مجلس الوزراء في تابت.. - روان للإنتاج الإعلامي والفني
>
بلا شك ودون أدنى مواربة، أستطيع أن أؤكد أن الأمن عاد لدارفور بصورة
كبيرة تكاد تكون شبه كاملة، إلا بعض الجيوب الصغيرة جداً التي تتواجد فيها
بقايا قوات الحركات المتمردة. ومن خلال تجربة شخصية عشناها خلال اليومين
الماضيين، طفنا فيها أجزاءً واسعة من ولاية شمال دارفور من شمالها وغربها
وجنوبها ووسطها، عبرنا فيها مئات الكيلومترات بالسيارات في أكثر المناطق
خطورة قبل سنوات، أيام اشتداد الحرب مع الحركات وفي بقاع كانت من أهم
أوكارها ومجالات تواجدها ونشاطها الحيوي، لم نجد شيئاً، برغم أننا سلكنا في
هذه الجولة الطويلة طرقاً هُجرت لما يقارب العشر سنوات، وبعضها كانت
تستخدمه الحركات المسلحة في محليات كُتُم والفاشر وطويلة وكبكابية..لم يكن
هناك ما يعكر صفو الأمن ولا ما يقلق المواطن، وكل ما يُقال أن هناك تفلتات
لنهابين هنا وهناك، لابد من حسمها ووضع الأمور في نصابها.
>
كنا في جولة مع الدكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، ومعه
وفد اتحادي وبرلماني كبير ووزراء السلطة ونائب الوالي ووزراء في حكومة
ولاية شمال دارفور، وقد أشار ورأى رئيس السلطة أن تكون جولته بالسيارات لا
بالطائرات التي كانت متاحة وتوفرها بعثة اليوناميد، وبنى رأيه على أن
ملامسة الواقع والتجربة على الأرض وتحسس أوضاع المواطنين تقتضي ذلك،
وللتأكيد على أن السلام بدأ يعود لربوع دارفور، وتقديم دليل عملي على ذلك،
وبالفعل طفنا في تلك الجولة مناطق كرة شمال شرق الفاشر ثم عرجنا الى منطقة
كفوت بطريق جبلي وعر بين سلاسل جبال ومرتفعات وأخاديد صخرية تتخللها طرق
منسية تركها المتنقلون منذ ظهور أزمة دارفور ولم تمر بها وفود حكومية أو
مسؤولين، ولا ترى فيها وجوداً لقرى ومواطنين، إلا قليلاً.. حتى وصلنا منطقة
كُتُم ومنها الى دامرة مصري للرُّحل من عرب العريقات. وتلك قصة سنرجع لها
في حديث لاحق..
>
وعُدنا بطريق آخر من كتم إلى الفاشر ليلاً استغرقت الرحلة من الثامنة مساء
الى الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل، ولم تكن معنا حراسات تذكر إلا
عربتين أو ثلاث، سرنا في المناطق التي اشتهرت بكمائن الحركات المتمردة عند
مضايق الجبال والوديان والخيران العميقة، وكان بعضها مسرحاً لمعارك وعمليات
عسكرية طاحنة ولم تسر العربات متتابعة، بل تفرقت في الطريق حسب سرعتها،
حتى وصولنا الى الفاشر لم نجد إلا القرى الآمنة والمواطنين في تنقلاتهم
الليلية من قرية الى قرية، أو العائدين من مزارعهم أو أغراضهم البعيدة،
وكنا نظن أنه خلف كل جبل وتل أو دغل كثيف، تكون هناك مجموعات مسلحة تستهدف
من يعبرون الطريق الترابي الوعر ليلاً، لكن كل هذه التوقعات ذهبت أدراج
الرياح..وكانت تجربة مفيدة تؤكد أن أكثر الطرق في تاريخ تمرد دارفور كان
ملتهباً ومشتعلاً بالمعارك والمواجهات ونشاط المتمردين وعصاباتهم، أصبح
بالإمكان السفر عن طريقه دون أية خشية.
>
التجربة الثانية، إننا منذ صباح أمس الثلاثاء غادرنا الفاشر في جولة
بمحلية طويلة جنوب غربي الفاشر في المناطق الأشهر في صراع دارفور، توقفنا
في البداية في قرية تابت الشهيرة التي ادعى العام الماضي وروجت جهات خارجية
لفرية اغتصاب عناصر من القوات المسلحة لنسائها، وناقش مجلس الأمن الدولي
تلك الحادثة وصدرت قرارات دولية بتكوين لجنة تحقيق دولية حول تلك
الادعاءات، وقامت الدنيا ولم تقعد وغيرت بعثة اليوناميد مواقفها وتقاريرها
حول ما جرى وتم تكوين لجنة تحقيق وطنية، ووجدت قرية تابت الوادعة نفسها في
واجهة الأحداث والتقارير الأمنية والسياسية والإعلامية الدولية، تجولنا في
تابت وهي آمنة مطمئنة، خرج الآلاف من أبنائها والقرى المجاورة لها في
استقبال الوفد وحضور اللقاء الجماهيري الحاشد أمام المجمع (القرية
النموذجية) التي أقامتها دولة قطر كهدية منها بالمنطقة، لا أثر لتمرد أو
صوت مناوئ او معارض كل النساء والفتيات والرجال والشباب كانوا فرحين
بالزيارة مستبشرين بها وينفون بشدة كل ما يُقال حول قريتهم التي ازدانت
بحُلة زاهية من المنشآت الجديدة والمراكز الخدمية..
>
ومن تابت مررنا بطردونا وهي قرية كبيرة منظمة كانت هدفاً من أهداف التمرد
والصراعات بالمنطقة، لكنها اليوم تعيش في اطمئنان وتسير الحياة فيها سيراً
طبيعياً، حتى وصلنا واحدة من مدن دارفور التي ارتبطت بالأزمة في بداياتها
وبعملية النزوح إلى معسكري أبو شوك وزمزم عند أطراف مدينة الفاشر وهي قرية
طويلة وما أدارك ما طويلة، فهي من الحواضر القديمة ذات التاريخ الناصع في
دارفور، بدت منظمة ومعمورة بالسكان وحركة التجارة والإنتاج الزراعي وملتقى
وممر طرق كثيرة الى كبكابية الفاشر وكُتم وأعالي جبل مرة وكورما، لكن أهلها
هجروها عند اندلاع التمرد وتعرضت لمرات عديدة لهجمات جعلت منها أطلالاً
بعد أن كانت تضج بالحياة..
>
في طويلة..وجدناها تبتسم لعودة الروح لها من جديد، عاد الكثير من أهلها
بدأت فيها عملية إعادة الإعمار وانتعش سوقها الكبير بعد أن تهدمت المتاجر
الفخمة وصدئت الأبواب، لكنها نهضت ودبت الحياة فيها..
>
من كل ما ذكرت، أردت القول إن دارفور تشهد واقعاً جديداً بعد انحسار
وانهزام التمرد، وقد كان طوافنا مع السلطة الإقليمية لافتتاح منشآت خدمية
في محليات شمال دارفور أبلغ دليل على أن جسد دارفور بدأ يتعافى خاصة
المناطق التي ولد فيها التمرد وترعرع فيها وشب وطاش..
>
ولديَّ اقتراح أقدمه للسيد رئيس الجمهورية بأن يعقد مجلس الوزراء الاتحادي
جلسة خاصة في قرية تابت التي تمتلك الآن مجمعاً خدمياً لا مثيل له في دول
كثيرة في العالم، به مدارس ومراكز شرطة ومستشفى ومسجد وقاعات وميادين. فعقد
اجتماع مجلس الوزراء هناك يعطي الدليل القاطع على عودة السلام والأمن في
دارفور، وإعادة الاعتبار لأهالي تابت وخاصة النساء من فرية الاغتصاب بعد
تلويث أعراضهن بالأكاذيب. ونأمل أن يتم ذلك فكما انتقل مجلس الوزراء الى سد
مروي والدمازين ومصنع صافات، ليس هناك بقعة أعز من تابت وقضية مهمة أكثر
من قضية دارفور تستحق أن تُشد إليها الرحال ..
بلا شك ودون أدنى مواربة، أستطيع أن أؤكد أن الأمن عاد لدارفور بصورة
كبيرة تكاد تكون شبه كاملة، إلا بعض الجيوب الصغيرة جداً التي تتواجد فيها
بقايا قوات الحركات المتمردة. ومن خلال تجربة شخصية عشناها خلال اليومين
الماضيين، طفنا فيها أجزاءً واسعة من ولاية شمال دارفور من شمالها وغربها
وجنوبها ووسطها، عبرنا فيها مئات الكيلومترات بالسيارات في أكثر المناطق
خطورة قبل سنوات، أيام اشتداد الحرب مع الحركات وفي بقاع كانت من أهم
أوكارها ومجالات تواجدها ونشاطها الحيوي، لم نجد شيئاً، برغم أننا سلكنا في
هذه الجولة الطويلة طرقاً هُجرت لما يقارب العشر سنوات، وبعضها كانت
تستخدمه الحركات المسلحة في محليات كُتُم والفاشر وطويلة وكبكابية..لم يكن
هناك ما يعكر صفو الأمن ولا ما يقلق المواطن، وكل ما يُقال أن هناك تفلتات
لنهابين هنا وهناك، لابد من حسمها ووضع الأمور في نصابها.
>
كنا في جولة مع الدكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، ومعه
وفد اتحادي وبرلماني كبير ووزراء السلطة ونائب الوالي ووزراء في حكومة
ولاية شمال دارفور، وقد أشار ورأى رئيس السلطة أن تكون جولته بالسيارات لا
بالطائرات التي كانت متاحة وتوفرها بعثة اليوناميد، وبنى رأيه على أن
ملامسة الواقع والتجربة على الأرض وتحسس أوضاع المواطنين تقتضي ذلك،
وللتأكيد على أن السلام بدأ يعود لربوع دارفور، وتقديم دليل عملي على ذلك،
وبالفعل طفنا في تلك الجولة مناطق كرة شمال شرق الفاشر ثم عرجنا الى منطقة
كفوت بطريق جبلي وعر بين سلاسل جبال ومرتفعات وأخاديد صخرية تتخللها طرق
منسية تركها المتنقلون منذ ظهور أزمة دارفور ولم تمر بها وفود حكومية أو
مسؤولين، ولا ترى فيها وجوداً لقرى ومواطنين، إلا قليلاً.. حتى وصلنا منطقة
كُتُم ومنها الى دامرة مصري للرُّحل من عرب العريقات. وتلك قصة سنرجع لها
في حديث لاحق..
>
وعُدنا بطريق آخر من كتم إلى الفاشر ليلاً استغرقت الرحلة من الثامنة مساء
الى الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل، ولم تكن معنا حراسات تذكر إلا
عربتين أو ثلاث، سرنا في المناطق التي اشتهرت بكمائن الحركات المتمردة عند
مضايق الجبال والوديان والخيران العميقة، وكان بعضها مسرحاً لمعارك وعمليات
عسكرية طاحنة ولم تسر العربات متتابعة، بل تفرقت في الطريق حسب سرعتها،
حتى وصولنا الى الفاشر لم نجد إلا القرى الآمنة والمواطنين في تنقلاتهم
الليلية من قرية الى قرية، أو العائدين من مزارعهم أو أغراضهم البعيدة،
وكنا نظن أنه خلف كل جبل وتل أو دغل كثيف، تكون هناك مجموعات مسلحة تستهدف
من يعبرون الطريق الترابي الوعر ليلاً، لكن كل هذه التوقعات ذهبت أدراج
الرياح..وكانت تجربة مفيدة تؤكد أن أكثر الطرق في تاريخ تمرد دارفور كان
ملتهباً ومشتعلاً بالمعارك والمواجهات ونشاط المتمردين وعصاباتهم، أصبح
بالإمكان السفر عن طريقه دون أية خشية.
>
التجربة الثانية، إننا منذ صباح أمس الثلاثاء غادرنا الفاشر في جولة
بمحلية طويلة جنوب غربي الفاشر في المناطق الأشهر في صراع دارفور، توقفنا
في البداية في قرية تابت الشهيرة التي ادعى العام الماضي وروجت جهات خارجية
لفرية اغتصاب عناصر من القوات المسلحة لنسائها، وناقش مجلس الأمن الدولي
تلك الحادثة وصدرت قرارات دولية بتكوين لجنة تحقيق دولية حول تلك
الادعاءات، وقامت الدنيا ولم تقعد وغيرت بعثة اليوناميد مواقفها وتقاريرها
حول ما جرى وتم تكوين لجنة تحقيق وطنية، ووجدت قرية تابت الوادعة نفسها في
واجهة الأحداث والتقارير الأمنية والسياسية والإعلامية الدولية، تجولنا في
تابت وهي آمنة مطمئنة، خرج الآلاف من أبنائها والقرى المجاورة لها في
استقبال الوفد وحضور اللقاء الجماهيري الحاشد أمام المجمع (القرية
النموذجية) التي أقامتها دولة قطر كهدية منها بالمنطقة، لا أثر لتمرد أو
صوت مناوئ او معارض كل النساء والفتيات والرجال والشباب كانوا فرحين
بالزيارة مستبشرين بها وينفون بشدة كل ما يُقال حول قريتهم التي ازدانت
بحُلة زاهية من المنشآت الجديدة والمراكز الخدمية..
>
ومن تابت مررنا بطردونا وهي قرية كبيرة منظمة كانت هدفاً من أهداف التمرد
والصراعات بالمنطقة، لكنها اليوم تعيش في اطمئنان وتسير الحياة فيها سيراً
طبيعياً، حتى وصلنا واحدة من مدن دارفور التي ارتبطت بالأزمة في بداياتها
وبعملية النزوح إلى معسكري أبو شوك وزمزم عند أطراف مدينة الفاشر وهي قرية
طويلة وما أدارك ما طويلة، فهي من الحواضر القديمة ذات التاريخ الناصع في
دارفور، بدت منظمة ومعمورة بالسكان وحركة التجارة والإنتاج الزراعي وملتقى
وممر طرق كثيرة الى كبكابية الفاشر وكُتم وأعالي جبل مرة وكورما، لكن أهلها
هجروها عند اندلاع التمرد وتعرضت لمرات عديدة لهجمات جعلت منها أطلالاً
بعد أن كانت تضج بالحياة..
>
في طويلة..وجدناها تبتسم لعودة الروح لها من جديد، عاد الكثير من أهلها
بدأت فيها عملية إعادة الإعمار وانتعش سوقها الكبير بعد أن تهدمت المتاجر
الفخمة وصدئت الأبواب، لكنها نهضت ودبت الحياة فيها..
>
من كل ما ذكرت، أردت القول إن دارفور تشهد واقعاً جديداً بعد انحسار
وانهزام التمرد، وقد كان طوافنا مع السلطة الإقليمية لافتتاح منشآت خدمية
في محليات شمال دارفور أبلغ دليل على أن جسد دارفور بدأ يتعافى خاصة
المناطق التي ولد فيها التمرد وترعرع فيها وشب وطاش..
>
ولديَّ اقتراح أقدمه للسيد رئيس الجمهورية بأن يعقد مجلس الوزراء الاتحادي
جلسة خاصة في قرية تابت التي تمتلك الآن مجمعاً خدمياً لا مثيل له في دول
كثيرة في العالم، به مدارس ومراكز شرطة ومستشفى ومسجد وقاعات وميادين. فعقد
اجتماع مجلس الوزراء هناك يعطي الدليل القاطع على عودة السلام والأمن في
دارفور، وإعادة الاعتبار لأهالي تابت وخاصة النساء من فرية الاغتصاب بعد
تلويث أعراضهن بالأكاذيب. ونأمل أن يتم ذلك فكما انتقل مجلس الوزراء الى سد
مروي والدمازين ومصنع صافات، ليس هناك بقعة أعز من تابت وقضية مهمة أكثر
من قضية دارفور تستحق أن تُشد إليها الرحال ..
المصدر : الانتباهة
بقلم الصادق الرزيقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق