الاندماج النووي وحلم تحقيق طاقة النجوم - روان للإنتاج الإعلامي والفني
يعكف
فريق من الباحثين في جنوب فرنسا على تشييد أكبر منشأة في العالم لبناء
مفاعل للاندماج النووي لمحاكاة عملية إنتاج الطاقة في الشمس والنجوم، وهذا
المشروع العملاق تديره سبعة أطراف، هي: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
الأميركية وروسيا والصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، وقدرت تكاليف
تشييده بنحو 22 مليار يورو، أسهم الاتحاد الأوروبي بنسبة 45% من التكلفة.
المشروع
النووي الاندماجي التجريبي الأكبر في العالم يعرف اختصارا باسم "أيتر"
(ITER)، وبدأ تشييده عام 2007، وهو مشروع بحثي دولي في منشأة كاداراش (جنوب
فرنسا)، ومخصص لغايات تسخير عمليات الاندماج النووي لإنتاج الطاقة
الكهربائية خلال النصف الأول من القرن الحالي.
"يعتمد تفاعل الاندماج النووي -الذي يعرف أيضا بالانصهار النووي- على اندماج نواتين خفيفتين لتكوين نواة واحدة أثقل"
طاقة الاندماج النووي
تنتج
الشمس والنجوم طاقتها من خلال تفاعل الاندماج النووي، فمنذ 4.5 مليارات
سنة والشمس تبعث طاقتها في الكون دون توقف، ويتوقع أن تستمر لمدة مشابهة
لها إلى أن تستهلك نحو 90% من كمية الهيدروجين عليها.
ويعتمد
تفاعل الاندماج النووي -الذي يعرف أيضا بالانصهار النووي- على اندماج
نواتين خفيفتين لتكوين نواة واحدة أثقل، كأن يتم تعريض خليط من نظيري
الهيدروجين -التريتيوم والديوتيريوم- لحرارة عالية تتجاوز مئة مليون درجة
مئوية، حيث يتم دمج جسيمات الوقود وتكوين ذرة هيليوم ونيوترون واحد من كل
تفاعل اندماجي، وكميات هائلة من الطاقة الحرارية تفوق بكثير ما ينتجه
الانشطار النووي، وهذه الطاقة يتم التخلص منها بواسطة موائع التبريد، أما
النفايات الناتجة فهي ذات عمر نصف قصير نسبيا وتختلف عن نفايات الانشطار
النووي.
حلم قديم
في
أحد أيام شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1985 عقد مؤتمر قمة للدول العظمى في
جنيف، ضم كلا من رئيس الوزراء الروسي "غورباتشوف" والرئيس الأميركي
"ريغان"، وبعد التشاور مع الرئيس الفرنسي "ميتران"، اقترح الجانب الروسي
إقامة مشروع دولي لتطوير مصدر جديد للطاقة للأغراض السلمية يعتمد على طاقة
الاندماج النووي، وأن يكون هذا المشروع العملاق أكبر مشروع علمي لإنتاج
الطاقة في القرن الـ21، والذي عرف باسم "المفاعل التجريبي الحراري النووي
الدولي" (آيتر).
ولتحقيق
هذه الفكرة الطموحة، كُلفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ هذا
المشروع، وبالرغم من مساعي الوكالة لتنفيذ مشروع الاندماج النووي وتنظيمها
عددا من المؤتمرات العالمية لتطوير طاقة الاندماج النووي وعقدها الكثير من
الاجتماعات الفنية للخبراء في مجال الاندماج النووي، فإن تحقيق هذا الحلم
قد تعثر أكثر من مرة، حيث انسحبت الولايات المتحدة الأميركية منه بسبب
تكلفته الباهظة ثم عادت إليه، كما أن تكاليف بناء المفاعل النووي قد تجاوزت
التوقعات، مما أدى إلى تأخير المشروع سنوات طويلة.
مشروع ضخم
يعتمد
إنتاج الطاقة على عملية اندماج نظيري الهيدروجين تحت درجة حرارة عالية،
ونظرا لأن الأيونات تتنافر في ما بينها، يتم حصرها في قفص مغناطيسي قوي جدا
يسمى "توكاماك" مصنوع من مواد فائقة التوصيل، حيث يتم حصر البلازما
المشحونة لأيونات الهيدروجين، والتي تبلغ درجة حرارتها مئة مليون درجة
مئوية، والتي لا يمكن أن تحجزها أية مادة صلبة.
"يتوقع أن يتمكن مشروع "آيتر" من إنتاج خمسمئة ميغاواط من الطاقة، وهي
تساوي عشر مرات كمية الطاقة التي يستهلكها لتشغيله والتي تبلغ خمسين
ميغاواطا"
والتوكاماك
عبارة عن دائرة معدنية مجوفة تحيط بها مجالات مغناطيسية قوية جدا تعمل على
توفير الظروف المناسبة لإنجاز الاندماج النووي، وقد طورت تلك التقنية في
سبعينيات القرن الماضي.
لقد
أسهمت أبحاث الفيزيائيين في مجال تطوير الموصلات الفائقة في تطوير
تكنولوجيا الاندماج النووي بشكل كبير، فلكي تصبح هذه التقنية قادرة على
إنتاج كميات كبيرة من الطاقة يستلزم زيادة حجم مفاعلات الاندماج وتكبير
أقفاص التوكاماك لرفع درجة حرارة البلازما بشكل كبير من أجل زيادة كفاءة
الاندماج النووي، وهذا يستلزم إنتاج حقول مغناطيسية قوية جدا ناتجة من
تيارات كهربائية عالية تستهلك بطبيعة الحال كميات هائلة من الطاقة مما يجعل
عملية الاندماج النووي غير مجدية.
ولحل
هذه المعضلة يتم استخدام الموصلات الفائقة لإنتاج تلك المجالات
المغناطيسية القوية، حيث تمرر التيارات الكهربائية المرتفعة دون مقاومة عند
تبريدها لدرجات حرارة منخفضة جدا باستعمال الهيليوم السائل.
هذا
ويتوقع أن يتمكن مشروع "آيتر" من إنتاج خمسمئة ميغاواط من الطاقة، وهي
تساوي عشر مرات كمية الطاقة التي يستهلكها لتشغيله، والتي تبلغ خمسين
ميغاواطا، وحسب ما يتوقعه الخبراء فإن تقنية الاندماج النووي ستكون قادرة
في المستقبل على تزويد البشرية بطاقة لا محدودة في ظل تزايد الطلب العالمي
على الطاقة.
عقبات وتحديات
لقد
واجه مشروع "آيتر" مشاكل هندسية واقتصادية بالغة التعقيد كادت أن توقف
بناءه بشكل كامل، إلا أن إصرار القائمين على تنفيذه وإنجاحه استطاعت أن
تذلل كثيرا من تلك العقبات، وإن كانت على حساب ارتفاع كلفة بنائه التي قدرت
في البداية بنحو خمسة مليارات دولار.
"هذا المشروع يعد أحد أضخم المشاريع التي قام بها الإنسان، كما يعد من أكثر التجارب العلمية تعقيدا في التاريخ"
ومن
تلك العقبات التي تم تذليلها مشكلة تصنيع الأجزاء المختلفة للمفاعل، وقد
اتفق أن يقوم كل المشاركين بالمشروع بتصنيع أجزاء محددة منه، ونقلها إلى
مكان التجميع في فرنسا، على أن تعمل كافة تلك الأجزاء مع بعضها بدقة عالية
في ظروف تشغيلية قاسية.
إن
تشييد هذا المشروع يعد أحد أضخم المشاريع التي قام بها الإنسان، كما يعد
من أكثر التجارب العلمية تعقيدا في التاريخ، وهذا يستلزم تنسيقا كاملا بين
كافة المشتركين في عملية البناء، حيث تتم إدارتهم من قبل فريق من العلماء
المتخصصين الذين يبحثون وبشكل مستفيض كافة التفاصيل لتذليل كافة العقبات
التصميمية والفنية.
وبالرغم
من النظرة المتشائمة التي خيمت على المشروع في البداية، والتعثر المستمر
الذي رافق مراحل بنائه الأولى، فإن الأمل في تحقيق حلم الاندماج النووي
لإنتاج طاقة نظيفة خالية من الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة، ومن أهمها
غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يجثم على كوكب الأرض حاليا، يجعل إنفاق
المليارات من الدولارات جديرا بتحقيق ذلك الحلم الذي قد يرى النور قبيل
منتصف القرن الحالي
فريق من الباحثين في جنوب فرنسا على تشييد أكبر منشأة في العالم لبناء
مفاعل للاندماج النووي لمحاكاة عملية إنتاج الطاقة في الشمس والنجوم، وهذا
المشروع العملاق تديره سبعة أطراف، هي: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
الأميركية وروسيا والصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، وقدرت تكاليف
تشييده بنحو 22 مليار يورو، أسهم الاتحاد الأوروبي بنسبة 45% من التكلفة.
المشروع
النووي الاندماجي التجريبي الأكبر في العالم يعرف اختصارا باسم "أيتر"
(ITER)، وبدأ تشييده عام 2007، وهو مشروع بحثي دولي في منشأة كاداراش (جنوب
فرنسا)، ومخصص لغايات تسخير عمليات الاندماج النووي لإنتاج الطاقة
الكهربائية خلال النصف الأول من القرن الحالي.
"يعتمد تفاعل الاندماج النووي -الذي يعرف أيضا بالانصهار النووي- على اندماج نواتين خفيفتين لتكوين نواة واحدة أثقل"
طاقة الاندماج النووي
تنتج
الشمس والنجوم طاقتها من خلال تفاعل الاندماج النووي، فمنذ 4.5 مليارات
سنة والشمس تبعث طاقتها في الكون دون توقف، ويتوقع أن تستمر لمدة مشابهة
لها إلى أن تستهلك نحو 90% من كمية الهيدروجين عليها.
ويعتمد
تفاعل الاندماج النووي -الذي يعرف أيضا بالانصهار النووي- على اندماج
نواتين خفيفتين لتكوين نواة واحدة أثقل، كأن يتم تعريض خليط من نظيري
الهيدروجين -التريتيوم والديوتيريوم- لحرارة عالية تتجاوز مئة مليون درجة
مئوية، حيث يتم دمج جسيمات الوقود وتكوين ذرة هيليوم ونيوترون واحد من كل
تفاعل اندماجي، وكميات هائلة من الطاقة الحرارية تفوق بكثير ما ينتجه
الانشطار النووي، وهذه الطاقة يتم التخلص منها بواسطة موائع التبريد، أما
النفايات الناتجة فهي ذات عمر نصف قصير نسبيا وتختلف عن نفايات الانشطار
النووي.
حلم قديم
في
أحد أيام شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1985 عقد مؤتمر قمة للدول العظمى في
جنيف، ضم كلا من رئيس الوزراء الروسي "غورباتشوف" والرئيس الأميركي
"ريغان"، وبعد التشاور مع الرئيس الفرنسي "ميتران"، اقترح الجانب الروسي
إقامة مشروع دولي لتطوير مصدر جديد للطاقة للأغراض السلمية يعتمد على طاقة
الاندماج النووي، وأن يكون هذا المشروع العملاق أكبر مشروع علمي لإنتاج
الطاقة في القرن الـ21، والذي عرف باسم "المفاعل التجريبي الحراري النووي
الدولي" (آيتر).
ولتحقيق
هذه الفكرة الطموحة، كُلفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ هذا
المشروع، وبالرغم من مساعي الوكالة لتنفيذ مشروع الاندماج النووي وتنظيمها
عددا من المؤتمرات العالمية لتطوير طاقة الاندماج النووي وعقدها الكثير من
الاجتماعات الفنية للخبراء في مجال الاندماج النووي، فإن تحقيق هذا الحلم
قد تعثر أكثر من مرة، حيث انسحبت الولايات المتحدة الأميركية منه بسبب
تكلفته الباهظة ثم عادت إليه، كما أن تكاليف بناء المفاعل النووي قد تجاوزت
التوقعات، مما أدى إلى تأخير المشروع سنوات طويلة.
مشروع ضخم
يعتمد
إنتاج الطاقة على عملية اندماج نظيري الهيدروجين تحت درجة حرارة عالية،
ونظرا لأن الأيونات تتنافر في ما بينها، يتم حصرها في قفص مغناطيسي قوي جدا
يسمى "توكاماك" مصنوع من مواد فائقة التوصيل، حيث يتم حصر البلازما
المشحونة لأيونات الهيدروجين، والتي تبلغ درجة حرارتها مئة مليون درجة
مئوية، والتي لا يمكن أن تحجزها أية مادة صلبة.
"يتوقع أن يتمكن مشروع "آيتر" من إنتاج خمسمئة ميغاواط من الطاقة، وهي
تساوي عشر مرات كمية الطاقة التي يستهلكها لتشغيله والتي تبلغ خمسين
ميغاواطا"
والتوكاماك
عبارة عن دائرة معدنية مجوفة تحيط بها مجالات مغناطيسية قوية جدا تعمل على
توفير الظروف المناسبة لإنجاز الاندماج النووي، وقد طورت تلك التقنية في
سبعينيات القرن الماضي.
لقد
أسهمت أبحاث الفيزيائيين في مجال تطوير الموصلات الفائقة في تطوير
تكنولوجيا الاندماج النووي بشكل كبير، فلكي تصبح هذه التقنية قادرة على
إنتاج كميات كبيرة من الطاقة يستلزم زيادة حجم مفاعلات الاندماج وتكبير
أقفاص التوكاماك لرفع درجة حرارة البلازما بشكل كبير من أجل زيادة كفاءة
الاندماج النووي، وهذا يستلزم إنتاج حقول مغناطيسية قوية جدا ناتجة من
تيارات كهربائية عالية تستهلك بطبيعة الحال كميات هائلة من الطاقة مما يجعل
عملية الاندماج النووي غير مجدية.
ولحل
هذه المعضلة يتم استخدام الموصلات الفائقة لإنتاج تلك المجالات
المغناطيسية القوية، حيث تمرر التيارات الكهربائية المرتفعة دون مقاومة عند
تبريدها لدرجات حرارة منخفضة جدا باستعمال الهيليوم السائل.
هذا
ويتوقع أن يتمكن مشروع "آيتر" من إنتاج خمسمئة ميغاواط من الطاقة، وهي
تساوي عشر مرات كمية الطاقة التي يستهلكها لتشغيله، والتي تبلغ خمسين
ميغاواطا، وحسب ما يتوقعه الخبراء فإن تقنية الاندماج النووي ستكون قادرة
في المستقبل على تزويد البشرية بطاقة لا محدودة في ظل تزايد الطلب العالمي
على الطاقة.
عقبات وتحديات
لقد
واجه مشروع "آيتر" مشاكل هندسية واقتصادية بالغة التعقيد كادت أن توقف
بناءه بشكل كامل، إلا أن إصرار القائمين على تنفيذه وإنجاحه استطاعت أن
تذلل كثيرا من تلك العقبات، وإن كانت على حساب ارتفاع كلفة بنائه التي قدرت
في البداية بنحو خمسة مليارات دولار.
"هذا المشروع يعد أحد أضخم المشاريع التي قام بها الإنسان، كما يعد من أكثر التجارب العلمية تعقيدا في التاريخ"
ومن
تلك العقبات التي تم تذليلها مشكلة تصنيع الأجزاء المختلفة للمفاعل، وقد
اتفق أن يقوم كل المشاركين بالمشروع بتصنيع أجزاء محددة منه، ونقلها إلى
مكان التجميع في فرنسا، على أن تعمل كافة تلك الأجزاء مع بعضها بدقة عالية
في ظروف تشغيلية قاسية.
إن
تشييد هذا المشروع يعد أحد أضخم المشاريع التي قام بها الإنسان، كما يعد
من أكثر التجارب العلمية تعقيدا في التاريخ، وهذا يستلزم تنسيقا كاملا بين
كافة المشتركين في عملية البناء، حيث تتم إدارتهم من قبل فريق من العلماء
المتخصصين الذين يبحثون وبشكل مستفيض كافة التفاصيل لتذليل كافة العقبات
التصميمية والفنية.
وبالرغم
من النظرة المتشائمة التي خيمت على المشروع في البداية، والتعثر المستمر
الذي رافق مراحل بنائه الأولى، فإن الأمل في تحقيق حلم الاندماج النووي
لإنتاج طاقة نظيفة خالية من الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة، ومن أهمها
غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يجثم على كوكب الأرض حاليا، يجعل إنفاق
المليارات من الدولارات جديرا بتحقيق ذلك الحلم الذي قد يرى النور قبيل
منتصف القرن الحالي
المصدر :الجزيزه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق