على ضوء الأزمة الخليجية هل يستطيع السودان أن يعيد مياه الخليج إلى مجاريها - روان للإنتاج الإعلامي والفني
في
حركة درامية غير مسبوقة وغير مألوفة في المسرح السياسي الخليجي، حيث
أُزيحت الستارة بطريقة لا تتناسب ولا تشبه الأخراج المسرحي السياسي
الخليجي، حيث قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من دولة قطر
ببيان مشترك موضحاً الأسباب التي دعت إلى ذلك.
السعودية
هي الدولة الأولى والعظمى في الخليج، وحولها تدور بقية الإمارات
والسلطنات، وكان الوقار وحكمة (شيوخ العرب) السعوديين هي التي تسم التصرفات
والعلاقات بين المكونات الخليجية. هذا الوقار والحكمة هو الذي يبقى كل
الخلافات التي تنشأ بين المكونات الإماراتية والملوكية داخل البيت الخريجي
والأسرة الخليجية بعيداً عن الإعلام والغير. ولكن الذي حدث كان خروجاً عن
المألوف، حيث كانت تتم معالجة الأزمات بالحلول التوفيقية بعيداً عن
العقوبات، وبعيداً عن المفردات الدبلوماسية التي تستخدم بين الدول غير
الخليجية، كعبارات (سحب السفراء، وإستدعاء السفراء)، وغيرها.
الأمر
بالنسبة لي وبالنسبة إلى الذين يحملون هم الأمة العربية والإسلامية كان
صادماً، حيث كانت تمثل منطقة الخليج الأمل الذي بقي في لملمة الصف العربي
والإسلامي بعد ما تداعت الأمم على الأطراف كتداعي الأكلة على قصعتها، وتم
إشعال الحريق في كافة مكونات الدول العربية في مصر، تونس، ليبيا، المغرب،
الجزائر، اليمن، سوريا، السودان، موريتانيا ولم يبق إلا الخليج الأمل.
نحن
في السودان يهمنا كل الخليج، تهمنا السعودية، وتهمنا قطر، وتهمنا
الإمارات، والبحرين وسلطنة عمان والكويت. لذلك تناولنا للموضوع يكون طابعه
الحرص على وحدة الخليج الأمل، وليس كتناول الآخرين الذين يصبُّون الزيت على
النار لزيادة الحريق، وليس فيه إنحيازاً لأحد، لذلك سوف يكون تناولنا
موضوعياً رغبةً في الإصلاح ومساهمةً في عدم زيادة الفتق المؤلم الذي حدث،
وإذا لم يتم تداركه سوف تكون نتيجته كارثية تقضي على الرمز الذي بقي في
وحدة الأمة.
وإذا
كان الذي حدث هو إنكاسات لثورة الربيع العربي فقد واجهت دول الخليج وخاصة
المملكة العربية السعودية تهديداً ربما يكون أشد وأقوى من الذي حدث، ولكن
صمدت دول الخليج وتمت معالجة الأمر بالطريقة (السعودية)، أي بعيداً عن
الإعلام. فقد كان التهديد على أشده وإستهدف الخليج والسعودية بصورة خاصة في
فترة الستينات من القرن العشرين، أثناء فترة المد الثوري العربي بقيادة
جمال عبد الناصر، الذي ربما وصل للتدافع بالسلاح، ولكن كان على غير الأرض
السعودية والمصرية، حيث كانت المواجهة على أرض اليمن. وعلى الرغم من ذلك
كان التصالح على أيدي الخرطوم عندما إستطاعت أن تجمع بين الملك فيصل
والرئيس عبد الناصر في مؤتمر قمة اللاءات الثلاث في الخرطوم، وتم التصالح
بينهما. ثم تعرض الخليج والسعودية لهجمة مماثلة بعد قيام الثورة الإيرانية
1979م ومحاولة إيران تصدير الثورة، وتمت المواجهة بين الإيرانيين
والسعوديين في الحج، وعلى الرغم من تجاوز كثير من خلافات مع إيران، إلا أنه
بقي منها الكثير.
ونلاحظ
هنا التهديد كان من خارج الخليج، كما نلاحظ أن الخارج قد مارس أفعالاً
بهدف زعزعة الحكم في الخليج، كحرب عبد الناصر في اليمن وحركة الحجاج
الإيرانيين أثناء موسم الحج، مع ملاحظة أن ثورات الربيع العربي هي ثورات
شعوب ليست لها قيادة، لذلك لم يكن الإتهام لدولة أو زعامة بأنها تهدف إلى
زعزعة الحكم في الخليج.
ولكن
ربما تأتي بعضاً من الإجابة هنا، ويأتي المبرر على الأقل لدول الخليج
بقيادة السعودية بسحب سفرائها من الدوحة، وذلك لإتهام السعودية لقطر
لإرتباطها بحركات الربيع العربي. ويكون الجديد في الأمر أن التهديد هذه
المرة يأتي من الداخل بواسطة عضو من أعضاء الخليج هو قطر.
ولكن
الخلافات مع قطر لم تكن وليدة اليوم، وهي ترجع للعام 1977م عندما أصبح
الشيخ حمد ولياً للعهد في قطر ووزيراً للدفاع، والذي كانت لديه نزعة
إستقلالية عن الطوع السعودي، وقد تطلع لأن تلعب قطر دوراً قيادياً على
المستوى الإقليمي والدولي. وكانت حرب الخليج الأولى في العام 1990م بداية
الخروج القطري الواضح من السلطان السعودي، حيث أقامت قطر تحالفاً مع أمريكا
وأنشأت بموجب ذلك إتفاقية حماية أمريكية لقطر تم بموجبها إنشاء قواعد
عسكرية أمريكية في قطر. وبذلك إستغنت قطر عن حماية درع الجزيرة الذي يتكون
غالبيته من الجيش السعودي. وفي العام 1992م قُتِل أثنان من حرس الحدود
القطريين في إشتباك على الحدود مع القوات السعودية. وبعد إنقلاب الشيخ حمد
على والده في العام 1995م كانت السعودية تستقبل الشيخ الكبير في السعودية
إستقبال أمير وتفرش له البسط الحمراء. وإتهمت قطر السعودية بدعمها للإنقلاب
في العام 1996م لإعادة الوالد للحكم في قطر. كما أقامت قطر شبكة من
الحلفاء معظمهم على خلاف مع السعودية، مثل إيران وسوريا وحماس وحزب الله
وليبيا، هذا إضافةً لقناة الجزيرة التي أفسحت المجال لعدد كبير من
المعارضين للنظام الملكي في السعودية. هذا إضافةً لإنتهاج قطر سياسة نشطة
على المستوى الإقليمي والدولي في مساحات تعتبرها السعودية هي خاصة بها في
الخليج، حيث أقامت قطر علاقات متميزة مع أمريكا وإسرائيل، ولعبت دور الوسيط
الناجح في عدد من الدول كالسودان واليمن ولبنان وإثيوبيا وفلسطين والصحراء
الغربية.
كل
ذلك كان موجوداً وأكثر منه، ولكن التعامل معه كان من الجانب السعودي
بالوقار السياسي والحكمة السعودية المعهودة، ومن جانب قطر كان يتم التعامل
وفق الطريقة القطرية التي إستطاعت أن تجمع بين الأضداد، وأن تلعب دور
البيضة والحجر، فكانت الزيارة التي قام بها الأمير القطري الشيح حمد قبل
الربيع العربي بسنوات قليلة حلحلت كثير من القضايا وتحسنت العلاقات بين
الدولتين حتى قبل قيام الربيع العربي.
مع
إنطلاقة الربيع العربي خرجت السعودية عن النمط الذي كان يميز سياستها
الخارجية، فكانت السعودية قبل الربيع العربي قلما تدخل في صراع مباشر بينها
وبين قوى أخرى وعلى المكشوف، فتدخلت السعودية بصورة مباشرة في الصراع
الدائر في اليمن بين علي صالح والثوار، كما دخلت كذلك في ليبيا داعمةً
للسلفيين بالسلاح والمال حتى تمت الإطاحة بالقذافي، وفي مصر بعد فوز مرسي
بالحكم دعمت السعودية المعارضة المصرية حتى أطاحت بمرسي، ثم دعمت السعودية
السلفيين ضد بشار في سوريا ومازالت.
هنا
حدث التقاطع وربما الموجهة بين السعودية وقطر. السعودية عادت لللعب في
مساحة تعتقد بأنها هي المؤهلة مساحةً وسكاناً ومالاً لأن تكون هي القوى
العظمى في الخليج، وعادت لتلعب دوراً كانت لا ترغب الدخول فيه فملأته قطر،
ولكن بغير ما يرضي السعودية. فكانت المواجهة في اليمن، وعندما شعرت قطر بأن
السعودية تريد إستخدامها باصماً في المبادرة الخليجية إنسحبت قطر من
المبادرة الخليجية، ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تدعم القوى التي لا تجعل
السعودية تنجح في تعاملها مع القضية اليمنية، فدعمت قطر الحوثيين ودعمت
الإخوان والأحزاب ذات الميول الإخوانية. وفي مصر كانت قطر تدعم مرسي وعندما
تمت الإطاحة به بدعم سعودي، لم تتوقف قطر بل أصبحت الداعم لقوى الشرعية.
وفي ليبيا دعمت قطر الإخوان أو القوى الإسلامية ذات الميول الإخوانية،
ولذلك يفسر عدم الإستقرار الحادث الآن في ليبيا هو صراع بين الدعم السعودي
للسلفيين والدعم القطري للإخوان. وكذلك الأمر في سوريا حيث دعمت قطر
الإخوان ودعمت السعودية السلفيين، والآن الصراع الدائر بين قوى المعارضة هو
في الحقيقة صراع بين من تدعمه قطر ومن تدعمه السعودية.
وعلى
هذه الخلفية في المواجهة السعودية القطرية جاءت الخطوة السعودية بسحب
السفراء من قطر، وهو خروجاً على نص السلوك السعودي المألوف، ولكنه يتسق مع
السلوك السعودي الأخير في تعاملها مع الثورات العربية.
إذن
كانت المواجهة السعودية القطرية إحدى إفرازات الربيع العربي، وإذا كان
الربيع العربي هو حركة شعوب بلا قيادة، فلماذا تحمل قطر وزر حركة الشعوب؟،
الإجابة على هذا السؤال تبدو واضحة، وحتى قطر لا تنكرها، فقد كانت قطر
الداعمة لحركات الربيع العربي، ومهما فُهمت بأنها حركة شعوب لا تستطيع أي
جهة الإدعاء بأنها كانت وراءها، إلا أنها يمكن أن تُفهم وهي بالفعل عمل على
الإطاحة بالحكام الذين كانوا في تلك الدول، ولذلك كان هناك قلق كبير في
الخليج من إنتقال ثورات الربيع العربي إليه، وفعلاً بدأت الحركة في
البحرين، وشهدت بعض المناطق في السعودية خاصة شرقها تفاعل مشابه لما حدث في
البحرين وإن كانت محدودة.
في
تقديري أن ذلك كله ما كان يمكن أن يخرج السعودية عن طورها، فقد واجهت
السعودية أقوى من ذلك كما ذكرنا في الستينات وبداية الثمانينات، ولكن إرتبط
حركة الربيع العربي والدعم القطري للثورات بتسريبات نُسبت لوزير الخارجية
القطري السابق حمد بن جاسم عن وجود خطة لتغيير النظام السعودي، وأن أمريكا
جزء من هذه التسريبات، إلا أنها تحفظت عليها خوفاً من البديل، هذا مع وجود
معلومات في الإمارات عن الدعم القطري للإخوان في الإمارات لتغيير نظام
الحكم هناك كذلك. هذا مرتبطاً بدعم أمريكا للثورة في مصر وتخليها عن حليف
ما كان في المتخيل السعودي أن يحدث. الأمر الذي جعل السعودية تدعو دول
الخليج إلى قمة عاجلة في الرياض للتشاور على ما يجب فعله. وكان هذا هو نفطة
البداية في الخروج السعودي على ما كان مألوفاً ومتوقعاً منها في علاقاتها
الخارجية.
الآن
نستطيع أن نقول أننا وجدنا بعض الإجابة، وليست كل الإجابة، تفسيراً للذي
حدث والذي أجبر المملكة العربية السعودية على السلوك الذي لا يشبهها، ولكن
هناك كثير من الأسئلة لابد من الإجابة عليها لفهم أو لمعرفة كل الأسباب
التي جعلت المملكة العربية السعودية تتصرف هذا التصرف.
ولكن
مهما يكن من أمر فإنه لا يستطيع أحد أن يزايد على المملكة العربية
السعودية تاريخاً ومستقبلاً. وهذه المكانة التي في قلوبنا للمملكة العربية
السعودية هي التي تجعلنا نطلب منها أن تتحمل أكثر مما تحملت، وإذا عيل
الصبر نطلب منها أن (تصبر زيادة)، فقد عودتنا الحكمة السعودية على ذلك،
وعودتنا أن تتحمل أذى العاقين من أبناء الأمة الإسلامية والعربية.
السعودية من حقها أن تعود لملعب هو ملكها، ولكن زهدها و(حكمتها) جعلها تفسح المجال للأقل منها شأناً من أخواتها وأبنائها.
قطر من حقها أن تطمح في أن يكون لها موقعاً مميزاً بين دول العالم ودول الإقليم، ولكن لابد من اللعب النظيف خاصة مع إخوتها الكبار.
علمتنا
قطر أنها لديها من الذكاء والدهاء ما تستطيع به أن تلعب بالبيضة والحجر،
وأن تجمع المتناقضات في فضاء الدوحة من غير أن يكون ذلك على حساب أحد،
ولذلك نأمل من الدوحة وهي الآن لم تتصرف برد الفعل ولم تسحب سفرائها من
السعودية والبحرين والإمارات، وكما كانت زيارة الشيح حمد للرياض طاوية لكل
صفحات الخلاف في السعودية، نرجو أن يفعلها الأمير الجديد في قطر.
الخليج هو آخر ما تبقى لنا من أمل عودة هذه الأمة، نرجو ألا نُفجع فيه كما فُجعنا في بقية الدول العربية.
التغييرات
التي حدثت في السودان مؤخراً سواءً كان على الصعيد الداخلي، أو بالزيارة
التي قام بها وزير الدفاع ووزير الخارجية لمصر، تجعلنا مؤهلين أكثر من
غيرنا لمحاولة حلحلة الأمر في الخليج، مهما كان رأي البعض في الخليج فينا.
فكما فعلها السودان في العام 1967م، وجمعت الخرطوم الملك فيصل وجمال عبد الناصر، نأمل أن تفعلها الخرطوم الآن.
كتبه د. خالد حسين محمد
Email: khalid-hussain-52@hotmail.co.uk
smc
حركة درامية غير مسبوقة وغير مألوفة في المسرح السياسي الخليجي، حيث
أُزيحت الستارة بطريقة لا تتناسب ولا تشبه الأخراج المسرحي السياسي
الخليجي، حيث قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من دولة قطر
ببيان مشترك موضحاً الأسباب التي دعت إلى ذلك.
السعودية
هي الدولة الأولى والعظمى في الخليج، وحولها تدور بقية الإمارات
والسلطنات، وكان الوقار وحكمة (شيوخ العرب) السعوديين هي التي تسم التصرفات
والعلاقات بين المكونات الخليجية. هذا الوقار والحكمة هو الذي يبقى كل
الخلافات التي تنشأ بين المكونات الإماراتية والملوكية داخل البيت الخريجي
والأسرة الخليجية بعيداً عن الإعلام والغير. ولكن الذي حدث كان خروجاً عن
المألوف، حيث كانت تتم معالجة الأزمات بالحلول التوفيقية بعيداً عن
العقوبات، وبعيداً عن المفردات الدبلوماسية التي تستخدم بين الدول غير
الخليجية، كعبارات (سحب السفراء، وإستدعاء السفراء)، وغيرها.
الأمر
بالنسبة لي وبالنسبة إلى الذين يحملون هم الأمة العربية والإسلامية كان
صادماً، حيث كانت تمثل منطقة الخليج الأمل الذي بقي في لملمة الصف العربي
والإسلامي بعد ما تداعت الأمم على الأطراف كتداعي الأكلة على قصعتها، وتم
إشعال الحريق في كافة مكونات الدول العربية في مصر، تونس، ليبيا، المغرب،
الجزائر، اليمن، سوريا، السودان، موريتانيا ولم يبق إلا الخليج الأمل.
نحن
في السودان يهمنا كل الخليج، تهمنا السعودية، وتهمنا قطر، وتهمنا
الإمارات، والبحرين وسلطنة عمان والكويت. لذلك تناولنا للموضوع يكون طابعه
الحرص على وحدة الخليج الأمل، وليس كتناول الآخرين الذين يصبُّون الزيت على
النار لزيادة الحريق، وليس فيه إنحيازاً لأحد، لذلك سوف يكون تناولنا
موضوعياً رغبةً في الإصلاح ومساهمةً في عدم زيادة الفتق المؤلم الذي حدث،
وإذا لم يتم تداركه سوف تكون نتيجته كارثية تقضي على الرمز الذي بقي في
وحدة الأمة.
وإذا
كان الذي حدث هو إنكاسات لثورة الربيع العربي فقد واجهت دول الخليج وخاصة
المملكة العربية السعودية تهديداً ربما يكون أشد وأقوى من الذي حدث، ولكن
صمدت دول الخليج وتمت معالجة الأمر بالطريقة (السعودية)، أي بعيداً عن
الإعلام. فقد كان التهديد على أشده وإستهدف الخليج والسعودية بصورة خاصة في
فترة الستينات من القرن العشرين، أثناء فترة المد الثوري العربي بقيادة
جمال عبد الناصر، الذي ربما وصل للتدافع بالسلاح، ولكن كان على غير الأرض
السعودية والمصرية، حيث كانت المواجهة على أرض اليمن. وعلى الرغم من ذلك
كان التصالح على أيدي الخرطوم عندما إستطاعت أن تجمع بين الملك فيصل
والرئيس عبد الناصر في مؤتمر قمة اللاءات الثلاث في الخرطوم، وتم التصالح
بينهما. ثم تعرض الخليج والسعودية لهجمة مماثلة بعد قيام الثورة الإيرانية
1979م ومحاولة إيران تصدير الثورة، وتمت المواجهة بين الإيرانيين
والسعوديين في الحج، وعلى الرغم من تجاوز كثير من خلافات مع إيران، إلا أنه
بقي منها الكثير.
ونلاحظ
هنا التهديد كان من خارج الخليج، كما نلاحظ أن الخارج قد مارس أفعالاً
بهدف زعزعة الحكم في الخليج، كحرب عبد الناصر في اليمن وحركة الحجاج
الإيرانيين أثناء موسم الحج، مع ملاحظة أن ثورات الربيع العربي هي ثورات
شعوب ليست لها قيادة، لذلك لم يكن الإتهام لدولة أو زعامة بأنها تهدف إلى
زعزعة الحكم في الخليج.
ولكن
ربما تأتي بعضاً من الإجابة هنا، ويأتي المبرر على الأقل لدول الخليج
بقيادة السعودية بسحب سفرائها من الدوحة، وذلك لإتهام السعودية لقطر
لإرتباطها بحركات الربيع العربي. ويكون الجديد في الأمر أن التهديد هذه
المرة يأتي من الداخل بواسطة عضو من أعضاء الخليج هو قطر.
ولكن
الخلافات مع قطر لم تكن وليدة اليوم، وهي ترجع للعام 1977م عندما أصبح
الشيخ حمد ولياً للعهد في قطر ووزيراً للدفاع، والذي كانت لديه نزعة
إستقلالية عن الطوع السعودي، وقد تطلع لأن تلعب قطر دوراً قيادياً على
المستوى الإقليمي والدولي. وكانت حرب الخليج الأولى في العام 1990م بداية
الخروج القطري الواضح من السلطان السعودي، حيث أقامت قطر تحالفاً مع أمريكا
وأنشأت بموجب ذلك إتفاقية حماية أمريكية لقطر تم بموجبها إنشاء قواعد
عسكرية أمريكية في قطر. وبذلك إستغنت قطر عن حماية درع الجزيرة الذي يتكون
غالبيته من الجيش السعودي. وفي العام 1992م قُتِل أثنان من حرس الحدود
القطريين في إشتباك على الحدود مع القوات السعودية. وبعد إنقلاب الشيخ حمد
على والده في العام 1995م كانت السعودية تستقبل الشيخ الكبير في السعودية
إستقبال أمير وتفرش له البسط الحمراء. وإتهمت قطر السعودية بدعمها للإنقلاب
في العام 1996م لإعادة الوالد للحكم في قطر. كما أقامت قطر شبكة من
الحلفاء معظمهم على خلاف مع السعودية، مثل إيران وسوريا وحماس وحزب الله
وليبيا، هذا إضافةً لقناة الجزيرة التي أفسحت المجال لعدد كبير من
المعارضين للنظام الملكي في السعودية. هذا إضافةً لإنتهاج قطر سياسة نشطة
على المستوى الإقليمي والدولي في مساحات تعتبرها السعودية هي خاصة بها في
الخليج، حيث أقامت قطر علاقات متميزة مع أمريكا وإسرائيل، ولعبت دور الوسيط
الناجح في عدد من الدول كالسودان واليمن ولبنان وإثيوبيا وفلسطين والصحراء
الغربية.
كل
ذلك كان موجوداً وأكثر منه، ولكن التعامل معه كان من الجانب السعودي
بالوقار السياسي والحكمة السعودية المعهودة، ومن جانب قطر كان يتم التعامل
وفق الطريقة القطرية التي إستطاعت أن تجمع بين الأضداد، وأن تلعب دور
البيضة والحجر، فكانت الزيارة التي قام بها الأمير القطري الشيح حمد قبل
الربيع العربي بسنوات قليلة حلحلت كثير من القضايا وتحسنت العلاقات بين
الدولتين حتى قبل قيام الربيع العربي.
مع
إنطلاقة الربيع العربي خرجت السعودية عن النمط الذي كان يميز سياستها
الخارجية، فكانت السعودية قبل الربيع العربي قلما تدخل في صراع مباشر بينها
وبين قوى أخرى وعلى المكشوف، فتدخلت السعودية بصورة مباشرة في الصراع
الدائر في اليمن بين علي صالح والثوار، كما دخلت كذلك في ليبيا داعمةً
للسلفيين بالسلاح والمال حتى تمت الإطاحة بالقذافي، وفي مصر بعد فوز مرسي
بالحكم دعمت السعودية المعارضة المصرية حتى أطاحت بمرسي، ثم دعمت السعودية
السلفيين ضد بشار في سوريا ومازالت.
هنا
حدث التقاطع وربما الموجهة بين السعودية وقطر. السعودية عادت لللعب في
مساحة تعتقد بأنها هي المؤهلة مساحةً وسكاناً ومالاً لأن تكون هي القوى
العظمى في الخليج، وعادت لتلعب دوراً كانت لا ترغب الدخول فيه فملأته قطر،
ولكن بغير ما يرضي السعودية. فكانت المواجهة في اليمن، وعندما شعرت قطر بأن
السعودية تريد إستخدامها باصماً في المبادرة الخليجية إنسحبت قطر من
المبادرة الخليجية، ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تدعم القوى التي لا تجعل
السعودية تنجح في تعاملها مع القضية اليمنية، فدعمت قطر الحوثيين ودعمت
الإخوان والأحزاب ذات الميول الإخوانية. وفي مصر كانت قطر تدعم مرسي وعندما
تمت الإطاحة به بدعم سعودي، لم تتوقف قطر بل أصبحت الداعم لقوى الشرعية.
وفي ليبيا دعمت قطر الإخوان أو القوى الإسلامية ذات الميول الإخوانية،
ولذلك يفسر عدم الإستقرار الحادث الآن في ليبيا هو صراع بين الدعم السعودي
للسلفيين والدعم القطري للإخوان. وكذلك الأمر في سوريا حيث دعمت قطر
الإخوان ودعمت السعودية السلفيين، والآن الصراع الدائر بين قوى المعارضة هو
في الحقيقة صراع بين من تدعمه قطر ومن تدعمه السعودية.
وعلى
هذه الخلفية في المواجهة السعودية القطرية جاءت الخطوة السعودية بسحب
السفراء من قطر، وهو خروجاً على نص السلوك السعودي المألوف، ولكنه يتسق مع
السلوك السعودي الأخير في تعاملها مع الثورات العربية.
إذن
كانت المواجهة السعودية القطرية إحدى إفرازات الربيع العربي، وإذا كان
الربيع العربي هو حركة شعوب بلا قيادة، فلماذا تحمل قطر وزر حركة الشعوب؟،
الإجابة على هذا السؤال تبدو واضحة، وحتى قطر لا تنكرها، فقد كانت قطر
الداعمة لحركات الربيع العربي، ومهما فُهمت بأنها حركة شعوب لا تستطيع أي
جهة الإدعاء بأنها كانت وراءها، إلا أنها يمكن أن تُفهم وهي بالفعل عمل على
الإطاحة بالحكام الذين كانوا في تلك الدول، ولذلك كان هناك قلق كبير في
الخليج من إنتقال ثورات الربيع العربي إليه، وفعلاً بدأت الحركة في
البحرين، وشهدت بعض المناطق في السعودية خاصة شرقها تفاعل مشابه لما حدث في
البحرين وإن كانت محدودة.
في
تقديري أن ذلك كله ما كان يمكن أن يخرج السعودية عن طورها، فقد واجهت
السعودية أقوى من ذلك كما ذكرنا في الستينات وبداية الثمانينات، ولكن إرتبط
حركة الربيع العربي والدعم القطري للثورات بتسريبات نُسبت لوزير الخارجية
القطري السابق حمد بن جاسم عن وجود خطة لتغيير النظام السعودي، وأن أمريكا
جزء من هذه التسريبات، إلا أنها تحفظت عليها خوفاً من البديل، هذا مع وجود
معلومات في الإمارات عن الدعم القطري للإخوان في الإمارات لتغيير نظام
الحكم هناك كذلك. هذا مرتبطاً بدعم أمريكا للثورة في مصر وتخليها عن حليف
ما كان في المتخيل السعودي أن يحدث. الأمر الذي جعل السعودية تدعو دول
الخليج إلى قمة عاجلة في الرياض للتشاور على ما يجب فعله. وكان هذا هو نفطة
البداية في الخروج السعودي على ما كان مألوفاً ومتوقعاً منها في علاقاتها
الخارجية.
الآن
نستطيع أن نقول أننا وجدنا بعض الإجابة، وليست كل الإجابة، تفسيراً للذي
حدث والذي أجبر المملكة العربية السعودية على السلوك الذي لا يشبهها، ولكن
هناك كثير من الأسئلة لابد من الإجابة عليها لفهم أو لمعرفة كل الأسباب
التي جعلت المملكة العربية السعودية تتصرف هذا التصرف.
ولكن
مهما يكن من أمر فإنه لا يستطيع أحد أن يزايد على المملكة العربية
السعودية تاريخاً ومستقبلاً. وهذه المكانة التي في قلوبنا للمملكة العربية
السعودية هي التي تجعلنا نطلب منها أن تتحمل أكثر مما تحملت، وإذا عيل
الصبر نطلب منها أن (تصبر زيادة)، فقد عودتنا الحكمة السعودية على ذلك،
وعودتنا أن تتحمل أذى العاقين من أبناء الأمة الإسلامية والعربية.
السعودية من حقها أن تعود لملعب هو ملكها، ولكن زهدها و(حكمتها) جعلها تفسح المجال للأقل منها شأناً من أخواتها وأبنائها.
قطر من حقها أن تطمح في أن يكون لها موقعاً مميزاً بين دول العالم ودول الإقليم، ولكن لابد من اللعب النظيف خاصة مع إخوتها الكبار.
علمتنا
قطر أنها لديها من الذكاء والدهاء ما تستطيع به أن تلعب بالبيضة والحجر،
وأن تجمع المتناقضات في فضاء الدوحة من غير أن يكون ذلك على حساب أحد،
ولذلك نأمل من الدوحة وهي الآن لم تتصرف برد الفعل ولم تسحب سفرائها من
السعودية والبحرين والإمارات، وكما كانت زيارة الشيح حمد للرياض طاوية لكل
صفحات الخلاف في السعودية، نرجو أن يفعلها الأمير الجديد في قطر.
الخليج هو آخر ما تبقى لنا من أمل عودة هذه الأمة، نرجو ألا نُفجع فيه كما فُجعنا في بقية الدول العربية.
التغييرات
التي حدثت في السودان مؤخراً سواءً كان على الصعيد الداخلي، أو بالزيارة
التي قام بها وزير الدفاع ووزير الخارجية لمصر، تجعلنا مؤهلين أكثر من
غيرنا لمحاولة حلحلة الأمر في الخليج، مهما كان رأي البعض في الخليج فينا.
فكما فعلها السودان في العام 1967م، وجمعت الخرطوم الملك فيصل وجمال عبد الناصر، نأمل أن تفعلها الخرطوم الآن.
كتبه د. خالد حسين محمد
Email: khalid-hussain-52@hotmail.co.uk
smc
في
حركة درامية غير مسبوقة وغير مألوفة في المسرح السياسي الخليجي، حيث
أُزيحت الستارة بطريقة لا تتناسب ولا تشبه الأخراج المسرحي السياسي
الخليجي، حيث قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من دولة قطر
ببيان مشترك موضحاً الأسباب التي دعت إلى ذلك.
السعودية هي الدولة
الأولى والعظمى في الخليج، وحولها تدور بقية الإمارات والسلطنات، وكان
الوقار وحكمة (شيوخ العرب) السعوديين هي التي تسم التصرفات والعلاقات بين
المكونات الخليجية. هذا الوقار والحكمة هو الذي يبقى كل الخلافات التي تنشأ
بين المكونات الإماراتية والملوكية داخل البيت الخريجي والأسرة الخليجية
بعيداً عن الإعلام والغير. ولكن الذي حدث كان خروجاً عن المألوف، حيث كانت
تتم معالجة الأزمات بالحلول التوفيقية بعيداً عن العقوبات، وبعيداً عن
المفردات الدبلوماسية التي تستخدم بين الدول غير الخليجية، كعبارات (سحب
السفراء، وإستدعاء السفراء)، وغيرها.
الأمر بالنسبة لي وبالنسبة إلى
الذين يحملون هم الأمة العربية والإسلامية كان صادماً، حيث كانت تمثل
منطقة الخليج الأمل الذي بقي في لملمة الصف العربي والإسلامي بعد ما تداعت
الأمم على الأطراف كتداعي الأكلة على قصعتها، وتم إشعال الحريق في كافة
مكونات الدول العربية في مصر، تونس، ليبيا، المغرب، الجزائر، اليمن، سوريا،
السودان، موريتانيا ولم يبق إلا الخليج الأمل.
نحن في السودان
يهمنا كل الخليج، تهمنا السعودية، وتهمنا قطر، وتهمنا الإمارات، والبحرين
وسلطنة عمان والكويت. لذلك تناولنا للموضوع يكون طابعه الحرص على وحدة
الخليج الأمل، وليس كتناول الآخرين الذين يصبُّون الزيت على النار لزيادة
الحريق، وليس فيه إنحيازاً لأحد، لذلك سوف يكون تناولنا موضوعياً رغبةً في
الإصلاح ومساهمةً في عدم زيادة الفتق المؤلم الذي حدث، وإذا لم يتم تداركه
سوف تكون نتيجته كارثية تقضي على الرمز الذي بقي في وحدة الأمة.
وإذا
كان الذي حدث هو إنكاسات لثورة الربيع العربي فقد واجهت دول الخليج وخاصة
المملكة العربية السعودية تهديداً ربما يكون أشد وأقوى من الذي حدث، ولكن
صمدت دول الخليج وتمت معالجة الأمر بالطريقة (السعودية)، أي بعيداً عن
الإعلام. فقد كان التهديد على أشده وإستهدف الخليج والسعودية بصورة خاصة في
فترة الستينات من القرن العشرين، أثناء فترة المد الثوري العربي بقيادة
جمال عبد الناصر، الذي ربما وصل للتدافع بالسلاح، ولكن كان على غير الأرض
السعودية والمصرية، حيث كانت المواجهة على أرض اليمن. وعلى الرغم من ذلك
كان التصالح على أيدي الخرطوم عندما إستطاعت أن تجمع بين الملك فيصل
والرئيس عبد الناصر في مؤتمر قمة اللاءات الثلاث في الخرطوم، وتم التصالح
بينهما. ثم تعرض الخليج والسعودية لهجمة مماثلة بعد قيام الثورة الإيرانية
1979م ومحاولة إيران تصدير الثورة، وتمت المواجهة بين الإيرانيين
والسعوديين في الحج، وعلى الرغم من تجاوز كثير من خلافات مع إيران، إلا أنه
بقي منها الكثير.
ونلاحظ هنا التهديد كان من خارج الخليج، كما
نلاحظ أن الخارج قد مارس أفعالاً بهدف زعزعة الحكم في الخليج، كحرب عبد
الناصر في اليمن وحركة الحجاج الإيرانيين أثناء موسم الحج، مع ملاحظة أن
ثورات الربيع العربي هي ثورات شعوب ليست لها قيادة، لذلك لم يكن الإتهام
لدولة أو زعامة بأنها تهدف إلى زعزعة الحكم في الخليج.
ولكن ربما
تأتي بعضاً من الإجابة هنا، ويأتي المبرر على الأقل لدول الخليج بقيادة
السعودية بسحب سفرائها من الدوحة، وذلك لإتهام السعودية لقطر لإرتباطها
بحركات الربيع العربي. ويكون الجديد في الأمر أن التهديد هذه المرة يأتي من
الداخل بواسطة عضو من أعضاء الخليج هو قطر.
ولكن الخلافات مع قطر
لم تكن وليدة اليوم، وهي ترجع للعام 1977م عندما أصبح الشيخ حمد ولياً
للعهد في قطر ووزيراً للدفاع، والذي كانت لديه نزعة إستقلالية عن الطوع
السعودي، وقد تطلع لأن تلعب قطر دوراً قيادياً على المستوى الإقليمي
والدولي. وكانت حرب الخليج الأولى في العام 1990م بداية الخروج القطري
الواضح من السلطان السعودي، حيث أقامت قطر تحالفاً مع أمريكا وأنشأت بموجب
ذلك إتفاقية حماية أمريكية لقطر تم بموجبها إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في
قطر. وبذلك إستغنت قطر عن حماية درع الجزيرة الذي يتكون غالبيته من الجيش
السعودي. وفي العام 1992م قُتِل أثنان من حرس الحدود القطريين في إشتباك
على الحدود مع القوات السعودية. وبعد إنقلاب الشيخ حمد على والده في العام
1995م كانت السعودية تستقبل الشيخ الكبير في السعودية إستقبال أمير وتفرش
له البسط الحمراء. وإتهمت قطر السعودية بدعمها للإنقلاب في العام 1996م
لإعادة الوالد للحكم في قطر. كما أقامت قطر شبكة من الحلفاء معظمهم على
خلاف مع السعودية، مثل إيران وسوريا وحماس وحزب الله وليبيا، هذا إضافةً
لقناة الجزيرة التي أفسحت المجال لعدد كبير من المعارضين للنظام الملكي في
السعودية. هذا إضافةً لإنتهاج قطر سياسة نشطة على المستوى الإقليمي والدولي
في مساحات تعتبرها السعودية هي خاصة بها في الخليج، حيث أقامت قطر علاقات
متميزة مع أمريكا وإسرائيل، ولعبت دور الوسيط الناجح في عدد من الدول
كالسودان واليمن ولبنان وإثيوبيا وفلسطين والصحراء الغربية.
كل ذلك
كان موجوداً وأكثر منه، ولكن التعامل معه كان من الجانب السعودي بالوقار
السياسي والحكمة السعودية المعهودة، ومن جانب قطر كان يتم التعامل وفق
الطريقة القطرية التي إستطاعت أن تجمع بين الأضداد، وأن تلعب دور البيضة
والحجر، فكانت الزيارة التي قام بها الأمير القطري الشيح حمد قبل الربيع
العربي بسنوات قليلة حلحلت كثير من القضايا وتحسنت العلاقات بين الدولتين
حتى قبل قيام الربيع العربي.
مع إنطلاقة الربيع العربي خرجت
السعودية عن النمط الذي كان يميز سياستها الخارجية، فكانت السعودية قبل
الربيع العربي قلما تدخل في صراع مباشر بينها وبين قوى أخرى وعلى المكشوف،
فتدخلت السعودية بصورة مباشرة في الصراع الدائر في اليمن بين علي صالح
والثوار، كما دخلت كذلك في ليبيا داعمةً للسلفيين بالسلاح والمال حتى تمت
الإطاحة بالقذافي، وفي مصر بعد فوز مرسي بالحكم دعمت السعودية المعارضة
المصرية حتى أطاحت بمرسي، ثم دعمت السعودية السلفيين ضد بشار في سوريا
ومازالت.
هنا حدث التقاطع وربما الموجهة بين السعودية وقطر.
السعودية عادت لللعب في مساحة تعتقد بأنها هي المؤهلة مساحةً وسكاناً
ومالاً لأن تكون هي القوى العظمى في الخليج، وعادت لتلعب دوراً كانت لا
ترغب الدخول فيه فملأته قطر، ولكن بغير ما يرضي السعودية. فكانت المواجهة
في اليمن، وعندما شعرت قطر بأن السعودية تريد إستخدامها باصماً في المبادرة
الخليجية إنسحبت قطر من المبادرة الخليجية، ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تدعم
القوى التي لا تجعل السعودية تنجح في تعاملها مع القضية اليمنية، فدعمت قطر
الحوثيين ودعمت الإخوان والأحزاب ذات الميول الإخوانية. وفي مصر كانت قطر
تدعم مرسي وعندما تمت الإطاحة به بدعم سعودي، لم تتوقف قطر بل أصبحت الداعم
لقوى الشرعية. وفي ليبيا دعمت قطر الإخوان أو القوى الإسلامية ذات الميول
الإخوانية، ولذلك يفسر عدم الإستقرار الحادث الآن في ليبيا هو صراع بين
الدعم السعودي للسلفيين والدعم القطري للإخوان. وكذلك الأمر في سوريا حيث
دعمت قطر الإخوان ودعمت السعودية السلفيين، والآن الصراع الدائر بين قوى
المعارضة هو في الحقيقة صراع بين من تدعمه قطر ومن تدعمه السعودية.
وعلى
هذه الخلفية في المواجهة السعودية القطرية جاءت الخطوة السعودية بسحب
السفراء من قطر، وهو خروجاً على نص السلوك السعودي المألوف، ولكنه يتسق مع
السلوك السعودي الأخير في تعاملها مع الثورات العربية.
إذن كانت
المواجهة السعودية القطرية إحدى إفرازات الربيع العربي، وإذا كان الربيع
العربي هو حركة شعوب بلا قيادة، فلماذا تحمل قطر وزر حركة الشعوب؟، الإجابة
على هذا السؤال تبدو واضحة، وحتى قطر لا تنكرها، فقد كانت قطر الداعمة
لحركات الربيع العربي، ومهما فُهمت بأنها حركة شعوب لا تستطيع أي جهة
الإدعاء بأنها كانت وراءها، إلا أنها يمكن أن تُفهم وهي بالفعل عمل على
الإطاحة بالحكام الذين كانوا في تلك الدول، ولذلك كان هناك قلق كبير في
الخليج من إنتقال ثورات الربيع العربي إليه، وفعلاً بدأت الحركة في
البحرين، وشهدت بعض المناطق في السعودية خاصة شرقها تفاعل مشابه لما حدث في
البحرين وإن كانت محدودة.
في تقديري أن ذلك كله ما كان يمكن أن
يخرج السعودية عن طورها، فقد واجهت السعودية أقوى من ذلك كما ذكرنا في
الستينات وبداية الثمانينات، ولكن إرتبط حركة الربيع العربي والدعم القطري
للثورات بتسريبات نُسبت لوزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم عن وجود
خطة لتغيير النظام السعودي، وأن أمريكا جزء من هذه التسريبات، إلا أنها
تحفظت عليها خوفاً من البديل، هذا مع وجود معلومات في الإمارات عن الدعم
القطري للإخوان في الإمارات لتغيير نظام الحكم هناك كذلك. هذا مرتبطاً بدعم
أمريكا للثورة في مصر وتخليها عن حليف ما كان في المتخيل السعودي أن يحدث.
الأمر الذي جعل السعودية تدعو دول الخليج إلى قمة عاجلة في الرياض للتشاور
على ما يجب فعله. وكان هذا هو نفطة البداية في الخروج السعودي على ما كان
مألوفاً ومتوقعاً منها في علاقاتها الخارجية.
الآن نستطيع أن نقول
أننا وجدنا بعض الإجابة، وليست كل الإجابة، تفسيراً للذي حدث والذي أجبر
المملكة العربية السعودية على السلوك الذي لا يشبهها، ولكن هناك كثير من
الأسئلة لابد من الإجابة عليها لفهم أو لمعرفة كل الأسباب التي جعلت
المملكة العربية السعودية تتصرف هذا التصرف.
ولكن مهما يكن من أمر
فإنه لا يستطيع أحد أن يزايد على المملكة العربية السعودية تاريخاً
ومستقبلاً. وهذه المكانة التي في قلوبنا للمملكة العربية السعودية هي التي
تجعلنا نطلب منها أن تتحمل أكثر مما تحملت، وإذا عيل الصبر نطلب منها أن
(تصبر زيادة)، فقد عودتنا الحكمة السعودية على ذلك، وعودتنا أن تتحمل أذى
العاقين من أبناء الأمة الإسلامية والعربية.
السعودية من حقها أن تعود لملعب هو ملكها، ولكن زهدها و(حكمتها) جعلها تفسح المجال للأقل منها شأناً من أخواتها وأبنائها.
قطر من حقها أن تطمح في أن يكون لها موقعاً مميزاً بين دول العالم ودول الإقليم، ولكن لابد من اللعب النظيف خاصة مع إخوتها الكبار.
علمتنا
قطر أنها لديها من الذكاء والدهاء ما تستطيع به أن تلعب بالبيضة والحجر،
وأن تجمع المتناقضات في فضاء الدوحة من غير أن يكون ذلك على حساب أحد،
ولذلك نأمل من الدوحة وهي الآن لم تتصرف برد الفعل ولم تسحب سفرائها من
السعودية والبحرين والإمارات، وكما كانت زيارة الشيح حمد للرياض طاوية لكل
صفحات الخلاف في السعودية، نرجو أن يفعلها الأمير الجديد في قطر.
الخليج هو آخر ما تبقى لنا من أمل عودة هذه الأمة، نرجو ألا نُفجع فيه كما فُجعنا في بقية الدول العربية.
التغييرات
التي حدثت في السودان مؤخراً سواءً كان على الصعيد الداخلي، أو بالزيارة
التي قام بها وزير الدفاع ووزير الخارجية لمصر، تجعلنا مؤهلين أكثر من
غيرنا لمحاولة حلحلة الأمر في الخليج، مهما كان رأي البعض في الخليج فينا.
فكما فعلها السودان في العام 1967م، وجمعت الخرطوم الملك فيصل وجمال عبد الناصر، نأمل أن تفعلها الخرطوم الآن.
Email: khalid-hussain-52@hotmail.co.uk
حركة درامية غير مسبوقة وغير مألوفة في المسرح السياسي الخليجي، حيث
أُزيحت الستارة بطريقة لا تتناسب ولا تشبه الأخراج المسرحي السياسي
الخليجي، حيث قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من دولة قطر
ببيان مشترك موضحاً الأسباب التي دعت إلى ذلك.
السعودية هي الدولة
الأولى والعظمى في الخليج، وحولها تدور بقية الإمارات والسلطنات، وكان
الوقار وحكمة (شيوخ العرب) السعوديين هي التي تسم التصرفات والعلاقات بين
المكونات الخليجية. هذا الوقار والحكمة هو الذي يبقى كل الخلافات التي تنشأ
بين المكونات الإماراتية والملوكية داخل البيت الخريجي والأسرة الخليجية
بعيداً عن الإعلام والغير. ولكن الذي حدث كان خروجاً عن المألوف، حيث كانت
تتم معالجة الأزمات بالحلول التوفيقية بعيداً عن العقوبات، وبعيداً عن
المفردات الدبلوماسية التي تستخدم بين الدول غير الخليجية، كعبارات (سحب
السفراء، وإستدعاء السفراء)، وغيرها.
الأمر بالنسبة لي وبالنسبة إلى
الذين يحملون هم الأمة العربية والإسلامية كان صادماً، حيث كانت تمثل
منطقة الخليج الأمل الذي بقي في لملمة الصف العربي والإسلامي بعد ما تداعت
الأمم على الأطراف كتداعي الأكلة على قصعتها، وتم إشعال الحريق في كافة
مكونات الدول العربية في مصر، تونس، ليبيا، المغرب، الجزائر، اليمن، سوريا،
السودان، موريتانيا ولم يبق إلا الخليج الأمل.
نحن في السودان
يهمنا كل الخليج، تهمنا السعودية، وتهمنا قطر، وتهمنا الإمارات، والبحرين
وسلطنة عمان والكويت. لذلك تناولنا للموضوع يكون طابعه الحرص على وحدة
الخليج الأمل، وليس كتناول الآخرين الذين يصبُّون الزيت على النار لزيادة
الحريق، وليس فيه إنحيازاً لأحد، لذلك سوف يكون تناولنا موضوعياً رغبةً في
الإصلاح ومساهمةً في عدم زيادة الفتق المؤلم الذي حدث، وإذا لم يتم تداركه
سوف تكون نتيجته كارثية تقضي على الرمز الذي بقي في وحدة الأمة.
وإذا
كان الذي حدث هو إنكاسات لثورة الربيع العربي فقد واجهت دول الخليج وخاصة
المملكة العربية السعودية تهديداً ربما يكون أشد وأقوى من الذي حدث، ولكن
صمدت دول الخليج وتمت معالجة الأمر بالطريقة (السعودية)، أي بعيداً عن
الإعلام. فقد كان التهديد على أشده وإستهدف الخليج والسعودية بصورة خاصة في
فترة الستينات من القرن العشرين، أثناء فترة المد الثوري العربي بقيادة
جمال عبد الناصر، الذي ربما وصل للتدافع بالسلاح، ولكن كان على غير الأرض
السعودية والمصرية، حيث كانت المواجهة على أرض اليمن. وعلى الرغم من ذلك
كان التصالح على أيدي الخرطوم عندما إستطاعت أن تجمع بين الملك فيصل
والرئيس عبد الناصر في مؤتمر قمة اللاءات الثلاث في الخرطوم، وتم التصالح
بينهما. ثم تعرض الخليج والسعودية لهجمة مماثلة بعد قيام الثورة الإيرانية
1979م ومحاولة إيران تصدير الثورة، وتمت المواجهة بين الإيرانيين
والسعوديين في الحج، وعلى الرغم من تجاوز كثير من خلافات مع إيران، إلا أنه
بقي منها الكثير.
ونلاحظ هنا التهديد كان من خارج الخليج، كما
نلاحظ أن الخارج قد مارس أفعالاً بهدف زعزعة الحكم في الخليج، كحرب عبد
الناصر في اليمن وحركة الحجاج الإيرانيين أثناء موسم الحج، مع ملاحظة أن
ثورات الربيع العربي هي ثورات شعوب ليست لها قيادة، لذلك لم يكن الإتهام
لدولة أو زعامة بأنها تهدف إلى زعزعة الحكم في الخليج.
ولكن ربما
تأتي بعضاً من الإجابة هنا، ويأتي المبرر على الأقل لدول الخليج بقيادة
السعودية بسحب سفرائها من الدوحة، وذلك لإتهام السعودية لقطر لإرتباطها
بحركات الربيع العربي. ويكون الجديد في الأمر أن التهديد هذه المرة يأتي من
الداخل بواسطة عضو من أعضاء الخليج هو قطر.
ولكن الخلافات مع قطر
لم تكن وليدة اليوم، وهي ترجع للعام 1977م عندما أصبح الشيخ حمد ولياً
للعهد في قطر ووزيراً للدفاع، والذي كانت لديه نزعة إستقلالية عن الطوع
السعودي، وقد تطلع لأن تلعب قطر دوراً قيادياً على المستوى الإقليمي
والدولي. وكانت حرب الخليج الأولى في العام 1990م بداية الخروج القطري
الواضح من السلطان السعودي، حيث أقامت قطر تحالفاً مع أمريكا وأنشأت بموجب
ذلك إتفاقية حماية أمريكية لقطر تم بموجبها إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في
قطر. وبذلك إستغنت قطر عن حماية درع الجزيرة الذي يتكون غالبيته من الجيش
السعودي. وفي العام 1992م قُتِل أثنان من حرس الحدود القطريين في إشتباك
على الحدود مع القوات السعودية. وبعد إنقلاب الشيخ حمد على والده في العام
1995م كانت السعودية تستقبل الشيخ الكبير في السعودية إستقبال أمير وتفرش
له البسط الحمراء. وإتهمت قطر السعودية بدعمها للإنقلاب في العام 1996م
لإعادة الوالد للحكم في قطر. كما أقامت قطر شبكة من الحلفاء معظمهم على
خلاف مع السعودية، مثل إيران وسوريا وحماس وحزب الله وليبيا، هذا إضافةً
لقناة الجزيرة التي أفسحت المجال لعدد كبير من المعارضين للنظام الملكي في
السعودية. هذا إضافةً لإنتهاج قطر سياسة نشطة على المستوى الإقليمي والدولي
في مساحات تعتبرها السعودية هي خاصة بها في الخليج، حيث أقامت قطر علاقات
متميزة مع أمريكا وإسرائيل، ولعبت دور الوسيط الناجح في عدد من الدول
كالسودان واليمن ولبنان وإثيوبيا وفلسطين والصحراء الغربية.
كل ذلك
كان موجوداً وأكثر منه، ولكن التعامل معه كان من الجانب السعودي بالوقار
السياسي والحكمة السعودية المعهودة، ومن جانب قطر كان يتم التعامل وفق
الطريقة القطرية التي إستطاعت أن تجمع بين الأضداد، وأن تلعب دور البيضة
والحجر، فكانت الزيارة التي قام بها الأمير القطري الشيح حمد قبل الربيع
العربي بسنوات قليلة حلحلت كثير من القضايا وتحسنت العلاقات بين الدولتين
حتى قبل قيام الربيع العربي.
مع إنطلاقة الربيع العربي خرجت
السعودية عن النمط الذي كان يميز سياستها الخارجية، فكانت السعودية قبل
الربيع العربي قلما تدخل في صراع مباشر بينها وبين قوى أخرى وعلى المكشوف،
فتدخلت السعودية بصورة مباشرة في الصراع الدائر في اليمن بين علي صالح
والثوار، كما دخلت كذلك في ليبيا داعمةً للسلفيين بالسلاح والمال حتى تمت
الإطاحة بالقذافي، وفي مصر بعد فوز مرسي بالحكم دعمت السعودية المعارضة
المصرية حتى أطاحت بمرسي، ثم دعمت السعودية السلفيين ضد بشار في سوريا
ومازالت.
هنا حدث التقاطع وربما الموجهة بين السعودية وقطر.
السعودية عادت لللعب في مساحة تعتقد بأنها هي المؤهلة مساحةً وسكاناً
ومالاً لأن تكون هي القوى العظمى في الخليج، وعادت لتلعب دوراً كانت لا
ترغب الدخول فيه فملأته قطر، ولكن بغير ما يرضي السعودية. فكانت المواجهة
في اليمن، وعندما شعرت قطر بأن السعودية تريد إستخدامها باصماً في المبادرة
الخليجية إنسحبت قطر من المبادرة الخليجية، ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تدعم
القوى التي لا تجعل السعودية تنجح في تعاملها مع القضية اليمنية، فدعمت قطر
الحوثيين ودعمت الإخوان والأحزاب ذات الميول الإخوانية. وفي مصر كانت قطر
تدعم مرسي وعندما تمت الإطاحة به بدعم سعودي، لم تتوقف قطر بل أصبحت الداعم
لقوى الشرعية. وفي ليبيا دعمت قطر الإخوان أو القوى الإسلامية ذات الميول
الإخوانية، ولذلك يفسر عدم الإستقرار الحادث الآن في ليبيا هو صراع بين
الدعم السعودي للسلفيين والدعم القطري للإخوان. وكذلك الأمر في سوريا حيث
دعمت قطر الإخوان ودعمت السعودية السلفيين، والآن الصراع الدائر بين قوى
المعارضة هو في الحقيقة صراع بين من تدعمه قطر ومن تدعمه السعودية.
وعلى
هذه الخلفية في المواجهة السعودية القطرية جاءت الخطوة السعودية بسحب
السفراء من قطر، وهو خروجاً على نص السلوك السعودي المألوف، ولكنه يتسق مع
السلوك السعودي الأخير في تعاملها مع الثورات العربية.
إذن كانت
المواجهة السعودية القطرية إحدى إفرازات الربيع العربي، وإذا كان الربيع
العربي هو حركة شعوب بلا قيادة، فلماذا تحمل قطر وزر حركة الشعوب؟، الإجابة
على هذا السؤال تبدو واضحة، وحتى قطر لا تنكرها، فقد كانت قطر الداعمة
لحركات الربيع العربي، ومهما فُهمت بأنها حركة شعوب لا تستطيع أي جهة
الإدعاء بأنها كانت وراءها، إلا أنها يمكن أن تُفهم وهي بالفعل عمل على
الإطاحة بالحكام الذين كانوا في تلك الدول، ولذلك كان هناك قلق كبير في
الخليج من إنتقال ثورات الربيع العربي إليه، وفعلاً بدأت الحركة في
البحرين، وشهدت بعض المناطق في السعودية خاصة شرقها تفاعل مشابه لما حدث في
البحرين وإن كانت محدودة.
في تقديري أن ذلك كله ما كان يمكن أن
يخرج السعودية عن طورها، فقد واجهت السعودية أقوى من ذلك كما ذكرنا في
الستينات وبداية الثمانينات، ولكن إرتبط حركة الربيع العربي والدعم القطري
للثورات بتسريبات نُسبت لوزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم عن وجود
خطة لتغيير النظام السعودي، وأن أمريكا جزء من هذه التسريبات، إلا أنها
تحفظت عليها خوفاً من البديل، هذا مع وجود معلومات في الإمارات عن الدعم
القطري للإخوان في الإمارات لتغيير نظام الحكم هناك كذلك. هذا مرتبطاً بدعم
أمريكا للثورة في مصر وتخليها عن حليف ما كان في المتخيل السعودي أن يحدث.
الأمر الذي جعل السعودية تدعو دول الخليج إلى قمة عاجلة في الرياض للتشاور
على ما يجب فعله. وكان هذا هو نفطة البداية في الخروج السعودي على ما كان
مألوفاً ومتوقعاً منها في علاقاتها الخارجية.
الآن نستطيع أن نقول
أننا وجدنا بعض الإجابة، وليست كل الإجابة، تفسيراً للذي حدث والذي أجبر
المملكة العربية السعودية على السلوك الذي لا يشبهها، ولكن هناك كثير من
الأسئلة لابد من الإجابة عليها لفهم أو لمعرفة كل الأسباب التي جعلت
المملكة العربية السعودية تتصرف هذا التصرف.
ولكن مهما يكن من أمر
فإنه لا يستطيع أحد أن يزايد على المملكة العربية السعودية تاريخاً
ومستقبلاً. وهذه المكانة التي في قلوبنا للمملكة العربية السعودية هي التي
تجعلنا نطلب منها أن تتحمل أكثر مما تحملت، وإذا عيل الصبر نطلب منها أن
(تصبر زيادة)، فقد عودتنا الحكمة السعودية على ذلك، وعودتنا أن تتحمل أذى
العاقين من أبناء الأمة الإسلامية والعربية.
السعودية من حقها أن تعود لملعب هو ملكها، ولكن زهدها و(حكمتها) جعلها تفسح المجال للأقل منها شأناً من أخواتها وأبنائها.
قطر من حقها أن تطمح في أن يكون لها موقعاً مميزاً بين دول العالم ودول الإقليم، ولكن لابد من اللعب النظيف خاصة مع إخوتها الكبار.
علمتنا
قطر أنها لديها من الذكاء والدهاء ما تستطيع به أن تلعب بالبيضة والحجر،
وأن تجمع المتناقضات في فضاء الدوحة من غير أن يكون ذلك على حساب أحد،
ولذلك نأمل من الدوحة وهي الآن لم تتصرف برد الفعل ولم تسحب سفرائها من
السعودية والبحرين والإمارات، وكما كانت زيارة الشيح حمد للرياض طاوية لكل
صفحات الخلاف في السعودية، نرجو أن يفعلها الأمير الجديد في قطر.
الخليج هو آخر ما تبقى لنا من أمل عودة هذه الأمة، نرجو ألا نُفجع فيه كما فُجعنا في بقية الدول العربية.
التغييرات
التي حدثت في السودان مؤخراً سواءً كان على الصعيد الداخلي، أو بالزيارة
التي قام بها وزير الدفاع ووزير الخارجية لمصر، تجعلنا مؤهلين أكثر من
غيرنا لمحاولة حلحلة الأمر في الخليج، مهما كان رأي البعض في الخليج فينا.
فكما فعلها السودان في العام 1967م، وجمعت الخرطوم الملك فيصل وجمال عبد الناصر، نأمل أن تفعلها الخرطوم الآن.
Email: khalid-hussain-52@hotmail.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق