دور الإنترنت عريض النطاق (برودباند) في تحقيق التنمية في المنطقة العربية - روان للإنتاج الإعلامي والفني
أدركت العديد من البلدان في المنطقة العربية أن شبكة الإنترنت ذات النطاق العريض (برودباند) ستمثّل إسهاما حاسما في تحقيق الهدف الأوسع لبناء الدولة و الإنتقال إلى الإقتصاد القائم على المعرفة. كما أن هناك إجماعاً متزايداً على أهمية شبكة الإنترنت عريضة النطاق في تعزيز التنمية الإقتصادية المستدامة و خلق فرص العمل، وأنها مسألة استراتيجية لتحقيق أهداف الحدّ من الفقر، وتعزيز فرص العمل و تدعيم التكامل التجاري. و تتولى هذه الدراسة الحديثة التي أعدها البنك الدولي ونشرها مؤخراً تقييم واقع تطوير النطاق العريض في تلك الدول، وتسلط الأضواء على العوائق الرئيسية أمام نموه، وتستكشف خيارات السياسات العامة، و تقدم اقتراحات حول كيفية تسريع استثماره ونشر توصيله. وتركز الدراسة على الإجراءات المتعلقة بالبنية التحتية، لذا تطرقت بشكل هامشي إلى التدابير التي يجب اتخاذها لتحفيز الطلب على النطاق العريض.
ويعرّف النطاق العريض على أنه طريقة في الإتصال تكون “دائمة العمل” كنقيض للاتصال بواسطة “الطلب الهاتفي” عبر شبكة الخطوط الهاتفية العمومية لتنشيط اتصال بالإنترنت بمعدلات سرعة أعلى من تلك التي يتم الحصول عليها مع مودم الطلب الهاتفي. أما السرعة المتعارف عليه عموماً حسب الإتحاد الدولي للإتصالات فهي 256 كيلوبايت في الثانية على الأقل.
وخلصت هذه الدراسة إلى أن لدى بلدان منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا من مجموع الدول العربية فرصة فريدة لسد الفجوة في مجال القدرة التنافسية والتجارة و التكامل مع المناطق الأكثر تقدما من خلال تطوير البنية التحتية للإنترنت ذات النطاق العريض منخفضة التكلفة. و واقتناء الإتصالات النقالة، فإن لبلدان المنطقة الفرصة لخلق إطار تنافسي حيوي يمكن فيه للعديد من مشغلي النطاق العريض أن يلبّوا الطلب المتزايد من الشباب المولعين بالتكنولوجيا. و يمكن لتطور النطاق العريض أن يزيد بشكل كبير من إنتاج و استخدام المحتوى الرقمي في هذه المنطقة عندما يجلب إليها المعارف العالمية. كما يتيح النطاق العريض عملية دمج الشركات و الشبكات المهنية في المنطقة و يعزّز فرص خلق الوظائف من خلال جلب الوظائف العالمية إلى الأسواق المحلية.
و لجني هذه الفوائد، ينبغي على بلدان المنطقة أن تقوم بفتح أسواق النطاق العريض بشكل كامل للمنافسة. فالفجوة بين هذه المنطقة و المناطق ذات الإنتشار الكبير للنطاق العريض هي بالأساس فجوة في هيكلة السوق، و المنافسة، و الحوكمة. و لذلك فإنّ إنشاء و تعزيز الأسواق المفتوحة للبنية التحتية للنطاق العريض، و الشبكات، و الخدمات و المحتوى الرقمي يعتبر من ألح الأولويات. ولقد كانت البلدان التي اتبعت هذا المسار، كبلدان أوروبا الشرقية و آسيا، قادرة على تحقيق قفزة نوعية سريعة على حساب الدول الأكثر تقدما، و ذلك بتجاوزها لإرث البنية التحتية المتقادمة. و إنّ الإلتزام بفتح الأسواق يعني فرض إصلاح تنظيمي عميق، و إدخال بعض التدابير لتعزيز المنافسة، و القضاء على الإحتكارات، و الترخيص للمزيد من المشغلين، و التصدي للأوضاع المهيمنة و خفض الحواجز الصريحة و التنظيمية أمام عملية الدخول. و كثيرا ما ينطوي هذا النوع من الإصلاح على معالجة المقاومة المحلية للتغيير، و هي غالبا ما تأتي من تلك العوامل الإقتصادية و السياسية التي تستفيد من الإيجارات الحالية و هو ما يعتبر في الحقيقة أمرا بالغ الصعوبة.
و مع ذلك، فيمكن لبعض الظروف الخاصة في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا أن تيسّر هذا الإصلاح المعقّد. فأولاً، يمكن الإستعانة بوجود مرافق الطاقة و النقل مع شبكات الألياف البصرية الواسعة و غير المستعملة حالياً و ذلك لتعزيز التوصيل المحلي والدولي في بيئة تنافسية. و ثانياً، هناك بروز لفئة من السكان الحضريين، و الشباب و التي من شأنها أن تمارس ضغوطا هائلة على الطلب على النطاق العريض من جهة و على المساكن من جهة أخرى. و يمكن إدخال تحسين على التنسيق بين الأشغال المدنية و وسائط إمداد البنية التحتية في المنطقة لتلبية هذا الطلب المتزايد في بيئات حضرية سريعة التغيّر. و ثالثاً، إن التوافر الواسع لرؤوس الأموال في المنطقة جعل قطاع الإتصالات القوة الدافعة للإستثمار الأجنبي المباشر في معظم البلدان في العقد الماضي. فإذا تم طرح الإطار التنظيمي المناسب على الصعيدين الوطني و الإقليمي، فإن رأس المال الإقليمي بإمكانه أن يموّل بشكل مناسب التوسع السريع لشبكات النطاق العريض في المنطقة، و أن يقوم بإرساء أسس التجديد و النمو القائمين على النطاق العريض و التكنولوجيا المحمولة. وإنّه لمن المهم أن يقع استغلال هذه الظروف الملائمة بطريقة استراتيجية من طرف صانعي السياسات في المنطقة لتعزيز توصيل النطاق العريض في سياق قطاع تنافسي و شفاف و أن لا يتم استغلالها في تفاقم الأوضاع المهيمنة الموجودة في السوق. و إذا تم وضع الظروف المناسبة، فإن العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون أمام فرصة لتخطي البنية التحتية القائمة و وضع الأسس لبناء اقتصاد رقميّ .
المصدر : الشبكة العربية للادارة
أدركت العديد من البلدان في المنطقة العربية أن شبكة الإنترنت ذات النطاق العريض (برودباند) ستمثّل إسهاما حاسما في تحقيق الهدف الأوسع لبناء الدولة و الإنتقال إلى الإقتصاد القائم على المعرفة. كما أن هناك إجماعاً متزايداً على أهمية شبكة الإنترنت عريضة النطاق في تعزيز التنمية الإقتصادية المستدامة و خلق فرص العمل، وأنها مسألة استراتيجية لتحقيق أهداف الحدّ من الفقر، وتعزيز فرص العمل و تدعيم التكامل التجاري. و تتولى هذه الدراسة الحديثة التي أعدها البنك الدولي ونشرها مؤخراً تقييم واقع تطوير النطاق العريض في تلك الدول، وتسلط الأضواء على العوائق الرئيسية أمام نموه، وتستكشف خيارات السياسات العامة، و تقدم اقتراحات حول كيفية تسريع استثماره ونشر توصيله. وتركز الدراسة على الإجراءات المتعلقة بالبنية التحتية، لذا تطرقت بشكل هامشي إلى التدابير التي يجب اتخاذها لتحفيز الطلب على النطاق العريض.
ويعرّف النطاق العريض على أنه طريقة في الإتصال تكون “دائمة العمل” كنقيض للاتصال بواسطة “الطلب الهاتفي” عبر شبكة الخطوط الهاتفية العمومية لتنشيط اتصال بالإنترنت بمعدلات سرعة أعلى من تلك التي يتم الحصول عليها مع مودم الطلب الهاتفي. أما السرعة المتعارف عليه عموماً حسب الإتحاد الدولي للإتصالات فهي 256 كيلوبايت في الثانية على الأقل.
وخلصت هذه الدراسة إلى أن لدى بلدان منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا من مجموع الدول العربية فرصة فريدة لسد الفجوة في مجال القدرة التنافسية والتجارة و التكامل مع المناطق الأكثر تقدما من خلال تطوير البنية التحتية للإنترنت ذات النطاق العريض منخفضة التكلفة. و واقتناء الإتصالات النقالة، فإن لبلدان المنطقة الفرصة لخلق إطار تنافسي حيوي يمكن فيه للعديد من مشغلي النطاق العريض أن يلبّوا الطلب المتزايد من الشباب المولعين بالتكنولوجيا. و يمكن لتطور النطاق العريض أن يزيد بشكل كبير من إنتاج و استخدام المحتوى الرقمي في هذه المنطقة عندما يجلب إليها المعارف العالمية. كما يتيح النطاق العريض عملية دمج الشركات و الشبكات المهنية في المنطقة و يعزّز فرص خلق الوظائف من خلال جلب الوظائف العالمية إلى الأسواق المحلية.
و لجني هذه الفوائد، ينبغي على بلدان المنطقة أن تقوم بفتح أسواق النطاق العريض بشكل كامل للمنافسة. فالفجوة بين هذه المنطقة و المناطق ذات الإنتشار الكبير للنطاق العريض هي بالأساس فجوة في هيكلة السوق، و المنافسة، و الحوكمة. و لذلك فإنّ إنشاء و تعزيز الأسواق المفتوحة للبنية التحتية للنطاق العريض، و الشبكات، و الخدمات و المحتوى الرقمي يعتبر من ألح الأولويات. ولقد كانت البلدان التي اتبعت هذا المسار، كبلدان أوروبا الشرقية و آسيا، قادرة على تحقيق قفزة نوعية سريعة على حساب الدول الأكثر تقدما، و ذلك بتجاوزها لإرث البنية التحتية المتقادمة. و إنّ الإلتزام بفتح الأسواق يعني فرض إصلاح تنظيمي عميق، و إدخال بعض التدابير لتعزيز المنافسة، و القضاء على الإحتكارات، و الترخيص للمزيد من المشغلين، و التصدي للأوضاع المهيمنة و خفض الحواجز الصريحة و التنظيمية أمام عملية الدخول. و كثيرا ما ينطوي هذا النوع من الإصلاح على معالجة المقاومة المحلية للتغيير، و هي غالبا ما تأتي من تلك العوامل الإقتصادية و السياسية التي تستفيد من الإيجارات الحالية و هو ما يعتبر في الحقيقة أمرا بالغ الصعوبة.
و مع ذلك، فيمكن لبعض الظروف الخاصة في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا أن تيسّر هذا الإصلاح المعقّد. فأولاً، يمكن الإستعانة بوجود مرافق الطاقة و النقل مع شبكات الألياف البصرية الواسعة و غير المستعملة حالياً و ذلك لتعزيز التوصيل المحلي والدولي في بيئة تنافسية. و ثانياً، هناك بروز لفئة من السكان الحضريين، و الشباب و التي من شأنها أن تمارس ضغوطا هائلة على الطلب على النطاق العريض من جهة و على المساكن من جهة أخرى. و يمكن إدخال تحسين على التنسيق بين الأشغال المدنية و وسائط إمداد البنية التحتية في المنطقة لتلبية هذا الطلب المتزايد في بيئات حضرية سريعة التغيّر. و ثالثاً، إن التوافر الواسع لرؤوس الأموال في المنطقة جعل قطاع الإتصالات القوة الدافعة للإستثمار الأجنبي المباشر في معظم البلدان في العقد الماضي. فإذا تم طرح الإطار التنظيمي المناسب على الصعيدين الوطني و الإقليمي، فإن رأس المال الإقليمي بإمكانه أن يموّل بشكل مناسب التوسع السريع لشبكات النطاق العريض في المنطقة، و أن يقوم بإرساء أسس التجديد و النمو القائمين على النطاق العريض و التكنولوجيا المحمولة. وإنّه لمن المهم أن يقع استغلال هذه الظروف الملائمة بطريقة استراتيجية من طرف صانعي السياسات في المنطقة لتعزيز توصيل النطاق العريض في سياق قطاع تنافسي و شفاف و أن لا يتم استغلالها في تفاقم الأوضاع المهيمنة الموجودة في السوق. و إذا تم وضع الظروف المناسبة، فإن العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون أمام فرصة لتخطي البنية التحتية القائمة و وضع الأسس لبناء اقتصاد رقميّ .
المصدر : الشبكة العربية للادارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق