حادثة القصر - روان للإنتاج الإعلامي والفني
حادثة
الأمس بالقصر الجمهوري لم تكن يتيمة، فقد حدث هذا من قبل، وربما يتكرر ذلك
في أي وقت، ومثل هذه التصرفات غير المتوقعة لا يمكن وقفها مهما كانت
الضوابط والإجراءات والاحترازات، ويمكن فقط الحد من نتائجها الوخيمة، ومن
الطبيعي أن ينشغل الناس بهذه الحوادث وتكثر التفسيرات والشائعات وتُثار
البلبلة والفوضى وتنفتح أبواب من الأحاديث أقلها نجاعةً وكفاءةً التدابير
والترتيبات الأمنية ونوع الحماية حول القصر الرئاسي، وما إذا كان الحادث
وراءه ما وراءه.
>
وحيث ما تكون المقار الرئاسية في العالم يتم اختراق حواجزها الأمنية
وتخطيها بسهولة من حيث لا تحتسب ولو كانت في بروج مشيدة، مثل أبراج
الكرملين التي لم تمنع شاباً ألمانياً صغيراً من الهواة يدعى «ماتياس روست»
من أن يهبط في الميدان الأحمر بطائرته الصغيرة في نهار يوم 28/5/1978م،
وسط دهشة العالم، للعجز والحرج المخابراتي والأمني الخطير الذي سببه
للكرملين الذي كان يحكم في تلك الفترة دولة بحجم الاتحاد السوفيتي العظيم
إحدى القوتين العظميين، وذلك في بدايات عهد غورباتشوف وهو يدشن لتوه
البيروسترويكا والغلاسنوست وهما المحلولان الكيميائيان السياسيان اللذان
أذابا جسد الاتحاد السوفيتي وتلاشى من الوجود.
>
وقبل أكثر شهر ونصف الشهر من الآن، تمكن «عمرجيه غونزاليس» القادم من
ولاية تكساس البعيدة عن واشنطون، من اختراق كل الدوائر والفرق الأمنية
لأكثر مكان حصين ومحمي في العالم بتكنولوجيا التأمين الحديثة المتقدمة
وبالأمن التقليدي المعروف، وتسوَّر السياج الخارجي وعبر الحدائق ووصل إلى
المدخل الشمالي الرئيس لمبنى البيت الأبيض، وبدأ يعالج القفل حتى يدلف إلى
مكاتب وصالات وممرات وغرف مقر إقامة رئيس أقوى دولة على وجه البسيطة، بينما
كان ساكن البيت الأبيض باراك أوباما قد غادره قبل لحظات بمروحيته إلى
منتجع كامب ديفيد لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته، وسيطر رجال الأمن على
الرجل في آخر لحظة.. ولم تجد مسؤولة الأمن التابعة لجهاز الخدمة السرية
لحماية الرئيس «جولي بريسون» مناصاً من تقديم استقالتها على الفور جراء هذه
الفضيحة المدوية التي تلتها بعد يوم عملية تسلل أخرى.
>
وفي عام 1982م فوجئت الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، برجل تسلل
إلى غرفة نومها بقصر بكنغهام وسط لندن، فقد تسلق مايكل فاجان مواسير القصر
الملكي ودخل غرفة نوم الملكة وتحدث إليها وهو جالس على سريرها حتى تم
اعتقاله.. وتكررت حوادث من هذا النوع في قصر باكنغهام طوال ما يزيد على
الثلاثين عاماً الماضية من تلك الحادثة ولم تتوقف.
وتحدث
مثل هذه الحوادث في مناطق كثيرة في العالم شرقاً وغرباً وشمالا وجنوباً،
ولا تسلم أية حواجز أمنية وأنظمة حماية وحراسة بنسبة مائة بالمائة من
الاختراقات، وكثيراً ما يوصم المخترقون بأنهم متختلون عقلياً ويعانون من
حالات نفسية حادة، ولا تعترف أنظمة الحماية بشيء آخر وتتغاضى عن التفريط
والأخطاء القاتلة.
>
حادثة القصر بالأمس وقبلها تعبر بشكل واضح عن طريقتنا السودانية في حسن
الظن والتساهل وحسن النوايا، فلو كانت هناك توقعات مع أسوأ الاحتمالات في
مثل هذه الأماكن الحساسة، لتم التعامل مع أي مهاجم أو مخترق على الفور ودون
أية خسائر فادحة أو إزهاق أرواح أو حتى قطرات دماء، ولنجا المهاجم نفسه من
القتل.
>
والتشدد في حماية المقار الرئاسية والحكومية الحساسة ومنها القصر
الجمهوري، ضرورية لأنها تمثل هيبة السلطة ورمزها، فإذا وَقر في قلوب وعقول
العامة أنها «هاملة» وسهلة الدخول والاختراق، لمُرِّغت هيبة الدولة في
التراب وتجاسر عليها كل معتدٍ واستأسد أي مستنسر.
>
وهناك سؤال آخر يتحاشاه البعض، لماذا يهاجم مثل مهاجم الأمس القصر
الجمهوري بهذا العنف والضراوة؟ فإن كان معتوهاً فتلك قضية أخرى، لكن يتوجب
دراسة هذه الحالات بدقة والظروف والحاضنات الاجتماعية والنفسية التي
تنتجها، وفي ذات الوقت يجب ضبط ما الذي لا بد أن يُقال في هذه الحالات،
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رئاسة الجمهورية ما كان عليها إصدار بيان حول
الحادثة، فذلك أمر تقوم به وزارة الداخلية المعنية مباشرةً، فبيان الرئاسة
يزيد نار التكهنات ويعطي حجماً أكبر لما حدث.. فبيان قصير ومحدد من وزارة
الداخلية أو الشرطة كان يكفي، خاصة أن الحدث كما عُلم فردي قام به شخص
واحد، وليست وراءه أية أبعاد أخرى.
الإنتباهة
الأمس بالقصر الجمهوري لم تكن يتيمة، فقد حدث هذا من قبل، وربما يتكرر ذلك
في أي وقت، ومثل هذه التصرفات غير المتوقعة لا يمكن وقفها مهما كانت
الضوابط والإجراءات والاحترازات، ويمكن فقط الحد من نتائجها الوخيمة، ومن
الطبيعي أن ينشغل الناس بهذه الحوادث وتكثر التفسيرات والشائعات وتُثار
البلبلة والفوضى وتنفتح أبواب من الأحاديث أقلها نجاعةً وكفاءةً التدابير
والترتيبات الأمنية ونوع الحماية حول القصر الرئاسي، وما إذا كان الحادث
وراءه ما وراءه.
>
وحيث ما تكون المقار الرئاسية في العالم يتم اختراق حواجزها الأمنية
وتخطيها بسهولة من حيث لا تحتسب ولو كانت في بروج مشيدة، مثل أبراج
الكرملين التي لم تمنع شاباً ألمانياً صغيراً من الهواة يدعى «ماتياس روست»
من أن يهبط في الميدان الأحمر بطائرته الصغيرة في نهار يوم 28/5/1978م،
وسط دهشة العالم، للعجز والحرج المخابراتي والأمني الخطير الذي سببه
للكرملين الذي كان يحكم في تلك الفترة دولة بحجم الاتحاد السوفيتي العظيم
إحدى القوتين العظميين، وذلك في بدايات عهد غورباتشوف وهو يدشن لتوه
البيروسترويكا والغلاسنوست وهما المحلولان الكيميائيان السياسيان اللذان
أذابا جسد الاتحاد السوفيتي وتلاشى من الوجود.
>
وقبل أكثر شهر ونصف الشهر من الآن، تمكن «عمرجيه غونزاليس» القادم من
ولاية تكساس البعيدة عن واشنطون، من اختراق كل الدوائر والفرق الأمنية
لأكثر مكان حصين ومحمي في العالم بتكنولوجيا التأمين الحديثة المتقدمة
وبالأمن التقليدي المعروف، وتسوَّر السياج الخارجي وعبر الحدائق ووصل إلى
المدخل الشمالي الرئيس لمبنى البيت الأبيض، وبدأ يعالج القفل حتى يدلف إلى
مكاتب وصالات وممرات وغرف مقر إقامة رئيس أقوى دولة على وجه البسيطة، بينما
كان ساكن البيت الأبيض باراك أوباما قد غادره قبل لحظات بمروحيته إلى
منتجع كامب ديفيد لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته، وسيطر رجال الأمن على
الرجل في آخر لحظة.. ولم تجد مسؤولة الأمن التابعة لجهاز الخدمة السرية
لحماية الرئيس «جولي بريسون» مناصاً من تقديم استقالتها على الفور جراء هذه
الفضيحة المدوية التي تلتها بعد يوم عملية تسلل أخرى.
>
وفي عام 1982م فوجئت الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، برجل تسلل
إلى غرفة نومها بقصر بكنغهام وسط لندن، فقد تسلق مايكل فاجان مواسير القصر
الملكي ودخل غرفة نوم الملكة وتحدث إليها وهو جالس على سريرها حتى تم
اعتقاله.. وتكررت حوادث من هذا النوع في قصر باكنغهام طوال ما يزيد على
الثلاثين عاماً الماضية من تلك الحادثة ولم تتوقف.
وتحدث
مثل هذه الحوادث في مناطق كثيرة في العالم شرقاً وغرباً وشمالا وجنوباً،
ولا تسلم أية حواجز أمنية وأنظمة حماية وحراسة بنسبة مائة بالمائة من
الاختراقات، وكثيراً ما يوصم المخترقون بأنهم متختلون عقلياً ويعانون من
حالات نفسية حادة، ولا تعترف أنظمة الحماية بشيء آخر وتتغاضى عن التفريط
والأخطاء القاتلة.
>
حادثة القصر بالأمس وقبلها تعبر بشكل واضح عن طريقتنا السودانية في حسن
الظن والتساهل وحسن النوايا، فلو كانت هناك توقعات مع أسوأ الاحتمالات في
مثل هذه الأماكن الحساسة، لتم التعامل مع أي مهاجم أو مخترق على الفور ودون
أية خسائر فادحة أو إزهاق أرواح أو حتى قطرات دماء، ولنجا المهاجم نفسه من
القتل.
>
والتشدد في حماية المقار الرئاسية والحكومية الحساسة ومنها القصر
الجمهوري، ضرورية لأنها تمثل هيبة السلطة ورمزها، فإذا وَقر في قلوب وعقول
العامة أنها «هاملة» وسهلة الدخول والاختراق، لمُرِّغت هيبة الدولة في
التراب وتجاسر عليها كل معتدٍ واستأسد أي مستنسر.
>
وهناك سؤال آخر يتحاشاه البعض، لماذا يهاجم مثل مهاجم الأمس القصر
الجمهوري بهذا العنف والضراوة؟ فإن كان معتوهاً فتلك قضية أخرى، لكن يتوجب
دراسة هذه الحالات بدقة والظروف والحاضنات الاجتماعية والنفسية التي
تنتجها، وفي ذات الوقت يجب ضبط ما الذي لا بد أن يُقال في هذه الحالات،
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رئاسة الجمهورية ما كان عليها إصدار بيان حول
الحادثة، فذلك أمر تقوم به وزارة الداخلية المعنية مباشرةً، فبيان الرئاسة
يزيد نار التكهنات ويعطي حجماً أكبر لما حدث.. فبيان قصير ومحدد من وزارة
الداخلية أو الشرطة كان يكفي، خاصة أن الحدث كما عُلم فردي قام به شخص
واحد، وليست وراءه أية أبعاد أخرى.
الإنتباهة
بقلم الصادق الرزيقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق