حكم الانتحار باسم الجهاد «1»د. عارف عوض الركابي - روان للإنتاج الإعلامي والفني
قال رحمه الله تعالى في شرحه لـ «رياض الصالحين» عند شرحه لحديث الغلام والساحر:
«...
أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها
إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله،
ومن قَتَل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين، كما جاء في الحديث
عن النبي ــ عليه الصلاة والسلام ــ لأن هذا قَتَل نفسه لا في مصلحة
الإسلام، لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مئة أو مئتين لم ينتفع الإسلام
بذلك، لم يُسلم الناس، بخلاف قصة الغلام، فإن فيها إسلام الكثير، كل من حضر
«...» أسلم، أما أن يموت عشرة أو عشرين أو مائة أو مائتين من العدو فهذا
لا يقتضي أن يُسلم الناس، بل ربما يتعنت العدو أكثر، ويُوغر صدره هذا العمل
حتى يفتِكَ بالمسلمين أشد فتك، كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين، فإن
أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من
جرَّاء ذلك ستين نفراً أو أكثر، فلم يحصل بذلك نفع للمسلمين، ولا انتفاع
للذين فُجرت هذه المتفجرات في صفوفهم.
ولهذا
نرى أن ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق،
وأنه موجب لدخول النار ــ والعياذ بالله ــ وأن صاحبه ليس بشهيد، لكن إذا
فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنه جائز فإننا نرجو أن يسلم من الإثم، وأما
أن تُكتب له الشهادة فلا! لأنه لم يسلك طريق الشهادة، لكنه يسلم من الإثم
لأنه متأول، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر» اهـ
وهذا
سؤال يقول فيه السائل: فضيلة الشيخ ــ عفا الله عنك ــ نسمع في بعض ساحات
الجهاد ممن يقوم بأعمال جهادية ويسميها البعض «أعمالاً انتحارية» بأن يحمل
معه أو يلغم نفسه بالقنابل، ويلقي بنفسه بين جنود العدو لتتفجر القنابل في
جسده، فيموت أولهم، فهل يقاس هذا الفعل على العبد الذي يَعْجَب الله منه
وهو يقاتل بلا درع؟
الجواب:
هذه الأعمال الانتحارية التي يذهب الإنسان فيها إلى عدوه وقد ملأ جسمه من
القنابل لتتفجر ويكون هو أول قتيل فيها محرمة، والفاعل لها قاتل لنفسه،
وقتله لنفسه واضح، حَمَل قنابل وتفجرت به فمات، وقد ثبت عن النبي ــ عليه
الصلاة والسلام ــ أنه «من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً
فيها مخلداً»، لكن إذا كان هذا الإنسان فَعَل ذلك جاهلاً يظن أن هذا من
تمام الجهاد، فإن الله ــ سبحانه وتعالى ــ لا يعذبه بذنبه، لأنه متأول،
وأما من علم بذلك فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه، وقد يورد علينا بعض الناس في
هذا القول: أنّ البراء بن مالك ــ رضي الله عنهــ في غزوة بني حنيفة أمر
أصحابه أن يحملوه ويقذفوا به داخل الباب؛ باب الحَوْطة، من أجل أن يفتح
الباب لهم، وهذا لا شك أنه إلقاء بنفسه إلى أمر خطير، فيقال: إن البراء بن
مالك ــ رضي الله عنه ــ قد وثق من نفسه أنه سينجو، وفيه احتمال ولو واحد
من مائة أنه ينجو، لكن من تقلد بالقنابل التي نعلم علم اليقين أنه أول من
يموت بها فهذا ليس عنده احتمال ولا واحد في المائة ولا واحد في الألف أنه
ينجو، فلا يصح قياس هذا على هذا، نعم للإنسان الشجاع البطل الذي يعرف نفسه
أن يخوض غمار العدو ويخرق صفوفهم لأن النجاة فيها احتمال، وعلى هذا فيكون
إيراد مثل هذه القضية غير وارد، لأن هناك فرقاً بين من يعلم أنه سيموت ومن
عنده احتمال أنه سينجو» اهـ
المصدر: لقاء الباب المفتوح
وجواباً
على سؤال آخر: ما الحكم الشرعي في من يضع المتفجرات في جسده، ويفجر نفسه
بين جموع الكفار نكاية بهم؟ وهل يصح الاستدلال بقصة الغلام الذي أمر الملك
بقتله؟
الجواب:
«الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات
العدو قاتل لنفسه، وسيعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً،
كما ثبت ذلك عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ في من قتل نفسه بشيء يعذب
به في نار جهنم. وعجباً من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات وهم
يقرأون قول الله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً» ثم
يفعلون ذلك!! هل يحصدون شيئاً؟ هل ينهزم العدو؟ أم يزداد العدو شدة على
هؤلاء الذين يقومون بهذه التفجيرات كما هو مشاهد الآن في دولة اليهود، حيث
لم يزدادوا بمثل هذه الأفعال إلا تمسكاً بعنجهيتهم، بل إنا نجد أن الدولة
اليهودية في الاستفتاء الأخير نجح فيها «اليمينيون» الذين يريدون القضاء
على العرب.
ولكن من فعل هذا مجتهداً ظاناً أنه قربة إلى الله ــ عز وجل ــ فنسأل الله تعالى ألا يؤاخذه، لأنه متأول جاهل.
وأما
الاستدلال بقصة الغلام، فقصة الغلام حصل فيها دخول في الإسلام، لا نكاية
في العدو، ولذلك لمَّا جمع الملك الناس وأخذ سهماً من كنانة الغلام وقال:
«باسم الله رب الغلام»، صاح الناس كلهم: «الرب رب الغلام»، فحصل فيه إسلام
أمة عظيمة، فلو حصل مثل هذه القصة لقلنا إن هناك مجالاً للاستدلال، وأن
النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قصها علينا لنعتبر بها، لكن هؤلاء الذين
يرون تفجير أنفسهم إذا قتلوا عشرة أو مائة من العدو فإن العدو لا يزداد إلا
حنقاً عليهم وتمسكاً بما هم عليه.» ا. هـ
المصدر: فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة.
وأواصل بمشيئة الله تعالى
ولما
ظهر ما تسمى العمليات الانتحارية بين العلماء الراسخون حكمها وحذروا منها،
وقد برأوا الذمة ونصحوا للأفراد وللأمة.. ومن ذلك ما أفتى بها العلماء في
فتاوى مستفيضة أبدأ نقلها بالنقل عن الفقيه الشيخ محمد العثيمين رحمه الله
ظهر ما تسمى العمليات الانتحارية بين العلماء الراسخون حكمها وحذروا منها،
وقد برأوا الذمة ونصحوا للأفراد وللأمة.. ومن ذلك ما أفتى بها العلماء في
فتاوى مستفيضة أبدأ نقلها بالنقل عن الفقيه الشيخ محمد العثيمين رحمه الله
قال رحمه الله تعالى في شرحه لـ «رياض الصالحين» عند شرحه لحديث الغلام والساحر:
«...
أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها
إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله،
ومن قَتَل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين، كما جاء في الحديث
عن النبي ــ عليه الصلاة والسلام ــ لأن هذا قَتَل نفسه لا في مصلحة
الإسلام، لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مئة أو مئتين لم ينتفع الإسلام
بذلك، لم يُسلم الناس، بخلاف قصة الغلام، فإن فيها إسلام الكثير، كل من حضر
«...» أسلم، أما أن يموت عشرة أو عشرين أو مائة أو مائتين من العدو فهذا
لا يقتضي أن يُسلم الناس، بل ربما يتعنت العدو أكثر، ويُوغر صدره هذا العمل
حتى يفتِكَ بالمسلمين أشد فتك، كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين، فإن
أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من
جرَّاء ذلك ستين نفراً أو أكثر، فلم يحصل بذلك نفع للمسلمين، ولا انتفاع
للذين فُجرت هذه المتفجرات في صفوفهم.
ولهذا
نرى أن ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق،
وأنه موجب لدخول النار ــ والعياذ بالله ــ وأن صاحبه ليس بشهيد، لكن إذا
فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنه جائز فإننا نرجو أن يسلم من الإثم، وأما
أن تُكتب له الشهادة فلا! لأنه لم يسلك طريق الشهادة، لكنه يسلم من الإثم
لأنه متأول، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر» اهـ
وهذا
سؤال يقول فيه السائل: فضيلة الشيخ ــ عفا الله عنك ــ نسمع في بعض ساحات
الجهاد ممن يقوم بأعمال جهادية ويسميها البعض «أعمالاً انتحارية» بأن يحمل
معه أو يلغم نفسه بالقنابل، ويلقي بنفسه بين جنود العدو لتتفجر القنابل في
جسده، فيموت أولهم، فهل يقاس هذا الفعل على العبد الذي يَعْجَب الله منه
وهو يقاتل بلا درع؟
الجواب:
هذه الأعمال الانتحارية التي يذهب الإنسان فيها إلى عدوه وقد ملأ جسمه من
القنابل لتتفجر ويكون هو أول قتيل فيها محرمة، والفاعل لها قاتل لنفسه،
وقتله لنفسه واضح، حَمَل قنابل وتفجرت به فمات، وقد ثبت عن النبي ــ عليه
الصلاة والسلام ــ أنه «من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً
فيها مخلداً»، لكن إذا كان هذا الإنسان فَعَل ذلك جاهلاً يظن أن هذا من
تمام الجهاد، فإن الله ــ سبحانه وتعالى ــ لا يعذبه بذنبه، لأنه متأول،
وأما من علم بذلك فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه، وقد يورد علينا بعض الناس في
هذا القول: أنّ البراء بن مالك ــ رضي الله عنهــ في غزوة بني حنيفة أمر
أصحابه أن يحملوه ويقذفوا به داخل الباب؛ باب الحَوْطة، من أجل أن يفتح
الباب لهم، وهذا لا شك أنه إلقاء بنفسه إلى أمر خطير، فيقال: إن البراء بن
مالك ــ رضي الله عنه ــ قد وثق من نفسه أنه سينجو، وفيه احتمال ولو واحد
من مائة أنه ينجو، لكن من تقلد بالقنابل التي نعلم علم اليقين أنه أول من
يموت بها فهذا ليس عنده احتمال ولا واحد في المائة ولا واحد في الألف أنه
ينجو، فلا يصح قياس هذا على هذا، نعم للإنسان الشجاع البطل الذي يعرف نفسه
أن يخوض غمار العدو ويخرق صفوفهم لأن النجاة فيها احتمال، وعلى هذا فيكون
إيراد مثل هذه القضية غير وارد، لأن هناك فرقاً بين من يعلم أنه سيموت ومن
عنده احتمال أنه سينجو» اهـ
المصدر: لقاء الباب المفتوح
وجواباً
على سؤال آخر: ما الحكم الشرعي في من يضع المتفجرات في جسده، ويفجر نفسه
بين جموع الكفار نكاية بهم؟ وهل يصح الاستدلال بقصة الغلام الذي أمر الملك
بقتله؟
الجواب:
«الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات
العدو قاتل لنفسه، وسيعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً،
كما ثبت ذلك عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ في من قتل نفسه بشيء يعذب
به في نار جهنم. وعجباً من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات وهم
يقرأون قول الله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً» ثم
يفعلون ذلك!! هل يحصدون شيئاً؟ هل ينهزم العدو؟ أم يزداد العدو شدة على
هؤلاء الذين يقومون بهذه التفجيرات كما هو مشاهد الآن في دولة اليهود، حيث
لم يزدادوا بمثل هذه الأفعال إلا تمسكاً بعنجهيتهم، بل إنا نجد أن الدولة
اليهودية في الاستفتاء الأخير نجح فيها «اليمينيون» الذين يريدون القضاء
على العرب.
ولكن من فعل هذا مجتهداً ظاناً أنه قربة إلى الله ــ عز وجل ــ فنسأل الله تعالى ألا يؤاخذه، لأنه متأول جاهل.
وأما
الاستدلال بقصة الغلام، فقصة الغلام حصل فيها دخول في الإسلام، لا نكاية
في العدو، ولذلك لمَّا جمع الملك الناس وأخذ سهماً من كنانة الغلام وقال:
«باسم الله رب الغلام»، صاح الناس كلهم: «الرب رب الغلام»، فحصل فيه إسلام
أمة عظيمة، فلو حصل مثل هذه القصة لقلنا إن هناك مجالاً للاستدلال، وأن
النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قصها علينا لنعتبر بها، لكن هؤلاء الذين
يرون تفجير أنفسهم إذا قتلوا عشرة أو مائة من العدو فإن العدو لا يزداد إلا
حنقاً عليهم وتمسكاً بما هم عليه.» ا. هـ
المصدر: فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة.
وأواصل بمشيئة الله تعالى
الانتباهة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق