قبل أن تقع الفأس في الرأس - روان للإنتاج الإعلامي والفني
بقلم الصادق الرزيقى
الإنتباهة
قبل
سنوات كتب كاتب مغمور بعد تلقيه معلومات خاطئة من صديق له من السودانيين
مقيم بأحد البلدان العربية، مقالاً صغيراً في صحيفة «العرب الدولية» التي
تصدر من العاصمة البريطانية، وكان يتولى رئاسة تحريرها وفي نفس الوقت
مالكها الأستاذ أحمد الهوني رحمه الله وزير الإعلام الليبي الأسبق في عهد
الملك إدريس السنوسي، وقال الصحفي المغمور «إن سبب توترات السودانيين في ما
بينهم وعنفهم يعود للشطة التي يأكلونها ....»!!
<
وصار ذلك القول محل تندر لعدد من السودانيين الذين قرأوا تلك الجملة
البائسة والتبرير الساذج والتسطيح المخجل!! غير أن ما يجعل الحيرة تلفنا
ببردتها السميكة، هو تنامي ظاهرة العنف والقتل في بلادنا، وحدوث ظواهر
غريبة على سلوك الإنسان السوداني الذي عُرف به وسارت به الركبان.. فما الذي
ألّم بنا؟
<
لكننا نحتاج اليوم إلى تفسير ووجهة نظر حول الدماء السودانية التي تسيل
هذه الأيام في الخرطوم ودارفور ومناطق أخرى، حيث يُسال الدم ويرُاق من
الجناة بدم بارد دون أن تطرف عين، وقد انتشر العنف ويتم حسم الخلاف وأخذ
الحق بالقوة وبالساعد المفتول والقبضة الحديدية.. دون أدنى رأفة وهوادة مع
انحسار مساحة الحوار والجدل بين الخصماء والغرماء.
<
في يوم واحد قتل عدد من المواطنين المسالمين من رجال ونساء وأطفال في طريق
الفاشر ــ كبكابية، واُعتدي على الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة
«التيار» في قلب الخرطوم، وتحفل صفحات الجريمة والمحاكم بالصحف بعشرات
البلاغات والحوادث الجنائية في قضايا قتل واستخدام للسواطير والفؤوس
والسكاكين.. وترتكب فظائع يشيب لها رأس الوليد، ولا يصدق عقل أنها ارتكبت
من قبل سوداني صميم.
<
فما السبب في كل هذا العنف المبالغ فيه الذي لم يعهده مجتمعنا من قبل؟
فهناك نوع من الجرائم المرتكبة دخيلة علينا لم نألفها، وربما تكون الحالة
الراهنة من التعاملات العنيفة وسفك الدماء نتيجة تراكمات ودوافع اجتماعية
ودواعٍ ثقافية.
<
من الأفضل أن تقوم مؤسساتنا العلمية ومراكز البحوث والدراسات، بالانكباب
على دراسة هذه الظواهر المقلقة وتقديم الرأي للجهاز التنفيذي ليضطلع بدوره
في وضع الكوابح لمنع تمدد هذه التلفلتات المقلقة، لأننا لو تركنا هذه
الأمور تنحدر بسرعة إلى مستوى مستبشع من دوامات العنف البدني واللفظي
واستسهال إراقة الدم، سيسقط كل شيء في الهاوية، وسندخل في مستنقع الصدامات
والمواجهات التي لا تبقي ولا تذر.
<
ومثل هذه الحوادث وأعمال العنف تستطيع قوة الدولة وأجهزتها الأمنية
مواجهتها ومكافحتها بسهولة والحد من تفاقمها، ولن تتكمن من استئصالها كما
ينبغي، لأن الظاهرة عندما تكثر تتحول إلى حالة اجتماعية ويصعب عندها
علاجها، فالنار من مستصغر الشرر، ونخشى أن يكون لها ضرام إذا لم نتحرك
بالسرعة الكافية لاحتواء ما يجري ونجنب مجتمعنا المتسامح والمتصافي هذا
المنزلق.
<
لا بد من تضافر جهود عديدة خاصة مؤسسات الدولة المعنية بالأمن والمنظمات
غير الحكومية والقيادات الاجتماعية، لتحصين البلاد من خطر العنف والسلوك
المتفلت، لأن هناك تياراً جارفاً للجريمة المنظمة والجرائم عابرة القارات،
وصار السودان في السنوات الأخيرة يفتح مصاريع أبوابه لكل الدخلاء والمقيمين
غير الشرعيين، وبينهم عصابات وأفراد مارسوا الإجرام في بلادهم ووجدوا
الفرصة للتسلل إلى بلدنا وصب الزيت على نار الخلافات المشتعلة فيه.
<
هذا الوضع خطير للغاية، فبغض النظر عن الدوافع السياسية التي قادت للتمرد
وحمل السلاح وتتم فيها ممارسة للقتل الاعتداء على المدنيين، فإن العنف الذي
تشهده المناطق الحضرية والمدن والريف من الجرائم غير ذات البعد السياسي،
يحتاج إلى الانتباه والحسم ومعرفة الأسباب ووضع وصفة العلاج بأعجل ما تيسر.
توضيح سامية:
<
قالت الأستاذة سامية أحمد محمد نائبة رئيس البرلمان، إن حديثها وتصريحاتها
التي وردت في صحف الأمس أُخرجت من سياقها وحُرفت بعض الشيء بغرض الإثارة
الصحفية، فهي لم تقل إن البرلمان برر الاعتداء على عثمان ميرغني، فالبرلمان
لا يبرر ولا يفسر بل يتخذ قرارات فقط، ولم تحاول إيجاد سبب للمعتدين،
لكنها أشارت إلى أن تصريحات عثمان ميرغني التلفزيونية في ما يتعلق بثوابت
الأمة العربية والإسلامية بشأن القضية الفلسطينية والتطبيع مع إسرائيل،
كانت تحتاج إلى إجراء محدد من اتحاد الصحافيين بمحاسبة عثمان، ولو تم ذلك
لسهل احتواء المسألة ومنع تمددها وتنفيس الغضب الشعبي منها.. وأشارت إلى
أنها أدانت الحادثة واعتبرتها عملاً مشيناً خارجاً على القانون، ولا بد من
محاسبة الجناة.
سنوات كتب كاتب مغمور بعد تلقيه معلومات خاطئة من صديق له من السودانيين
مقيم بأحد البلدان العربية، مقالاً صغيراً في صحيفة «العرب الدولية» التي
تصدر من العاصمة البريطانية، وكان يتولى رئاسة تحريرها وفي نفس الوقت
مالكها الأستاذ أحمد الهوني رحمه الله وزير الإعلام الليبي الأسبق في عهد
الملك إدريس السنوسي، وقال الصحفي المغمور «إن سبب توترات السودانيين في ما
بينهم وعنفهم يعود للشطة التي يأكلونها ....»!!
<
وصار ذلك القول محل تندر لعدد من السودانيين الذين قرأوا تلك الجملة
البائسة والتبرير الساذج والتسطيح المخجل!! غير أن ما يجعل الحيرة تلفنا
ببردتها السميكة، هو تنامي ظاهرة العنف والقتل في بلادنا، وحدوث ظواهر
غريبة على سلوك الإنسان السوداني الذي عُرف به وسارت به الركبان.. فما الذي
ألّم بنا؟
<
لكننا نحتاج اليوم إلى تفسير ووجهة نظر حول الدماء السودانية التي تسيل
هذه الأيام في الخرطوم ودارفور ومناطق أخرى، حيث يُسال الدم ويرُاق من
الجناة بدم بارد دون أن تطرف عين، وقد انتشر العنف ويتم حسم الخلاف وأخذ
الحق بالقوة وبالساعد المفتول والقبضة الحديدية.. دون أدنى رأفة وهوادة مع
انحسار مساحة الحوار والجدل بين الخصماء والغرماء.
<
في يوم واحد قتل عدد من المواطنين المسالمين من رجال ونساء وأطفال في طريق
الفاشر ــ كبكابية، واُعتدي على الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة
«التيار» في قلب الخرطوم، وتحفل صفحات الجريمة والمحاكم بالصحف بعشرات
البلاغات والحوادث الجنائية في قضايا قتل واستخدام للسواطير والفؤوس
والسكاكين.. وترتكب فظائع يشيب لها رأس الوليد، ولا يصدق عقل أنها ارتكبت
من قبل سوداني صميم.
<
فما السبب في كل هذا العنف المبالغ فيه الذي لم يعهده مجتمعنا من قبل؟
فهناك نوع من الجرائم المرتكبة دخيلة علينا لم نألفها، وربما تكون الحالة
الراهنة من التعاملات العنيفة وسفك الدماء نتيجة تراكمات ودوافع اجتماعية
ودواعٍ ثقافية.
<
من الأفضل أن تقوم مؤسساتنا العلمية ومراكز البحوث والدراسات، بالانكباب
على دراسة هذه الظواهر المقلقة وتقديم الرأي للجهاز التنفيذي ليضطلع بدوره
في وضع الكوابح لمنع تمدد هذه التلفلتات المقلقة، لأننا لو تركنا هذه
الأمور تنحدر بسرعة إلى مستوى مستبشع من دوامات العنف البدني واللفظي
واستسهال إراقة الدم، سيسقط كل شيء في الهاوية، وسندخل في مستنقع الصدامات
والمواجهات التي لا تبقي ولا تذر.
<
ومثل هذه الحوادث وأعمال العنف تستطيع قوة الدولة وأجهزتها الأمنية
مواجهتها ومكافحتها بسهولة والحد من تفاقمها، ولن تتكمن من استئصالها كما
ينبغي، لأن الظاهرة عندما تكثر تتحول إلى حالة اجتماعية ويصعب عندها
علاجها، فالنار من مستصغر الشرر، ونخشى أن يكون لها ضرام إذا لم نتحرك
بالسرعة الكافية لاحتواء ما يجري ونجنب مجتمعنا المتسامح والمتصافي هذا
المنزلق.
<
لا بد من تضافر جهود عديدة خاصة مؤسسات الدولة المعنية بالأمن والمنظمات
غير الحكومية والقيادات الاجتماعية، لتحصين البلاد من خطر العنف والسلوك
المتفلت، لأن هناك تياراً جارفاً للجريمة المنظمة والجرائم عابرة القارات،
وصار السودان في السنوات الأخيرة يفتح مصاريع أبوابه لكل الدخلاء والمقيمين
غير الشرعيين، وبينهم عصابات وأفراد مارسوا الإجرام في بلادهم ووجدوا
الفرصة للتسلل إلى بلدنا وصب الزيت على نار الخلافات المشتعلة فيه.
<
هذا الوضع خطير للغاية، فبغض النظر عن الدوافع السياسية التي قادت للتمرد
وحمل السلاح وتتم فيها ممارسة للقتل الاعتداء على المدنيين، فإن العنف الذي
تشهده المناطق الحضرية والمدن والريف من الجرائم غير ذات البعد السياسي،
يحتاج إلى الانتباه والحسم ومعرفة الأسباب ووضع وصفة العلاج بأعجل ما تيسر.
توضيح سامية:
<
قالت الأستاذة سامية أحمد محمد نائبة رئيس البرلمان، إن حديثها وتصريحاتها
التي وردت في صحف الأمس أُخرجت من سياقها وحُرفت بعض الشيء بغرض الإثارة
الصحفية، فهي لم تقل إن البرلمان برر الاعتداء على عثمان ميرغني، فالبرلمان
لا يبرر ولا يفسر بل يتخذ قرارات فقط، ولم تحاول إيجاد سبب للمعتدين،
لكنها أشارت إلى أن تصريحات عثمان ميرغني التلفزيونية في ما يتعلق بثوابت
الأمة العربية والإسلامية بشأن القضية الفلسطينية والتطبيع مع إسرائيل،
كانت تحتاج إلى إجراء محدد من اتحاد الصحافيين بمحاسبة عثمان، ولو تم ذلك
لسهل احتواء المسألة ومنع تمددها وتنفيس الغضب الشعبي منها.. وأشارت إلى
أنها أدانت الحادثة واعتبرتها عملاً مشيناً خارجاً على القانون، ولا بد من
محاسبة الجناة.
بقلم الصادق الرزيقى
الإنتباهة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق