الثلاثاء، 13 مايو 2014

المواريث وادعاءات تحرير المرأة «1»..وقيع الله حمودة شطة - روان للإنتاج الإعلامي والفني

المواريث وادعاءات تحرير المرأة «1»..وقيع الله حمودة شطة - روان للإنتاج الإعلامي والفني



المواريث
من النظم الاقتصادية والاجتماعية التي تفرد بها الإسلام، ومن خلالها حقق
الإسلام مفهوم العدالة الاجتماعية، حيث نظر الاسلام إلى الانسان بغض النظر
عن كونه ذكراً أو أنثى عاقلاً كان أو غير عاقل، صبياً كان أو راشداً، من
حيث القيمة الإنسانية باعتباره خُلق مكرماً ومفضلاً على سائر خلق الله،
خلافاً للنظريات الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية التي لا تنظر إلى
الإنسان إلاّ من حيث قيمته الانتاجية التي تميزه عن غيره.

وفي
ضوء هذه النظريات الوضعية المادية عانت المرأة معاناة شديدة من ضروب شتى..
من ضروب القهر والاضطهاد ومصادرة حقوقها المعنوية والمادية، حيث منع العرب
في الجاهلية قبل الإسلام المرأة والطفل من الميراث بدعاوى مختلفة، منها أن
المرأة لا تركب فرساً تقاتل، وأنها لا تحوز الغنيمة، وأنها لا تحمل كلاً،
لكنها تجلب العار لأسرتها، ولذلك منعت من الميراث، وفي أحياناً كثيرة وُئدت
«قُتلت»، وكذلك منعوا الطفل لاعتبار انه لا يغني من الحق شيئاً، فكان لا
يرث في تلك البيئة إلاّ الكبار.

وكانت
المرأة عند اليونان «الأغريق» رغم ازدهار حضارتهم تعد من المخلوقات
المنحطة، ولذلك كانوا يرون لا فائدة منها سوى دوام «النسل» وتدبير شؤون
المنزل، وكانت المرأة الولود عندهم تؤخذ من زوجها على سبيل الاعارة لتلد
للوطن أولاداً من رجل آخر!!، وكان فيلسوفهم «أرسطو» ينظر إلى المرأة نظرته
إلى العبيد!! واتخذوا «افروديت» وهي امرأة: «إلهة» لهم وهي زوجة إلههم الذي
صوروه، وهو يزني ويسرق ويشرب الخمر، وكان في اعتقادهم ان «أفروديت» عاشرت
ثلاثة آلهة آخرين ورجلاً من عامة الشعب ونتيجة لذلك ولدت «كيوبيد» الذي
عندهم «إله الحُبّ».

والرومان
الذين ورثوا حضارة «الأغريق» سنة «31ق. م» كانت تعد المرأة عندهم متاعاً
مملوكاً للرجال، وقال إفلاطون فيلسوفهم في كتابه الجمهورية «شجاعة المرأة
في تأدية الأعمال الوضيعة صمت متواضع، وهذا هو شرف المرأة»!! أما سقراط
فيلسوفهم الآخر فكان يرى أن من صفات الصديق الوفي أن يبر اصدقاءه فيعيرهم
زوجته «لبعض الليالي!! وأما خطيب اليونان الشهير «ديموستين» كان يقول في
بعض كتبه «إننا نتخذ الخليلات للعناية بصحة اجسامنا اليومية، ونتخذ الزوجات
ليلدن لنا الأبناء الشرعيين، ونتخذ العاهرات للّذة»!! وكان الفلاسفة
يتجادلون في مسألة هل للمرأة روح أو ليست لها روح؟ وإن كانت لها روح هل هذه
الروح إنسانية أم حيوانية؟ وهل هي بالنسبة للرجال رقيق أم أرفع من
الرقيق؟!!

وقرر
اجتماع مجمع روما للبحث في شؤون المرأة «أن المرأة كائن لا نفس له، وأنها
لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس، ويجب ألاّ تأكل اللحم، وألاّ تضحك،
وألاّ تتكلم، وعليها أن تمضي جميع أوقاتها في الخدمة والخضوع»، انظر موسوعة
المرأة المسلمة.. الحقوق العامة للمرأة، الجزء الأول تأليف صلاح عبد الغني
محمد.. مكتبة الدار العربية للكتب الطبعة الأولى 1998م صفحة «35 ــ 48»..
وكانت أسباب الحجر وعدم الاهلية في القانون الروماني ثلاثة أسباب هي
«الصِغر والجنون، والأنوثة.. نعم نكرر الأنوثة!!

وكانت
المرأة عند الهنود ـ كما جاءت في شرائع «مانو» إله الهند «إن الوباء
والموت والجحيم والسُّم والأفاعي والنار خيرٌ من المرأة»، وجاء فيها ـ
أيضاً ـ «وتحرم من الملكية والإرث» وجاء فيها ــ أيضاً ــ «على المرأة أن
تخاطب زوجها في خشوع قائلة: يا إلهي! وتمشي خلفه بمسافة، ولا تتكلم معه،
ولا تأكل معه، بل تأكل مما تبقى من «طعامه» وجاء في شرائع «مانو» ـ أيضاً ـ
أن «مانو» عندما خلق النساء فرض عليهن حبّ الفراش والشهوات الدنسة والغضب
والتجرد من الشرف وسوء السلوك، فالنساء دنسات كالباطل نفسه، وهذه قاعدة
ثابتة»!! وإلى عهد قريب كانت بعض الديانات «الهندوكية» تحكم على المرأة أن
تحرق نفسها سوياً مع زوجها إذا مات في النيران التي تحرق بها جثة زوجها،
فإذا أبت المرأة وقررت أن تعيش بعد زوجها المتوفي، فعليها أن تحلق شعرها
وتشوّه وجهها بجدع أنفها «قطعها»، وأن تصم اذنها حتى يُضمن لها إلاّ ينظر
الرجال إليها بعد زوجها المتوفي، وقد منعتهم الحكومات المسلمة من ذلك
أخيراً.

وفي
ديانة اليهود أن «المرأة هي السبب في خطيئة آدم وإغوائه وإخراجه من
الجنة»!! وإذا توفي يهودي دون ان ينجب اولاداً ذكوراً تصبح أرملته زوجة
مباشرة لشقيقه او أخية لأبيه، رضيت بذلك أو كرهت!!

وفي
الديانة المسيحية في الغرب يرى «ترترليان» وهو أحد اقطاب المسيحية، واحد
ائمتها الاوائل في كتابه «وصف المرأة» يقول: «إنها مدخل الشيطان إلى نفس
الإنسان، وأنها باب الشيطان، لأنها أفسدت آدم.. فهي الخطيئة مجسمة، وهي باب
للجحيم، ويجب أن نعلن المرأة لأنها سبب الغواية».

هذه
هي مكانة المرأة في نظر تلك الشعوب والأمم التي تتحدث اليوم عن دعوة
زائفة تسمى «دعوة تحرير المرأة»..!! تحرير المرأة من ماذا؟ من ظلمهم لها
واضطهادهم الذي رأيناه آنفاً، إنها دعوة لا يمكن ان تنطلي على أحد إلاّ على
جاهل لا يعرف طريقاً إلى بطون الكتب والبحث والاطلاع والقراءة المستمرة،
أو على أمي لا يعلم الكتاب إلاّ أماني وهو خارصٌ.. أو على علماني أو شيوعي
حقود يبدل الحقائق ويفتري على الله الكذب، أو على رعاع تُبع يرددون دعوة لا
يدركون لها أصلاً ولا فصلاً.

الإسلام
اعترف بالمرأة في أول أمرها، أنها إنسان مكرّم مفضّل، واعترف بحقوقها
المادية والمعنوية، حيث كفل لها حق الاختيار الطوعي في الاعتقاد، واعطاها
حق الرضاء والموافقة في الزواج، وقسم لها من الميراث «وللنساء نصيبٌ مما
ترك الوالدان والأقربون مما قلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً» «وإن كانت
واحدة فلها النصف» «وإن كن نساءً فوق اثنتين فلهما ثلثا ما ترك» «يوصيكم
الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الانثيين»، وأعطاها حق أن تستشار.. وأن
تبايع، فقد بايعت رسول الله محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن تجاهد..
ولها حق نقد زوجها ومراجعته، وشاركت في الهجرة، وسافرت إلى الحج والعمرة،
ولها حق الشهادة أمام القضاء، وساوى الاسلام بين الرجل والمرأة في الدماء،
فالرجل يقتل قصاصاً بالمرأة، ولها حق الإجارة والتوكيل وإعطاء الأمان،
وساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في العقيقة «السماية» فللرجل عقيقة،
وللمرأة عقيقة، واعتبر مال صداق زواجها ملكاً خالصاً لها، وأعطاها حق
التصرف في مالها بالصدقة والزكاة والإنفاق، واحترم أمانتها وذمتها
وإنسانيتها وعاطفتها وفطرتها، فقال رسولنا الكريم «هن شقائق الرجال»، وقال
«رفقاً بالقواير»، وقال «ما أهانها إلاّ لئيم»، وأعطاها حقها كاملاً في
الميراث زوجةً وأماً وأختاً وابنة وعمة، بل أحياناً كثيرة تأخذ المرأة في
الميراث أكثر من الرجل. وتلك مسائل لا يعرفها العلمانيون! ولم يلزمها
الاسلام بالانفاق حتى على نفسها وإن كانت أغنى الناس إلاّ بتقديرها هي
ورضائها.. ولأجلها أنزلت آيات المواريث قرآناً يتلى إلى الأبد، حيث أول
تركة قسمت في الاسلام هي تركة الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه ـ شهيد أُحد
سعد بن الربيع الذي ترك زوجته وبنتين فأعطى رسول الله الزوجة ثمن المال،
وأعطى بنتي سعداً ثلثي المال، ثم أعطى ما بقي منه لأخيه أقل من الثلث عصبة.

ودعا
الإسلام إلى الرفق بها حاملة ومرضعة مع الانفاق وحسن المعاشرة والملاطفة
والود والاحترام والرحمة والرعاية النفسية والمادية، بل إكرام كل من يمت
إليها بصلة من جهة الرحم والولاء والصداقة، ودعا إلى اهمية تفهم طبيعتها
وانفعالاتها ودواعي غَيرتها وتجاوز زلاتها.

هذا
قليل من فيض غزير، فهل بعد هذا من مجنون يداوى؟ ومُدعٍ يقاضى؟ ومتغربٍ يرد
إلى حضنه ومعقله؟ ومخدوعة تسجد لله ربّ الإسلام الذي كرمها؟
المصدر : الانتباهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق