الأحد، 6 يوليو 2014

متظاهرون في رمضان ..؟!..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني

متظاهرون في رمضان ..؟!..د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني



ونحن
نعيش أيام شهر رمضان، شهر الصيام والقيام والعتق من النار، شهر القرآن
وليلة القدر، ومع امتلاء المساجد بالمصلين والإقبال على الله لدى كافة
شرائح مجتمعنا المسلم الطيب..

ومع ذلك يلفت الانتباه تجمعات كثيرة بكثير من الشوارع الرئيسة بالعاصمة
وحتى الفرعية كذلك، على الكباري وبأرصفة وشواطئ النيل، عند المحطات وأمام
المحلات.. فما أن يمضي وقت الفطور بقليل، وقبل أذان وصلاة العشاء تحصل هذه
التجمعات، في هذه الأماكن وأماكن غيرها! بل استحدثت بعض الجهات لهذه
التجمعات ملاعب مضاءة تكتظ باللاعبين من الشباب في هذا الوقت..

وأكرر : تبدأ هذه المظاهر والتجمعات قبيل صلاة العشاء! وحتى لا يقول لي
بعض الزاهدين في رحمة الله إن التراويح سنة وليست فريضة.. فإن هذه التجمعات
قبيل أداء فريضة الله صلاة العشاء.. وفي شهر العتق من النار وقبيل صلاة
التراويح في شهر التراويح والتهجد!! الذي يمر بعدة طرق رئيسة وغير رئيسة
في هذا الوقت ــ قبيل صلاة العشاء ــ يرى هذه التجمعات، مجموعات تسير على
الكباري قد اكتظت بهم، نساء متبرجات فرادى وجماعات وشباب غافل عن ذكر الله
مجيب لداعي الهوى، ومجموعات تعسكر عند بائعات الشاي، ومجموعات تلعب كرة
القدم، ومجموعات تجتمع على الشيشة.. وجميعهم يهتفون هتافاً واحداً ــ بلسان
الحال وليس بلسان المقال ــ أن لا تعظيم لهذا الزمان المبارك ولا إجلال
لشهر رمضان وإنهم زاهدون بل معرضون عن خيراته وبركاته، وأن الهوى وملذات
النفس تقدم لديهم على توجيهات الرحمن وما نصح به سيد ولد عدنان عليه الصلاة
والسلام.. ويعلنون بهتافهم الصامت الذي يدل عليه الفعل والتصرفات ـ والفعل
قد يكون أبلغ من القول كما لا يخفى ـ يعلنون أنهم عبيد للشيطان وعبيد
لأنفسهم التي تؤزهم على الشر والعصيان أزاً، يعلنون أنهم في هذا الأمر وهذه
الفريضة قد تحرروا من عبودية الله التي خلقهم لأجلها وهربوا بأنفسهم
لعبودية أنفسهم وعبودية الشيطان..

هربوا
من الرق الذي خلقوا له *** فبلوا برق النفس والشيطان فهذه المظاهر
والتجمعات القبيحة الآثمة تحمل في طياتها المجاهرة بالعصيان لله الرحمن في
شهر رمضان وقد ورد الوعيد الشديد للمجاهرين والمجاهرات بالإعراض والعصيان
فقد قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام : «كل أمتي معافى إلا
المجاهرين».. وهي مجاهرة تنذر بمزيد من العقوبات العامة ونحن دوماً بحاجة
إلى رحمة الله... وإذا كان وقوع هذا النوع من المظاهر القبيحة من الأمور
التي تقع في كل بقاع الدنيا لوجود الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء،
فإنه يجب على جهات كثيرة القيام بالواجب تجاهها.. فمن يا ترى هي الجهات
التي يجب عليها أن تواجه الجموع المتظاهرة والتي تعلن الإعراض عن رحمة الله
في رمضان، تلك الجموع المقاطعة للمساجد والتراويح في شهر رمضان ؟! من يا
ترى هي الجهات التي تتصدى لهؤلاء المتظاهرين بالحسنى، وتأخذ بأيديهم وتسعى
لإنقاذهم مما هم فيه؟! هل يا ترى لوزارة الأوقاف والإرشاد ولأمانات العقيدة
والدعوة دور في إيصال النصح لهؤلاء؟! وهل لعامة العلماء والدعاة والوعاظ،
ولعامة الناس دور في إنكار هذا المنكر بالأسلوب الشرعي، وأين دور الأسرة؟!
فدورها رئيس في التربية والنصح لأبنائها والمحافظة عليهم من مضلات الفتن..
ليقم الجميع بدوره ويؤدي مسؤوليته مع استصحاب الرفق واللين لدلالة هؤلاء
إلى ما فيه الخير لهم؟! وفي المقابل ما هي الجهات التي تسهم في زيادة هذه
التظاهرات؟! وما هي الجهات التي ترعى تلك الملاعب المضاءة التي تضاء قبل
صلاة العشاء وتكتظ باللاعبين في وقت صلاة فريضة العشاء في رمضان؟! تأملت
هذا النوع من التظاهرات فهالني الأمر وذلك لعلمي أن نصح هؤلاء المعرضين
والغافلين هو من الواجب الكفائي الذي إذا قام به البعض سقط الإثم عن
الباقين، وإن لم يقم به أحد أثم الجميع، فاللهم رحماك رحماك.. أين نحن من
الشفقة والحرص على هداية هؤلاء التائهين الحيارى؟! أين براءة الذمة في هذا
الجانب؟! وأين المعذرة إلى الله وإقامة الحجة على هؤلاء؟!

مؤسف
أن تكون ديار إسلام كديارنا يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة
تكاد أن تكون غائبة.. وقد كان مما يبايع عليه الصحابة الكرام نبي الهدي
والرحمة: النصح لكل مسلم فالنصيحة هي من حق المسلم على أخيه المسلم ففي
حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم قُلْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَشَرَطَ عَلَيَّ وَالنُّصْحِ
لِكُلِّ مُسْلِمٍ فَبَايَعْتُهُ». ولبعض الإدارات والأجهزة ببعض الدول دور
مشرِّف في الإتيان عند أماكن تجمع أمثال هؤلاء ونصحهم بالوسائل المناسبة
والإهداء لهم من بعض المنشورات والكتيبات ومناقشتهم.. فأين يا ترى
دورالإخوة بأمانات الدعوة وأين دورالإخوة في المنظمات والجمعيات الدعوية؟!
إن لم ينصحوا هم وعامة الناس هؤلاء فمن يا ترى من يقوم بنصحهم؟!

والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر مما فضلت الأمة به قال الله تعالى: «كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَت لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه». فكيف نضيع سبباً
هو من أسباب تفضيل أمتنا على غيرها من الأمم .

ولما
فرط بنوا إسرائيل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأضاعوه، قال الله
جل وعلا في حقهم: «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا
وَكَانُوا يَعْتَدُونَ». ثم فسر هذا العصيان فقال سبحانه: «كَانُوا لا
يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُون».
فجعل هذا من أكبر عصيانهم واعتدائهم، وجعله التفسير لهذه الآية.

وقد
قال النبي عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون
عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا
يستجيب لكم».
الانتباهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق