الأحد، 20 ديسمبر 2015

من وحي المؤتمر التنشيطي.. - روان للإنتاج الإعلامي والفني

من وحي المؤتمر التنشيطي.. - روان للإنتاج الإعلامي والفني

في
تجديدها للولاء وتمتينها للانتماء، وهي تحشد عضويتها وقياداتها في مؤتمرها
العام التنشيطي النصفي، لم تكن الحركة الإسلامية السودانية بحاجة لشهادة
أحد، إنها تمثل رائداً مثالاً للوسطية والاعتدال بين كل العاملين في الحقل
الإسلامي الكبير في عالمنا الفسيح، ولم تحقق كسبها ونجاحاتها في مسيرتها
التي امتدت لعقود طويلة، إلا لأنها انتهجت نهجاً يوزان بين حقيقة الواقع
وصحيح الدين ومقتضياته.. وبرغم ما واجهته تجربتها من مخاضات عسيرة وتحديات
كبيرة وعقبات وصعوبات جرت للوراء وكبلت الأقدام، إلا أن هذه التجربة تستحق
النظر الدقيق والفاحص، لأنه في مثل الظروف التي واجهتها الحركة وهي تقود
الدولة والعداء الخارجي المستحكم، كان ينبغي أن يكون لديها خيارين لا ثالث
لهما، أن تتخذ من التطرف سبيلاً وتتعامل بالمجابهة والتصدي للمؤامرة حتي
تنتهي وتسقط كما حدث لحركة طالبان في أفغانستان أو التنظيمات الأخرى التي
تعاني من العسف والقهر، أو تذوب بالكامل في محيط من التنازلات والتراجعات
الفكرية والسياسية وتذهب ريحها.

>
لكن فكر الحركة وصلاح مناهجها، وطبيعة المجتمع السوداني الذي تنتمي إليه،
جعلها تتعامل مع واقعها وقضاياها بذهن مفتوح وفقه دقيق، تجنبت فيه الكثير
من المزالق، وهي تحصد ثمار ما حصدته وبذرته من هذا المنهج، ولعل حديث السيد
رئيس الجمهورية رئيس الهيئة القيادية العليا للحركة الإسلامية أمس، أمام
المؤتمر العام وتركيزه على ظاهرة الغلو والتطرف التي عمت العالم الإسلامي
في الآونة الأخيرة، ودعوته الى تصويب النظر تجاهها لمعالة أخطارها، لهو
حديث يجب أن يتبعه فل متوجب ولازم، فقد صارت قضية التطرف والعنف والغلو هما
كونياً، تحشد له الجيوش وتستعر به الحروب، واتخذت هي ذاتها ذريعة للحرب
والضغط على الشعوب المظلومة.

>
اذا أجلنا النظر في ركام ما يجري في العالم الإسلامي والأفق الملبد
بالغيوم في الفضاء الدولي العريض، سنتكشف بلا شك أننا في السودان نتقدم
خطوات في سبيل تقديم صورة زاهية للإسلام في تجلياته السمحاء وخلقه الرفيع
في التسامح والدعوة بالحسنى ومعالجة قضايا المجتمع والتحيزات الدينية
والمذهبية بتؤدَّة وحكمة بالغتين، ولولا اتساع مفاهيم الحركة وأفق تفكيرها،
لكانت قد انزلقت في مزالق عديدة، لكن هذا لم يجنب السودان الوقوع في حبائل
المتربصين من القوى الدولية التي تصر على أن السودان بتجربته التي تقودها
الحركة الإسلامية هو بلد راعٍ للإرهاب وقاعدة من قواعده.. وتلك اتهامات
هباء.

>
وتقف الحركة بكل هذا المعطى والميراث الضخم في العمل السياسي والاجتماعي
والتأصيلي، أمام مفترق طرق لو لم تحسن التعامل مع مجمل القضايا التي تمثل
تحدياً لها في البناء الوطني وإعادة ملء الوجدان السوداني بما يوحده ويرفع
عن كاهله عناء التنافر والشقاق والاختلافات، وتستطيع أيضاً أن تصوب
اجتهاداتها كما تفعل الآن وتستفرغ فيها الوسع لتأمين البناء الاجتماعي
وتماسكه، وعليها أن تعالج قضية الاقتصاد، وما قاله رئيس الجمهورية أمام
المؤتمر من بشريات تعجل من النهضة الاقتصادية الشاملة يجب أن يحفز الحركة
على إعادة تحرير نقاط الاجتهاد في مجال الاقتصاد والبحث عن محفزات الإنتاج
والرفع من قيمة العمل حتى تحقق بلادنا كفايتها وتعتمد على نفسها وتجتاز
الفقر والتخلف التنموي.

>
من واجب القول، إن الحركة التي ظلت متهمة حتى من بعض أبنائها، بأنها خارج
دائرة الفعل وتجلس على الرصيف متفرجة أو منتظرة أن يعهد إليها بواجب ضئيل،
قد كذبت كل ذلك وها هي اليوم تقود مبادرات جادة وكبيرة في كل مضمار، وهو ما
يعطيها دورها ويفتح لها الطريق نحو تمكين رسالتها وبلوغ مقاصدها..

>
إذا كان المؤتمر التنشيطي فرصة لتجديد فكرها وجعل العمل كله متجرد لله ومن
أجل بناء الوطن وتخليصه من أزماته وإعادة ريادته في المنطقة، فإن مدولولات
التنشيط والنشاط، أكبر من أن تنتهي بانتهاء المؤتمر، وتنتظرها برامج
وترتيبات تنظيمية محكمة، تعيد بها حيوية العمل الإسلامي من الشعب والأسر في
الأحياء والقطاعات الاجتماعية المختلفة إلى قمة العمل لتستنجز وعداً غير
مكذوب..
المصدر : الانتباهه بقلم الصادق الرزيقى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق