هاشم الجاز - روان للإنتاج الإعلامي والفني
منذ
صبيحة يوم أمس، لم يعد متاحاً مرة أخرى، أن تلتقي رجلاً سمحاً، وبيرقاً
آلياً ونفساً راضية، وفؤاداً نقياً، ووجهاً يشرق بالود والصلاح، فقد رحل عن
دنيا وجودنا الدكتور هاشم محمد محمد صالح الجاز، أنشبت المنية أظفارها،
وألفينا كل تيمية لا تنفعُ.. فقد غادر بهدوئه وسماحة نفسه ودماثة خلقه وحبه
للناس، دون جلبة أو ضجيج كأنه يستأذن في أدب أن يرحل ويغيب، مضى مثل ضوء
النهار تسرب كشعاع لطيف تاركاً مكانه، وكجدول حيي جرى وصفق وانتحى بروحه
الصاعدة مدارج السماء.
>
ومن عجب أن أيام مولده في يناير 1956م مع بزوغ فجر الاستقلال ونسمات
الحرية، هي ذاتها أيام رحيله في يناير 2016م، لم يأخذ من الدنيا إلا تلك
المحبة العظيمة التي صنعها في قلوب من عرفوه.. إخوته وزملائه وطلابه
ومعارفه وآله وأحبابه، وقلما تجد في حياتنا من يتفق الجميع عليه وعلى صفاته
وسمته وأخلاقه وخلاله وطبائعه، لم يعرف غضوباً ولا فواراً ولا قلقاً ولا
فظاً أو غليظ القلب، كل من عرفه عرف فيه هذا الأدب الرفيع مثل ملمس النور
البهي، أو قل كحرير أجنحة الصباح الرقيقة المندلقة ما بين أوردة السحاب.
>
لم تعرف عنه رزايا الطين البشري، لم يكن يحمل حقداً ولا غلاً ولا حسداً،
فليس من طباعه معاداة الناس ولا اغتيابهم ولا أكل لحومهم، برأه الخالق
المصور من هذه النقائص المهلكة، عاش صافياً كالشهد، شفيفاً كالبرق، نظيفاً
كالماء، حفياً كالزهر، لطيفاً كما العبير، قوياً في الحق كحد السيف الصقيل،
يتحمل الأذى في صمت، ويقول رأيه في شجاعة ووضوح حتى لتحسبنه سيخسر من
يناصح.
>
مذ عرفناه.. أستاذاً ومسؤولاً في عدة مواقع وكاتباً صحفياً لا يشق له
غبار، كان هاشماً هو ذاته هو، لا يتغير ولن.. ظل هكذا حتى انتقل إلى رحاب
ربه، لم يكن من الذين يتباهون بما كسبوا من علم ومعرفة، صدقت فيه مقولة
الإمام علي بن أبي طالب «شيمة العلماء التواضع» كان متواضعاً للخالق قبل
الخلائق، لم تبطره المواقع ولا المكانة العلمية الرفيعة، بل زادته اقتراباً
من الآخرين وتوطئة الأكناف لهم، ففي كل موقع عمل به كان أكثر الناس معرفةً
ودرايةً وصلةً بغمار الناس وأدناهم، يتقاصر وهو السامق الشاهق لمن هم تحته
حتى يتساوى معهم، وتلك من آداب المصلحين الأنقياء ومن سنن الأنبياء.
>
كل من عرفه وصادقه وعاش معه، يلحظ فيه ذلك العمق في التفكير وحسن التقدير
وخلو الرأي الذي يبديه من الغرض وحب الذات والتعلق بالدنيا وبهارجها
وخداعها، لم تغره هذه الفانية ولم تفتنه، يدور مع الحق حيث دار، ويسير في
ركاب العلم والمعرفة واكتسابها أينما حلت ورحلت وأناخت نياقها، هذا هو هاشم
الجاز الذي عرفناه، رجلاً مخلصاً لوطنه وفياً لأهله وأصدقائه، يعرف معاني
صلة الرحم والتواصل مع الآخرين، ونشهد له نحن في المجتمع الصحفي بأن
السنوات التي قضاها في المجلس القومي للصحافة من 2002م حتى 2009م كانت أخصب
سنوات المجلس، فالتوسع في الصحافة وانتشارها وقوة تأثيرها وانتظام عملها
يحسب له ولفترته في المجلس، ففي عهده صيغت النظم والتشريعات والقوانين التي
أعطت الكثير لمهنة الصحافة، وعالج الكثير من هموم المهنة وتوتراتها، وخفف
من غلواء التطرف والتشدد حيالها، وكانت له رؤية متكاملة جامعة في كيفية
إدارة الشأن الصحفي، فهو لم يقف في وجه أي محرر صغير أو كبير يكسب عيشه من
مهنة الصحافة، وقدم الكثير من النصح للصحافيين والمؤسسات الصحفية، ولولا
الأعمال التي قام بها ونصائحه القيمة لما استقرت هذه المهنة وصمدت أمام
عاتيات الأنواء والعواصف التي تعصف حولها.
>
رحم الله الدكتور هاشم أخانا الأكبر الذي غادرنا وكنا ننتظر منه المزيد،
جزاه الله الجزاء الأوفى فقد كان من أهل الخير ومن السباقين له، أخلص لله
وللوطن، فليجعل المولى قبره روضةً من رياض الجنة ويبدله داراً خيراً من
داره وأهلاً خيراً من أهله، ويلحقه بالنبيين والصديقين والشهداء لينعم
برفقتهم الحسنة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
صبيحة يوم أمس، لم يعد متاحاً مرة أخرى، أن تلتقي رجلاً سمحاً، وبيرقاً
آلياً ونفساً راضية، وفؤاداً نقياً، ووجهاً يشرق بالود والصلاح، فقد رحل عن
دنيا وجودنا الدكتور هاشم محمد محمد صالح الجاز، أنشبت المنية أظفارها،
وألفينا كل تيمية لا تنفعُ.. فقد غادر بهدوئه وسماحة نفسه ودماثة خلقه وحبه
للناس، دون جلبة أو ضجيج كأنه يستأذن في أدب أن يرحل ويغيب، مضى مثل ضوء
النهار تسرب كشعاع لطيف تاركاً مكانه، وكجدول حيي جرى وصفق وانتحى بروحه
الصاعدة مدارج السماء.
>
ومن عجب أن أيام مولده في يناير 1956م مع بزوغ فجر الاستقلال ونسمات
الحرية، هي ذاتها أيام رحيله في يناير 2016م، لم يأخذ من الدنيا إلا تلك
المحبة العظيمة التي صنعها في قلوب من عرفوه.. إخوته وزملائه وطلابه
ومعارفه وآله وأحبابه، وقلما تجد في حياتنا من يتفق الجميع عليه وعلى صفاته
وسمته وأخلاقه وخلاله وطبائعه، لم يعرف غضوباً ولا فواراً ولا قلقاً ولا
فظاً أو غليظ القلب، كل من عرفه عرف فيه هذا الأدب الرفيع مثل ملمس النور
البهي، أو قل كحرير أجنحة الصباح الرقيقة المندلقة ما بين أوردة السحاب.
>
لم تعرف عنه رزايا الطين البشري، لم يكن يحمل حقداً ولا غلاً ولا حسداً،
فليس من طباعه معاداة الناس ولا اغتيابهم ولا أكل لحومهم، برأه الخالق
المصور من هذه النقائص المهلكة، عاش صافياً كالشهد، شفيفاً كالبرق، نظيفاً
كالماء، حفياً كالزهر، لطيفاً كما العبير، قوياً في الحق كحد السيف الصقيل،
يتحمل الأذى في صمت، ويقول رأيه في شجاعة ووضوح حتى لتحسبنه سيخسر من
يناصح.
>
مذ عرفناه.. أستاذاً ومسؤولاً في عدة مواقع وكاتباً صحفياً لا يشق له
غبار، كان هاشماً هو ذاته هو، لا يتغير ولن.. ظل هكذا حتى انتقل إلى رحاب
ربه، لم يكن من الذين يتباهون بما كسبوا من علم ومعرفة، صدقت فيه مقولة
الإمام علي بن أبي طالب «شيمة العلماء التواضع» كان متواضعاً للخالق قبل
الخلائق، لم تبطره المواقع ولا المكانة العلمية الرفيعة، بل زادته اقتراباً
من الآخرين وتوطئة الأكناف لهم، ففي كل موقع عمل به كان أكثر الناس معرفةً
ودرايةً وصلةً بغمار الناس وأدناهم، يتقاصر وهو السامق الشاهق لمن هم تحته
حتى يتساوى معهم، وتلك من آداب المصلحين الأنقياء ومن سنن الأنبياء.
>
كل من عرفه وصادقه وعاش معه، يلحظ فيه ذلك العمق في التفكير وحسن التقدير
وخلو الرأي الذي يبديه من الغرض وحب الذات والتعلق بالدنيا وبهارجها
وخداعها، لم تغره هذه الفانية ولم تفتنه، يدور مع الحق حيث دار، ويسير في
ركاب العلم والمعرفة واكتسابها أينما حلت ورحلت وأناخت نياقها، هذا هو هاشم
الجاز الذي عرفناه، رجلاً مخلصاً لوطنه وفياً لأهله وأصدقائه، يعرف معاني
صلة الرحم والتواصل مع الآخرين، ونشهد له نحن في المجتمع الصحفي بأن
السنوات التي قضاها في المجلس القومي للصحافة من 2002م حتى 2009م كانت أخصب
سنوات المجلس، فالتوسع في الصحافة وانتشارها وقوة تأثيرها وانتظام عملها
يحسب له ولفترته في المجلس، ففي عهده صيغت النظم والتشريعات والقوانين التي
أعطت الكثير لمهنة الصحافة، وعالج الكثير من هموم المهنة وتوتراتها، وخفف
من غلواء التطرف والتشدد حيالها، وكانت له رؤية متكاملة جامعة في كيفية
إدارة الشأن الصحفي، فهو لم يقف في وجه أي محرر صغير أو كبير يكسب عيشه من
مهنة الصحافة، وقدم الكثير من النصح للصحافيين والمؤسسات الصحفية، ولولا
الأعمال التي قام بها ونصائحه القيمة لما استقرت هذه المهنة وصمدت أمام
عاتيات الأنواء والعواصف التي تعصف حولها.
>
رحم الله الدكتور هاشم أخانا الأكبر الذي غادرنا وكنا ننتظر منه المزيد،
جزاه الله الجزاء الأوفى فقد كان من أهل الخير ومن السباقين له، أخلص لله
وللوطن، فليجعل المولى قبره روضةً من رياض الجنة ويبدله داراً خيراً من
داره وأهلاً خيراً من أهله، ويلحقه بالنبيين والصديقين والشهداء لينعم
برفقتهم الحسنة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر : الانتباهه بقلم الصادق الرزيقى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق