الأربعاء، 11 يونيو 2014

إدارة الوقت - روان للإنتاج الإعلامي والفني

إدارة الوقت - روان للإنتاج الإعلامي والفني



الكتاب:
إدار ة الوقت

المؤلف:
الدكتور إبراهيم الفقي

الطبعة:
الأولى – 2009

عدد الصفحات:
144 صفحة من القطع المتوسط

الناشر:
إبداع للإعلام والنشر, القاهرة

عرض:
نادية سعد معوض

ليس
ثمة شك أن الوقت هو الحياة وأن النجاح في إدارته واستثماره وفق شرعة الله
ومنهاجه توفيق ما بعده توفيق، وأن القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة
الشريفة قد عُنيا بالوقت أشد العناية وإذا ضيّعنا الوقت، ضيعنا الحياة.


ولقد صدر حديثًا في القاهرة كتاب تحت عنوان إدارة الوقت للدكتور إبراهيم الفقي المتخصص في التنمية البشريَّة، وهو مصري يعيش في كندا.

والكتاب
في مجمله يجيب عن هذه التساؤلات: ما هي طبيعة الوقت؟ ما مفهوم إدارة
الوقت؟ ما هي مضيعاته؟ ما هي معوقات استثماره؟ ما هي فوائد تنظيمه؟


الوقت هو الحياة

جاءت
خاتمة الكتاب تحت عنوان الوقت هو الحياة وسنبدأ بعرض الخاتمة لأننا نرى
أنها كانت الأجدر بأن تكون مقدمة لتناولها أهمية الوقت حيث يرى المؤلف أنّ
أثمن ما يملك الفرد وأعظم ما يمكنه استثماره هو حياته ودنياه، الوقت هو
حاضره ومستقبله. أن يضيعه يعني ببساطة أن يضيع حياته، ويفرط في أحلامه
وأمانيه.


وفي الحديث الشريف: «يا ابن آدم أنا يوم جديد على عملك شهيد فاغتنمني لأني لا أعود إلى يوم القيامة».

قال
ابن القيم رحمه الله: «إضاعة الوقت أشدّ من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك
عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها».


وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه أنقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي».

المعرفة
وحدها لا تكفي كما قال الفيلسوف الألماني جوته، بل يجب أن تطبق وتعمل ما
تعلمته كي تصبح من الفئة المتميزة التي تدرك جيدًا قيمة وقتها وأهدافها
وطموحاتها.


اليوم هو الغد الذي وعدت نفسك أمس أن تنجز فيه الكثير من الأعمال!!

قال
أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وصية لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنَّ
للَّه حقًّا بالنهار لا يقبله بالليل وله حق بالليل لا يقبله بالنهار».


وكما
قال السلف: «من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه أو أداه أو مجد أثّله
أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه».


كان
أبو بكر بن عياش يقول: «لو سقط من أحدهم، درهم لظل يومه يقول: إنا لله،
ذهب درهمي، وهو يذهب عمره ولا يقول: ذهب عمري، وقد كان لله أقوام يبادرون
الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات» من أجل هذا أنجزوا الأعمال
العظيمة في أعمار قصيرة؛ فهذا الإمام أبو زكريا بن شرف الدين النووي يموت
في الخامسة والأربعين من عمره ويترك المؤلفات ما قسموه على أيام حياته فكان
نصيب كل يوم أربع كراريس فكيف تمَّ له ذلك؟ اسمع منه يجيبك، يقول: «وبقيت
سنتين لم أضع جنبي على الأرض» ينام على الكتاب ونحن ننام على نهاية
الإرسال!!


قال
الخطيب البغدادي: «سمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي يحكي أن
محمد بن جرير الطبري المتوفى عن ثلاثة وثمانين سنة مكث أربعين سنة يكتب كل
يوم أربعين ورقة» أي أنه رحمه الله كتب ما يقرب من 584000 ورقة، إنّ المرء
ليقف مدهوشًا أمام هذا الرقم الذي لا يعرف لعالم في تاريخ البشرية بيد أنك
إذا علمت ما كان عليه من حرص على لحظات عمره حتى في لحظات احتضاره ما
تعجبت.


قال
أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي البغدادي المتوفى سنة 516هـ: «إني لا يحل لي
أن أضيّع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن المذاكرة والمناظرة وبصري عن
المطالعة، أعملتُ فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي
ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في الثمانين أشدّ ما كنت أجده
وأنا ابن العشرين».


ويبلغ
الإمام أبو الوفاء علي بن عقيل في محافظته على الزمن مبلغًا أثمر أكبر
كتاب عرف في الدنيا وهو كتاب «فنون الفنون» والذي يقع في 800 مجلد.


يقول
الإمام ابن القيم: «من أعظم الإضاعات إضاعة القلب وإضاعة الوقت، فإضاعة
القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع
الفساد كله في اتّباع الهوى وطول الأمل».


قال الحسن: «بادر أجلك ولا تقل غدًا غدًا فإنك لا تدري متى تصير إلى الله».

ولما
نصح عمر بن عبد العزيز من بعض إخوانه: «يا أمير المؤمنين لو استرحت» قال:
«فمن يجزئ عني عمل ذلك اليوم؟» قالوا: «تجزيه من الغد» قال: «أتعبني عمل
يوم واحد، فكيف إذا اجتمع عليَّ عمل يومين؟!».


تحديد الأولويات

في
بداية الكتاب يرى المؤلف أن التخطيط اليومي للوقت هو الخطوة الأولى في
تنظيمه، ذلك أن فقدان التخطيط اليومي أو التخطيط غير الملائم هو السبب
الأساس للإدارة السيئة للوقت، فالتخطيط الفعال يقضي على مشكلة تضييع الوقت.
والتخطيط اليومي غالبًا ما يبدأ بإعداد قائمة تحتوي على المهام التي يجب
إنجازها وجدولها الزمني، ويتم هذا بأن تكون الخطة الأسبوعيَّة في متناول
اليد أثناء الإعداد، وبوضع القائمة في نفس الوقت من كل يوم، وكتابة كل
النشاطات فيها، وتقسيم الوقت على المهام حسب الأهمية وجمع النشاطات
المتشابهة، وتخصيص وقت محدد لكل مهمة لإنجازها، ومراجعة هذه المهام
اليوميَّة (التخلص من غير الضروري وتفويض بعضها)، وترك وقت للراحة للنفس
والأسرة والالتزام بالقائمة وعدم التفريط في التنظيم.


ويقصد المؤلف بالتفويض إسناد بعض الأعمال إلى آخرين المرؤوسين أو المساعدين أو الزوجات والأبناء.

ويمكن
قياس المهام بمقياسين: مقياس الأهمية ومقياس الاستعجال، وبناءً عليه تنقسم
الأمور إلى أربعة أقسام: أمور هامة وعاجلة، وأمور هامة غير عاجلة، وأمور
غير هامة وعاجلة، وأمور غير هامة وغير عاجلة.


ويؤكِّد
المؤلف على ضرورة تنظيم مكان العمل والتركيز جيدًا على ما هو أمامك، وعدم
تكرير المجهود، والتخطيط المنطقي، فقبل أن يبدأ المرء بالتخطيط يرتب أوراقه
جيدًا، ويكون واقعيًّا في تحديد أهدافه ومخططاته، ويكون منطقيًّا في تحديد
الأوقات الكافية لكل عمل، فإعادة التخطيط تعني وقتًا آخر مهدرًا، بل يجب
على الإنسان أن يرتب حياته عمومًا ثم أهدافه المرحلية ثم أهدافه القريبة
جدًّا وأن يجعلها لا تغيب عنه أبدًا، وبعد تدوين الأهداف ينبغي له أن يسأل
نفسه في كل عمل يقوم به، هل هذا العمل يقربني من أهدافي أو يباعدني عنها أم
يقف بي فلا يقربني ولا يباعدني أم أنه ربما يقربني وربما لا، وعلى الإنسان
أن لا يقرب من ذلك العمل إلا إذا وجده يقربه من هدفه.


كما
يجب التعامل بقوة مع المناسبات الاجتماعيَّة؛ فهذه المناسبات بوابة هامة
للتعرف على الناس والانفتاح على الآخر، لكنها كذلك أحد أهم مضيعات الوقت
إذا لم نتعاملْ معها بشكل جدي وحازم، لذا كان من الأهميَّة بمكان أن ينظر
المرء إلى الحدث الاجتماعي نظرة متفحصة، هناك مناسبات يمكنه الاعتذار عنها
بدون أضرار، وهناك من يمكنه إرساله لينوب عنه، وهناك مناسبات قد يحضرها
ويستأذن بعد وقت قصير، المهم ألا يجعل هذه المناسبات تغرقه في بحرها.


مرحلة التنفيذ

كما
يرى المؤلف أن مرحلة التنفيذ والإدارة للخطة التي سبق إعدادها هي المحك
الفعلي الذي يمكن أن ينتقل بالمرء فعلا من العشوائيَّة إلى الحياة
العمليَّة المنظّمة والمرتبة.


إن العبرة ليست بالخطط المتقنة دون تنفيذها، فإن ذلك لا يعدو مجرد آمال، وإنما لا بد من توازن بين التخطيط والتنفيذ.

ومن
النصائح التي يقدِّمها المؤلف من أجل تنفيذ الخطة البدء دائمًا بالمهام
الصعبة والأعمال غير المحببة، وجعل أهم النشاطات في ساعة الذروة، والتقليل
من الأعمال الروتينيَّة قدر المستطاع، والتخلص من كل ما ليس له ضرورة، مع
تأجيل الأعمال الروتينيَّة إلى وقت أقل نشاطًا، فمعظم الناس يقضي في هذه
الأعمال 30 إلى 65% من وقته، وليتذكر المرء أن لا شيء يغري بالانتهاء قدر
الانتهاء، والعمل الذي لم يبدأْ بعد لا يحفزك لإنهائه، بينما يدفعك العمل
غير المنجز إلى محاولة إنجازه.


ويتحدث
المؤلف عما يسميه بلصوص الوقت الذين يغتالون حياتنا في خضم انشغالنا،
ويأخذوننا بمنأى ربما يعطل استرسالنا بما أردنا، تلك الأشياء التي تسرقنا
كثيرًا من أنفسنا، فنستيقظ من سباتنا الطويل وقد أزهقنا قيمة وثمينة لا
تقدر، فهو يمضي كوميض البرق، وإذا مضى فإنه لا يعود، ولصوص الوقت في زماننا
هذا كثيرة، منها الهاتف المحمول، والشبكة العنكبوتية والفضائيات كذلك
البرامج الترفيهيَّة التي يقضي البعض أمامها الساعات الطوال دون جدوى أو
منفعة، بل تعود عليهم بالوبال وتزهق جُلّ وقتهم وتضيعه فيما لا يجدي! وتبقى
كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي جرسا يرن في آذان المتناسين الغافلين قائلة:


دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثوانِ

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثانِ

والمماطلة
أو التأجيل هو اللص الأكثر شهرة وتأثيرًا، ومعظم البشر يعشق التأجيل
والمماطلة، واختلاق الأعذار لتأجيل عمل اليوم إلى الغد؛ والغريب أن المرء
يكون قادرًا على الإتيان بالعمل المكلف به وإنهائه، لكنه يصرُّ وبشكل مثير
للدهشة على أن يؤجله بدون سبب مقنع، وفي حقيقة الأمر إن للتأجيل والتسويف
أسبابًا منها الإرغام حيث إن المرء يهرب لا إراديًّا من الشيء المكلف
بعمله، إذا كان هذا الشيء تكليفًا مباشرًا، ويستلزم جهدًا وعملا، فالنفس
الإنسانيَّة دائمًا تعشق الركون والرّاحة والدعة، ثم هناك عدم توفر الحماس
وأخيرًا الخوف الذي يدفع إلى المماطلة، فالخوف من الفشل هو الذي يجعل
الإنسان يؤجل القيام بعمل ما، ويعمل على تأجيله يومًا بعد يوم وساعة تلو
أخرى.


كذلك
من لصوص الوقت الخلط بين أهمية الأمور، فكثير من البشر لا يعرفون
أولوياتهم، ماذا يقدمون وماذا يؤخرون، بأي الأمور يبدءون ما الذي يودّون
عمله، وما الذي ينبغي تأجيله!


وهذا
اللص لا يخفى على صاحب العين البصيرة، خاصة عندما يتسلَّل خالطًا الأوراق،
تاركًا المرء منا في حيرة من أمره، فيفعل الأقلّ أهمية ويترك الأهم،
ويتفاعل مع التوافه ولا يُلقي لعظائم الأمور بالا، وفي معظم الوقت يترك
الإنسان فارغًا، لا يفعل شيئًا.


أضفْ إلى ذلك عدم التركيز فقد تبدأ في عمل شيء ثم تتوقف للقيام بمكالمة، أو لعمل شيء آخر، فهذا من شأنه أن يضيع كثيرًا من الوقت.

ومما
يسرق الوقت المجهود المكرر بأن تكون منهمكًا في شيء ما، وتتركه لتفعل
شيئًا آخر، ثم تعود مرة أخرى لما كنت تقوم به ابتداءً، هذا الأمر يجعلك
تبذل جهدًا مضاعفًا لما يجب أن تبذله.


ولا
ينبغي أن ننسى لصًّا آخر هو التخطيط غير الواقعي، حيث ننظم أمورنا بشكلٍ
غير منضبط، فالأمر الذي يستهلك خمسة أيام نعطيه يومًا أو يومين، والمهمة
التي تستوجب يوميْن نعطيها أربعة أيام أو خمسة، فهذا من شأنه إشاعة الفوضى
في الحياة واستهلاك الوقت.


وهناك عوامل أخرى كعدم النظام والاجتماعات غير الفعالة، والانتظار والأوراق الكثيرة.

المتابعة والمراقبة

إذا
كان التخطيط بلا تنفيذ ضربًا من الآمال الحالمة، وتضييعًا للوقت، فإن
التنفيذ بلا متابعة لا جدوى منه، إنّ الرقابة هي مقارنة ما سبق تخطيطه بما
تم تنفيذه وإنجازه بهدف تحديد الانحرافات والاستفادة من الإيجابيات وتجنب
السلبيات ووضع مقترحات لعلاجها.


وتتصف الرقابة الفعالة بالآتي:

الفورية: لا بدَّ أن تكون المتابعة أوّلا بأوّل مع التنفيذ لعلاج أي قصور قبل فوات الأوان.

الدوريَّة والاستمرار: حيث يجب أن تظل الرقابة مستمرة دون انقطاع، ويجب
تجميع النتائج في فترات دورية حسب الخطة لمعالجة القصور في كل مرحلة.

رقابة اقتصاديَّة: بمعنى ألا تستهلك من الوقت والجهد ما يفوق العائد المتوقع منها.
رقابة إصلاحيَّة: فلا تكون أبدًا بهدف تسجيل الأخطاء والمعاقبة أو المتابعة، بل بهدف العلاج.
رقابة مرنة: فهي ليست مجرد إجراءات جامدة منفصلة عن الواقع، وإنما تتناسب مع الخطة وتتكيف مع ظروف تنفيذها.

وفي
نهاية الكتاب يقول المؤلف : عِشْ كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك، عشْ
بالإيمان، عشْ بحبك لله عزَّ وجل، والتطبع بأخلاق الرسول صلى الله عليه
وسلم، عش بالكفاح، عش بالأمل، عش بالصبر، وقدِّر قيمة الحياة.
المصدر : نوافذ الاسلام اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق