جنوب السودان.. سيناريو التوتسي والهوتو - روان للإنتاج الإعلامي والفني
وقتل آلاف الأشخاص وشرد أكثر من مليون منذ اندلاع القتال في جنوب السودان
في منتصف ديسمبر نتيجة صراع قبلي حاد بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق
رياك مشار، حتى أن الخسائر البشرية فاقت خسائر الحرب الأهلية بين جنوب
السودان وشماله قبل الانفصال والتي استمرت لعدة عقود ووصفت بأنها أطول حرب
أهلية في إفريقيا..
بلغت
الأحداث في دولة جنوب السودان الوليدة مبلغا كبيراً من التدهور الدامي، في
حين يقف العالم الحر متفرجا أو مشاركا خاصة تلك الدول الكبرى التي دفعت
بكل قوة في اتجاه فصل جنوب السودان عن الدولة الأم..
الأحداث في دولة جنوب السودان الوليدة مبلغا كبيراً من التدهور الدامي، في
حين يقف العالم الحر متفرجا أو مشاركا خاصة تلك الدول الكبرى التي دفعت
بكل قوة في اتجاه فصل جنوب السودان عن الدولة الأم..
وقتل آلاف الأشخاص وشرد أكثر من مليون منذ اندلاع القتال في جنوب السودان
في منتصف ديسمبر نتيجة صراع قبلي حاد بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق
رياك مشار، حتى أن الخسائر البشرية فاقت خسائر الحرب الأهلية بين جنوب
السودان وشماله قبل الانفصال والتي استمرت لعدة عقود ووصفت بأنها أطول حرب
أهلية في إفريقيا..
ولم
يجد المدنيون سبيلا إلا اللجوء إلى دور العبادة وقواعد تابعة للأمم
المتحدة في أنحاء البلاد طلبا للحماية بالمئات، بيد أنه لا دور العبادة ولا
المعسكرات الأممية التي لجأ إليها أولئك المدنيون هرباً من التصفية
القبلية الممنهجة لم تعد آمنة؛ ففي مدينة بور هاجمت قوة من الجيش الشعبي
النظامي الذي تسيطر عليه قبيلة الدينكا كبرى القبائل وينتمي إليها الرئيس
سلفا كير، مدنيين من قبيلة النوير القبيلة الثانية من حيث التعداد والتي
ينتمي إليها قائد التمرد النائب السابق للرئيس سلفا كير.. أفراد النوير
ظنوا أنهم آمنين حيث كانوا يحتمون في مخيم الأمم المتحدة بالمدينة، مما أدى
لمقتل نحو (130) شخصاً فضلا عن مقتل جنديان من قوات الأمم المتحدة..
الولايات المتحدة التي تقف بجانب مشار أدانت الهجوم واقتحام قاعدة تابعة
للمنظمة الدولية.. في ذات الوقت ارتكبت قوات مشار المتمردة، مجازر بشعة بحق
مدنيين يعملون بالتجارة من شمال السودان في مدينة بانتيو، التي اعترف جيش
سلفا كير رسميا بفقدانها، الشماليون كانوا قد احتموا بالمسجد الكبير عقب
سقوط المدينة، لكن قوة كبيرة حاصرت المسجد وألقت القنابل بداخله لتقتل جميع
من كان فيه وهم حوالي (300) فرد.. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم
المتحدة، استيفان دوجريك، إن بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان "أونميس"
أفادت أول أمس، بأن العاملين في البعثة شاهدوا نحو (40) جثة ملقاة في شوارع
بانتيو.. الأمم المتحدة تبدو أنها ورطة كبيرة وسط بحر الصراع القبلي
المتلاطم وأطلق الأمين العام بان كي مون، نداء ملحا من أجل جنوب السودان،
وقال: (إذا لم نتحرك فورا، فإن مليون شخص قد يعانون من المجاعة في غضون
أشهر).
منذ
اندلاع الصراع القبلي في دولة جنوب السودان في 15 ديسمبر الماضي، أصبحت
الدولة الوليدة مهدده بحرب أهلية على أسس عرقية تعيد للأذهان الحرب الطاحنة
بين قبيلتي التوتسي والهوتو في دولة رواندا الواقعة في شرق إفريقيا بمنطقة
البحيرات العظمى؛ حيث دارت حرب أهلية في الفترة من 1990 – 1993 راح ضحيتها
(800) ألف قتيل. وقامت الحرب على تداعيات انحياز المستعمر البلجيكي لقبيلة
التوتسي (20%) من تعداد سكان البلاد) على حساب قبيلة الهوتو (80%)، فيما
ركّزت الكنيسة جهودها على فصيل دون آخر فأصبح مثلاً الهوتو "كاثوليك"
والتوتسي "بروتستانت" كما أصبح التوتسي أنفسهم (أنجلو فون)، والهوتو
(فرانكفون) وتركّز التعليم والسلطة في أيادي أقلية ممثلة في التوتسي. صحيح
أن الصراعات القبلية تكاد تكون ثقافة إفريقية متوارثة، إلا أن التدخلات
الأجنبية تزيد من اشتعال أوارها، بل تحول دون عمل آليات التهدئة التقليدية.
المعلومات
تشير إلى أن واشنطن ألقت بثقلها خلف مجموعة مشار المتمردة؛ والنوير الذين
ينتمي إليهم مشار يقطنون في مناطق إنتاج البترول بينما مناطق الدينكا الذين
ينتمي إليهم لا يوجد بها بترول حتى الآن.. الموقف الأمريكي الانتهازي له
علاقة وثيقة بحرب الموارد في إفريقيا، فالبترول الجنوبي تتحكم فيه الصين
التي تواجه منافسة شرسة من الولايات المتحدة على موارد القارة الإفريقية
لاسيَّما النفط. وفي حين يقوم الأسلوب الصيني على الاتفاقيات الاقتصادية
(الندية)، فإن الأسلوب الأمريكي يقوم على افتعال الحروب واستخدام القوة
العسكرية لإفساح المجال أمام الشركات النفطية الأمريكية كي تعقد اتفاقيات
استثمارية غالباً ما تكون مجحفة بحق الدول التي تفرض واشنطن عليها سيطرتها
العسكرية والسياسية كما الحال مع العراق الذي سبق أن احتلته، وليبيا التي
فرضت عليها تدخل حلف الناتو العسكري.
حل
المشكلة يبدو أنه يحتاج إلى معجزة، فحكومة سلفا كير أصبحت مضطربة وغير
متوازنة جراء الضربات العديدة التي تلقتها من المتمردين المدعومين من
واشنطن ولم تجد المفاوضات مع المتمردين التي استضافتها إثيوبيا، ففي الثالث
والعشرين من يناير الماضي اتفقت الأطراف المتحاربة على وقف للأعمال
العدائية لكن القتال استمر دون توقف.. السودان الدولة الأم تبدو أنها عاجزة
عن لعب دور إيجابي رغم قدرتها على ذلك كما أن موقف جوبا من الخرطوم يشوبه
الاضطراب وعدم الثقة ففي حين اتهم وزير الدفاع في جوبا الخرطوم بدعم مجموعة
مشار أكد وزير الخارجية في الوقت نفسه عدم وجود توتر في العلاقات بين
الخرطوم وجوبا، ووصف العلاقات بين الدولتين بالجيدة، وقال إن بلاده لا تملك
أي أدلة اتهام ضد الخرطوم، بشأن تدريب متمردي الجنوب في الأراضي
السودانية.. كل المؤشرات تشير إلى سيناريو مخيف في جنوب السودان وهو
سيناريو صراع الهوتو والتوتسي وسط عجز إقليمي ودولي كبيرين.
يجد المدنيون سبيلا إلا اللجوء إلى دور العبادة وقواعد تابعة للأمم
المتحدة في أنحاء البلاد طلبا للحماية بالمئات، بيد أنه لا دور العبادة ولا
المعسكرات الأممية التي لجأ إليها أولئك المدنيون هرباً من التصفية
القبلية الممنهجة لم تعد آمنة؛ ففي مدينة بور هاجمت قوة من الجيش الشعبي
النظامي الذي تسيطر عليه قبيلة الدينكا كبرى القبائل وينتمي إليها الرئيس
سلفا كير، مدنيين من قبيلة النوير القبيلة الثانية من حيث التعداد والتي
ينتمي إليها قائد التمرد النائب السابق للرئيس سلفا كير.. أفراد النوير
ظنوا أنهم آمنين حيث كانوا يحتمون في مخيم الأمم المتحدة بالمدينة، مما أدى
لمقتل نحو (130) شخصاً فضلا عن مقتل جنديان من قوات الأمم المتحدة..
الولايات المتحدة التي تقف بجانب مشار أدانت الهجوم واقتحام قاعدة تابعة
للمنظمة الدولية.. في ذات الوقت ارتكبت قوات مشار المتمردة، مجازر بشعة بحق
مدنيين يعملون بالتجارة من شمال السودان في مدينة بانتيو، التي اعترف جيش
سلفا كير رسميا بفقدانها، الشماليون كانوا قد احتموا بالمسجد الكبير عقب
سقوط المدينة، لكن قوة كبيرة حاصرت المسجد وألقت القنابل بداخله لتقتل جميع
من كان فيه وهم حوالي (300) فرد.. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم
المتحدة، استيفان دوجريك، إن بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان "أونميس"
أفادت أول أمس، بأن العاملين في البعثة شاهدوا نحو (40) جثة ملقاة في شوارع
بانتيو.. الأمم المتحدة تبدو أنها ورطة كبيرة وسط بحر الصراع القبلي
المتلاطم وأطلق الأمين العام بان كي مون، نداء ملحا من أجل جنوب السودان،
وقال: (إذا لم نتحرك فورا، فإن مليون شخص قد يعانون من المجاعة في غضون
أشهر).
منذ
اندلاع الصراع القبلي في دولة جنوب السودان في 15 ديسمبر الماضي، أصبحت
الدولة الوليدة مهدده بحرب أهلية على أسس عرقية تعيد للأذهان الحرب الطاحنة
بين قبيلتي التوتسي والهوتو في دولة رواندا الواقعة في شرق إفريقيا بمنطقة
البحيرات العظمى؛ حيث دارت حرب أهلية في الفترة من 1990 – 1993 راح ضحيتها
(800) ألف قتيل. وقامت الحرب على تداعيات انحياز المستعمر البلجيكي لقبيلة
التوتسي (20%) من تعداد سكان البلاد) على حساب قبيلة الهوتو (80%)، فيما
ركّزت الكنيسة جهودها على فصيل دون آخر فأصبح مثلاً الهوتو "كاثوليك"
والتوتسي "بروتستانت" كما أصبح التوتسي أنفسهم (أنجلو فون)، والهوتو
(فرانكفون) وتركّز التعليم والسلطة في أيادي أقلية ممثلة في التوتسي. صحيح
أن الصراعات القبلية تكاد تكون ثقافة إفريقية متوارثة، إلا أن التدخلات
الأجنبية تزيد من اشتعال أوارها، بل تحول دون عمل آليات التهدئة التقليدية.
المعلومات
تشير إلى أن واشنطن ألقت بثقلها خلف مجموعة مشار المتمردة؛ والنوير الذين
ينتمي إليهم مشار يقطنون في مناطق إنتاج البترول بينما مناطق الدينكا الذين
ينتمي إليهم لا يوجد بها بترول حتى الآن.. الموقف الأمريكي الانتهازي له
علاقة وثيقة بحرب الموارد في إفريقيا، فالبترول الجنوبي تتحكم فيه الصين
التي تواجه منافسة شرسة من الولايات المتحدة على موارد القارة الإفريقية
لاسيَّما النفط. وفي حين يقوم الأسلوب الصيني على الاتفاقيات الاقتصادية
(الندية)، فإن الأسلوب الأمريكي يقوم على افتعال الحروب واستخدام القوة
العسكرية لإفساح المجال أمام الشركات النفطية الأمريكية كي تعقد اتفاقيات
استثمارية غالباً ما تكون مجحفة بحق الدول التي تفرض واشنطن عليها سيطرتها
العسكرية والسياسية كما الحال مع العراق الذي سبق أن احتلته، وليبيا التي
فرضت عليها تدخل حلف الناتو العسكري.
حل
المشكلة يبدو أنه يحتاج إلى معجزة، فحكومة سلفا كير أصبحت مضطربة وغير
متوازنة جراء الضربات العديدة التي تلقتها من المتمردين المدعومين من
واشنطن ولم تجد المفاوضات مع المتمردين التي استضافتها إثيوبيا، ففي الثالث
والعشرين من يناير الماضي اتفقت الأطراف المتحاربة على وقف للأعمال
العدائية لكن القتال استمر دون توقف.. السودان الدولة الأم تبدو أنها عاجزة
عن لعب دور إيجابي رغم قدرتها على ذلك كما أن موقف جوبا من الخرطوم يشوبه
الاضطراب وعدم الثقة ففي حين اتهم وزير الدفاع في جوبا الخرطوم بدعم مجموعة
مشار أكد وزير الخارجية في الوقت نفسه عدم وجود توتر في العلاقات بين
الخرطوم وجوبا، ووصف العلاقات بين الدولتين بالجيدة، وقال إن بلاده لا تملك
أي أدلة اتهام ضد الخرطوم، بشأن تدريب متمردي الجنوب في الأراضي
السودانية.. كل المؤشرات تشير إلى سيناريو مخيف في جنوب السودان وهو
سيناريو صراع الهوتو والتوتسي وسط عجز إقليمي ودولي كبيرين.
كتبه د.ياسر محجوب الحسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق