حروب الغذاء.. صناعة الأزمة - روان للإنتاج الإعلامي والفني
الكتاب : حروب الغذاء.. صناعة الأزمة
المؤلف : والدن بيللو
الطبعة : الأولى-2013
عدد الصفحات :206 صفحة من القطع الكبير
الناشر : المركز القومي المصري للترجمة- القاهرة- مصر
ترجمة وتقديم :خالد الفيشاوي
يواجه
العالم تصاعدا ملحوظا فى أسعار الغذاء العالمية، هذا التصاعد يشعر به
الفقراء وأصحاب الدخول الثابتة ، ويرتبط ارتفاع أسعار القمح فى الولايات
المتحدة الأمريكية بارتفاع أسعار الغذاء العالمية، والسبب أن الولايات
المتحدة أكبر منتج للقمح فى العالم، وموضوعات الأزمة الغذائية والأمن
الغذائى هى القوى الخفية التى تحرك القوى العالمية المختلفة، للتواجد فى
أماكن مصالحها والأماكن التى توفر لها الأمن الغذائى لبلدانها، فالصين
تتواجد بغزارة فى أفريقيا وبالتحديد فى إقليم حوض النيل لتضمن وجود سلة
غذاء التى تكفيها، بعد أن أصبح إقليم ميكونج لايكفى لإنتاج الغذاء بما يحقق
طموحاتها فى صعودها الصينى المتميز، والصين تنظر حاليا إلى خارج حدودها
لاستيراد نوعيات كبيرة من القمح والذرة.وقد أصبحت موضوعات الندرة وكيفية
مواجهتها والقضاء عليها هى العامل الرئيس فى النظام العالمى، والندرة هنا
تشمل المياه والغذاء والطاقة، المكونات الأساس فى عالمنا هذا. جاءت أزمة
الغذاء هذه لتوقظ الرأي العام من خدر ادعاءات كاذبة طالما روجتها شركات
الزراعة الرأسمالية الكبرى، تزعم أن الزراعة الرأسمالية قادرة على توفير
الغذاء للبشر كلّهم، والقضاء التام على شبح المجاعات وسوء التغذية وارتفاع
أسعار الغذاء. ولقد صدرت عن المركز القومي المصري للترجمة النسخة العربية
من كتاب تحت عنوان حروب الغذاء.. صناعة الأزمة من تأليف والدن بيللو،
وبترجمة وتقديم خالد الفيشاوي. يعرض الكتاب تفاصيل كثيرة في أزمة الغذاء.
ويبين هذه التفاصيل عبر عناوين هي: رأسمالية ضد الفلاح، انحسار الريف
المكسيكي، صناعة أزمة الرز في الفيليبين، تدمير الزراعة الأفريقية،
الفلاحون والحزب والأزمة الزراعية في الصين، الوقود الزراعي وأزمة الغذاء،
والمقاومة والطريق نحو المستقبل. يقول المترجم إن الكتاب قوبل بكثير من
الاهتمام والاحتفاء، لتزامنه مع انفجار أزمة الغذاء وتفاقمها منذ عام 2006.
فقبل تلك الأزمة، كان صعباً على الرأي العام أن يتقبّل اتهام الزراعة
الرأسمالية الحديثة بالعبث، أو الحديث عن تطوير الأساليب التقليدية في
الزراعة باعتبارها أكفأ من أساليب الرأسماليّة الحديثة، بل أقدر منها
أيضاً. وكذلك لم يكن مقبولاً القول إن الزراعة على مساحات صغيرة من الأرض
أعلى إنتاجية من المزارع الرأسمالية الضخمة، والبذور المهجنة وراثياً تدمر
الزراعة عمليا، والإفراط في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية مضر
بالإنسان والبيئة، بل أنه يدمّر كنوزاً من البذور وسلالات النباتات التي
تطوّرت عبر قرون على أيدي الفلاحين وبجهدهم الدؤوب والمتناغم مع الطبيعة
والبيئة. بينما يؤكد المؤلف أن أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في السنوات
القليلة الماضية، هي بالأساس أزمة إنتاج، ويجب النظر لها في إطار عملية
طويلة تمتد لقرون، من إحلال الزراعة الرأسمالية محل الزراعة الفلاحية، وعلى
الرغم من سطوة الزراعة الرأسمالية وسيادتها، فإنها لم تنجح في القضاء على
الزراعة القائمة على الفلاحين أو المزارع الأسرية، التي بقيت حتى الآن،
واستمرت في توفير جزء أساسي من الغذاء. ويشير أيضا إلى أن الجهود التي بذلت
لتشكيل منظمة التجارة العالمية، تعهدت بنشر الزراعة الصناعية، وهيمنة
الشركات الاحتكارية العابرة للقوميات عليها، من خلال فرض قواعد ونظم دولية
لتحرير التجارة، واحتكار حقوق الملكية الفكرية، لصالح سلاسل الإنتاج
المندمجة والمنتشرة على نطاق الكوكب. ويؤكد المؤلف أن هذا النظام اتبع
معايير مزدوجة، استهدفت فرض قواعد وقوانين تحرير التجارة على الجنوب، بينما
حافظت على تقديم دعم ضخم لحماية المصالح الزراعية للشمال، وأدت هذه
المعايير إلى نزع شرعية المشروع النيو ليبرالي ونسف مفاوضات جولة الدوحة.
وقد أخرجت الأزمة الاقتصادية العالمية مشروع العولمة عن مساره، وبدأ عصر
اللاعولمة، حيث تتراجع الآن السلاسل الكوكبية للإنتاج والتوزيع، وفي هذا
الإطار قد تتزايد أهمية الزراعة الفلاحية القائمة على المزارع الصغيرة،
وتبدو سبيلاً أكثر قبولاً لتنظيم إنتاج الغذاء. كما يناقش المؤلف أزمة
الزراعة في المكسيك مؤكدا أنه يجب النظر إلى أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في
المكسيك، باعتبارها عنصرا واحدا في سلسلة الأزمات، التي عصفت بالمكسيك في
العقود الثلاثة الأخيرة، ووضعتها على حافة الانهيار، وهناك علاقة وثيقة بين
أزمة الغذاء، وبين حروب المخدرات، والهجرة الضخمة نحو الشمال. ويشير
المؤلف إلى أن طاقة الزراعة الفلاحية تراجعت في المكسيك، نتيجة برنامج
تحرير التجارة في المدخلات والمنتجات الزراعية من جانب الدولة في
الثمانينيات، وبسبب اتفاقية تحرير التجارة بين بلدان أميركا الشمالية في
منتصف تسعينيات القرن الماضي، التي حولت الأراضي المزروعة بالذرة، من أجل
الاستهلاك المحلي، إلى أراض تزرع منتجات من أجل التصدير، وجعلت المكسيك
واحدة من البلدان المستوردة للغذاء، وليس لديها ما تصدره من إنتاجها
الزراعي. لقد تولى النيو ليبراليون الذين يديرون المكسيك إعادة خصخصة
الأرض، وبدعوى زيادة الكفاءة الزراعية، قاموا بطرد ما اعتبروهم فلاحين
فائضين عن حاجة العمل في الزراعة، وهم يشكلون حوالي 15 مليونا. كما يرصد
الكتاب عملية تدمير الزراعة في أفريقيا، حيث يشير المؤلف إلى أن أفريقيا
كانت مكتفية ذاتيا من الغذاء في الستينيات، أما الآن فهي تستورد نحو 25% من
احتياجاتها الغذائية، وأصبحت كل بلدانها تقريبا مستوردا صافيا للغذاء، كما
أصبح الجوع والمجاعات ظاهرة متكررة. وتعاني الزراعة في أفريقيا من أزمة
عميقة، أسبابها متعددة وكثيرة، منها الحروب الأهلية وانتشار الإيدز، ومع
ذلك فإن السبب الأكثر أهمية، يتمثل في تخلي الحكومات عن آليات السيطرة،
وتقديم الدعم للزراعة، في ظل برامج التكيف الهيكلي، الذي خضعت له غالبية
البلدان الأفريقية، مقابل المساعدات المقدمة من صندوق النقد الدولي والبنك
الدولي، لخدمة الديون الخارجية لهذه البلدان. ويقول المؤلف إن البنك الدولي
وصندوق النقد الدولي فرضا تطبيق سياسات، أسفرت عن المزيد من الفقر
واللامساواة، ودمرت القدرات الإنتاجية الزراعية والصناعية للقارة
الأفريقية، والآن يعترف البنك الدولي بأنه دفع الحكومات لخفض تمويلها
للإنتاج، وأن سياساته ساعدت على تقويض القدرة الإنتاجية الزراعية. ويتحدث
الكتاب عن الوقود الزراعي وأزمة الغذاء مؤكدا أن استخدام كلمة الوقود
الحيوي أكثر شيوعا، لما تتضمنه من إشارة لكونه غير ملوث للبيئة، ومصدرا
للطاقة لا يحمل أضرارا، لكن الحقيقة أن الوقود الزراعي، شأنه شأن المصادر
الأخرى للطاقة، يساهم في رفع حرارة الغلاف الجوي للكوكب، ولا يقدم حلاً
لمشكلة المتغيرات المناخية. لقد فاقم الوقود النباتي من تزايد أسعار الغذاء
في العامين الماضيين (2010، 2011)، إلا أن هناك أكثر من سبب لتفاقم أسعار
الغذاء، أهمها وأكثرها جذرية: سياسات التكيف الهيكلي، وتحرير التجارة،
وسياسات نزح الفائض من الزراعة من أجل التصنيع، كل ذلك أدى إلى تدمير
القطاع الزراعي في غالبية البلدان أو تقويضه على الأقل. ويمكن القول بأن
الدوافع الحقيقية، التي يتم التستر عليها، في عملية إنتاج الوقود الزراعي،
هي الفوائد والأرباح الجمة، التي تجنيها الشركات الزراعية الكبرى والنخبة
السياسية، فهم المستفيدون وحدهم من التوسع في إنتاج الوقود النباتي، أما
التبشير بتنمية مجتمعات صغيرة، وتحسين أوضاع مجتمعات فقيرة، فهو ادعاء غير
حقيقي. ويختتم المؤلف كتابه بالتأكيد على أن مقاومة العولمة في مجال
الغذاء، هي نضال ضد مؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية، وأن هناك حركات
جماهيرية بارزة مثل عمال بلا أرض تجتهد في طرح نظام لزراعة الغذاء، بديلاً
عن النظام القائم، يتحدى الدعائم والأسس التي يقوم عليها النظام الرأسمالي
للزراعة الصناعية، والتأكيد على الاعتماد على الذات في زراعة الغذاء، وحق
البشر في اختيار أشكال وأنماط الإنتاج الزراعي المناسب لكل جماعة بشرية،
ورفض الزراعة القائمة على الاستخدام الكثيف للكيمياويات أو التكنولوجيا
الحيوية، والعدالة في توزيع الأرض، والاعتماد بشكل أساسي على المزارع
الصغيرة والمشروعات التعاونية، في الإنتاج والتسويق الزراعي. ومؤلف الكتاب
هو أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفلبين، وأحد القيادات البارزة في منظمات
الحركات العالمية المناهضة للعولمة، وهو مؤسس معهد دراسات جنوب العالم،
وموقع نظرة علي الجنوب، إضافه إلي كونه رئيساً للحملة الدولية لإلغاء
الديون وعضواً في اللجنه الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي. له العديد من
الدراسات بشأن أزمة الغذاء، والأزمة المالية ، مع رؤيه نقدية لمنظمة
التجارة العالمية و صندوق النقد الدولي و البنك الدولي. أما المترجم خالد
الفيشاوي له العديد من الأبحاث والمقالات في المجلات المصرية والعربية,
ترجم العديد من الكتب منها: بانوراما الحركة العالمية لمناهضة العولمة ،
ومناهضوالعولمة في حرب تحرير العراق, وأحوال الصين.
الكتاب : حروب الغذاء.. صناعة الأزمة
المؤلف : والدن بيللو
الطبعة : الأولى-2013
عدد الصفحات :206 صفحة من القطع الكبير
الناشر : المركز القومي المصري للترجمة- القاهرة- مصر
ترجمة وتقديم :خالد الفيشاوي
يواجه
العالم تصاعدا ملحوظا فى أسعار الغذاء العالمية، هذا التصاعد يشعر به
الفقراء وأصحاب الدخول الثابتة ، ويرتبط ارتفاع أسعار القمح فى الولايات
المتحدة الأمريكية بارتفاع أسعار الغذاء العالمية، والسبب أن الولايات
المتحدة أكبر منتج للقمح فى العالم، وموضوعات الأزمة الغذائية والأمن
الغذائى هى القوى الخفية التى تحرك القوى العالمية المختلفة، للتواجد فى
أماكن مصالحها والأماكن التى توفر لها الأمن الغذائى لبلدانها، فالصين
تتواجد بغزارة فى أفريقيا وبالتحديد فى إقليم حوض النيل لتضمن وجود سلة
غذاء التى تكفيها، بعد أن أصبح إقليم ميكونج لايكفى لإنتاج الغذاء بما يحقق
طموحاتها فى صعودها الصينى المتميز، والصين تنظر حاليا إلى خارج حدودها
لاستيراد نوعيات كبيرة من القمح والذرة.وقد أصبحت موضوعات الندرة وكيفية
مواجهتها والقضاء عليها هى العامل الرئيس فى النظام العالمى، والندرة هنا
تشمل المياه والغذاء والطاقة، المكونات الأساس فى عالمنا هذا. جاءت أزمة
الغذاء هذه لتوقظ الرأي العام من خدر ادعاءات كاذبة طالما روجتها شركات
الزراعة الرأسمالية الكبرى، تزعم أن الزراعة الرأسمالية قادرة على توفير
الغذاء للبشر كلّهم، والقضاء التام على شبح المجاعات وسوء التغذية وارتفاع
أسعار الغذاء. ولقد صدرت عن المركز القومي المصري للترجمة النسخة العربية
من كتاب تحت عنوان حروب الغذاء.. صناعة الأزمة من تأليف والدن بيللو،
وبترجمة وتقديم خالد الفيشاوي. يعرض الكتاب تفاصيل كثيرة في أزمة الغذاء.
ويبين هذه التفاصيل عبر عناوين هي: رأسمالية ضد الفلاح، انحسار الريف
المكسيكي، صناعة أزمة الرز في الفيليبين، تدمير الزراعة الأفريقية،
الفلاحون والحزب والأزمة الزراعية في الصين، الوقود الزراعي وأزمة الغذاء،
والمقاومة والطريق نحو المستقبل. يقول المترجم إن الكتاب قوبل بكثير من
الاهتمام والاحتفاء، لتزامنه مع انفجار أزمة الغذاء وتفاقمها منذ عام 2006.
فقبل تلك الأزمة، كان صعباً على الرأي العام أن يتقبّل اتهام الزراعة
الرأسمالية الحديثة بالعبث، أو الحديث عن تطوير الأساليب التقليدية في
الزراعة باعتبارها أكفأ من أساليب الرأسماليّة الحديثة، بل أقدر منها
أيضاً. وكذلك لم يكن مقبولاً القول إن الزراعة على مساحات صغيرة من الأرض
أعلى إنتاجية من المزارع الرأسمالية الضخمة، والبذور المهجنة وراثياً تدمر
الزراعة عمليا، والإفراط في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية مضر
بالإنسان والبيئة، بل أنه يدمّر كنوزاً من البذور وسلالات النباتات التي
تطوّرت عبر قرون على أيدي الفلاحين وبجهدهم الدؤوب والمتناغم مع الطبيعة
والبيئة. بينما يؤكد المؤلف أن أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في السنوات
القليلة الماضية، هي بالأساس أزمة إنتاج، ويجب النظر لها في إطار عملية
طويلة تمتد لقرون، من إحلال الزراعة الرأسمالية محل الزراعة الفلاحية، وعلى
الرغم من سطوة الزراعة الرأسمالية وسيادتها، فإنها لم تنجح في القضاء على
الزراعة القائمة على الفلاحين أو المزارع الأسرية، التي بقيت حتى الآن،
واستمرت في توفير جزء أساسي من الغذاء. ويشير أيضا إلى أن الجهود التي بذلت
لتشكيل منظمة التجارة العالمية، تعهدت بنشر الزراعة الصناعية، وهيمنة
الشركات الاحتكارية العابرة للقوميات عليها، من خلال فرض قواعد ونظم دولية
لتحرير التجارة، واحتكار حقوق الملكية الفكرية، لصالح سلاسل الإنتاج
المندمجة والمنتشرة على نطاق الكوكب. ويؤكد المؤلف أن هذا النظام اتبع
معايير مزدوجة، استهدفت فرض قواعد وقوانين تحرير التجارة على الجنوب، بينما
حافظت على تقديم دعم ضخم لحماية المصالح الزراعية للشمال، وأدت هذه
المعايير إلى نزع شرعية المشروع النيو ليبرالي ونسف مفاوضات جولة الدوحة.
وقد أخرجت الأزمة الاقتصادية العالمية مشروع العولمة عن مساره، وبدأ عصر
اللاعولمة، حيث تتراجع الآن السلاسل الكوكبية للإنتاج والتوزيع، وفي هذا
الإطار قد تتزايد أهمية الزراعة الفلاحية القائمة على المزارع الصغيرة،
وتبدو سبيلاً أكثر قبولاً لتنظيم إنتاج الغذاء. كما يناقش المؤلف أزمة
الزراعة في المكسيك مؤكدا أنه يجب النظر إلى أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في
المكسيك، باعتبارها عنصرا واحدا في سلسلة الأزمات، التي عصفت بالمكسيك في
العقود الثلاثة الأخيرة، ووضعتها على حافة الانهيار، وهناك علاقة وثيقة بين
أزمة الغذاء، وبين حروب المخدرات، والهجرة الضخمة نحو الشمال. ويشير
المؤلف إلى أن طاقة الزراعة الفلاحية تراجعت في المكسيك، نتيجة برنامج
تحرير التجارة في المدخلات والمنتجات الزراعية من جانب الدولة في
الثمانينيات، وبسبب اتفاقية تحرير التجارة بين بلدان أميركا الشمالية في
منتصف تسعينيات القرن الماضي، التي حولت الأراضي المزروعة بالذرة، من أجل
الاستهلاك المحلي، إلى أراض تزرع منتجات من أجل التصدير، وجعلت المكسيك
واحدة من البلدان المستوردة للغذاء، وليس لديها ما تصدره من إنتاجها
الزراعي. لقد تولى النيو ليبراليون الذين يديرون المكسيك إعادة خصخصة
الأرض، وبدعوى زيادة الكفاءة الزراعية، قاموا بطرد ما اعتبروهم فلاحين
فائضين عن حاجة العمل في الزراعة، وهم يشكلون حوالي 15 مليونا. كما يرصد
الكتاب عملية تدمير الزراعة في أفريقيا، حيث يشير المؤلف إلى أن أفريقيا
كانت مكتفية ذاتيا من الغذاء في الستينيات، أما الآن فهي تستورد نحو 25% من
احتياجاتها الغذائية، وأصبحت كل بلدانها تقريبا مستوردا صافيا للغذاء، كما
أصبح الجوع والمجاعات ظاهرة متكررة. وتعاني الزراعة في أفريقيا من أزمة
عميقة، أسبابها متعددة وكثيرة، منها الحروب الأهلية وانتشار الإيدز، ومع
ذلك فإن السبب الأكثر أهمية، يتمثل في تخلي الحكومات عن آليات السيطرة،
وتقديم الدعم للزراعة، في ظل برامج التكيف الهيكلي، الذي خضعت له غالبية
البلدان الأفريقية، مقابل المساعدات المقدمة من صندوق النقد الدولي والبنك
الدولي، لخدمة الديون الخارجية لهذه البلدان. ويقول المؤلف إن البنك الدولي
وصندوق النقد الدولي فرضا تطبيق سياسات، أسفرت عن المزيد من الفقر
واللامساواة، ودمرت القدرات الإنتاجية الزراعية والصناعية للقارة
الأفريقية، والآن يعترف البنك الدولي بأنه دفع الحكومات لخفض تمويلها
للإنتاج، وأن سياساته ساعدت على تقويض القدرة الإنتاجية الزراعية. ويتحدث
الكتاب عن الوقود الزراعي وأزمة الغذاء مؤكدا أن استخدام كلمة الوقود
الحيوي أكثر شيوعا، لما تتضمنه من إشارة لكونه غير ملوث للبيئة، ومصدرا
للطاقة لا يحمل أضرارا، لكن الحقيقة أن الوقود الزراعي، شأنه شأن المصادر
الأخرى للطاقة، يساهم في رفع حرارة الغلاف الجوي للكوكب، ولا يقدم حلاً
لمشكلة المتغيرات المناخية. لقد فاقم الوقود النباتي من تزايد أسعار الغذاء
في العامين الماضيين (2010، 2011)، إلا أن هناك أكثر من سبب لتفاقم أسعار
الغذاء، أهمها وأكثرها جذرية: سياسات التكيف الهيكلي، وتحرير التجارة،
وسياسات نزح الفائض من الزراعة من أجل التصنيع، كل ذلك أدى إلى تدمير
القطاع الزراعي في غالبية البلدان أو تقويضه على الأقل. ويمكن القول بأن
الدوافع الحقيقية، التي يتم التستر عليها، في عملية إنتاج الوقود الزراعي،
هي الفوائد والأرباح الجمة، التي تجنيها الشركات الزراعية الكبرى والنخبة
السياسية، فهم المستفيدون وحدهم من التوسع في إنتاج الوقود النباتي، أما
التبشير بتنمية مجتمعات صغيرة، وتحسين أوضاع مجتمعات فقيرة، فهو ادعاء غير
حقيقي. ويختتم المؤلف كتابه بالتأكيد على أن مقاومة العولمة في مجال
الغذاء، هي نضال ضد مؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية، وأن هناك حركات
جماهيرية بارزة مثل عمال بلا أرض تجتهد في طرح نظام لزراعة الغذاء، بديلاً
عن النظام القائم، يتحدى الدعائم والأسس التي يقوم عليها النظام الرأسمالي
للزراعة الصناعية، والتأكيد على الاعتماد على الذات في زراعة الغذاء، وحق
البشر في اختيار أشكال وأنماط الإنتاج الزراعي المناسب لكل جماعة بشرية،
ورفض الزراعة القائمة على الاستخدام الكثيف للكيمياويات أو التكنولوجيا
الحيوية، والعدالة في توزيع الأرض، والاعتماد بشكل أساسي على المزارع
الصغيرة والمشروعات التعاونية، في الإنتاج والتسويق الزراعي. ومؤلف الكتاب
هو أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفلبين، وأحد القيادات البارزة في منظمات
الحركات العالمية المناهضة للعولمة، وهو مؤسس معهد دراسات جنوب العالم،
وموقع نظرة علي الجنوب، إضافه إلي كونه رئيساً للحملة الدولية لإلغاء
الديون وعضواً في اللجنه الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي. له العديد من
الدراسات بشأن أزمة الغذاء، والأزمة المالية ، مع رؤيه نقدية لمنظمة
التجارة العالمية و صندوق النقد الدولي و البنك الدولي. أما المترجم خالد
الفيشاوي له العديد من الأبحاث والمقالات في المجلات المصرية والعربية,
ترجم العديد من الكتب منها: بانوراما الحركة العالمية لمناهضة العولمة ،
ومناهضوالعولمة في حرب تحرير العراق, وأحوال الصين.
المصدر : الاسلام اليوم - نوافذ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق