الأربعاء، 9 يوليو 2014

كيف تكتب البداية الصحيحة للفيلم أو المسلسل ? - روان للإنتاج الإعلامي والفني

كيف تكتب البداية الصحيحة للفيلم أو المسلسل ? - روان للإنتاج الإعلامي والفني



البداية


الله يخلق كل شيء من بداية تبدأ منه نحو اكتماله ومنتهاه ، وبما أن
الإنسان مخلوق لا يستطيع أن يخلق فهو يصنع والصنع له بداية حتمية تتكون
من أشياء موجودة لكنها متناثرة ليست لها بنفسها معنى واضح ، وليس بينها
رابط ، ليصنع منها الصانع قواما جديدا وشكلا فريدا بغرض جديد واسم جديد
بهدف نبيل لتؤدى حاجة جليلة وخدمة عظيمة .


فأنت أيها المؤلف مستخلف عن الله بما منحك من موهبة تصنع جزءا من الدنيا
التى خلقها الله وتصنع تشبيها لها ، بحسن صنعة ونبل هدف ، كما خلقها الله
وصورها بدقة وكل مخلوق ميسر لما خلق له ومطلوب منه أن يقوم بدوره ويؤديه ،
متبعا أوامره ومنتهيا بنواهيه ، ولا تزيد ولا تنقص ، لتحقق أكبر قدر من
الإقناع والمعقولية ، فالإنسان أعظم مخلوقات الله ، وبكل ما أوتى من قوة
فهو له مقدرة محدودة - برغم أنها مطلقة - على الفعل كما نعرفه ونعيه جميعا
، فالإنسان لا يستطيع أن يأتي بالخوارق ويحول المستحيل ليجعله ممكنا إلا
بإعانة من الله تلك القوة العليا التى لا تدانيها قوة ولا تساويها عظمة ،
ومن هنا تأتى المعقولية ومشابهة الحياة ومحاكاة الواقع المقنع 0

والله القادر على كل شيء خلق الدنيا فى ستة أيام بسبع سماوات طباقا ، وخلق الإنسان فى سبعة أطوار ومراحل ليجعله أحسن الخلق0

كذلك
عندما تخلق أو تبدع أو تكتب القصة فأنك تخلقها على سبع مراحل بسبع أسس لا
غنى عنها على الإطلاق وهى البداية - الابتلاء- الزلة - العقدة -
الانفراجة - التعرف - النهاية .


البداية هى الفعل الأول الذى لا يسبقه شيء بالضرورة ، ويتكون من مشاهد
متتالية تربط بينها حبكة عظيمة يلحم بعضها ببعض على أساس من الحتمية
والاحتمال لتكون عظيمة ومقنعة ، يبنى عليها أحداثا من أفعال أخرى تتحقق
بالضرورة لتصل إلى وحدة أخرى؛ وتشي بمضمون القضية التى ستطرح بدون أن تكون
القضية سابقة التجهيز عن البداية الحقيقية المشاهدة ، فليس باستطاعتنا أن
نعرف ما لم نره أو نسمع عنه ، فلا تبدأ بقضية دون أن تكشف أسبابها من
البداية الطبيعية المنطقية المقنعة , عندما يبوح البطل ويكشف عما يريد
الحصول عليه وما يريد تحقيقه مستعرضا كل ما يتعلق به ، ثم يبدأ فى طرح
المشكلة التى تواجهه ، ومن ثم ندرك نحن حتى دون أن يتكلم أنها لا تكفى ولا
تفى بمتطلبه الذى يريد الحصول عليه0


البداية تتكون من مجموعة من المشاهد ، منها مشهد مثير جذاب مشوق ممتع
غامض ، لشخصية عظيمة ، له حاجة كبيرة يريد الحصول عليها وهدف يريد
تحقيقه ، تختلف مع حاجات شخوص آخرين ، أو تتفق ، فينشأ الصراع على أشده ،
وتكون المفارقة من أن الصراع يشب من أقرب الناس ، أو على الأقل من آخرين
يعرفهم ، فيتآمرون عليه للوقيعة به ، ويبدأون فى استعمال الدهاء والمكر
والحيلة ، بأن يظهروا له أنهم سيساعدونه فى الحصول على حاجته وبلوغ هدفه ،
وهم يقصدون غير ذلك تماما ، وبالمكر والخديعة يتغلبون عليه ، ويضعونه فى
أزمة كبرى تكاد تعصف بحياته – فنخاف عليه - فيصبر عليها ويتحمل ، ويحاول
تلمس طريقه ويجاهد من أجل ذلك أيما مجاهدة ، بينما هم يصيرون سعداء لأنهم
انتصروا وتغلبوا عليه ظنا منهم أنهم نجحوا فيما خططوا له 0 وتحدث
المصادفة المفرحة حيث بالأدوات التى أوقعوه بها يستعملها هو ويحولها إلى
أداة له تكون نفسها سببا فى الخروج من أزمته ، وتكون سببا فى نجاته مما
يهدد حياته ، ويستطيع أن يواصل طريقه وتكون فرجا له ، ولكن تحدث المفارقة
العجيبة أن من يكون سببا فى نجاته ومساعدته من غير قصد هو نفسه سبب فى
شقائه وحزنه بقصد وتعمد بوضعه فى ورطة أكبرى 0 فيصبر ويحتسب ويتحمل
المعاناة والآلام وهو يصر على مواصلة طريق نحو حاجته وهدفه الذى يضعه نصب
عينيه لا يثنيه عنه أى ممانعة أو صراع أو مجابهة مهما كانت ؛ ويبذل
مجهودا جبارا ويدخل إلى حلبة الصراع بكل ما أوتى من قوة يمتلكها من علم
وعقل وصبر وحكمة حتى يستطيع أن يتغلب ويحول ما فيه من أزمة له إلى أزمة
لمصارعيه الذين يستطيع التغلب عليهم ، وتنقلب الحال وتحدث المفارقة مرة
أخرى , أن من كان سببا فى شقائه وورطته بقصد وتعمد يكون سببا فى سعادته
بغير قصد ولا تعمد ، حيث يجد نفسه فى الطريق الذى رسمه لنفسه ويقترب
كثيرا من الحصول على حاجته 0

بداية البداية ( الضعف )

مشهد مثير جذاب مشوق ممتع ، مستحيل ، أو ممكن ، أو خيالي ، أو واقعي ، مفرح كان أم محزنا ، يفصح فيه ويوضح

من الشخصية الرئيسية البطل ؟

ما اسمه ؟

أذكر أم أنثى ؟

شاب أم رجل ؟

أعزب أم متزوج ؟ وإن كان أعزبا فلماذا ؟ وإن كان متزوجا هل يحب زوجته أم لا ؟ وإن كان لا يحبها فلماذا ؟


هل يعمل أم لا يعمل ؟ وإن كان يعمل فما العمل الذى يعمله وإن كان لا
يعمل فلماذا لا يعمل ؟ أيوجد مانع طبيعى كالإعاقة الطبيعية ؟ أم أن هنالك
موانع اقتصادية أو سياسية أو غيرها ؟ أهو يعيش بمفرده أم فى وسط عائلته ,
أمه , أبيه , أخوته ؟

وهل هو الابن الوحيد أم أن له أخوة ؟ وما ترتيبه بينهم ؟ أهو عطوف أم قاس ؟ أهو محبوب أم مكروه؟ أهو مقدام شجاع أم جبان متخاذل؟

أهو كريم أم بخيل؟

متعلم أم جاهل؟

أهو متفائل أم متشائم ؟ وما مصدر تشاؤمه ؟ وما مصدر تفاؤله ؟

أهو محبوب من والديه أم لا ؟


أهو متعاون معهما أم لا ويحب نفسه ؟ هل يعتمدون عليه أم يفقدون الأمل
فيه؟ ولماذا إذا كانا لا يعتمدان عليه ؟ أهو أناني أم يحب الآخرين 0

ماذا يريد أن يحصل عليه ؟

ماذا يريد أن يحققه؟

ما المشكلة التى تواجهه؟


ما إمكانياته النفسية والاقتصادية والمادية والعائلية التى ستساعده فى
الحصول على حاجته وتحقيق هدفه ، أم سيكونون سبب شقائه وفشله ومصارعته؟

ما المكان الذى تجرى فيه المشاهد ؟ أهو قرية أم مدينة ؟ فى البيداء أم فى الحضر؟

أهو
مكان داخلي ، بيت ، قصر ، خيمة ، حجرة ، صالة ، مصنع ، أو نحو ذلك ؟ أم
مكان خارجي فى الشوارع ، الحدائق ، الجبال ، المزارع ، الوديان التلال؟


ما فلسفتك من تحديد ومسرحة المشهد ؟ أتبين المكان الذى يعيش فيه البطل ؟
أم مكان عمله ؟ أم مكان مشكلته؟ أم مكان قضيته ؟ أم توضح مكان معيشته
وإظهار وضعه الاجتماعي من أنه غنى أم فقير ؟ من طبقة راقية أم من طبقة
شعبية ؟


ما الزمان الذى يجرى فيه المشهد ؟ هل يجرى الفعل فى الليل أم فى النهار ؟
وإن كان ليلا فلماذا ؟ وماهدفك من ذلك؟ هل لتبين أنه مقدم على أيام صعبة
ومشاكل جمة ؟ ومستقبله غامض ؟ أم نهارا لتدلل أن حياته ميسرة مستبشرة ؟ أم
تختار أن يكون المشهد يشي بالسعادة ونبل الحاجة والهدف لذا هو فى النور ؟
أم فى الظلام لأنه يوحى بالحزن والكآبة والحاجة ليست وجيهة والهدف ليس
نبيلا0


يشتمل المشهد الأول كل أو معظم أفراد أسرة البطل ومدى علاقتهم به ؟ ومدى
الروابط بينهم ، ومدى مكانته بينهم ؟ وهل يتفقون معه فيما يريد أم يختلفون
معه؟ وإن كانوا يتفقون فلماذا ؟ وإن كانوا يختلفون فلماذا ؟ أيبدأ الصراع
من داخل الأسرة ويكون بعضها طرفا فيه ؟ أم الجميع متوافق معه ولذا هم
يقفون معه ويمثلون طرفا أول من أطراف الصراع؟


بعد أن عرفنا من هو البطل ؟ ومن هم أهله ؟ ومن خلالهم يبدأ البطل فى
الإفصاح عن حاجته التى يريد أن يحصل عليها ، ويفصح عن هدفه الذى يريد أن
يحققه ،

ومنه نعرف ما الموضوع ما القضية التي تود طرحها ؟

ما
المشكلة التى تود التعرض لها وكشفها وتعريتها وكشف مسالبها التى يريد أن
يصلحها وتمثل حاجته ، ويسبرأغوارها ويناقشها وتكون من ضمن أهدافه ، وذروة
حاجته ، تخدم البطل وتخدم آخرين ،

كما
توضح وتكشف لماذا يفعل هؤلاء الشخوص هذا الفعل؟ ماذا يفعلون ؟ وكيف
يفعلون ؟ وبأي وسيلة ؟ وهو ما يكشف فكر البطل أولا وعقيدة الشخوص الآخرين ؟
وطريقة تفكير البطل والشخوص هى التى تبين وتوضح عقيدتهم الدينية ومعتقدهم
السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي ، وهو الذى على أساسه يتصرفون ويفعلون
ويتكلمون ويختارون ، ومنه نستطيع نحن الحكم عليهم، فاضلهم من رذيلهم ،
تقيهم من عاصيهم ، شقيهم من سعيدهم ، من نقتدى ومن لا نقتدى به ؟ من نحبه
ويستلب تعاطفنا وشفقتنا ورأفتنا وخوفنا ودعاءنا ومؤازرتنا ؟ ومن يقطع كل
ذلك لهم ؟

فيها يتم التوضيح والكشف عن الطرف الآخر الذى من الممكن أن يقف عقبة فى طريق البطل ويصارعه ويعترض طريقه ،


أو ذكر الممانعات والمشكلات والعوائق التى من الممكن أن تقابله نظير
تحقيق حاجته ، منها ما هو حتمى ، ومنها ما هو ليس حتميا ولكنه محتمل أن
يكون عارضا ومانعا غير متوقع فى لحظة ما ومشهد ما وموقف ما ، مما يسهم فى
تعطيل البطل بل يصنع أزمة كبرى له لم يكن يعدها بين حساباته ، مما تصنع
عقبة كبرى يجب عليه تخطيها ، وتخطيها ليس بالأمر اليسير ، ومن الممكن أن
يكون غير الحتمى ولكنه محتمل هو الذى يقع فجأة وييسر على البطل حاجته أو
يخرجه من أزمة هو فيها , مما تسبب له فرحا وتسبب لنا نحن المشاهدين سعادة
وفرحا أيضا , لأننا لم نكن نتوقعه ولم نكن نعول عليه كما أن البطل هو الذى
حدث فيبهرنا ، وهذا الإبهار هو الذى يدعونا للصلاة على الأنبياء , مما
يجعلنا نؤدي نوعا من العبادة التى تطهر النفوس وتذكى القلوب والأرواح ,
وتكون مطهرة من الأدران ووجع الضمير من أننا نضيع وقتا يلهينا عن ذكر الله
0

ذروة البداية (القوة ) التى هى عقدة البداية0


هى أول عقبة تكون فى طريق البطل بعد أن أفصح عن حاجته وهدفه ، مما
يكون مدعاة لإظهار الشخوص الآخرين الذين يوافقون أو يخالفون حاجته ,
وبالتالي ينافسونه فى الحصول عليها ، ومن ثم يبدأ الصراع بينهما ونعرف
بوضوح طرفى الصراع ، والصراع من طبيعته أن يكشف نبل الهدف ونبل الشخوص من
تواضعها ، ويبين أى الفريقين على الحق والصدق والخير ؟ من الخَيِّر ومن
الشرِّير ؟ ومن المؤكد أن يكون البطل هو الذى يمثل طرف الفضيلة ، لأن
البطل لابد أن يكون من أصحاب النفس المطمئنة أو اللوامة ، وأن يكون
مصارعوه من أصحاب النفس الأمارة بالسوء الأراذل0 وأما أن يكشف الشخوص
الآخرين الذين تختلف حاجاتهم عن حاجة البطل , وبالتالي هم يصارعونه لأن
تحقيق حاجته إيذان بعدم تحقيقهم حاجتهم ، أى يكون حاجة وهدف طرف حجر عثرة
لحاجة وهدف الآخر فيتولد الصراع والمشاحنة والبغضاء على أشدها وهو المطلوب
، فلا قصة دون صراع ، والصراع هو وقود القصة وأداة الجذب والشد والإمتاع
فيها0


لابد من أزمة كبيرة تظهر طرفى الصراع ، وتظهر مدى فاعلية البطل ، وما
مصادر قوته التى سيعتمد عليها فى الخروج من الأزمات ، وخاصة عند وحدة
العقدة الكبرى التى تكون فى منتصف القصة حيث تنغلق جميع الأبواب فى وجهه ،
ولا يبقى له من حل محتمل بعد الاستعانة والتضرع لله من ميزة يمتاز ويشتهر
بها ، هى التى سيقيض الله من يحتاج إليها فيستعملها البطل ولا يكون أمامه
ولا عنده غيرها هى التى تخرجه من هذه العقدة المستحكمة ، وبالتالي تكون
محل إقناعنا نحن ، يجب عليك أن تركز عليها وتوضحها فى أول عقبة تقابله ،
وليس بالضرورة استعمالها واستغلالها من البداية ، وتكون الميزة مثل ، قوى
الحجة ، عنده علم ما يمتاز به ، عنده حرفى أو مهنة ما يمتهنها ويكون مميزا
بها ، من أصحاب العضلات القوية والجسم المفتول ، يتحلى بالصبر فهو صبور
إلى أكبر حد0

حل
أو نهاية البداية : وفيه يوجد حل للتعقيد السابق ليواصل البطل طريقه و
يجتاز أول عقبة تقابله مع المحافظة على الغموض والتشويق والإثارة قدر
الإمكان على أن تجعل ما سيحدث محتملا لا حتمي الوقوع ، وأن يكون الحل مفرحا
ولا يكون مفرحا إلا باعتماده على السخرية أو المفارقة ، وذلك يتأتى من
سبب العقبة التى هو فيها ويقطع مسافة بمجهود خارق يستعمل فيه كل أدواته
التى يملكها حتى يستطيع أن يحول سبب العقبة إلى أداة للخروج منها , وينجح
فى ذلك مما تكون مدعاة للفرح له والسعادة والضحك لنا من خصمه ومصارعيه ،
ثم يواصل طريقه نحو حاجته ، وإن كان ذلك بصعوبة بالغة تجعلنا نجله ونحترمه
ونكبره ؛ لأنها تظهر قوته ونبله ومدى إصراره وتمسكه بحاجته وهدفه ، الذى
من أجله يعمل ويجتهد ويصارع ويقاوم ويتحمل . وهذه البداية عند تطبيقها
التطبيق الكامل فأنها تنتج القصة التراجيكمدى ،ولكن حين تغير صفات بطلها
إلى عكسها يكون بطل التراجيديا السوداء التى تنتهى بالحزن للبطل والخسارة
أو الفاجعة العظيمة .

من كتابى أسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم
المصدر : كنانة اولاين - موقع فتحى حسان محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق