الخميس، 19 يونيو 2014

النصح الثمين للمتظاهرين والخارجين..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني

النصح الثمين للمتظاهرين والخارجين..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني



أهدي
هذا النصح الثمين من الشيخ الفقيه محمد العثيمين رحمه الله، حيث ذكر وصايا
مهمة مستمدة من النصوص الشرعية التي راعت المصالح والمقاصد المرعية، نصحاً
لمن زُيِّن لهم تغيير الأحوال بما يسمى بالمظاهرات، ومن رأوا في الخروج
على الحكام أداة للتغيير ولم تتحقق لهم شروط الخروج التي وضّحها الشيخ
انطلاقاً من التوجيهات النبوية التي جاءت لتحفظ بها الدماء الزكية، ولتبيّن
المنهاج الصحيح في تغيير الأحوال الرديّة، ذكر ذلك في شرحه القيّم على
كتاب رياض الصالحين:

«عن
عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو
بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر
والمنشط والمكره وعلى أثره علينا..» الحديث.

بايعنا
أي بايع الصحابة رضي الله عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم على السمع
والطاعة يعني لمن ولاه الله الأمر لأن الله تعالى قال: «يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم». وقد سبق لنا بيان من
هم أولو الأمر وذكرنا أنهم طائفتان العلماء والأمراء كلهم ولاة أمور لكن
العلماء أولياء أمر في العلم والبيان، وأما الأمراء فهم أولياء أمر في
التنفيذ والسلطان يقول بايعناه على السمع والطاعة يستثنى من هذا معصية الله
عز وجل فلا يبايع عليها أحد لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولهذا
قال أبو بكر رضي الله عنه حين تولى الخلافة قال أطيعوني ما أطعت الله
ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم فإذا أمر ولي الأمر بمعصية
من المعاصي فإنه لا يجوز لأحد أن يسمع له أو يطيع لأن ملك الملوك رب
العالمين عز وجل ولا يمكن أن يعصى رب العالمين لطاعة من هو مملوك مربوب لأن
كل من سوى الله فإنهم مملكون لله عز وجل فكيف يقدم الإنسان طاعتهم على
طاعة الله إذن يستثني من قوله السمع والطاعة ما دلت عليه النصوص من أنه لا
طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وقوله في العسر واليسر يعني سواء أكنا
معسرين في المال أو كنا موسرين يجب علينا جميعاً أغنياءنا وفقراءنا أن نطيع
ولاة أمورنا ونسمع لهم وكذلك في منشطنا ومكرهنا يعني سواء أكنا كارهين
لذلك لكونهم أمروا بما لا نهواه ولا نريده أو كنا نشيطين في ذلك لكونهم
أمروا بما يلائمنا ويوافقنا المهم أن نسمع ونطيع في كل حال إلا ما استثنى
فيما سبق.

قال
وأثرة علينا أثرة يعني استئثاراً علينا يعني لو كان ولاة الأمر يستأثرون
على الرعية بالمال أو غيره مما يرفهون به أنفسهم ويحرمون من ولاهم الله
عليهم فإنه يجب علينا السمع والطاعة. لا نقول أنتم أكلتم الأموال
وأفسدتموها وبذرتموها فلا نطيعكم بل نقول سمعاً وطاعة لله رب العلمين ولو
كان استئثاراً علينا ولو كنا نحن لا نسكن إلا الأكواخ ولا نفترش إلا الخلق
من الفرش وأنتم تسكنون القصور وتتمتعون بأفضل الفرش لا يهمنا هذا لأن هذا
كله متاع الدنيا وستزولون عنه أو يزول عنكم إما هذا أو هذا أما نحن فعلينا
السمع والطاعة ولو وجدنا من يستأثر علينا من ولاة الأمور، وقد قال النبي
عليه الصلاة والسلام في حديث آخر اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك واعلم
أنك سوف تقتص منه يوم القيامة من حسناته فإن بقى من حسناته شيء وإلا أخذ من
سيئات من ظلمهم ثم طرح عليه ثم طرح في النار والعياذ بالله الأمر مضبوط
ومحكم لا يضيع على الله شيء.

ثم
قال وألا ننازع الأمر أهله يعني لا ننازع ولاة الأمور ما ولاهم الله علينا
لنأخذ الإمرة منهم فإن هذه المنازعة توجب شراً كثيراً وفتناً عظيمة
وتفرقاً بين المسلمين..

قال
إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان ثلاثة شروط إذا رأينا
هذا وتحت الشروط الثلاثة فحينئذ ننازع الأمر أهله ونحاول إزالتهم عن ولاية
الأمر لكن بشروط ثلاثة:

الأول:
أن تروا فلابد من علم.. مجرد الظن لا يجوز الخروج على الأئمة لابد أن نعلم
الثاني أن نعلم كفراً لا فسقاً الفسوق مهما فسق ولاة الأمور لا يجوز
الخروج عليهم لو شربوا الخمر لو زنوا لو ظلموا الناس لا يجوز الخروج عليهم.

لكن
إذا رأينا كفراً صريحاً يكون بواحاً الثالث: الكفر والبواح وهذا معناه
الكفر الصريح والبواح الشيء البين الظاهر فأما ما يحتمل التأويل فلا يجوز
الخروج عليهم يعني لو قدرنا أنهم فعلوا شيئاً نرى أنه كفر لكن فيه احتمال
أنه ليس بكفر فإنه لا يجوز أن ننازعهم أو نخرج عليهم ونولهم ما تولوا لكن
إذا كان بواحاً صريحاً مثل لو أن ولى من ولاة الأمور قال لشعبه إن الخمر
حلال اشربوا ما شئتم وإن اللواط حلال تلوطوا بما شئتم وإن الزنا حلال ازنوا
بمن شئتم فهذا كفر بواح ما فيه إشكال هذا يجب على الرعية أن يزيلوه بكل
وسيلة ولو بالقتل لأن هذا كفر بواح. الشرط الرابع عندكم فيه من الله برهان
يعني عندنا دليل قاطع على أن هذا كفر فإن كان الدليل ضعيفاً في ثبوته أو
ضعيفا في دلالته فإنه لايجوز الخروج عليهم.

لأن
الخروج فيه شر كثير جدا ومفاسد عظيمة فهذه إن شئتم فقولوا ثلاثة شروط وإن
شئتم فقولوا أربعة أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان هذه أربعة
شروط.

وإذا
رأينا هذا مثلاً فلا تجوز المنازعة حتى تكون لدينا قدرة على إزاحته فإن لم
يكن لدينا قدرة فلا تجوز المنازعة لأنه ربما إذا نازعنا وليس عندنا قدرة
يقضي على البقية الصالحة وتتم سيطرته فهذه الشروط شروط للجواز أو للوجوب
وجوب الخروج على ولي الأمر لكن بشرط أن يكون لدينا قدرة فإن لم يكن لدينا
قدرة فلا يجوز الخروج لأن هذا من إلقاء النفس في التهلكة، أي فائدة إذا
خرجنا على هذا الولي الذي رأينا عنده كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان،
ونحن لا نخرج إليه إلا بسكين المطبخ، وهو معه الدبابات والرشاشات ؟! لا
فائدة، ومعنى هذا أننا خرجنا لنقتل أنفسنا، نعم لابد أن نتحيل بكل حيلة على
القضاء عليه وعلى حكمه، لكن بالشروط الأربعة التي ذكرها النبي عليه الصلاة
والسلام..»أ.هـ.

قلت:
وكلام العلماء الربانيين وإن اختلفت بلدانهم وأزمنتهم فإنك تجده واحداً،
لا يختلف ولا يضطرب وذلك لأنه قائم على النصوص الشرعية، ولم يقم على
المصالح الحزبية أو الأغراض الشخصية أو النزوات العاطفية، والأحاديث
الواردة في وجوب السمع والطاعة للحاكم المسلم في طاعة الله تعالى وإن رأى
الناس ظلماً أو حيفاً أو استئثاراً هي أحاديث ثابتة ودلالتها واضحة ، وفي
التاريخ والواقع المعاصر ما يشهد بذلك، فإن ما يصلح الله بالحاكم أعظم مما
يفسد، خاصة نعمة الأمن التي هي نعمة يجب إدراك مكانتها وأهميتها، مع بذل
الأسباب الشرعية في نصح الحاكم من النصيحة بالطرق المشروعة والدعاء،
والتوبة النصوح والبعد عن معاصي الله، فإن ظلم الحاكم يستدفع بطاعة الله
تعالى، وقد تقدم في مقالات سابقة تفاصيل هذه القضايا.. ومن المهمات لزوم
غرز العلماء الربانيين لا نزوات العاطفيين ولا أساليب السياسيين، ولك أن
تعجب عن من يفتي بجواز الخروج في ذلك البلد وبعد أشهر يفتي بعدم الخروج في
ذات البلد!! وهو من صور التلاعب بالفتاوى والمواقف مما يوجب تحذيراً وحذراً
والموفق من وفقه الله.
الانتباهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق