة لهم.



"بولغر كان قائدا ميدانيا في حربي العراق وأفغانستان حيث ساهم مع أرفع
القيادات العسكرية في وضع الإستراتيجيات والخطط القتالية وكذا تنفيذها، فهو
شاهد على مجريات هاتين الحربين"


ويقول
بولغر إن قوات التحالف، بما فيها الجيش العراقي والمليشيات السنية، هي جزء
لا يتجزأ من النجاحات العسكرية في حينها، ولا يستثني من هذه المليشيات
الصحوات التي تشكلت في وقت متأخر لتحارب القاعدة في العراق التي تحولت فيما
بعد إلى دولة الإسلام في العراق.


يسرد
بولغر في كتابه دور الجنرالات الأميركيين الكبار في حرب العراق من أبي زيد
إلى كيسي والجنرال الأكثر شهرة في ذلك الوقت ديفيد بترايوس، الذي كان صاحب
فكرة الصحوات بين العشائر السنية العراقية. وكان تأسيس الصحوات من بنات
أفكار الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية في العراق الذي جيء به
بعد إقالة سلفه خصيصا لانتشال الجيش الأميركي من مستنقع الحرب العراقية.


وبادر
بترايوس بإنشاء الصحوات التي تشكل عديدها من رجال قبائل الأنبار بما يقارب
100 ألف مقاتل في أواخر العام 2008، وقد عززهم بتمويل قارب 200 مليون
دولار، وبتدريب منظم وبالسلاح اللازم لقتال دولة العراق الإسلامية المتفرعة
من تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وأميرها أبو عمر البغدادي.


وقد
دحرت الصحوات قوات الدولة في أكثر من موقع وأجبرتها على الانسحاب من
الأراضي التي استولت عليها، واضمحلت في حينها بشكل كبير. وقد كوفئ الجنرال
بترايوس بعد هذا الإنجاز بتعيينه قائدا لقوات إيساف.


أبو غريب وعبث الحربين
رغم
أن الجنرال بولغر يسرد بوضوح ودونما مواربة وقائع الحرب في العراق، فإنه
قد أغفل تقريبا أحداث سجن أبو غريب. ولم يكتف بعدم الحديث عنها، بل أشار
إلى أن "القوات العسكرية الأميركية لم ترتكب التعذيب الجسدي والنفسي على
الإطلاق في سجن أبو غريب".



"خلص بولغر إلى أن تنظيم القاعدة كان على وشك أن يُدمر تماما في
أفغانستان في 2001. ويرى أن الانسحاب من العراق في ظروفه العامة كان
كارثيا. وأن إقامة دولة ديمقراطية هناك يتحقق حتى الآن"


وقد
نسي بولغر أن الوثائق والتقارير التي كتبها الجنرال أنتونيو تاغوبا الذي
كان يقوم بتحقيقات ميدانية في جرائم الاعتداء على المدنيين العراقيين هي
عبارة عن وثائق متاحة للرأي العام وليست سرية، ومع ذلك لم يأتِ بولغر على
ذكرها في كتابه.


الأمر
الآخر المتعلق بأبو غريب ومواقع حربية أخرى أغفلها الجنرال بولغر في كتابه
هو دور "المتعاقدين" في هذه الحرب، وما إذا كان ما قام به هؤلاء بحاجة إلى
المساءلة.


ورغم
أنه لم ينكر في فصول أخرى من الكتاب مقتل العديد من المدنيين على أيدي
القوات الأميركية فإنه غلف هذا الأمر بالقول إنه حتى أفضل الجنود المدربين
على مبادئ وقوانين صارمة لا يمكن تجاوزها، يمكن أن يتحولوا إلى مارقين إذا
ما خضعوا لظروف قاسية لفترة زمنية طويلة قد تدفع بهم إلى تجاوز تلك المبادئ
التي تربوا عليها في حياتهم العسكرية الاعتيادية.


وقد
خلص الجنرال بولغر في نهاية كتابه إلى أن تنظيم القاعدة كان على وشك أن
يُدمر تماما ويندحر في أفغانستان في العام 2001. ويضيف أن الانسحاب من
العراق في ظروفه العامة كان كارثيا. ويشير إلى أن إقامة دولة ديمقراطية في
بلاد الرافدين كان هدفا ساميا ولكنه لم يتحقق حتى الآن.


يضع
بولغر الأمور في نصابها ويصف النهايات لحملتي العراق وأفغانستان
بـ"العبث". ويبدو أنه يهدف من إصدار كتابه في هذا التوقيت إلى رفع الوعي
عند صناع القرار الأميركي، ولا سيما أن الولايات المتحدة بدأت منذ 2014
تستعد للعودة إلى العراق.


المصدر : الجزيرة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق