الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

كينيا تحافظ على البيئة بإقامة سياجات مكهربة - روان للإنتاج الإعلامي والفني

كينيا تحافظ على البيئة بإقامة سياجات مكهربة - روان للإنتاج الإعلامي والفني



كريستيان لامبريكتس*-نيروبي

عادة
ما يتم انتقاد الدول الأفريقية بسبب فشلها في التغلب على تحدياتها
البيئية. وعادة ما يستشهد المراقبون بخسارة البيئة الطبيعية في القارة
بالنمو السكاني والتصنيع وتردي وضع الأراضي، وهناك أيضا التهمة الأكثر
شيوعا على الإطلاق وهي أن زيادة الصيد غير المشروع تعرّض أنواعا مثل الفيلة
ووحيد القرن للخطر.


لكن
في كينيا يوجد حاليا مشروع مبتكر ومكثف للحفاظ على البيئة بدأ أولا بجبال
أبيردارس بوسط البلاد من أجل حماية وحيد القرن الأسود المعرض للانقراض بشكل
كبير بسبب انتهاكات الصيادين غير النظاميين.


ويُسمى
هذا المشروع "سفينة وحيد القرن" ويحظى الآن بدعم الناس الذين كان من
الممكن أن يقاوموه، أي المجتمعات المحلية في بعض من أكثر المناطق الزراعية
إنتاجية في البلاد.


وكان
المحافظون على البيئة قد قرروا عام 1988 تمويل وبناء سياج مكهرب من أجل
حماية منطقةٍ ضمن منتزه أبيردارس الوطني محاذيةٍ لمزارع صغيرة، وتم تصميم
السياج لمنع تطفل الناس ووقف تردي البيئة الطبيعية للمنتزه، ولكنه كان يحمي
أيضا المزارعين الذين كانت محاصيلهم تتعرض للتدمير على الدوام من قبل
الفيلة الغازية وغيرها من الحيوانات البرية.



"بناء السياج حول أبيردارس تم بعناية وبدقة طوال 21 عاما بدعم رئيسي من
القطاع التجاري في كينيا والمتبرعين من الأفراد والمبادرات المبتكرة لجمع
التبرعات"


ورحب المزارعون المحليون بالمبادرة، الأمر الذي ساهم في اتخاذ قرار بتوسعة السياج لإحاطة كامل نطاق أبيردارس.

تُعتبر
جبال أبيردارس، التي تشمل ألفين كيلومتر مربع من الغابات الطبيعية ومناطق
حيوية لتجمع المياه بالإضافة إلى منتزه طبيعي، مهمة جدا بالنسبة لكينيا.
فأربعة من أكبر أنهار البلد التي تتدفق شمالا وغربا وشرقا وجنوبا تبدأ
هناك، مما يوفر المياه والطاقة لسبع بلدات رئيسية بما في ذلك العاصمة
نيروبي.


وفي
المنحدرات السفلى للجبال هناك أربعة ملايين مزارع يستفيدون من التربة
الخصبة والأمطار الوفيرة. وفي سفوح الجبال والمنحدرات العليا يتم إنتاج 30%
من الشاي و70% من البن في كينيا.


وبناء
السياج حول أبيردارس تم بعناية وبدقة طوال 21 عاما بدعم رئيسي من القطاع
التجاري في كينيا والمتبرعين من الأفراد والمبادرات المبتكرة لجمع التبرعات
مثل "مبادرة هجوم وحيد القرن"، وهي إحدى فعاليات السيارات على الطرق
الوعرة والتي ألهمت الشعب الكيني حيث تجمع هذه المبادرة أكثر من مليون
دولار أميركي سنويا.


وباكتمال
بناء السياج المكهرب عام 2009، أصبحت الحكومة شريكا ضروريا بالتعاون مع
مصلحة الحياة البرية الكينية ومصلحة الغابات الكينية اللتين شاركتا بشكل
مكثف في المشروع.


ونجح
المشروع في لفت الانتباه لمناطق أخرى تعاني من التدهور مثل جبل أيبورو
بمجمع غابات ماو الذي يطل على بحيرة نيفاشا، وجبل كينيا وهو موقع للتراث
العالمي والذي تأثر بشكل كبير بسبب الصراع بين الإنسان والحياة البرية.


وتم
بناء سياج آخر بطول 45 كيلومترا بمجمع غابات ماو العام الماضي، بالإضافة
إلى سياج جبل كينيا الذي يبلغ طوله 450 كيلومترا الذي يتقدم الآن بسرعة،
حيث تم إكمال 80 كيلومترا.


بناء
السياج -بالطبع- هو فقط البداية، فالسياجات يجب إدارتها وصيانتها. فعلى
سبيل المثال كانت هناك حاجة لاستبدال بعض أعمدة السياج الأصلية في
أبيردارس، كما أن ممرات الحياة البرية يجب تطويرها والمجتمعات المحلية
بحاجة للدعم.



"الهدف من السياج، على المدى الطويل، هو حماية تلك الغابات الحيوية إلى
الأبد. ومن أجل تحقيق ذلك يتم تأسيس الصناديق الوقفية كشراكة بين القطاعين
العام والخاص "


وكل
المناطق التي توجد بها سياجات تخضع للمراقبة عن طريق الدوريات الجوية
والدوريات الراجلة على طول خط السياج، وهي عملية مراقبة مستمرة وبتكلفة
كبيرة.


لكن
الفوائد كبيرة. فالسياج يجعل السلطات متيقظة تماما لحوادث الصيد غير
المشروع وخاصة للفيلة ووحيد القرن والأنواع المهددة بالانقراض بشكل كبير
مثل ظبي جبل بونغو الذي يوجد حاليا فقط في أبيردارس وجبل كينيا ومجمع غابات
ماو بما في ذلك جبل أيبورو.


إن
المجتمعات المحلية منخرطة في جميع المناطق في صيانة السياج والغابة. وفي
واقع الأمر أصبحت تلك المجتمعات حامية للسياج وذلك بإزالة النباتات عنه
وإصلاح الأضرار التي تتسبب فيها الحيوانات البرية وغيرها من العوامل
الأخرى، علما بأنهم يتعلمون مهارات جديدة وهم يقومون بتلك الأعمال.


إن
الهدف من السياج، على المدى الطويل، هو حماية تلك الغابات الحيوية إلى
الأبد. ومن أجل تحقيق ذلك يتم تأسيس الصناديق الوقفية كشراكة بين القطاعين
العام والخاص، مما يجمع معا "مشروع سفينة وحيد القرن" وخدمة الحياة البرية
الكينية وخدمة الغابات الكينية وممثلين عن المجتمعات المحلية.


إن
ما يطلق عليها صكوك الثقة التي تم تأسيسها محليا سوف تدير تلك الصناديق
التي سوف تدفع في نهاية المطاف تكاليف صيانة السياج. لقد أصبح صك الثقة
لأبيردارس فاعلا منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.


وبإمكان
المزارعين الكادحين في المنطقة الإحساس بالقيمة المضافة للتعايش بوجود
السياج. فمنذ إكمال سياج أبيردارس تضاعفت قيمة أراضي المزارعين المحليين
بمقدار أربعة أضعاف حيث بإمكانهم العمل في حقولهم بسلام للمرة الأولى منذ
أكثر من قرن.


وبإمكان
أطفال المزارعين بعد إقامة السياج أن يذهبوا إلى المدرسة ويعودوا منها من
دون خوف من هجمات الحيوانات البرية. وأصبحت المحافظة على البيئة حاليا جزءا
من المنهج الدراسي. والدرس الرئيسي هو درس بسيط وواضح، وهو أن السياج
الجيد بالفعل جيد للجميع.

___________________________

*كريستيان
لامبريكتس هو مسؤول سياسات وبرامج سابق في برنامج الأمم المتحدة للبيئة
ويعمل حاليا مديرا تنفيذيا لـ"صندوق سفينة وحيد القرن الخيري".


المصدر : بروجيكت سينديكيت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق