قصة قصيرة ..«القراصة بالكمونية» - روان للإنتاج الإعلامي والفني
توجه إلى بائعة الشاي وطلب لنفسه فنجاناً من القهوة لكنه لم يستطع
إحتسائه؛ لأن المرأة وضعت فيه ثلاث ملاعق ونصف من السكر أغلب الظن كانت
تريد أن تكون كريمة معه بعد أن أعتقدت أنه من مفتشي السوق لكنه اعتذر لها
عن شرب القهوة لأنه مصاب بمرض السكري منذ ثلاث سنوات وقد حرمه الأطباء من
كل شيء حلو.. وقبلت المرأة العذر لكنها قدمت إليه آخر خال من السكر رافضة
قيمته وبعد احتساء الشاي ذهب إلى محل للأعمال الخشبية واستعار منه بعض
الأعمدة الخشبية لزوم استخدامها في تثبيت اليافطة التي كانت تحمل عبارة
«نزن الأشاء في مواجهة الغلاء» ثم سحب كرسياً حديدياً وصعد إليه وانطلق
ينادي بأعلى صوته:
يا
ناس.. يا أخوانا.. يا عباد الله.. تعالوا لنزن الأشياء في مواجهة الغلاء،
وصل صوته إلى أسماع المارة الذي توافدوا إليه من كل اتجاه.. وعلى مقربة منه
توقفت حافلة وترجل عنها جميع ركابها عدا امرأة كانت ترتدي ثوب «أبوقجيجة»
أبيض وكانت تلح على السائق توصيلها إلى السوق لأن ابنتها «فتحية» ولدت
وتركت معها مجموعة من النساء ترغب في العودة إليهن سريعاً بالخضار واللحم
لتجهيز الفطور مبكرًا لكن السائق رد عليها بصوت صارم
ـ
يا حاجة الحكاية شنو.. أبو النظارة السوداء قال ليكم عنده أشياء تحميكم
من الغلاء! يعني باختصار شديد هو داير يحميكم من جشع التجار؟
ـ هو أبو نظارة سوداء قال بوزن الخضار واللحم والزيت والبصل، الزول ده بوزن كل الأشياء أكان صبرتم عليه
ـ لكن كيس الملاح نسيتو في البيت أسوي شنو حسع؟
ـ
يا حاجة ما تستعجلي لمن أبو نظارة سوداء يوزن ليك يحلها ربك، بارك الله
فيه أكان كده انتظروني أنزل معاكم.. قالتها وهي تسحب كيسها من تحت المقعد
ولدى نزولها من الحافلة اتجهت إلى ركن بعيد عن الرجال.
توسعت
دائرة الحضور رويدا رويدا وهو ما دفع أبو نظارة سوداء إلى التوقف عن
مناداة الناس لكن في هذه الأثناء احتدم نقاش بين الحاضرين.. نقاش بصوت
مرتفع كان يدور حول مشكلة الغلاء وأكد خلاله كل واحد منهم معرفته بأسباب
المشكلة.. وأيضاً طرق حلها لكن كل واحد منهم كان يجزم بأن رأيه هو الصحيح
مما خلق نوعاً من الهرج وفي هذه الأثناء كانت المرأة صاحبة ثوب أبوقجيجة
الأبيض صامتة وأغلب الظن كان تفكيرها منصباً على مشكلة واحدة هي كيس
الملاح.
وبينما كان النقاش محتدماً صاح شاب كان يحمي نفسه من حرارة الشمس بصحيفة يومية قائلاً:
ـ يا زول.. أقصدك أنت يا أبو نظارة سوداء.. من فضلك قول لينا ما عندك وخلصنا نحن ورانا «انترفيو»
ورد عليه شخص منهك البدن وهو يدخن سيجارة
ـ صبرك عليه يا ابن العم كل شيء يجيء بالهداوة والنفس البارد وكل واحد منكم بيأخذ نصيبه.
لكن الشاب لم يعجبه الكلام فغادر المكان
وانتهزت
المرأة صاحبة ثوب أبو قجيجة الأبيض الفرصة لتقول: من فضلكم يا رجال
استعجلوا شوية عشان بنتي «فتحية» ولدت وخليت معاها ضيوف دايرة أرجع بدري
بالخضار واللحم والرغيف والبصل.
وصاح
ميكانيكي يرتدي قميصاً مهترئاً أخفت زيوت العربات ألوانه: من فضلكم
ياجماعة خلونا نتفق مع صاحبنا أبو نظارة سوداء على أن تكون البداية بوزن
الدقيق لأنه شيء ضروري للقراصة.. أيوه القراصة الله ما يحرمكم منها هي
الشايلة أهلنا من الجوع.. وبعدين ملاحها ساهل ممكن الواحد يأكلها
بالكمونية.. شنو رأيكم؟.
وقال
شخص آخر وهو يثبت نظارة بعدسات سميكة على عينيه ـ يازول إنت جوعتنا بكلامك
ده لكن أحسن نبدأ بوزن الخضار لأنه قبل ما أجيكم هنا مشيت السوق لقيت
الأسعار نار الله الموقدة كل يوم زايده لكن الشيء المحيرني هو شكل
الخضارتغير مثلا حبة البطاطس زي حبة الأدول والطماطم الواحدة بقت أشكال
وألوان تشبه قميص هيثم ود الجيران وقرن العجور بعد ما كان يكفي البيت
والجيران تعالوا شفوه اليوم بقى قرن صغير لو بلعته ما يخنقك والبصلة
لوعصرتها في عينك ما تنزل منها دمعة.. لكن الغريب العجيب الفجل إذا أكلت
منه قفة كاملة ما تطلع منك ريح.. كدي فهمونا الحاصل لخضار بلدكم شنو؟. وجد
كلامه صدًا طيباً بين الناس الذين انفرجت أساريرهم بابتسامة خفيفة وجففوا
بأياديهم عرقهم المتصبب من وجوههم نتيجة ارتفاع حرارة الشمس وفي اللحظة
التي تهيأ فيها الرجل أبو نظارة سوداء ليتحدث تدخل في الحال شخص أشعث وأخذ
يشرح للناس كيف تسبب الغلاء في طلاق زوجته.
وفجأة انتفضت المرأة صاحبة ثوب أبو قجيجة الأبيض وتحركت إلى الأمام متخطية
صفوف الرجال تريد أن تقول شيئا لكن الرجل أبو نظارة سوداء سبقها إلى
الكلام ـ في البداية نشكركم على حضوركم رغم حرارة الشمس الحارقة وهذا دليل
على اهتمامكم بمسألة الغلاء وطبعاً نحن هنا جئنا لوزن الأشياء في مواجهة
الغلاء جزاك الله خيرًا يا ولدي قالتها المرأة صاحبة ثوب «أبو قجيجة»
وتابع:
من فضلكم يا إخوة ألزموا الهدوء شوية حتى نستعجل وزن الأشياء في مواجهة
الغلاء وإذا كان خير الكلام ما قل ودل فالواحد منكم لا يسرف فمثلاً إذا كان
مجبرًا لحماية نفسه من قرصات البعوض ما يشترى جركانة زيت سمسم كاملة ممكن
يشتري الشيء القليل منه حتى لا يتسبب في حدوث أزمة في الزيت وإذامشينا إلى
الأفران ولم نجد الرغيف أو وجدناه بأسعار غالية الأفضل الامتناع عن الشراء
وعندما نرجع البيت نطلب من أم العيال ترمي القراصة وأنا اتفق مع أخونا بأن
أكلها بالكمونية أفضل شيء وربما يسأل أحدكم يعمل شنو مع أبنائنا جيل
المستقبل وأنا أقول ليه الحل بسيط أجبروهم على شراء حبة نقنوقة واحدة
وأيضاً حبة برجر واحدة. انتابت الناس حالة من الذهول وهم يصغون الى كلامه
وتلفتوا الى بعضهم البعض مستغربين وأخذ كل واحد منهم يهمس للآخر ماذا يقصد
الرجل أبو نظارة سوداء ولكن المتفائلين منهم اعتبروا كلامه مجرد مقدمة لكي
يرضى كل واحد منهم بما يزن له من الأشياء.. وفي هذه الأثناء استمرت المرأة
صاحبة الثوب أبوقجيجة الأبيض تمشي بين الرجال بحذر حتى وجدت نفسها وجهاً
لوجه أمام أبو نظارة سوداء وسكت الجميع احتراماً لها وقالت الرسول يا ولدي
بنتي «فتحية» ولدت أمس ومعاها ضيوف في البيت دايره أرجع ليهم بدري دايراك
توزن لي الأشياء قبل الرجال صاح العديد من الواقفين بشهامة نحن موافقين
توزن للمرأة الأشياء لأنه عندها بنتها فتحية ولدت وكمان عندها ضيوف تطلع
إليهم أبو نظارة سوداء مذهولاً وانتابته حالة من الاستغراب..
أزاح النظارة وأخذ ينظر إليهم بعيون زائغة وحاول أن يقول لهم إنه فاعل خير
جنّد نفسه لنشر ثقافة الاقتصاد الأسري لكنه فشل في ذلك لأن أنفاسه أخذت
تصعد وتهبط بصورة متسارعة وبدأ كما لو أنه يواجه أزمة..
بقلم: سليمان الماحي:
ارتدى
بدلته السفاري ذات اللون الأزرق الفاتح ورش عليها عطرًا أهداه إليه صديقه
العائد للتو من الاغتراب وتأبط يافطة من قماش ملفوفة بورق الجرائد وقبل أن
يغادر منزله وضع على عينيه نظارة سوداء وحين شاهد نفسه في مراة قديمة
موضوعة في شباك الغرفة ابتسم ابتسامة تنم عن الرضا بالنفس ثم غادر منزله
قاصداً الطريق العام وعندما وصل كان محظوظاً إذ وجد «ركشة» ترجل منها للتو
رجل منهك الجسم وعلى وجهه ترتسم علامات التعب ويحمل كيساً به أدوية أغلب
الظن أنه يعاني من مرض السكري وبعد أن صعد هو إلى الركشة قال لسائقها:
ـ إلى السوق من فضلك.. أقصد السوق الكبير
بعد
رحلة استقرقت نصف الساعة وصل إلى هناك وأخذ يبحث عن «كافتيريا الغلابة»
وحين وجدها اتخذ له كرسياً في الهواء الطلق ثم أخذ يتابع حركة الناس الذين
كانوا في عجلة من أمرهم جيئة وذهاباً وتحت شجرة النيم الوارفة القريبة من
الكافتيريا كانت امرأة تبيع الشاي والقهوة وإلى جوارها «زير فخاري» معبأ
بالماء وفوقه قطعة من الكرتون مبتلة أطرافها وعليها عبارة «أشرب ما يروي
عطشك فقط»..
ارتدى
بدلته السفاري ذات اللون الأزرق الفاتح ورش عليها عطرًا أهداه إليه صديقه
العائد للتو من الاغتراب وتأبط يافطة من قماش ملفوفة بورق الجرائد وقبل أن
يغادر منزله وضع على عينيه نظارة سوداء وحين شاهد نفسه في مراة قديمة
موضوعة في شباك الغرفة ابتسم ابتسامة تنم عن الرضا بالنفس ثم غادر منزله
قاصداً الطريق العام وعندما وصل كان محظوظاً إذ وجد «ركشة» ترجل منها للتو
رجل منهك الجسم وعلى وجهه ترتسم علامات التعب ويحمل كيساً به أدوية أغلب
الظن أنه يعاني من مرض السكري وبعد أن صعد هو إلى الركشة قال لسائقها:
ـ إلى السوق من فضلك.. أقصد السوق الكبير
بعد
رحلة استقرقت نصف الساعة وصل إلى هناك وأخذ يبحث عن «كافتيريا الغلابة»
وحين وجدها اتخذ له كرسياً في الهواء الطلق ثم أخذ يتابع حركة الناس الذين
كانوا في عجلة من أمرهم جيئة وذهاباً وتحت شجرة النيم الوارفة القريبة من
الكافتيريا كانت امرأة تبيع الشاي والقهوة وإلى جوارها «زير فخاري» معبأ
بالماء وفوقه قطعة من الكرتون مبتلة أطرافها وعليها عبارة «أشرب ما يروي
عطشك فقط»..
توجه إلى بائعة الشاي وطلب لنفسه فنجاناً من القهوة لكنه لم يستطع
إحتسائه؛ لأن المرأة وضعت فيه ثلاث ملاعق ونصف من السكر أغلب الظن كانت
تريد أن تكون كريمة معه بعد أن أعتقدت أنه من مفتشي السوق لكنه اعتذر لها
عن شرب القهوة لأنه مصاب بمرض السكري منذ ثلاث سنوات وقد حرمه الأطباء من
كل شيء حلو.. وقبلت المرأة العذر لكنها قدمت إليه آخر خال من السكر رافضة
قيمته وبعد احتساء الشاي ذهب إلى محل للأعمال الخشبية واستعار منه بعض
الأعمدة الخشبية لزوم استخدامها في تثبيت اليافطة التي كانت تحمل عبارة
«نزن الأشاء في مواجهة الغلاء» ثم سحب كرسياً حديدياً وصعد إليه وانطلق
ينادي بأعلى صوته:
يا
ناس.. يا أخوانا.. يا عباد الله.. تعالوا لنزن الأشياء في مواجهة الغلاء،
وصل صوته إلى أسماع المارة الذي توافدوا إليه من كل اتجاه.. وعلى مقربة منه
توقفت حافلة وترجل عنها جميع ركابها عدا امرأة كانت ترتدي ثوب «أبوقجيجة»
أبيض وكانت تلح على السائق توصيلها إلى السوق لأن ابنتها «فتحية» ولدت
وتركت معها مجموعة من النساء ترغب في العودة إليهن سريعاً بالخضار واللحم
لتجهيز الفطور مبكرًا لكن السائق رد عليها بصوت صارم
ـ
يا حاجة الحكاية شنو.. أبو النظارة السوداء قال ليكم عنده أشياء تحميكم
من الغلاء! يعني باختصار شديد هو داير يحميكم من جشع التجار؟
ـ هو أبو نظارة سوداء قال بوزن الخضار واللحم والزيت والبصل، الزول ده بوزن كل الأشياء أكان صبرتم عليه
ـ لكن كيس الملاح نسيتو في البيت أسوي شنو حسع؟
ـ
يا حاجة ما تستعجلي لمن أبو نظارة سوداء يوزن ليك يحلها ربك، بارك الله
فيه أكان كده انتظروني أنزل معاكم.. قالتها وهي تسحب كيسها من تحت المقعد
ولدى نزولها من الحافلة اتجهت إلى ركن بعيد عن الرجال.
توسعت
دائرة الحضور رويدا رويدا وهو ما دفع أبو نظارة سوداء إلى التوقف عن
مناداة الناس لكن في هذه الأثناء احتدم نقاش بين الحاضرين.. نقاش بصوت
مرتفع كان يدور حول مشكلة الغلاء وأكد خلاله كل واحد منهم معرفته بأسباب
المشكلة.. وأيضاً طرق حلها لكن كل واحد منهم كان يجزم بأن رأيه هو الصحيح
مما خلق نوعاً من الهرج وفي هذه الأثناء كانت المرأة صاحبة ثوب أبوقجيجة
الأبيض صامتة وأغلب الظن كان تفكيرها منصباً على مشكلة واحدة هي كيس
الملاح.
وبينما كان النقاش محتدماً صاح شاب كان يحمي نفسه من حرارة الشمس بصحيفة يومية قائلاً:
ـ يا زول.. أقصدك أنت يا أبو نظارة سوداء.. من فضلك قول لينا ما عندك وخلصنا نحن ورانا «انترفيو»
ورد عليه شخص منهك البدن وهو يدخن سيجارة
ـ صبرك عليه يا ابن العم كل شيء يجيء بالهداوة والنفس البارد وكل واحد منكم بيأخذ نصيبه.
لكن الشاب لم يعجبه الكلام فغادر المكان
وانتهزت
المرأة صاحبة ثوب أبو قجيجة الأبيض الفرصة لتقول: من فضلكم يا رجال
استعجلوا شوية عشان بنتي «فتحية» ولدت وخليت معاها ضيوف دايرة أرجع بدري
بالخضار واللحم والرغيف والبصل.
وصاح
ميكانيكي يرتدي قميصاً مهترئاً أخفت زيوت العربات ألوانه: من فضلكم
ياجماعة خلونا نتفق مع صاحبنا أبو نظارة سوداء على أن تكون البداية بوزن
الدقيق لأنه شيء ضروري للقراصة.. أيوه القراصة الله ما يحرمكم منها هي
الشايلة أهلنا من الجوع.. وبعدين ملاحها ساهل ممكن الواحد يأكلها
بالكمونية.. شنو رأيكم؟.
وقال
شخص آخر وهو يثبت نظارة بعدسات سميكة على عينيه ـ يازول إنت جوعتنا بكلامك
ده لكن أحسن نبدأ بوزن الخضار لأنه قبل ما أجيكم هنا مشيت السوق لقيت
الأسعار نار الله الموقدة كل يوم زايده لكن الشيء المحيرني هو شكل
الخضارتغير مثلا حبة البطاطس زي حبة الأدول والطماطم الواحدة بقت أشكال
وألوان تشبه قميص هيثم ود الجيران وقرن العجور بعد ما كان يكفي البيت
والجيران تعالوا شفوه اليوم بقى قرن صغير لو بلعته ما يخنقك والبصلة
لوعصرتها في عينك ما تنزل منها دمعة.. لكن الغريب العجيب الفجل إذا أكلت
منه قفة كاملة ما تطلع منك ريح.. كدي فهمونا الحاصل لخضار بلدكم شنو؟. وجد
كلامه صدًا طيباً بين الناس الذين انفرجت أساريرهم بابتسامة خفيفة وجففوا
بأياديهم عرقهم المتصبب من وجوههم نتيجة ارتفاع حرارة الشمس وفي اللحظة
التي تهيأ فيها الرجل أبو نظارة سوداء ليتحدث تدخل في الحال شخص أشعث وأخذ
يشرح للناس كيف تسبب الغلاء في طلاق زوجته.
وفجأة انتفضت المرأة صاحبة ثوب أبو قجيجة الأبيض وتحركت إلى الأمام متخطية
صفوف الرجال تريد أن تقول شيئا لكن الرجل أبو نظارة سوداء سبقها إلى
الكلام ـ في البداية نشكركم على حضوركم رغم حرارة الشمس الحارقة وهذا دليل
على اهتمامكم بمسألة الغلاء وطبعاً نحن هنا جئنا لوزن الأشياء في مواجهة
الغلاء جزاك الله خيرًا يا ولدي قالتها المرأة صاحبة ثوب «أبو قجيجة»
وتابع:
من فضلكم يا إخوة ألزموا الهدوء شوية حتى نستعجل وزن الأشياء في مواجهة
الغلاء وإذا كان خير الكلام ما قل ودل فالواحد منكم لا يسرف فمثلاً إذا كان
مجبرًا لحماية نفسه من قرصات البعوض ما يشترى جركانة زيت سمسم كاملة ممكن
يشتري الشيء القليل منه حتى لا يتسبب في حدوث أزمة في الزيت وإذامشينا إلى
الأفران ولم نجد الرغيف أو وجدناه بأسعار غالية الأفضل الامتناع عن الشراء
وعندما نرجع البيت نطلب من أم العيال ترمي القراصة وأنا اتفق مع أخونا بأن
أكلها بالكمونية أفضل شيء وربما يسأل أحدكم يعمل شنو مع أبنائنا جيل
المستقبل وأنا أقول ليه الحل بسيط أجبروهم على شراء حبة نقنوقة واحدة
وأيضاً حبة برجر واحدة. انتابت الناس حالة من الذهول وهم يصغون الى كلامه
وتلفتوا الى بعضهم البعض مستغربين وأخذ كل واحد منهم يهمس للآخر ماذا يقصد
الرجل أبو نظارة سوداء ولكن المتفائلين منهم اعتبروا كلامه مجرد مقدمة لكي
يرضى كل واحد منهم بما يزن له من الأشياء.. وفي هذه الأثناء استمرت المرأة
صاحبة الثوب أبوقجيجة الأبيض تمشي بين الرجال بحذر حتى وجدت نفسها وجهاً
لوجه أمام أبو نظارة سوداء وسكت الجميع احتراماً لها وقالت الرسول يا ولدي
بنتي «فتحية» ولدت أمس ومعاها ضيوف في البيت دايره أرجع ليهم بدري دايراك
توزن لي الأشياء قبل الرجال صاح العديد من الواقفين بشهامة نحن موافقين
توزن للمرأة الأشياء لأنه عندها بنتها فتحية ولدت وكمان عندها ضيوف تطلع
إليهم أبو نظارة سوداء مذهولاً وانتابته حالة من الاستغراب..
أزاح النظارة وأخذ ينظر إليهم بعيون زائغة وحاول أن يقول لهم إنه فاعل خير
جنّد نفسه لنشر ثقافة الاقتصاد الأسري لكنه فشل في ذلك لأن أنفاسه أخذت
تصعد وتهبط بصورة متسارعة وبدأ كما لو أنه يواجه أزمة..
هي
أزمة حقيقية حين أدرك أن الجمهور فهم عنوان جهوده خطأ.. لقد وجد نفسه في
مأزق لا يحسد عليه وأخذ يستجمع قواه الجسمانية والعلقية باحثاً عن الكيفية
التي تمكنه الخروج من ذلك المأزق ولكنه شعر بأن الدنيا تدور به وبمن معه
فسقط على الأرض كما لو كان يواجه معضلة صحية طارئة.
أزمة حقيقية حين أدرك أن الجمهور فهم عنوان جهوده خطأ.. لقد وجد نفسه في
مأزق لا يحسد عليه وأخذ يستجمع قواه الجسمانية والعلقية باحثاً عن الكيفية
التي تمكنه الخروج من ذلك المأزق ولكنه شعر بأن الدنيا تدور به وبمن معه
فسقط على الأرض كما لو كان يواجه معضلة صحية طارئة.
المصدر : الانتباهة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق