الخميس، 13 أغسطس 2015

هل يقطع زئير الأسد التغريد الروسي السعودي؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني

هل يقطع زئير الأسد التغريد الروسي السعودي؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني



لم يتحقق اختراق في الموقفين الروسي والسعودي بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، لكن مباحثات لافروف-الجبير في موسكو حققت الكثير.

فقد
سعى وزيرا خارجية الاتحاد الروسي والمملكة العربية السعودية الى تدوير
زاوية الخلاف حول مستقبل سوريا بدون الأسد كما تراه الرياض.


وسوريا
مع الأسد كما ترسم آفاقه موسكو التي تشدد على أن رحيل الرئيس السوري فجأة
يعني استيلاء الجماعات الإرهابية على سدة الحكم وتقسيم بلاد الشام.


الوزير
عادل الجبير حرص بعد أن أعلنت المتحدثة باسم دائرة الإعلام في الخارجية
الروسية ،انتهاء المؤتمر الصحفي المشترك؛ أن يطلب مداخلة صغيرة شدد فيها
على أن المباحثات التي أجراها في موسكو أكدت على تطابق أو تقارب المواقف في
معظم الملفات التي طرق حديدها الساخن مع نظيره لافروف الذي لم يتردد
بالقول إنه يبصم على كل ما قاله الضيف السعودي.


والحديث يدور عن العراق واليمن وليبيا والتسوية المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ولم
يفوت الجبير الفرصة كي يؤكد أن الخلاف حول مصير بشار الأسد لا يؤثر على
المجرى المتدفق للعلاقات الروسية السعودية، والذي اكتسب زخما قويا بعد
زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حزيران/يونيو الماضي، ولقائه
المطول مع الرئيس فلاديمير بوتين.


في ذلك اللقاء اصطحب بن سلمان جيشا من رجال الأعمال شارك في منتدى بطرسبورغ العالمي الاقتصادي الذي يعتبر دافوس روسيا.

ومع
ولي ولي العهد حضر المباحثات فريق كامل من الوزراء والعسكريين
والمستشارين؛ ازدحمت بهم فنادق الدرجة الأولى في العاصمة الروسية الثانية
التي أنجبت كبار المستعربين والمستشرقين والكتاب الروس عشاق الثقافة
العربية والإسلامية؛ وفي مقدمتهم أيقونة الروس، بوشكين الذي وصف العرب
بأنهم أسطورة جميلة.


والأديب بيساريف صاحب المقولة الشهيرة "في وقت كانت أوربا تدس السم لفلاسفتها كان العرب ينشدون: مداد العلماء كدماء الشهداء"!

في
لقاء حزيران/يونيو عادت الحياة لحزمة من الاتفاقيات الروسية السعودية تجمد
العمل بها على مدى السنوات الأربع الماضية؛ عمر المأساة السورية التي
باعدت بين موسكو والرياض في حقبة كانت الدبلوماسية السعودية تعاني من تصلب
الشرايين والمواقف المتشددة حتى حدث التجديد في أعلى هرم السلطة بمجيء فريق
شاب براغماتي يبدو أكثر جرأة في أن يقول للحليف الأمريكي "كفاية"، مستعيدا
بعضا من روح الملك فيصل بن عبد العزيز الذي ما زال عرب كثيرون يعتقدون أنه
اغتيل أمريكيا وكان الفيصل وزير خارجية نجد والحجاز مهندس العلاقات
السعودية السوفيتية عقدي العشرينيات والثلاثينيات.


وخلافا
لما يتوهم بعض المحللين العرب؛ فإن سياسة موسكو الخارجية حقبة بوتين لا
تقوم على أساس منافسة "الخصم" الأمريكي واستغلال انسحابه من هذه المنطقة
أوتلك، أو الحلول محل واشنطن في دول قلب لها العم سام ظهر المجن.


البراغماتية
الروسية تدرك جيدا أن العلاقات المتينة بين دول الخليج العربي نسيج معقد
من المصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية المتشابكة.


وليس في نية موسكو اللعب على حبال العلاقات المهترئة بين واشنطن وحليفاتها الخليجيات.

فلروسيا مربطها الخاص، وقواعدها في اللعب؛ تنطلق من اعتبارات قد تبدو غير مفهومة بالعقل لكنها تدرك بالقلب كما يقول المثل الروسي.

الروس
لن يسمحوا لواشنطن، بعد أن استعادوا هيبة دولتهم المفقودة حقبة يلتسين
وفريق الليبراليين ذوي البناطيل الوردية القصيرة؛ أن تعربد في العالم على
هواها.


تدرك موسكو أن العربدة الأمريكية تريد ضرب الخاصرة الرخوة لروسيا في القوقاز.

واذا
تحقق لها ماتريد في الشرق العربي فإن العبور سيكون أسهل الى الجنوب
الروسي. في نفس الوقت لا تضع موسكو كل الأوراق في سلة نظام أو دولة أو حركة
في منطقة رمالها متحركة، تنزلق نحو مزيد من الكوارث.


وإذا
بدا "التشدد" الروسي إزاء مصير الرئيس السوري غريبا؛ فإنه كما يتضح من
تصريحات رأس الدبلوماسية السعودية الشاب مفهوما من زاوية نظر براغماتية
للعلاقات الدولية تلتقي مع براغماتية بوتين الذي يتقن الألمانية كما يجيدها
الجبير وكلاهما، قرأ، دون شك، أوتو فون بيسمارك صاحب مبدأ توازن القوى
للحفاظ على السلام في أوربا؛ سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر.


روسيا
تحرص على عدم إرسال إشارات توحي بأنها مستعدة مع أول تغريدة لشريك واعد،
للتخلي عن حليف ملتبس بالمشاكل. وحين دعا الرئيس بوتين الى قيام تحالف
إقليمي ضد "داعش"، بعضوية سوريا؛ وأدهشت الدعوة، وزير الخارجية وليد
المعلم؛ لم يكن يتحدث عن جيوش وهيئة أركان مشتركة.


اذ من المعلوم أنه لن يتورط أحد بالدخول الى سوريا لمحاربة التنظيم الدموي اللزج.

بل
كان يتحدث عن تنسيق استخباري وأمني وهذا ما تمارسه دمشق مع "العدو
الأمريكي" عبر تعاون استخباري مع "الأعداء الغربيين" الذين لا يبخل عليهم
علي مملوك بالمعلومات الاستخبارية عن المنظمات الإرهابية الناشطة في سوريا.


وإذا
كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم اعتبرها معجزة؛ دعوة بوتين إلى
إقامة تحالف مع تركيا والسعودية ضد "داعش"؛ فقد تحققت "المعجزة" حتى قبل
أن يغلق المندهشون أفواهم؛ بزيارة لعلي مملوك رئيس جهاز الأمن القومي
السوري الى السعودية، حيث استمع الى الكثير من الغث والسمين.


السمين في الدعوة الروسية أنها تستند الى قاعدة "يا أعداء الإرهاب اتحدوا!" وإلا فالطوفان سيغرق الجميع.

لم
يقترح بوتين بناء سفينة نوح؛ بل دعا الى التنسيق قبل أن يحمل الغراب نبأ
تحويل الشرق الأوسط الى يباب تعيث فيه عصابات الإرهاب فسادا وتحوله الى
صحراء قاحلة لا ترتوي من الدم.


البراغماتية
السعودية الشابة تفهم الحركة الروسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
ومثلما لا تراود الكرملين أوهام حول طلاق وشيك بين واشنطن والرياض
وشقيقاتها؛ فإن السعوديين يفهمون دون شك أن الشريك الروسي الواعد لا يعوض
عن الحليف الأمريكي المتداخل في مفاصل المملكة مثل العصب.


زئير الأسد قد يزعج الولايات المتحدة وشريكاتها الغربيات.

لكنه لن يشوش على التغريدات الروسية السعودية التي يبدو أنها لن تنقطع رغم الخلاف على مصير الرئيس السوري.

فليست الشعارات بل المصالح المشتركة تحرك عجلات الدبلوماسية في العالم.

سلام مسافر
RT روسيا اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق