الخميس، 17 أبريل 2014

من يريد الديمقراطية ؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني

من يريد الديمقراطية ؟ - روان للإنتاج الإعلامي والفني



في
مورد التحليل السياسي أحرص دائما علي قراءة ما يكتبه الناشطون السياسيون
الذي تحولوا في مدار الزمان الي صحافيين مهنيين محترفين ، اذ يميز هؤلاء
علي غيرهم بانهم خاضوا تجربة العمل السياسي التطبيقي قبل ان ترسو سفنهم في
بر الصحافة.


من
هؤلاء الاستاذ امير بابكر ، احد كادرات حزب التحالف الوطني السوداني ،
الذي تدرج في صفوفه حتي وصل الي موقع رئيس المكتب التنفيذي للحزب . ومننهم
الاستاذ قرشي عوض ، احد العناصر القيادية في حركة القوي الحديثة (حق) التي
أسسها عام 1995 الراحل الخاتم عدلان وآخرون ، وكانت عهدذاك سنبلة واعدة
بالحداثة والنهضة ، قل ان يتهاوي الحلم ويصبح بزرميط ، ويتحول التنظيم الي
سيرك هزلي.


استوقفني
ما كتبه الاستاذ قرشي عوض في صحيفة الخرطوم اول امس الاحد ، حول مسار
عملية الحوار الوطني وتداعياته ، ومن ذلك عبارة من أربعة عشر كلمة جاء فيها
"إن البعض يخضي أن تفي الحكومة بمطلوبات الحوار الوطني ، لأنهم يخشون تبدل
المناخ الحالي" وبصرف النظر عن منطلقات قرشي ومراميه في التفكير والتقرير ،
فإن العبارة تشي بمعرفة وثيقة وادراك حقيقي لطبيعة المسرح السياسي الراهن .
ولا غرو ، فصاحبنا يتفحص ويتأمل ما حوله ، فيري الحزن وقد ران في بعض
العيون ويستشعر احساس الوجل والقلق والرهبة التي سكنت قلوبا كثيرة ولا ريب
في انه ومع وجود قطاعات واسعة تتطلع الي تصاعد وتائر الحوار الوطني وبلوغه
غاياته الكبري ، فان هناك من يري في عودة الديمقراطية ، وبكافة استحقاقاتها
ما يهدد امتيازاته ومكتسباته ، بل واصل وجوده في الحياة العامة.


وأهم
من يظن ان المذعورين واصحاب القلوب الواجفة الكارهين لسيرة الحوار
والديمقراطية هم فقط صقور المؤتمر الوطني ، وتنابلته من القطط السمان
وأصحاب الكروش الكبيرة الذين استناموا الي نعيم السلطة فعز عليهم ان
يفارقوا ريش طنافسها ، او عن يجالدهم عليها آخرون . والحقيقة أن المذعورين
الذين ترتجف فرائصهم عندما يسمعون كلمة الديمقراطية كثر ومن بينهم جموع
غفيرة من ادعياء المعارضة.


من
عبارات أدونيس الباهرة (الماء جهنم النار) والحوار المفضي الي عودة
الحياة الديمقراطية والحريات الكاملة هو جهنم اولئك النفر الذين جعلوا من
(النضال) المزعوم ضد نظام الانقاذ سبيلا اوحدا لكسب العيش . وقد ارتزق بعض
هؤلاء من دعاوي النضال وادعاءات المعارضة ، عبر السنوات بأضعاف ما ارتزق
تنابلة الاسلاموية وسماسرتها.


لو
عادت بلادنا الي مناخ الديمقراطية وسادت بيئة الحريات العامة ، فأصبحنا
مثل الهند وسويسرا ، فمن أين سيأكل أحبابنا الذين عاشوا ربع قرن من الزمان
لا يعرفون وظيفة يكتادون بها خبزهم ، وخبز ابنائهم ، سوي تحرير ملفات طلب
التمويل بالعملات الصعبة ، وتقديمها للمولين في الغرب الامريكي والاوربي ،
بزعم اضطلاعهم بمناشط ذات صلة باشاعة الوعي المدني وتعزيز النضال الوطني
لاستعادة الديمقراطية ؟ ماذا سيفعل –مثلا- حبيبنا المناضل المعارض ذلك
المقيم اقامة دائمة في ولاية تينيسي الامريكية الذي ظل اسمه يظهر كل سنة في
تقارير المنظمة الامريكية الشهير المعروفة باسم (الوقف الوطني
للديمقراطية) التي ظلت تنشر علي موقعها الالكتروني بانتام اسماء المتقدمين
للتمويل والمبالغ التي تسلموها . وقد انهمرت علي اخينا المعارض المناضل
خلال العقدين الماضيين من اموال افرنجة مبالغ تند عن الحصر . ولما ساله
حبيبنا فتحي الضو ذات يوم في مقال منشور ان يبين لجماهير المعارضة طبيعة
المناشط النضالية التي ينفق عليها اموال الفرنجة المتواترة تلك ، اجاب في
بيان منشور ايضا "لا استطيع ان افصل في هذه الامور خوفا علي سلامة عناصرنا
من النشطاء الذين يعملون لتعزيز الديمقراطية داخل الوطن"!


الذين
يكاد يقتلهم الرعب من الديمقراطية القادمة هم الذين يهابون حكم الاعدام
السياسي والاعلامي ، ويدركون ان الديمقطراطية ستعريهم وتكشف هشاشة
ادعاءاتهم اذ لن يكون بوسعهم مواصلة الزعم بان حشود عضويتهم تملأ الشارع
فهم يعملون انهم سيكونون يوم العرض امام الناخبين من ابناء وبنات هذا الشعب
عراة كما ولدتهم امهاتهم (واحد هؤلاء وهو ممثل الحزب العربي العقائدي جناح
كازاخستان يملأ الفيس بوك زعيقا هذه الايام مدعيا ان علي عثمان محمد طه
اتصل به ليفاوضه ولكنه رفض واغلق الهاتف في وجهه)!


الذين
يهابون الحوار ويستبد بهم القلق من وثبات التغيير والانفتاح الديمقراطي
يدركون ان التغيير يبشر بنقص اكيد في ا لاموال والثمرات وتضعضع المواقع
القيادية في ا لمعارضة وفقدان امتيازاتها وملذاتها (من قال إن المعارضة
ليست بها ملذات؟)


اكثرهم
توجسا هم المهددون بكابوس فقان صورهم الاعلامية واوضاعهم في الحياة العامة
كشخصيات ذات اسماء لامعة بعد ان استمرأوا الاضواء (وعاشوا الدور) عهدا
طويلا يذكرني هؤلاء بأسلافهم الذين اقاموا الاحزاب والتنظيمات الورقية عقب
انتفاضة ابريل 1985 وتسيدوا الساحات كلها ، فاذا هم ملء السمع والبصر.
وعندما جاءت الانتخابات في 1986 وفحص الشعب تلك الحشود ومحصها وحصحصها اذا
بها تذوب كما يذوب البسكويت في شاي الديمقراطية الساخن.


وتجدني
في يومي هذا ، أعزك الله ، اكثر الناس حزنا علي مصير صاحبتي السندريلا
رئيس حزب المسخرة التي ستبكي في اليوم الاسود ، يوم الحصحصة يوم يخرج الشعب
لكل حيوان سياسي كتابا يلقاه منشورا ، عندها سيعرف كل مناضل قدره ، ومن
ضمن من سيعرف – ويا للهول – المنظمات الاجنبية المانحة التي طالما غرفت
ومنحت علي ظن من الوهم انها تقدم العون لشعب السودان وما دري البلهاء انهم
كانوا يمولون متطلبات واحتياجات الحياة اليومية الشخصية والاسرية لرجال
ونساء عاديين استسهلوا واستمرأو ا حدوتة المعارضة وعاشوا علي اكذوبة تمثيل
قوي السودان الحديثة وستعرف الحقيقة السفارات الاجنبية ايضا - ويا للكارثة -
وستغيب عندها وتختفي دعوات الريسبشنات وحفلات العشاء الخلابة حيث بوفيهات
الخروف بالمايونيز وستذهب الي غير رجعة مباهج الحياة الاجتماعية المخملية ،
كما لن يكون هناك اعلام واخبار وتصريحات وحوارات وصور في الصحافة


يا للبؤس - يا للشقاء الذي يحمله صبح الديمقارطية المنكود لبعضنا.



كتبه مصطفي عبدالعزيز ا لبطل

الراي العام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق