الاثنين، 19 أكتوبر 2015

السودان والقائمة الأمريكية للإرهاب - روان للإنتاج الإعلامي والفني

السودان والقائمة الأمريكية للإرهاب - روان للإنتاج الإعلامي والفني



>
حتى نفهم حديث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أول أمس في محاضرة له
بجامعة هارفرد ببوسطن في سياقاته الحقيقية والموضوعية، بأن بلاده على
استعداد لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب
شريطة إحداث تقدم في عملية الحوار والتفاوض حول حل قضية دارفور والمنطقتين
جنوب كردفان والنيل الأزرق، علينا أن ندرك ما هي الدوافع الحقيقية وراء هذا
الحديث للسيد كيري؟؟ وهل هناك رغبة أمريكية صادقة في هذا الاتجاه، وتمت
مناقشة ما يمكن أن تفعله الحكومة من إجراءات بشأن هذه المناطق وصراعاتها في
لقاء «غندور ــ كيري» بداية هذا الشهر في نيويورك؟

>
يجدر بنا أن نورد ملاحظة مهمة قبل الخوض في حديث كيري الأخير، وما إذا
كانت الولايات المتحدة تربط عملية رفع العقوبات بالتفاوض وحل قضية دارفور
والمنطقتين.

>
أولاً لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تشعر
بإحراج سياسي كبير في موضوع الإبقاء على السودان في قائمة أمريكا للدول
الراعية للإرهاب، فعملياً سيبقى السودان في حال استمر وجوده في القائمة هو
الدولة الوحيدة في القائمة، لأن الولايات المتحدة بصدد رفع اسم إيران من
القائمة لتلحق بكوريا الشمالية وكوبا اللتين رفعتا من القائمة مسبقاً،
فكوريا الشمالية حذفت من القائمة في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن بعد
مفاوضات طويلة حول برنامجها النووي والتسليحي، وقرنت بيونغيانغ وقف نشاطها
النووي وخضوع منشآتها للمراقبة برفع اسمها من القائمة، وقد تم ذلك في
أكتوبر عام 2008م عندما أصدر البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية
بيانات متتالية في هذا الصدد ورفع اسم كوريا الشمالية من العقوبات.

>
أما كوبا فعلى إثر التحسن الذي طرأ على العلاقة وقرار الإدارة الأمريكية
الحالية ولقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره الكوبي راؤول كاسترو في
البيت الأبيض في أبريل من العام الحالي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية
في «26» مايو 2015م رفع اسم كوبا بشكل نهائي من القائمة الأمريكية للدول
الراعية للإرهاب التي وضعت فيها في عام 1982م بعد اتهامها بدعم جماعة
«إيتا» الانفصالية في إقليم الباسك بأسبانيا، ومجموعة «فارك» الكولومبية،
وكلتا الجماعتين صنفتا إرهابيتين من الجانب الأمريكي.

>
أما إيران التي كانت من أوائل الدول التي وصمت بالإرهاب، فإن الولايات
المتحدة عازمة على رفعها من القائمة بعد الاتفاق النووي معها، وكان ذلك من
شروط إيران خلال المفاوضات الطويلة مع الدول الغربية، ومهدت الإدارة
الامريكية لذلك بإعلان مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية «جيمس كلابر» في
مارس الماضي أمام الكونغرس أن إيران وحزب الله لم يعدا من الداعمين
للإرهاب، وبات أمر الإعلان الرسمي من وزارة الخارجية أو البيت الأبيض لخروج
إيران من القائمة مسألة وقت لا غير، وتطورات العلاقة مع إيران ستقود حتماً
إلى عهد جديد في علاقة واشنطون وطهران.

>
أما سوريا وهي موضوعة على القائمة الأمريكية من وقت طويل، فستخرج هي أيضاً
من القائمة لانتفاء أسباب وضعها، فسوريا ونظامها وفق التعريف الأمريكي
للدولة لم تعد يشملها هذا التعريف، فهي في حالة فوضي عارمة ولم يعد نظامها
عند الأمريكيين يسيطر على كامل التراب السوري وفي يده إدارته كنظام حكم،
ومع ذلك يواجه النظام السوري كما تقول واشنطون، إرهاباً خطيراً هو تنظيم
«داعش»، وهذا ما جعلها تتعاون مع الحلفاء الغربيين في الحرب عليه، ثم دخلت
روسيا على الخط بتنسيق أمريكي إسرائيلي للحرب على «داعش».. فسوريا لم تعد
موجودة في القائمة ولا تمثل خطراً يهدد أمن الولايات المتحدة وهي الذريعة
التي تبرر تصنيف الدول الراعية للإرهاب.

>
فمن سيبقى في القائمة الأمريكية؟ تبقى السودان وحده، وملف السودان في
التعاون في الحرب على الإرهاب ومحاربته في المنطقة والعالم وما يملكه من
معلومات وخبرة يكفي للتعامل معه ورفعه من القائمة، كما أن السودان قام
بأدوار فعالة في هذا المجال أدت إلى إجهاض الكثير من مخططات المجموعات
الإرهابية في شرق إفريقيا والمنطقة العربية كانت تستهدف مصالح أمريكية.

>
فبقاء السودان وحده في القائمة يشكل حرجاً للإدارة الأمريكية وحلفائها،
ولا تستطيع الولايات المتحدة كونها دولة كبيرة تهيمن على القرار العالمي
الاحتفاظ بقائمة تضم دولة واحدة وليس لها سجل حافل أو مكتنز بدعم الجماعات
الإرهابية.

>
فهذا الحرج السياسي والدبلوماسي وظلاله وما يترتب عليه لدى واشنطون، ثم
أجواء الحوار السوداني الأمريكي ودنو الانتخابات الرئاسية وحمى سباقها الذي
بدأ داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تجعل من حديث كيري ذا قيمة، لكنه
يخطئ كما تفعل واشنطون دائماً في طرق الباب الصحيح.. بالحديث عن قضايانا
الداخلية والشروط التي توضع بحل قضية دارفور والمنطقتين.. فهذا هو منطق
كيري المعوج.
الانتباهة
بقلم الصادق الرزيقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق